المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنقذونا من هذا الشعر (1) - (2)


سليمان منذر الأسعد
10/05/2008, 03:05 PM
يا نقاد العالم..
أنقذونا من هذا الشعر

مقالة ساخرة
(المجلة) – (كاركتر) آذار/مارس 2008م

استعنت بأستاذنا الحطيئة لمساعدتي في دراسة الواقع الشعري في بلادنا العربية لأعرف الأسباب التي صرفت أمةً ديوانُها الشعر عن قراءة إنتاجها الشعري الهائل.
فوافاني بدراسة مستفيضة هذا موجزها:
((باستثناء نفر قليل من الشعراء الحقيقيين، تعج ساحتكم الشعرية بأسماء ينظر إلى أصحابها على أنهم نجوم ورموز مهمة، وهم في أحسن الأحوال شمعات تومض وتخبو كلما لفحتها رياح النقد والتمحيص! بالإضافة إلى أنصاف موهوبين وأرباع مثقفين يمضغون الكلمات بتقزز ويجترونها بقرف، كأن واحدهم نسي في فمه شطيرة تبن!
وقد رأيتُ - والكلام للحطيئة- أن مِن هؤلاء مَن لا يزال يعيش في العصر العباسي، ويكتب شعره بطريقة البحتري وأبي تمام، ويقسم شعره حسب التصنيف الكلاسيكي بين غزل بارد وتقليدي وحماسة مفتعلة وفخر دعيٍّ. ومنهم من يكرر المفردات العصرية الرقيقة دون أن تحمل دلالات عميقة أو صوراً جميلة.
ومنهم فريق منحل يدعي العصرنة والتطور، حاول أن "يدحرج الشعر إلى الشارع" على حد تعبيرهم، فدهسته سيارة رعناء وأصبح يعاني من المسّ والتخبّط، وشرع يكتب عبارات باردة وسطحية من "الحياة اليومية".
ومن شعرائكم من تتلخص سيرته في أنه كان شاباً يافعاً في المتوسطة، أقنعه زملاؤه أنه شاعر من طراز فريد، فكان حين تدهمه نوبات البلاغة يكتب نصاً يشبه موضوع تعبير في وصف عصفور سقط عن شجرة، وقد يحلو له أن يركب موجة "القضية الفلسطينية" وينسف أدمغتكم بحماسيات فارغة، وربما يجرّب الكتابة عن الحب، فيحاول أن يستخدم قاموس نزار قباني دون أن يملك حذاقته، وتكون النتيجة نصاً يشبه الشعر لولا برودة الصور وسطحية المعنى. والفرق بينه وبين الشعر القديم أنه لا يقف على الأطلال ولا يبدأ بالنسيب.
ومن شعرائكم من يترنح بين القاع والهاوية، فهو من أدعياء التحرر من قيود وهمية يشعر أنها تكبّل حريته الشخصية وتعوق موهبته، وقد تغريه "موضة" اليسار (المنقرضة) وشعارات العمال والفلاحين فيصعقنا بهتافات ضد الإمبريالية وسيطرة البورجوازيين على وسائل الإنتاج!!. وربما يعشق امرأة تتجاهله، فتصيبه "عقدة الشعور بالاضظهاد" ثم يتهم عشيقته بالعمالة للاستعمار الذي يخطط لتدمير حياته الشخصية!.
وقد انتهى إلى علمي أن أعضاء مجمع اللغة العربية في دمشق الذين اعتادوا أن يناموا في الاجتماعات، استفاقوا من غفوتهم ليشاركوا في النحيب على الفقيد الغالي: الشعر، وصياغة بيان شجب لم يقرأه سوى زملائهم في مجمع اللغة العربية في القاهرة.
ولو كنت أعيش بينكم - يا بنيّ - لأصبحت إرهابياً متخصصاً في تفجير هذه الأدمغة الفارغة!!)).
انتهى كلام الحطيئة أصلحه الله، ,وإليكم بعض الأمثلة:
مستشعرة "قد الدنيا" تكتب في مجلة أسبوعية واسعة الانتشار، ولا تفتأ تكرّر المفردات نفسها في كل مرة مع تغيير مواقعها في الجملة حسب ما يمليه ذوقها الرفيع!. وفي آخر نص قرأته لها، أنشدت -أطال الله عمر قريحتها-: (أنت حبي وعذابي ونعيمي وجحيمي وابتسامي ودموعي...) إلى آخر هذه الكلمات الجوفاء التي تشبه ما تكتبه مراهقة هاوية في دفتر يومياتها لتزجية الوقت وشغل النفس في أوقات الفراغ!.
كاتب آخر، يحلو له بين الفينة والأخرى أن يستعرض مواهبه الشعرية، فيكتب نصوصاً "مثلّجة" خنقتها الأخطاء الإملائية إلى درجة أن برنامج (الوورد) توقف عن تلطيخها بالأحمر واكتفى بتلوين المفردات الصحيحة فقط! وهذا نص تركته بـ "عفشه" آملاً ألا يتدخل زميلنا المصحح في تقويم أخطائه:
((انتظر طيفك في .......خيالي/ ارسمك نجمة تضيء ظلمة اوهامي/ اكتبك قصيدة على صفحة قلبي الخالي/ اشمك نسمة تنعش ضمأ اوصالي/ تتلئلأ الروح ...فتطفيها وقائع واسرار))..
أرسلت هذا النص/المعجزة إلى أستاذنا الحطيئة، فأرسل إلي تعزية حارّة مشفوعة برسالة إلى الشاعر (أرسلتها إليه بالفعل):
((هل تصرّ على كتابة هذا الهذر اليومي بهذه الصفاقة دون أن يوقفك عابر ما ليقول: إنك تقول كلاما تافها؟ ألم تصادف شيخاً حكيماً يوقف اندفاعك المتهوّر نحو "تسطيح" اللغة؟
أولا: أخطاؤك اللغوية والنحوية والإملائية توحي (بل تصرخ في وجهك) أن لغتك العربية موغلة في بشاعتها إلى درجة أن سيبيويه بدأ يشعر بأن جهده المضني في التنظير النحوي ضاع هباء، وهو يفكر في الانتحار الآن.
ثانياً: صورك الشعرية (عفوك أيها الشعر) هي إما مكررة أو باردة أو غامضة (غموض الجهل لا غموض العمق).
ثالثاً: موهبتك محدودة أو أنك موهوب حقاً لكنك توقفت عند الشعر الأموي منذ الصف الأول المتوسط وربما قرأت بعض الأندلسيات وقليلاً من روايات (عبير)، لكنك لم تعلم أن هناك شعراً آخر قد كتب بعد ذلك!. أما والأمر كذلك، يراودني إحساس - وأنا شاعر جاهلي مخضرم- أني أكثر حداثة منك!.
رابعاً: أرجو يا بنيّ أن تبحث عن وسيلة أخرى للتكسّب، لأن أي خليفة مهما بلغت حماقته لن يصلك حتى بحفنة دراهم، وقد ينفيك عن مجلسه مدى الحياة)).

هند بنت محمد
11/05/2008, 12:10 AM
http://altofa7a.googlepages.com/9090909g.gif

تحيةٌ معشوشبةٌ بالياسمين ايها القدير
ووعدٌ بعوده تليق بحجم وجودك بيننا

http://altofa7a.googlepages.com/000000ooooooo.gif

هند بنت محمد
11/05/2008, 12:11 AM
حدث هنا اثناء وضع الرد خطأ املائي كيبوردي
وسارعت بتعديله لئلا يجدلني احدهم بسوط حرفه *_^

سليمان منذر الأسعد
11/05/2008, 01:00 PM
(المجلة) – (كاركتر) نيسان/أبريل 2008م

أحد شعراءنا المجني على قريحتهم كان مولعاً بألعاب الهواء والمناطيد الجوية فأراد أن يسفّه مقولة البحتري: (الشعر لمح تكفي إشارته)، فكتب لا فضّ فوه:
(أحياناً تسقط لأنك تختار مكاناً تسقط فيه
أحياناً لا تسقط لأنك لا تجد مكاناً تسقط فيه
أحياناً تسقط ولا تسقط لأنك وجدت مكاناً تسقط فيه!!)
هذه الكلمات/المصيبة كتبها "شاعر" من رواد حداثتنا الموءودة في مهدها، ولم يكتبها شاب صغير في مقتبل رحلة "السقوط" التي تبشّر بها كلمات هذا المبدع.
ومن منطلق ما يسميه هؤلاء بـ "التوزيع البصري"، كتب شاعرنا كلمات السقوط تلك بصورة منظمة، إذ رسم كل مفردة على سطر مستقل، حتى (لا) النافية تربّعت وحدها على سطر كامل! وذلك رغبة منه في تسلية القارئ "بصرياً"، وربما أراد أن يقنعنا بموهبته التشكيلية بعد أن أدهشتنا موهبته في السقوط.. والتحدي أمام القارئ الآن يكمن في معرفة: هل سقط الشاعر أو لم يسقط في المكان الذي وجده أو لم يجده؟!
رمز آخر من رموز الحداثة (المفترى عليها) كان يعاني من الأرق ذات ليلة بسبب هيامه بامرأة خرقاء أرسلت إليه –عبر الفاكس- مسحوقاً يطرد النوم ويشبه الجمرة الخبيئة، فأنشد قائلاً:
(أنت الـ ترسلين اللانوم إليّ بالفاكس).. أرجو أن تغفروا له إلحاق أل التعريف بالفعل المضارع بعد حذف الاسم الموصول (التي)، لأن قارئاً متعاطفاً قد يذكر قصيدة لنزار قباني على هذا النحو، رغم كونها من أسوأ الضرورات التي لجأ إليها نزار وغيره. نقطة أخرى: النص نثري ولا حاجة لكاتبه في استخدام ضرورة شعرية شاذة يستقيم معها وزن بحره.
الكوكا كولا وفاتورة الكهرباء والإسفلت ومثلها أصبحت من المفردات الشائعة عند هؤلاء الشعراء، فاستمعوا إلى هذه المعلقة التي أراد فيها كاتبها أن يخبرنا عن سيارته الخارقة:
(ركبت سيارتي البورش الحمراء وانطلقت بسرعة 160كم/ساعة إلى بيت حبيبتي)
قد يسأل قارئ ظريف مستذكراً دروس الفيزياء: (إذا كان بيت حبيبة الشاعر يبعد 10كم عن مكان "انطلاقته" فكم دقيقة تطلبه الوصول إلى هناك بسيارته "الحمراء"؟!).
وأمام جهلنا بالفيزياء، وضع لنا هذا القارئ خيارات متعددة كأجوبة محتملة لمسألة كهذه:
- 4 دقائق و20 ثانية
- 3 دقائق و 45 ثانية
- 3 حبوب إضافية من "الهباب" الذي كان يبتلعه وقت كتابة النص.
(اشرح البيت الآتي) من أكثر الأسئلة التي كنا نكرهها في امتحانات الأدب، فالشعر لا يُشرح ولا يفسّر، لكنني أتخيل أن سؤالاً كهذا ورد في امتحان الأدب للصف الثالث الثانوي، اشرح البيت الآتي:
(وظلّ الأعمى يفرك شرائط القُبل الملتفة على أوداج خميلة الإسطبل الخالي للحصول على "تيكت" طائرة مجاني). تُرى كم طالباً مهما بلغت عبقريته يستطيع الإجابة؟!
* * *
كان الملك لويس الرابع عشر مولعاً بالأدب لكنّ موهبته في الكتابة "معدومة". أراد ذات نزوة أن يكتب شعراً، فكانت النتيجة قصيدة رديئة أحب الملك أن يعرضها على شاعر منافق من جلسائه، فتملّقه بذكاء قائلاً: (أيها الملك، أنت قادر على عمل أي شيء مهما كان مستحيلاً. أردت أن تكتب قصيدة تافهة فأبدعت!)..
وهذا الشاعر المنافق لا يشبه نقادنا بأي حال، لأنه ألمح إلى تفاهة القصيدة على الأقل، بينما يزعق بعض نقادنا بتحليل القصائد التافهة وإسقاط رزمة من المصطلحات النقدية التي تصلح للتطبيق على أي نص!!
فقصيدة السقوط مثلاً، كتبت عنها ناقدة عربية بعد أن أجرت إحصائية طريفة لعدد الكلمات وتكرارها المبتذل وتوزيعها المدهش في النص، فقالت: (هي من نوع «قصيدة البياض» أو «القصيدة المفتوحة». هذه القصيدة المختزلة، المكثّفة، المكتنزة، التي تتخذّ من البياض حيّزها السينوغرافي)!!!.
هي صرخة محمود درويش إذن: (أنقذونا من هذا الشعر)، لعلنا نقول أيضاً: (أنقذونا من هذا النقد).
* * *
لم تعد المسألة تتعلق بالوزن الخليلي أو التفعيلي، فبعض النثر جميل، وبعض ما يكتب باسم الشعر جميل أيضاً على اختلاف التسمية (قصيدة نثر)، لكن المشكلة تكمن في الأدعياء الذين أزعجوا الدنيا بجعجعة خطاباتهم دون أن يقدموا طحيناً مقبولاً!
تجاوزتُ عدد الكلمات الممنوحة لي في هذه المساحة، ولا يسعني ذكر أمثلة أخرى من إبداعات بعض معاصرينا، لكنني أقترح على المهتمين من "خفيفي الدم" أن يعدّوا لنا أنتولوجيا (مختارات) الشعر التافه، فمن المسلّّي أن نقرأ هذه النصوص بين الفينة والأخرى، أو أن ينشئوا جائزة سنوية لـ (أتفه قصيدة) كل عام، وأنا واثق أن الشاعر سيحضر لاستلامها.

سودة الكنوي
11/05/2008, 10:23 PM
طرح بهذا الثراء
يوجب عودة أكثر تركيزاً..

في انتظار مداخلات الأعضاء..
إلى أن أعود...

تحية احترام لقلم الأسعد..

مياسم
13/05/2008, 03:45 PM
طَرحٌ سَاخِرْ ..
فيهِ تِبيَانُ الفَراغِ الوَاسِعِ المُتمَدّدِ في صَحرَاءِ الشّعرْ ..
للأسَف .. : أصبَحَ الأدبُ -عامّةً- صَنعَةَ من لا صَنعة لهْ ..
سُليمَان .. : قرَأتُ هذَا الرّحِب قبلاً .. وَ ها أنَا أقرؤهُ الآنْ بِتَعجُّبٍ آخَرْ ..
عسَى أنْ يَستَفيقَ الحالُ .. وَ تُثمَّنُ الكَلِمَة ..
لِرُوحكَ البَيضَاءْ .. :coco:

هند بنت محمد
14/05/2008, 07:05 AM
ياسليمان
كم هي النصوص الكثيره الخاويه سوى من سجعٍ وبعج
قهقهت حين قرأت قصة لويس اضحك الله سنك :)
وكم جميل لو رأينا نقداً بهذه المصداقيه وهذا اللطف ايضا
هنالك شعر تافه حقا وكم استغرب كثير حين اقرأ قصيده لاتخلو من اي نوع من انواع التفاهه
ولكن الردود عليها وصلت الى حد خمس صفحات او لربما اكثر
لايوجد نقد لدينا ياعزيزي
يوجد تملق / مجاملة بعيده كل البعد عن خط سير التعبير عن الرأي بذوق
رغم انهم يدعون انها ليست الا من باب الذوق

لقلبك مدنٌ من الزنابق

سودة الكنوي
14/05/2008, 09:16 AM
الأسعد سليمان..
بالعودة لنصوصك الساخرة التي أصابت الصميم بلغة جميلة و ثقافة واضحة لا يختلف عليها اثنان..
نجد أن المشكلة يا أخا الحرف أن القضية لم تتوقف عند رديء الشعر و سخيفه فحسب
فهذا النوع لابد أن يظهر في كل عصر من العصور الأدبية مع تفاوت مستوياته
إلى السوء اطّراداً..
فهذا اللون من الشعر التافه الأجوف الذي يحترفه مقترفوه فقط للحصول على لقب شاعر
و كلما زدت في الابهام و الإيغال في الغموض كلما زادت جودة شعرك الحديث في نظر
أصحاب النظرة السطحية للمعنى الأصيل للقصيدة..
أولئك الذين يجيدون رصف الكلمات، الكلمة بجانب الكلمة دون النظر إلى بناء معنى مستفاد
هذا الصنف المهتريء لابد أن يظهر في كل عصر ليُظهر
جودة الشعر الأصيل و اللغة الرفيعة، فــ (الضد يظهر حسنه الضدُّ) فهؤلاء
الذين يمارسون شقشقة اللسان سعياً وراء بريق المسميات، يخدمون الشعر الجيد و يحسنون إليه
من حيث أرادوا الإساءة، فلا بدَّ أن يظهر (ليَمِيزَ الله الخبيث من الطيب)

أقول القضية لم تقف عند الشعر الذي ليس بشعر، بل تعدتها إلى المصيبة العظمى و هي ما تسلل
إلى الأدب العربي الأصيل وسرى كما يسري السم في الجسد ألا وهو
الطامة الكبرى المعروفة بــ (شعر الحداثة) ذلك الشعر الدخيل على العربية
فكلمة (الحداثة) ليست كلمة عربية الأصل، بل مأخوذة أو مترجمة أو معربة
من كلمة ( modernisam) ويعني مذهبا أدبيا بل نظرية فكرية
لا تستهدف الحركة الإبداعية وحدها بل تدعوا إلى التمرد على الواقع بكل جوانبه
السياسية والاجتماعية والاقتصادية فهي لا تخص مجالات الإبداع الفني
أو النقد الادبي ولكنها تعم الإنسانية في مجالاتها المادية والفكرية على السواء..
و الغرض من نشوء هذا الشعر معروف و قد رأى النور في الغرب
في عصر البروتستانتية (المعارضة) حيث كانت الكنيسة تستعبد العقول و تجمد التفكير
لتسيطر غلى الجسد و الفكر فيكون الشعب و الرعايا مجرد آلات مكانيكية تسيرها
الكنيسة و تحركها كيف تشاء.
و قد ظهر الأدب الحداثي في ذلك العصر لدى الفئة الثائرة الذين تحررت عقولهم من
سطوة الكنيسة-التي لم يرقها بالطبع أن يبرز من يفهم مخططانها و يصحو من التنويم المغناطيسي-
فبدأت تمارس سلطة القمع الذي أدى إلى ظهور الغموض و الرمزية للتعبير عن القضايا
السياسية و الاجتماعية بطريقة مبهمة.
و قد نقل الجيل المثقف الذي درس في الغرب هذه الظاهرة إلى البلاد العربية في القرن
الثالث عشر الهجري- التاسع عشر الميلادي و نشأت على إثرها حروب كلامية و تراشق
بالمقالات اللاذعة بين الجيل المؤصل و الجيل الجديد..
كتلك الحروب التي دارت رحاها بين الرافعي و الدكتور طه حسين
و خير شاهد كتاب (على السفود -للرافعي) وتلاها صراعات محمود شاكر (أبو فهر)
و الدكتور لويس عوض.
و قد هدف المثقفون من هذه الحركة إلى تغريب اللغة و طمس معالمها و التحرر من
ربقة الفصيح و الإغراق في الغموض و الإبهام و المبالغة
في استخدام الألفاظ الرنانة و الإسقاطات..و كثيراُ ما نجدهم قد اجترحوا الشرك و الكفر
و التطاول السافر على الذات الإلهية و التشويه في اأدب الأصيل عامة و الأدب الإسلامي
خاصة و تشويهه و تحريف النصوص،
ليبعدوا الناس عن منهل اللغة العربية العذب في محاولة مستميتة لوأد
جماليات لغة القرآن و بذلك ينصرف الذهن و الفكر عن فهم الدين و استشعار كتاب الله
(القرآن) بل ظهرت محاربة الشعر الكلاسيكي الخليلي و التمرد على الوزن و كسره
و سلب القصيدة بناءها العامودي التقليدي، بل أن مما يسعى إليه الحداثيين سعياً دؤوباً
هو تهميش النصوص الفصيحة الأصيلة و تناوش الشعر الكلاسيكي و افتراسه
بالنقد اللاذع و إبعاده عن جسد الأدب و التصفيق لتلك النصوص العرجاء
و التطبيل لأصحابها و دفعهم بالقوة جبراً إلى دائرة الضوء..
و هكذا أصبح معتنقي التأصيل كالبعير الأجرب في الأوساط الأدبية و المحافل الشعرية
يضربون ضرب غرائب الإبل...

/
/
/
/

للحديث بقية


خارج النص:
(** إيه يا أستاذي ليتك هنا لتقول قولاً فصلاً، سكبت هنا بعضاً مما علمتنيه
و جزءاً يسيراً مما شحذت به ذهني من الفكر النير و ما هذبت به نفسي
و أدبت به عقلي و ثقفت به روحي،،جزاك الله الخير المحض)

سليمان منذر الأسعد
15/05/2008, 12:10 PM
مياسم
هذا طيف مُختَـلسٌ من ألوان موهبتك

هند بنت محمد
هذه هي المشكلة التي يعاني منها النقد العربي، وتعاني منها المحافل الأدبية التي لا تعتمد على المستوى الفني في تقييم النصوص..
المجاملات والفوضى والتنظير الفارغ استشرت جميعها في الحركات الشعرية...
لذلك لا أرى ضرورة للتعقيب على نص لا يستحق للقراءة بَلْهَ أن يستأهل النقد أو الإشادة!!.
لم يعد أمامنا متسع من الوقت لقراءة كل ما يكتب، ومن هنا علينا أن "ننظف" الساحة الشعرية من الأصوات النشاز حتى لا تعكر صفو النشيد الجميل... لا أن نطبّل لأنصاف المواهب, أو أن نشيد بنصوص تافهة ابتغاء تشجيع كتابها.. فنحن لسنا أساتذة في مدرسة ينبغي عليهم التصفيق لموضوعات التعبير لتشجيع الطلاب على الكتابة!!
سلمتِ ويسلم الشعر..

سودة الكنوي
أؤيدك في كثير من النقاط التي استجلاها طرحك العميق والمتميز.. لكنّ لي مع بعضها وقفات سريعة.
أقدّر كثيراً ثقتك بالمقال الذي أثريته بملاحظاتك وتحليلك.
سأعود حالما يتيسر لي متسع من الوقت والنَّفَس!.

ليلى العيسى
16/05/2008, 10:41 PM
قرأتُ هذا النّصّ السّاخِرَ مرتينْ
و كدتُ أموتُ من فَرْطِ الضحكْ،!
أصبحنا الآن نسبحُ في بحرٍ من الـ لاشيءْ،
و أصبحَ هنالك مثلٌ يقول
حرفٌ حرفٌ و امتلأ الصّدرْ / العجزْ!
أو
حرفٌ حرفٌ و امتلأت القصيدة
أصبحت الآن الكتابة .. لِـ غرضِ اللاغرضْ
لِيقال فلانٌ شاعِرٌ .. كـ الأغاني تمامًا
يولدُ في اليومِ أكثرُ من مغنٍّ .. يُعجب الكثيرُ بصخبِ موسيقاهْ
و ما إن يأتي غيرهْ ينساهُ الجميعْ!
و النقدْ .. هو ما يتوجّبُ أن نصرخَ في وجهِ الكونِ بسببهْ
[أنقذونا من هذا النّقدْ]
فـ النقد هو الذي يصقلُ موهبةَ الشّخصِ إن كانت لديهِ
لِـ يكمل المسيرَ في طريق الإبداعْ
أو أن يأتيه المقصُّ ليمارسَ التّوقف و العودة من أين جاءْ،!

المجاملةُ باتتْ .. هي الشيء الوحيدُ الذي لا يتوانى البعضْ
في الإمساكِ و التشبثِ بهِ،!
إنها الداءُ المزمِـنُ الذي لم يوجدْ لها دواءْ!

:)

سليمان منذر الأسعد
17/05/2008, 12:42 PM
عودة إلى ما أثارته سودة..

أخشى أنني تورّطت في الحديث بصرامة وجدّية بعد أن كنت أميل إلى السخرية، فالدراسات النظرية حول هذه المسائل كثيرة جداً بحيث لن أضيف إلى هوامشها حرفاً. لكنني أحب أن أوضح رأيي الخاص في بعض ما قالته سودة، وهو أنني لا أرى الحداثة شراً مطلقاً، ولا خيراً مطلقاً!. مع أن التسمية نفسها تحمل خللاً اصطلاحياً لا مجال لتفصيله في مقام كهذا.
لا بعقل أن نظل إلى الأبد قابعين في خيمة امرئ القيس، ومتلحفين عباءة الأعشى بحجة أننا متعلقون بالتراث.
ولا يعقل في المقابل أن نستورد حضارة لم نشارك في بناء أركانها، ولا تناسب أصلاً دعائم حياتنا الاجتماعية والثقافية والدينية، ولا تصل أصلاً إلى مستوى مكتسباتنا التاريخية...
وكان علينا إذن أن نبني حداثة على مقاس حاضرنا دون أن نستعلي على تراثنا..
أما شعر التفعيلة يا سودة فلم يكن خروجاً مارقاً على بحور أبي الخليل.. بل كان تطويراً لها.
فهو لم ينقض تفعيلات الشعر العربي مقترحاً بدائل جديدة. بل انتزع تفعيلة واحدة ليبني عليها شطره الحرّ. وهذه الطريقة خلّصت الشعر من الحشو الذي يكتبه الشاعر ليتمم شطره دون معنى. كما أنها أتاحت للشاعر أن ينشئ "شطره" الشعري تبعاً لنفَسه وإحساسه الخاص..
وتلك كانت ثورة في عالم الموسيقى الشعرية لا بد أن نشكر السياب ومجايليه على إبرامها في أدبنا، لأنها قدّمت لنا منذ منتصف القرن الماضي نصوصاً جميلة ما كان لنا أن نبلغ سحرها لولا تفعيلتهم...
وفيما يتعلق بـ "الجنس الثالث" من الشعر، أو ما يسمى اصطلاحاً قصيدة النثر، فتلك مسألة تحتاج إلى كثير من التفصيل.. لكنني أيضاً سأحاول أن أدلي برأيي الشخصي إن كان هناك من يعبأ به.
كثير مما يكتب باسم قصيدة النثر لا يرقى إلى مستوى الأدب الرفيع، وكثير أيضاً يقترب من روح الشعر، وبعضه يصل إلى مستوى الإدهاش.. لكنّ افتقاره إلى الموسيقى العروضية يجعل تسميته شعراً مسألة شاقة علي، رغم ما يحكى عن موسيقاه الداخلية التي لا أشعر بها مطلقاً!.
لكنني - رغم كل ما قلتُ - أقدّر كل الأجناس الأدبية وليس لمثلي أن ينتقص من كتاب قصيدة النثر فبعضهم أصدقائي وبعضهم روّاد وأساتذة كبار أتضاءل أمام هامتهم، وعليّ أن أعتمد المقياس الجماليّ لا الشكلي للتفريق بين الكلام الجميل والرديء..
فالشعر المترجم هو قصائد نثر بطريقة أو بأخرى، ومن ينكر أن قصائد لوركا أو بيرون أو غيرهما قصائد رائعة؟ كما أنني أقرأ لموهوبين من أبناء جيلنا يكتبون النثر بطريقة ساحرة، لكنني أشعر أنهم يواجهون تحدياً أمام قرائهم لإثبات شاعريتهم، وهو أن يكتبوا قصيدة واحدة -على الأقل- تثبت تمكنهم من البحور العربية. وهو ما لا يفعله معظمهم!.

سودة الكنوي
17/05/2008, 07:05 PM
عودة إلى ما أثارته سودة..

أخشى أنني تورّطت في الحديث بصرامة وجدّية بعد أن كنت أميل إلى السخرية، فالدراسات النظرية حول هذه المسائل كثيرة جداً بحيث لن أضيف إلى هوامشها حرفاً. لكنني أحب أن أوضح رأيي الخاص في بعض ما قالته سودة، وهو أنني لا أرى الحداثة شراً مطلقاً، ولا خيراً مطلقاً!. مع أن التسمية نفسها تحمل خللاً اصطلاحياً لا مجال لتفصيله في مقام كهذا.
لا بعقل أن نظل إلى الأبد قابعين في خيمة امرئ القيس، ومتلحفين عباءة الأعشى بحجة أننا متعلقون بالتراث.
ولا يعقل في المقابل أن نستورد حضارة لم نشارك في بناء أركانها، ولا تناسب أصلاً دعائم حياتنا الاجتماعية والثقافية والدينية، ولا تصل أصلاً إلى مستوى مكتسباتنا التاريخية...
وكان علينا إذن أن نبني حداثة على مقاس حاضرنا دون أن نستعلي على تراثنا..
أما شعر التفعيلة يا سودة فلم يكن خروجاً مارقاً على بحور أبي الخليل.. بل كان تطويراً لها.
فهو لم ينقض تفعيلات الشعر العربي مقترحاً بدائل جديدة. بل انتزع تفعيلة واحدة ليبني عليها شطره الحرّ. وهذه الطريقة خلّصت الشعر من الحشو الذي يكتبه الشاعر ليتمم شطره دون معنى. كما أنها أتاحت للشاعر أن ينشئ "شطره" الشعري تبعاً لنفَسه وإحساسه الخاص..
وتلك كانت ثورة في عالم الموسيقى الشعرية لا بد أن نشكر السياب ومجايليه على إبرامها في أدبنا، لأنها قدّمت لنا منذ منتصف القرن الماضي نصوصاً جميلة ما كان لنا أن نبلغ سحرها لولا تفعيلتهم...
وفيما يتعلق بـ "الجنس الثالث" من الشعر، أو ما يسمى اصطلاحاً قصيدة النثر، فتلك مسألة تحتاج إلى كثير من التفصيل.. لكنني أيضاً سأحاول أن أدلي برأيي الشخصي إن كان هناك من يعبأ به.
كثير مما يكتب باسم قصيدة النثر لا يرقى إلى مستوى الأدب الرفيع، وكثير أيضاً يقترب من روح الشعر، وبعضه يصل إلى مستوى الإدهاش.. لكنّ افتقاره إلى الموسيقى العروضية يجعل تسميته شعراً مسألة شاقة علي، رغم ما يحكى عن موسيقاه الداخلية التي لا أشعر بها مطلقاً!.
لكنني - رغم كل ما قلتُ - أقدّر كل الأجناس الأدبية وليس لمثلي أن ينتقص من كتاب قصيدة النثر فبعضهم أصدقائي وبعضهم روّاد وأساتذة كبار أتضاءل أمام هامتهم، وعليّ أن أعتمد المقياس الجماليّ لا الشكلي للتفريق بين الكلام الجميل والرديء..
فالشعر المترجم هو قصائد نثر بطريقة أو بأخرى، ومن ينكر أن قصائد لوركا أو بيرون أو غيرهما قصائد رائعة؟ كما أنني أقرأ لموهوبين من أبناء جيلنا يكتبون النثر بطريقة ساحرة، لكنني أشعر أنهم يواجهون تحدياً أمام قرائهم لإثبات شاعريتهم، وهو أن يكتبوا قصيدة واحدة -على الأقل- تثبت تمكنهم من البحور العربية. وهو ما لا يفعله معظمهم!.


الحديث يطيب معك يا سليمان..
و ما أسعدني بالالتفاف حول طاولة النقاش مع كاتب
ذي حصيلة معرفية و مخزون ثقافي واضح و فكر واعي متيقظ..
نحن لا ندعو للتشبث بموروث امريء القيس مضمونا و لكن قيمةً و جودة!
و هناك فرق بين التجديد في الشعر و هو أمر غير مرفوض و بين مسخ الشعر
و وأد اللغة و هو الأمر الذي لا يقبله ذو لب..

أخي الأسعد (الحداثة) شر مستطير و خطر لا بد من التحذير منه
و التنبه لعدم الخلط بينه و بين الشعر الحر أو شعر التفعيلة
هو مصطلح قائم بذاته و قد ذكرت تعريفه من خلال مداخلتي
وهو مذهب أدبي فكري مدروس ويواكب الايدولوجيات ،يعرف مخططاته و أهدافه من يعرفها

و دونكم بعض تعاريف الحداثة بمعناها الاصطلاحي:
أما ما تعنيه الحداثة اصطلاحا فهي : " اتجاه فكري أشد خطورة من اللبرالية والعلمانية والماركسية ،
وكل ما عرفته البشرية من مذاهب واتجاهات هدامة ، ذلك أنها تضمن كل هذه المذاهب الفكرية ،
وهي لا تخص مجالات الإبداع الفني ، والنقد الأدبي ، ولكنها تخص الحياة الإنسانية في كل مجالاتها المادية
والفكرية على حد سواء " ، وهي بهذا المفهوم الاصطلاحي

" اتجاه جديد يشكل ثورة كاملة على كل ما كان وما هو كائن في المجتمع "
المصدر، الحداثة في الأدب المعاصر ـ هل انفض سامرها ، د . محمد مصطفى هدارة
مجلة الحرس الوطني ربيع الآخر 1410 هـ .

ويقول أحد الباحثين في معرض حديثه عن الحداثة كمنهج فكري يسعى لتغيير الحياة
" إن من دعاوى أهل الحداثة أن الأدب يجب أن ينظر إليه من الناحية الشكلية والفنية فقط
بغض النظر عما يدعوا إليه ذلك الأدب من أفكار ، وينادي به من مبادئ وعقائد وأخلاق ،
فما دام النص الأدبي عندهم جميلا من الناحية الفنية ، فلا يضير أن يدعو للإلحاد أو الزنا
أو اللواط أو الخمريات أو غير ذلك "
المصدر، عوض القرني ، الحداثة في ميزان الإسلام ص 47 .

ويقول د . عدنان النحوي في كتابه الحداثة من منظور إسلامي ص 13 : " لم تعد لفظة الحداثة في واقعنا اليوم
تدل على المعنى اللغوي لها ن ولم تعد تحمل في حقيقتها طلاوة التجديد ، ولا سلامة الرغبة ، إنها أصبحت
رمزا لفكر جديد ، نجد تعريفة في كتابات دعاتها وكتبهم ن فالحداثة تدل اليوم على مذهب فكري جديد يحمل
جذوره وأصوله من الغرب ، بعيدا عن حياة المسلمين ن بعيدا عن حقيقة دينهم ، ونهج حياتهم ،
وظلال الإيمان والخشوع للخالق الرحمن " .


و النصوص و التعريفات في هذا كثيرة

إذن فلم يكن التجديد في بناء الشعر
أو ما شمي بــ الشعر الحر أو التفعيلة هدفي..
و لي مع شعر جويدة و رقته و شفافيته وقفات تذوقية و تأملية كلها
إعجاب و إشادة..
فالشعر الحر و شعر التفعيلة موضوع قائم بذاته يعرفه بتوسع كل من قرأ مجموعة
نازك الملائكة و تفصيلها للتغييرات التي أدخلتها على البناء الخليلي
لكسر القيد دون القضاء على الموسيقى
و قد جعلت للشاعر مندوحة لكي يقف حيث انتهى به الكلام
دون الحاجة إلى الحشو لاتمام التفعيلة و إن تمَّ المعنى، كما هي الحال في الشعر العمودي..

فأنا أطرب لشعر التفعيلة ذو الموسيقى الخارجية
أما عن الشعر المترجم فليس كله قصيدة نثر
فلو تتبعنا النتاج الشعري للشاعر الكبير
وليام شكسبير(عدا لا حصراً) لوجدنا أنه اعتنى بالوزن و القافية اهتماما
و أولاهما عناية و لا ننسى أنه واضع بناء القصيدة(sonnet)
و قد اهتم الكثير من شعراء الغرب بالموسيقى الخارجية
و تناغم الصوت في المقاطع و الفواصل في كل (stanza)
و لا أخفيك أن فيه مساحة رحبة للتعبير أرحب بكثير
من مساحة الشعر العمودي..

الحديث قد طاب جناه

شكراً لفكرك الواعي وثقافتك الواضحة
و على العموم فقد كان لب الموضوع السخرية من رديء الشعر
و فعل المتشاعرين، و لكن قضية قد أثارت قضية إذ أن موضوع الحداثة من الأمور التي يجب أن نهبَّ
جميعاً لتبيانها و توعية أجيالنا الواعدة بخطرها
فالناشئة أكثر الناس إعجاباً بشعر الحداثة و أشد انسياقاً و راءه
/

/

/

للحديث بقية

سليمان منذر الأسعد
19/05/2008, 02:19 PM
أشكرك يا سودة على هذا التحريض الجميل.. وعلى نشاطك الفكري والثقافي المتميز

لم أكن أريد لهذا النقاش الممتع أن ينجرف إلى التقييم الأخلاقي للحداثة، لا لأنني أعارض أو أؤيد محاكمة الفنّ أخلاقياً! بل لأن المقام لا يتسع لكل هذا الزخم الجدلي.. لذلك سأوجز تعقيباً على هذه النقطة يتلخص في أنني لم أكن أناقش خطر الحداثة أو فضائلها، بل حاولت أن أشير إلى ضرورة أن تكون لنا حداثتنا الخاصة المبنية على شروط تتلاءم مع ظروفنا التاريخية والحضارية.. رغم اعتراضي على ضبابية التسمية كما أسلفتُ، ورغم أن الحداثة التي كنت أناقشها هي الحداثة الشعرية تحديداً.
وما قاله المفكرون الذين أدرجتِ آراءهم الفاضلة كان منصباً على حركات معيّنة لم تكن موقع اهتمامي في حديثي السابق. فهؤلاء جميعهم كانوا يهاجمون الحداثة كحركة ارتبطت بفئة ما، لم يكن يهمها أن تستلهم التراث في محاولة تجديدها للبنية الاجتماعية والسياسية والثقافية. وإذا تقصينا الحداثة من حيث مفاهيمها وأهدافها المجردة فلا أظنّ أننا سنحشر في تلك الخانة المشبوهة.
وحين قلتُ إن (النصوص المترجمة هي قصائد نثر..) لم أكن أعني أنها كتبت في لغتها الأصلية دون موسيقى، بل قصدت أنها أصبحت "نثرية" بعد نقلها إلى العربية، إذ لا يمكن للمترجم أن ينقل التناغم الخاص في اللغة الأصلية إلى لغة تعتمد مقياساً آخر للنغم!. وهي في النتيجة قصائد نثر بالمعنى الاصطلاحي!.
وحين أعود إلى لورد بيرون الذي ذكرته على سبيل التثميل، فهو لم يعاصر أصلاً هذا النوع الهجين من الشعر الذي ظهر على يد الفرنسيين رامبو ولوتريامون وبودلير (كان في الثالثة من عمره حين مات بيرون!).
تحياتي لك يا سودة الخير..