محمد صلاح الحربي
15/07/2008, 05:32 AM
من محاولاتي القصصية :
http://www.josephinewall.co.uk/air_water/the_journey.jpg
كنت قد قررت النوم هرباً مني في القرب من فجر ليلة ثقيلة يمكن
وصفها بأي مكان معد لاستضافة الوحشة ..
وقد هجست أني لا استطيع تحمل وطأة رأسي العوسجي وأنا افتقد
قلبي تماماً، وفكرت أنه من الغير المناسب أن أحاول في حين أنهم
مثلي أولئك الذين لا يحتملون رؤوسهم في كل مرة يفقدون فيها
قلوبهم بأن يأخذها ـ مثلاً ـ معه من يحبونه عند أي ضربة فراق ..
هكذا أردت أن انهي مكابدة مريعة مع الورق منذ أن توارت الشمس
وفرضت العتمة نفسها ببطء مكرر إلى هنا ، هذا الوقت المشبع بالفقد.
عند باب غرفة مكتبي تذكرت " لا تنس رأسك أيها الذاهب ، خذها
معك وأحفظ الأعشاش المنثورة فيها حتى لا تطير "
وكانت نصيحة جيدة قرأتها في مجلة أصدقاء يظلون محتارين في
أمري كانت منشورة في ما يسمونه "قصيدة نثر" ونقلتها في
مفكرتي معتقداً أنهم قادرون أحيانا على كتابة ما يمكن الاستفادة منه .
(إنه هو الذي لن ينساني على كل حال ) هكذا أيقنت وأنا أجد
رأسي يحتفظ بي جيداً عند باب الغرفة التي شاء لها حظها ـ غير
الجيد ربما ـ أن تكون مكان نومي وأنا أتذكر أني أطبقت ما تبقى
من غلاف دفتري على البطلة ، هناك حيث هربت منها بعد لمسة
فكرة عابثة أخيرة لإضفاء المزيد من تهاويلها عبر محاولة كشف
عورة نزعة شيطانية في قاع ذاتها .
( 2 )
بينما كنت أتقلب تحت بطانيتين جراء ألم مباغت أنشب أظفاره
في تلابيب ضرسي المطل تماماً على الحنجرة جاءني صوتها
كحلم وإن بلهجة مشبعة بالتأنيب والسخرية معاً :
(من الحماقة أن تنظف أسنانك بالماء البارد في هذا الجو الثلجي
وأنت تظل أكسل من أن تعالج ضرسك ، ذاك الذي قد يشبه رأسك !)
وبعفوية وتلقائية يرثى لها وجدتني أرد وأنا أطل برأسي
عليها من تحت الأغطية الثقيلة ( لا أنفي الحماقة عن نفسي
لكن أظن بأننا مشتركان بها هنا ، إن المعجون نفسه بارد ،
وقد وضعت عصاره اللعين تحت ماء يغلي حتى أحرق يدي
دون أن يؤثر على ما بداخله ! ) إنما ما هذه الحماقة فعلاً ..
كيف لم أتنبه لوجودها بشكل آخر ، هذه التي ترنحني الآن
بانبهار جارف ، هل أصدق أنها واقفة في غرفة نومي بالفعل
ولِمَ لا أفعل ، وهاهي أمامي بكامل فتكها وأنا أتملاها مصعوقاً
بدهشتي ، وهي تدير عيناها بكامل بريقهما الأخاذ في مدار
الغرفة الكئيبة دون أن يخفى أثر الضيق والتأفف على شفتيها
وكم تبدو طاغية الجمال بملابسها الشفيفة التي تأخذ لون سماء
صافية الزرقة ، وفكرت أني أسرفت في تجميلها إلى حد أنني
قد أتورط في عشقها كما هي عادتي الشنيعة في العشق ،
لكنه يبعدني عن هذا التفكير انتباهي إلى أنها تحمل في إحدى
يديها قلمي وفي الأخرى دفتري ، ذاك المفخخ بالمغويات .
حينها شعرت بأني أمسكت شيئاً فكان جناح قصيدتي هناك !
(غرفة شاعر فقير ، فوضوي ، ومهووس بالتيه ، لااااشيء
إلا رائحة عطر رجالي رخيص !) هكذا تخرجني من فضاء
تأملي لها بما يشعرني بعودة القلب إذ أحسست بأن هناك شيء ما
يغرس في خاصرته ، شيء جميل يستخدم خطأ كإبرة الموسيقى
وهذه المرأة الخيالية الجمال تعاود الاستفزاز بعبارتها الثانية
و أظنه العقل الذي جعلني أقابل ذلك بسؤالها :
( ليكن ، إنما ماذا تفعلين هنا ، ماذا تريدين مني ؟ )
صوبت عينيها البابليتين نحوي بتركيز وهي تشهر القلم أمامي
مبرزة إياه بيدها الناصعة وتعقب ذلك بعبارة حادة وقاطعة :
( أريد أن أغرس هذا القلم في الجزء الذي أتوقع انه فوق وتينك
مباشرة حتى أتأكد من رؤية دمك ثم .. )
ثم ماذا أيتها الفاتكة ، أفكر بتوجس ، ماذا بعد سيلان دمي بفعل
يد امرأة خارقة الحسن يزعجني بالتأكيد تلطيخها بدمي الخاص ..
لم تدعني للمزيد ، بسرعة تشهر الدفتر إياه بيدها الأخرى ..
(.. ثم أعمل على تلطيخ كامل أوراق هذا الدفتر باللون الأحمر
القاني الذي تكرهه ، لون الدم ، دمك أنت ..)
( 3 )
لم أكن غضبانا ، لا ، و لا حتى منزعجا، كنت في حالة أخرى
لم يحدث أن عثرت في تخوم القواميس على أسمها ،
يمكنني أن أصفها - مرة أخرى -بما يشبه غرس إبرة الموسيقى في صدغ قلبي ..
ربما لذلك فكرت حينذاك بمن يسمع موسيقى وهو يتألم !
هذه هي حالتي في ذلك الصباح الباكر الملبدة أرضه بالبرد
في حين أن غيم سمائه يسترسل في حديث المطر بعد فواصل
مما يشبه الصمت القصير لشاعر يسرد قصائده على وردة ..
و كنت متجهاً بسيارتي وبجانبي رفيقتي الغريبة الى مكان اجهله ..
لم تكن الشمس قد أطلت ، لكني كنت اشعر برغبة ملحة بإطفاء أضواء
السيارة وتلك الرفيقة تصدع بوصف الطريق بين لحظات وأخرى ..
( لا تفترق عن مجاورة البحر ) كانت تلح علي في حين تزايد شكي
بوجود بحر لكني افترض مجاملاً وحريصاً على معرفة نهاية هذا
الاقتحام الغرائبي الذي يأخذني تماماً من كل تقليدية ويباعد بي عن عبدتها.
أتذكر إصرارها العجيب والمخيف بأن آخذها لموعد مع رجل تحبه
وإلا فإن حياتي الجحيمية ستؤول الى جحيمية مضاعفة ،
وأهجس ان حياتي المتشظية بالتهاويل المحزنة كانت بحاجة لأخرى
لكن بشكل مغاير ، تماماً كهذا الذي يحدث لي منذ منتصف الليلة الفارطة .
أليس من الطبيعي إلا انزعج بأن آخذ امرأة غريبة في صباح
مطلي بالصقيع إلى موعد مع رجل آخر ؟! ..أسألني ..
( 4 )
في قصة "رودولفيو" للسيبيري فالنتين راسبوتين ، يدور حوار بين
رجل وامرأة شابة بعد ان ينزلا معاً من القطار ويسيران جنباً لجنب
في الشارع وتسأله بعد عدة عبارات متبادلة عن اسمه ، وعندما يجيبها
بأن اسمه رودولف تطلق ضحكة صاخبة وطويلة ، فيستغرب الرجل
ويسألها عن سبب ضحكتها فلا تجيبه الا بالمزيد من الضحك ، وهكذا
إلى أن استطاعت أن تتوقف فتصفعه بعبارة جريئة فجة :
( رودولف ، كنت أظن أن مثل هذا الاسم لا يمكن إطلاقه إلا على فيل )
هكذا أتذكر أني قرأت ذلك ، ولابد لي أن أضعه هنا كيما أخلخل الرتم..
وكنت سأذكر أن هناك أشياء كثيرة لا توضع في جيب الوقت تتعاضد
مع قضيتي في عملية فغم القلب عندما أكون في مواجهة القصيدة ..
قد يكون ضمنها هذا الإحساس الفائر كصل يزحف وانتظاري يطول
أمام بيت غريب في موقع غريب يحيط به السكون أكثر مما يلزم ،
وكانت رفيقتي قد طلبت مني أن انتظر إلى أن تعود ، ثم دخلت ..
لكن حيرتي ومللي بعد ان قارب انتظاري للساعة أخذاني من يدي
الى البيت ، وبعد تردد قصير وضعت يدي على الجرس ، وضغطته ..
ثم ضغطة ثانية فثالثة طويلة ، ولم يجب الا المزيد من السكون ..
ومن دون تقصد وضعت يدي على الباب فأنفتح ، لم يكن مغلقاً اذاً ..
ملت وجسدي بالخارج مطلاً برأسي عبر فتحة الباب الى داخل هذا
البيت المزعج ، وعندها أخذتني صهوة المفاجأة عالياً ،
كان البيت من الداخل خرافي الترتيب والنظافة والتأثيث بسمة
أفخم الفنادق التي عرفتها ، وبعد تأمل المندهش ناديت :
( يا أهل البيت ، يا اللي هنا ، هناك ، يا أنس ، يا جن .. يا )
وحيث لم أجد أي مجيب دخلت بكاملي ومشيت إلى أن توسطت
صالة عجائب ثم واصلت ندائي مستذكراً جسد النص مسجى
فتشت البيت كله ، غرفة غرفة ، زاوية ، حتى سطحه صعدته ..
كأنما هو توغل في الآسر المبهر من رفاهيات وفتن باذخة بلا بشر
لم يكن هناك الا المزيد من الدهشة..
لم يكن هناك أي أحد .
:flower2:
صورة اللوحة المرفقة للفنانة : جوزفين وول
ستجدون المزيد من صور لوحاتها هنا (http://www.josephinewall.co.uk/josephine.html)
http://www.josephinewall.co.uk/air_water/the_journey.jpg
كنت قد قررت النوم هرباً مني في القرب من فجر ليلة ثقيلة يمكن
وصفها بأي مكان معد لاستضافة الوحشة ..
وقد هجست أني لا استطيع تحمل وطأة رأسي العوسجي وأنا افتقد
قلبي تماماً، وفكرت أنه من الغير المناسب أن أحاول في حين أنهم
مثلي أولئك الذين لا يحتملون رؤوسهم في كل مرة يفقدون فيها
قلوبهم بأن يأخذها ـ مثلاً ـ معه من يحبونه عند أي ضربة فراق ..
هكذا أردت أن انهي مكابدة مريعة مع الورق منذ أن توارت الشمس
وفرضت العتمة نفسها ببطء مكرر إلى هنا ، هذا الوقت المشبع بالفقد.
عند باب غرفة مكتبي تذكرت " لا تنس رأسك أيها الذاهب ، خذها
معك وأحفظ الأعشاش المنثورة فيها حتى لا تطير "
وكانت نصيحة جيدة قرأتها في مجلة أصدقاء يظلون محتارين في
أمري كانت منشورة في ما يسمونه "قصيدة نثر" ونقلتها في
مفكرتي معتقداً أنهم قادرون أحيانا على كتابة ما يمكن الاستفادة منه .
(إنه هو الذي لن ينساني على كل حال ) هكذا أيقنت وأنا أجد
رأسي يحتفظ بي جيداً عند باب الغرفة التي شاء لها حظها ـ غير
الجيد ربما ـ أن تكون مكان نومي وأنا أتذكر أني أطبقت ما تبقى
من غلاف دفتري على البطلة ، هناك حيث هربت منها بعد لمسة
فكرة عابثة أخيرة لإضفاء المزيد من تهاويلها عبر محاولة كشف
عورة نزعة شيطانية في قاع ذاتها .
( 2 )
بينما كنت أتقلب تحت بطانيتين جراء ألم مباغت أنشب أظفاره
في تلابيب ضرسي المطل تماماً على الحنجرة جاءني صوتها
كحلم وإن بلهجة مشبعة بالتأنيب والسخرية معاً :
(من الحماقة أن تنظف أسنانك بالماء البارد في هذا الجو الثلجي
وأنت تظل أكسل من أن تعالج ضرسك ، ذاك الذي قد يشبه رأسك !)
وبعفوية وتلقائية يرثى لها وجدتني أرد وأنا أطل برأسي
عليها من تحت الأغطية الثقيلة ( لا أنفي الحماقة عن نفسي
لكن أظن بأننا مشتركان بها هنا ، إن المعجون نفسه بارد ،
وقد وضعت عصاره اللعين تحت ماء يغلي حتى أحرق يدي
دون أن يؤثر على ما بداخله ! ) إنما ما هذه الحماقة فعلاً ..
كيف لم أتنبه لوجودها بشكل آخر ، هذه التي ترنحني الآن
بانبهار جارف ، هل أصدق أنها واقفة في غرفة نومي بالفعل
ولِمَ لا أفعل ، وهاهي أمامي بكامل فتكها وأنا أتملاها مصعوقاً
بدهشتي ، وهي تدير عيناها بكامل بريقهما الأخاذ في مدار
الغرفة الكئيبة دون أن يخفى أثر الضيق والتأفف على شفتيها
وكم تبدو طاغية الجمال بملابسها الشفيفة التي تأخذ لون سماء
صافية الزرقة ، وفكرت أني أسرفت في تجميلها إلى حد أنني
قد أتورط في عشقها كما هي عادتي الشنيعة في العشق ،
لكنه يبعدني عن هذا التفكير انتباهي إلى أنها تحمل في إحدى
يديها قلمي وفي الأخرى دفتري ، ذاك المفخخ بالمغويات .
حينها شعرت بأني أمسكت شيئاً فكان جناح قصيدتي هناك !
(غرفة شاعر فقير ، فوضوي ، ومهووس بالتيه ، لااااشيء
إلا رائحة عطر رجالي رخيص !) هكذا تخرجني من فضاء
تأملي لها بما يشعرني بعودة القلب إذ أحسست بأن هناك شيء ما
يغرس في خاصرته ، شيء جميل يستخدم خطأ كإبرة الموسيقى
وهذه المرأة الخيالية الجمال تعاود الاستفزاز بعبارتها الثانية
و أظنه العقل الذي جعلني أقابل ذلك بسؤالها :
( ليكن ، إنما ماذا تفعلين هنا ، ماذا تريدين مني ؟ )
صوبت عينيها البابليتين نحوي بتركيز وهي تشهر القلم أمامي
مبرزة إياه بيدها الناصعة وتعقب ذلك بعبارة حادة وقاطعة :
( أريد أن أغرس هذا القلم في الجزء الذي أتوقع انه فوق وتينك
مباشرة حتى أتأكد من رؤية دمك ثم .. )
ثم ماذا أيتها الفاتكة ، أفكر بتوجس ، ماذا بعد سيلان دمي بفعل
يد امرأة خارقة الحسن يزعجني بالتأكيد تلطيخها بدمي الخاص ..
لم تدعني للمزيد ، بسرعة تشهر الدفتر إياه بيدها الأخرى ..
(.. ثم أعمل على تلطيخ كامل أوراق هذا الدفتر باللون الأحمر
القاني الذي تكرهه ، لون الدم ، دمك أنت ..)
( 3 )
لم أكن غضبانا ، لا ، و لا حتى منزعجا، كنت في حالة أخرى
لم يحدث أن عثرت في تخوم القواميس على أسمها ،
يمكنني أن أصفها - مرة أخرى -بما يشبه غرس إبرة الموسيقى في صدغ قلبي ..
ربما لذلك فكرت حينذاك بمن يسمع موسيقى وهو يتألم !
هذه هي حالتي في ذلك الصباح الباكر الملبدة أرضه بالبرد
في حين أن غيم سمائه يسترسل في حديث المطر بعد فواصل
مما يشبه الصمت القصير لشاعر يسرد قصائده على وردة ..
و كنت متجهاً بسيارتي وبجانبي رفيقتي الغريبة الى مكان اجهله ..
لم تكن الشمس قد أطلت ، لكني كنت اشعر برغبة ملحة بإطفاء أضواء
السيارة وتلك الرفيقة تصدع بوصف الطريق بين لحظات وأخرى ..
( لا تفترق عن مجاورة البحر ) كانت تلح علي في حين تزايد شكي
بوجود بحر لكني افترض مجاملاً وحريصاً على معرفة نهاية هذا
الاقتحام الغرائبي الذي يأخذني تماماً من كل تقليدية ويباعد بي عن عبدتها.
أتذكر إصرارها العجيب والمخيف بأن آخذها لموعد مع رجل تحبه
وإلا فإن حياتي الجحيمية ستؤول الى جحيمية مضاعفة ،
وأهجس ان حياتي المتشظية بالتهاويل المحزنة كانت بحاجة لأخرى
لكن بشكل مغاير ، تماماً كهذا الذي يحدث لي منذ منتصف الليلة الفارطة .
أليس من الطبيعي إلا انزعج بأن آخذ امرأة غريبة في صباح
مطلي بالصقيع إلى موعد مع رجل آخر ؟! ..أسألني ..
( 4 )
في قصة "رودولفيو" للسيبيري فالنتين راسبوتين ، يدور حوار بين
رجل وامرأة شابة بعد ان ينزلا معاً من القطار ويسيران جنباً لجنب
في الشارع وتسأله بعد عدة عبارات متبادلة عن اسمه ، وعندما يجيبها
بأن اسمه رودولف تطلق ضحكة صاخبة وطويلة ، فيستغرب الرجل
ويسألها عن سبب ضحكتها فلا تجيبه الا بالمزيد من الضحك ، وهكذا
إلى أن استطاعت أن تتوقف فتصفعه بعبارة جريئة فجة :
( رودولف ، كنت أظن أن مثل هذا الاسم لا يمكن إطلاقه إلا على فيل )
هكذا أتذكر أني قرأت ذلك ، ولابد لي أن أضعه هنا كيما أخلخل الرتم..
وكنت سأذكر أن هناك أشياء كثيرة لا توضع في جيب الوقت تتعاضد
مع قضيتي في عملية فغم القلب عندما أكون في مواجهة القصيدة ..
قد يكون ضمنها هذا الإحساس الفائر كصل يزحف وانتظاري يطول
أمام بيت غريب في موقع غريب يحيط به السكون أكثر مما يلزم ،
وكانت رفيقتي قد طلبت مني أن انتظر إلى أن تعود ، ثم دخلت ..
لكن حيرتي ومللي بعد ان قارب انتظاري للساعة أخذاني من يدي
الى البيت ، وبعد تردد قصير وضعت يدي على الجرس ، وضغطته ..
ثم ضغطة ثانية فثالثة طويلة ، ولم يجب الا المزيد من السكون ..
ومن دون تقصد وضعت يدي على الباب فأنفتح ، لم يكن مغلقاً اذاً ..
ملت وجسدي بالخارج مطلاً برأسي عبر فتحة الباب الى داخل هذا
البيت المزعج ، وعندها أخذتني صهوة المفاجأة عالياً ،
كان البيت من الداخل خرافي الترتيب والنظافة والتأثيث بسمة
أفخم الفنادق التي عرفتها ، وبعد تأمل المندهش ناديت :
( يا أهل البيت ، يا اللي هنا ، هناك ، يا أنس ، يا جن .. يا )
وحيث لم أجد أي مجيب دخلت بكاملي ومشيت إلى أن توسطت
صالة عجائب ثم واصلت ندائي مستذكراً جسد النص مسجى
فتشت البيت كله ، غرفة غرفة ، زاوية ، حتى سطحه صعدته ..
كأنما هو توغل في الآسر المبهر من رفاهيات وفتن باذخة بلا بشر
لم يكن هناك الا المزيد من الدهشة..
لم يكن هناك أي أحد .
:flower2:
صورة اللوحة المرفقة للفنانة : جوزفين وول
ستجدون المزيد من صور لوحاتها هنا (http://www.josephinewall.co.uk/josephine.html)