المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أول الغيثـــــ


عبدالسلام مصباح
27/08/2008, 12:35 PM
أول الغيثـــــــ

تحتفـظ تجربـة النشـر، لأول مـرة، فـي هـذا المنبـر أو ذاك؛ حتـى لـو تعلـق الأمـر بمجلـة حائطيـة، بتأثيرهـا الساحـر فـي نفـوس مجترحيهـا، باعتبارهـا قفـزة، حتـى ولـو كانـت محتشمـة ومتعثـرة؛ مثـل سائـر البدايـات، نحـو الإعـلان عـن الوجـود بصيغـة أخـرى.
ونظـرا لأهميـة هـذه التجربـة فـي وجـدان صاحبهـا، وأيضـًا لرسوخهـا فـي وجـدان الذاكـرة التاريخيـة، ولمـا يحيـط بهـا مـن وقائـع تنطـوي علـى قـدر مـن الدهشـة والفـرح والحيـرة والغمـوض والخـوف والاعتـزاز...و...و...قمنـا بالاتصـال بنخبـة مـن الشعـراء والقصاصيـن لتسجيـل تفاصيـل أبـرز الوقائـع التـي صاحبـت تجربـة نشرهـم لأول مـرة، فلـم يبخلـوا بالاستجابـة لدعـوة " بيــان اليــوم"، وكـم هـو مثيـر أن تجـد العديـد منهـم لا يـزال يتذكـر التفاصيـل بدقـة شديـدة: تاريـخ النشـر، وانشغـالات اللحظـة، وردود الفعـل التلقائيـة والباعثـة علـى الطفولـة، ومنـاخ اليـوم...وغيـر ذلـك ممـا يحيـط ويصاحـب هـذه التجربـة الجديـدة، رغـم مـرور ميـاه كثيـرة تحـت جسورهـا.
عبد العالي بركات
http://up.damasgate.com/files/d541kutu4navx8juhe12.jpg (http://up.damasgate.com/)
* ما هو المنبر الإعلامي الذي نشرتَ فيه لأول مرة؟
- يُعتبر النشر حلم كل من يجد في نفسه ميلاً للكتابة ليكتشف الينابيع الدفينة في أعماقه؛ وحين أنفض طبقات الغبار والنسيان عن مخطوطة الماضي؛ وأتصفحه بحثاً عن تلك اللحظة الحميمية والمتميزة والعميقة أجد أن أول منبر فتح شرفاته لأولى خربشاتي واحتضنها كان جريدة" العلم"، وحين أنبش في أوراقي التي غزتها القرضة وتخضبتْ باللون الأصفر أجد أول نص نشرته كان بعنوان "أنا لن أموت" بصفحة أصوات المخصصة للأقلام الحالمة بتاريخ07/08/1962، وكان على بحر المتقارب: فَعُولُنْ، فَعُولُنْ،
أقول في أبياتها الأخيرة:
" رَفِيقِي
" أَنَا لَنْ أَمُوت
" غَدًأ حِينَ يَفْنَى شَبَابِي
" وَيَبْلَى
" تَجِدْنِي
" عَلَى فَمِّ كُلِّ الصِّغَارِ
" نَشِيدًأ يُغَنَّى
" وَلَحْنَـا.

* ما هو الحافز الذي دفعك إلى النشر؟
- أما كيف حصل النشر، أو ما الدافع الذي حفزني على مغامرة النشر؛ فسببان: غير مباشر ومباشر.
السبب الغير مباشر، تعرف أن "شفشاون" مدينة ساحرة بجمالها وطبيعتها، بإرثها الحضاري وطابعها التراثي...مدينة تؤثث فضاءاتها خضرة، ومياه تتدفق من جباله فتنساب صافية رقراقة في شرايينها، وهواء نقي يمد سكانها بطاقات...هذه المدينة الهادئة والوديعة والمبدعة ألهمت أبناءها فأنجبت أسماء شعرية وازنة أثرتْ المشهد الشعري المغري تجريبًا وعطاءَ: عبد الكريم الطبال، محمد الميموني، محمد أبو عسل، عبد القادر المقدم..فكنا ، ونحن مراهقون، نلتمس تقليدهم من خلال رسائلنا الغرامية ونحلم بغد أكثر إشراقاً يفجر طاقاتها الكامنة تحت الرماد.
أما السبب المباشر، فبعد أن حصلت على الشهادة الثانوية؛ انتقلت إلى "تطوان" لمتابعة السلك الثاني: الشعبة الأدبية بثانوية القاضي عياض(شفشاون، آنذاك، لم تكن تتوفر على هذا السلك)، وفي يوم ربيعي مشمش؛ تلقيتُ رسالة من ابن عمي:محمد الحشلاف مصباح يطلب مني فيها أن أكتب له قبل أن أموت؛ فكان النص الذي أشرت إليه في السؤال الأول

* كيف كان شعورك وأنتَ تطلع على كتاباتك تنشر مذيلة بتوقيعك؟
- حين أستعيد الجو بكل حرارته وسخونته وأنا أرى نصي يفض بكارة الصفحة؛ لا أستطيع أن أصف لك ذاك الشعور الذي هز كياني، وغمرني بفيض من الانفعالات المتضاربة، حاملة تحت أجنحتها فرحاً عارماً، أحسستً بشيء مبهم ومبهر يبثُّ في داخلي نبضَ الحياة، ويشكل فرحي بألوان قزحية، ألوان تتناغم مع الحالات النفسية البهيجة؛ منحتني زخماً عاطفياً...أن ترى نصك جنب أسماء ستصبح لها مساحة واسعة في المشهد الشعري المغربي؛ معناه أن ما كان حلماً تحقق، لذا أقمتُ احتفالية خاصة بيني وبين نفسي بشراء أكثر من نسخة، أخذتها وانطلقت خارج المدينة، وتحت شجرة التين جنب نهر "المحنش "أفردتُ صفحة "أصوات" وأخذتُ أتأمل نصي يغمرني الإبهار.

* كيف كانت ارتسامات المحيطين بك؟
- كانت صحراء من الدهشة في عيون البعض، وواحات من الإعجاب في عيون أخرى؛ عيونُ يُزهر فيها الحب وتورق أشجار الأمل...كانت الدهشة لأني كنتُ اسماً جديدا، ولم يكن أحد يعرف أني أكتب؛ إلى جانب أنني نشرتُ باسم مستعار"ابن الطبيعة"؛ ربما تيمُّناً بالأديبة: "رفيقة الطبيعة" التي كنتُ أتابع نصوصها، هي والأديبة خناتة بنونة بانبهار
أما الفرحة الكبرى فقد جاءت حين أصدرتُ ديواني الأول "حاءات متمردة" التي أدين في معانقتها النور إلى أسرتي؛ خصوصا زوجتي؛ فقد تلقيتُ منها ومن ابنيَّ: رائد وغادة وبعض الأصدقاء الشرفاء تشجيعاً كبيراً ودعماً معنوياً..لا أنس تلك اللحظات المفعمة بالأحاسيس وأنا أرى الزغاريد تطل من أعينهم، جاءت لتتوج مسيرتي الإبداعية.وأحسُّ بالتوهُّج يحتلُّ كل ضياعي وتشرُّدي، وأرى قرنفة الأمل تتسلل إلى أعماقي وتفتح شرفات واسعة للنور والهواء ولكل الفصول الخصيبة
فلهم كل الشكر
ولهم محبتي الواسعة.



بيـــان اليــــوم
الجمعـــة27/10/2006
العــــدد4979

فتحية الشبلي
27/08/2008, 02:54 PM
أستاذ عبد السلام
تحية طيبة ،
جميل جدا ماأحتوته هذه السطور من ذكريات البدايات ، والتي من خلالها نتعرف علي جوانب شخصيتك ، عن كثب
ننتظر المزيد
{ متابعة بشغف }
تحياتي .

عبد العزيز الجرّاح
03/09/2008, 04:59 PM
للأمانه ، ديوان " حاءات متمردة " للشاعر الكبير / عبد السلام مصباح
ديوان جميل وجميل جدًا ، يستحق الأقتناء كثيرًا.

شاعر الحاءات ،
شكرًا أن أهديتني نسخة مطبوعة تحمل توقيعك الكريم.
و شكرًا لتواجدك الجميل في المطر.

دمت بخير

أشرف المصري
06/09/2008, 02:29 AM
الأخ/ عبد السلام

وجودك بيننا، ما هو إلا فخر كبير
نعتز به،
وننتمي إليه،
ونتوق لقراءته.

عبد السلام مصباح
ذاتية في غاية التفرد والإبداع


فأهـلاً بك وسهلاً
والكثير من الود والتحايا والتبجيل