أسامة بن محمد السَّطائفي
02/09/2008, 02:52 PM
سَـلامٌ عليكُـم و رحمـةُ الله و بركَـاتُـهُ .
*
تَـ ـوطِئَـة
تَ... تَـاءٌ تَكتبُ الواقِـعَ وَ تُتَـرجِمُ المُبهَـمَ بانْسِكَـابِ التَّجَلِّـي وَ الوُضُـوحِ مِنها عليهِ ، فتغسِـلُ ما غَطَّـاهُ دَرَنُ الغُمُـوض .
تُحسِـنُ الظُّهُـورَ بِكُلِّ موضُوعِيَّـةٍ وَ إظهَـارِ المَكَامِـنِ الغارِقَـةِ ، فَتجعلها تَطفُـو على صَفحَـةِ القَراطِيـسِ مُبرقَشَـةً عليها مُسْحَـةٌ من صِـدْق .
وَ بِالمُقابِـلِ فإنَّ التَّسَتُّـرَ وَ التَّكَتُّـمَ ليسَ من دَيْدَنِها خاصَّـةً إذا تعلَّـقَ الأمرُ بِبَثِّ الرُّوحِ في جَمادِ المَشَاعِـرِ ، فتراها تُوقِـظُ ما نامَ فيها من حَيَـاةٍ وَ تُخرِجُها مَرئِيَّـةً للعَيَـانِ تَمشِـي على الوَرَق .
فلتَتَـدَفَّق فيكِ عَواطِفِـي الضَّحْلَـة ، لِكي تَصيـرَ سُيُـولاً بِداخِلِـي تَجرِفُ معها كُلَّ هُدوءٍ وَ سَكينَـة ، لعلَّ صَمتِـي يَرتَكِبُ بِكِ جَريمَـةَ الثَّـرْثَـرَة .
/1/
تَـ ـكفِيـهُمُ البَسْمَـة .
نَبتَت على شِفَـاهِي ارْتِجافَـاتُ الإمتِنَـان وَ تطاوَلت سِيقانُها حَتَّى الْتَفَّتْ حولَ رأسِي كَاللَّبْـلابِ فَأكسَبَتْهُ حُمرةَ الخَجَـلِ وَ أوْرَثَتْـهُ تَقَلُّصَـاتِ الإبْتِسَـامَـة .
/2/
تَـ ـأَوَّهَنِـي المَـلَـلُ .
وَقَفتُ على حَـوافِّ عُمرِي أنظرُ إلى سَفحِ أيَّـامِي بِحَـذر ، لَـرُبَّما سَقطـتُ وَ أنا غيرُ مُنتَبِـه .
أمْعَنْـتُ التَّبَصُّـرَ في تَضَارِيسِ كُلِّي وَ بَعضِي ، فوجدتُ أكثرهَا يَتخلَّلُـهُ الضَّجَـرُ وَ الإنزِعَـاج . لَفَّـها المَـللُ كَضَبَـابِ المُستنقَعَـاتِ فانتَشَـرَ بهِ السُّكُـونُ القاتِـلُ الرَّهيـب . فقـدتُ حَيَـوِيَّـتي بأن نَشَـزَ عنها ما كانت تملكُـهُ من لحظَـاتِ نَشـوَةِ الإبتِهَـاج .
أعرفُ تماماً العَـوامِـلَ الَّتي أدَّت بي إلى ما أنا عليه ، لِذا لـن أُطيـلَ الوُقُـوف .
/3/
تَـ ـبًّـا لِصَـبِّـي .
[ أتسَـامَـرُ معها طَويلاً في كُلِّ مَـرَّةٍ يَقُـومُ فيها طَيفُها بِزِيَـارتي ، أراني أكَلِّمُ نفسِـي و أُعانِـقُ الهَـواءَ شَـوْقًـا للحَبِيبَـة حَتَّـى إذا ما استَـوفَيْنَا حَقَّنا منَ النَّجـوَى وَ مُطَـارحَـةِ الهَـوَى صَحِبْتُها في جَـولَـةٍ إلى أطـلالِ صَبَـابَتِي الَّتي لم تَـزَل تَحتفِظُ ببصمَـاتِ يَـدَيها و آثَـارِ قَدَميها و شَـذَى عِطرها و بَعضٍ من كَلامها المُتنَـاثرِ في أرجَـاءِ المَكَـان .
لَـوعَـةٌ فوقَ لَـوعَـةٍ تتكَـدَّسُ في حُشَـاشَـةِ الفُـؤادِ هِيَ نَتَـاجُ عِشقِـي المُغتَـرب ، وَحيدٌ هُوَ بينَ حَكَايا الغَـرام . فَـلا المعنِيَّـةُ بِالهُيَـامِ تَدرِي بهِ و لا الَّذينَ من حَولِي يُقَدِّرونَ حَجمَ مُعانَـاتِي الكَتُـومَـة ... ]
ما بينَ عاكِفَتينِ كانَ قبلَ زمنٍ مَضَـى ، آسَفُ عليهِ حَقيقَةً لأنَّنِي لم أنل منهُ إلاَّ الحَسَـراتِ رُغمَ اللَّذاتِ المُنقضِيَـةِ ، فكلُّ ما قاسَيْتُـهُ بَقِيَ حَبيسَ ذِكريَـاتِـي الحَـزينَـة .
/4/
تَـ ـنهِيـدَةُ ما بعدَ مُنتصَفِ التَّفكِيـر .
في غَمْرَةِ الفِكْـرِ وَ مُعْتَـرَكِ الخَـاطِـرِ ، أُعْتِقَت و لِسَـانُ حالِها يَقُـولُ : [ حَـاجَة مَا تَسْتَـاهَـلْ * ]
* لاَ شَيءَ يَستَحِـقُ
/5/
تَـ ـغْـريدُهُ نَحِيـبُ .
يُبصِـرُهُ من يَعرِفُـهُ أو من يَجهَلُـهُ مُمْسِكاً فَذًّا بِزِمامِ الكَـلامِ و مِقْـوَدِ الأحـلامِ ، يُـوَجِّهُهُما كيفَ يَشَـاءُ و متى أراد .
لَـهُ خِبرةٌ طُـولَـى في مِضْمَـارِ الدَّواخِـلِ و مُعَـاقَـرةِ أَقـدَاحِ الزَّفـراتِ و اللَّـواعِـج ، لا يُستَهَـانُ بها و لا بتأثِيـرها الخُرافِـيِّ على من يحتَسي أشْرِبَتَـهُ .
يَجعَـلُ من يقرأ لـهُ في حالاتٍ مُزرِيَـةٍ من فرحٍ أو قـرحٍ ، يتعمَّـدُ فعلَ ذلكَ حيناً و يأتِي بهِ عَفْواً أحايِينَ كثيـرةً .
لَكَـم كانَ خيـرَ صديقٍ لِمَـن ألمَّـت بهمُ الجَوائِحُ و كمْ رسمَ بالصَّفَـاءِ أنقَـى مُثُلِ التَّسَـامُحِ و أرقَـى صُـوَرِ المُكْـرُمَـات .
يُعانِـي لِتتفَتَّـحَ بارِقَـةُ الأمَـلِ بِمِسْكِها السَّـرمَـدِيِّ و يُقاسِي ليتَجَدَّدَ طُلُـوعُ فجرِ الفَـأْلِ على مَـآسِينا كلَّ صَبَـاح . يَلفِظُ سِحراً و يَكتُبُ رَوعَــةً و يُشَكِّلُ الأعاجِيـبَ بأنَـامِلِـهِ وَ أَقـلامِـه .
/6/
تَـ ـلبِيَـةً لِنِـداءِ آلامِـي ......... سَـأَبكِـي .
بُـرَحَـاءٌ سَلِيطَـةُ الوَطْءِ تتغلغَـلُ في جَوانِحِـي على غَـرارةٍ مِنِّـي فَتَذْرُو فـوقَ مَفازَةِ شُـرودِي حَـيْـرةً صَمَّـاءَ وَ قَلَقاً أبْكَـمَـا .
مَـرَّت هذهِ المَـرَّةَ بِهوادَةٍ على غيرِ عادتها ، لعلَّ السُّـؤمَ غَشِيَها فأحجَمَها عن مُواصلـةِ دَكِّ حُصُـونِ صَبري الثَّكـلَـى ، تِلكَ الحُصُـونُ المُنهَكَـةُ بِرُضُوضِ فُقدانِ الثِّقَـة و خِذلانِ الأخِـلاَّء ، لَكَـأَنَّها تُريدُ أن تتهاوَى لِتستَريحَ و تُريـح .
ما أصعبَ أن أعترفَ بذلكَ ، لكنَّ رغبةً جامِحَـةً تَحُثُّني على إسْبَـالِ العَبرات .
/7/
تَـ ـوَخَّـى الحَذرَ يا قَلْبَـهُ .
" إنَّهم يُريدونَ بكَ سُوءً و يَسعَوْنَ إلى التَّغريرِ بطيبتكَ يا هذا ، فخَيِّب ظُنونهم و رُدَّ كيدهم و اجعلهم يندمونَ عندما فكَّروا في الإيقَـاعِ بك .
أنا من جِهتي قد نصحتُ لكَ و حرصتُ على إمدادكَ بِخُلاصةِ تجاربي السَّابِقَـة ، فلطالما طُعِنتُ بِخِنجرِ الوَفاءِ و رُميتُ بِسِهامِ الإخلاصِ و جُلِدتُ بِسِياطِ المَحَبَّـة ، ليسَ إلاَّ أنِّي صُنتُ تِلكَ القِيَمَ و العُهُـود .
كُلُّ تلكَ المعاني الَّتي يَقولونَ عنها سامِيَـةً اضمحلَّـت دَلالاتُها فلم يبقَ لها أثرٌ عندَ منِ ادَّعَـوا أنَّهم لها مُراعـون .
حَطَّمُـوني و كَسروا ثِقَتي في النَّاس و في نواياهُـم ، ما عُدتُ أرغبُ في تَكوينِ صَداقاتٍ أو ربطِ علاقاتٍ انصَرمت ، فلم يَعُـد لتلكَ الأمورِ مفعولُ السِّحـرِ فِيَّ .
المُهِمُّ أنَّ ما أعرفهُ و ما خَبَرْتُـهُ أخبرتُكَ بهِ و الباقي عليك ، إمَّا أن تأخذَ بهِ فتنجُـو و إمَّا أن تنبُذهُ رَفضًا فلا تلومنَّ إلاَّ نفسَك .
أستودِعُكَ الله الَّذي لا تَضيعُ ودائِعُهُ . "
التَّوقيع / قَلْـبٌ مَكْلُـوم
هذا نَصُّ رِسالةٍ بعثَها لي المُوَقِّعُ أدناها بعدَ ما رأى ما أنا فيهِ من ثِقَةٍ ساذَجَـةٍ و حُبٍّ لا مُتناهِي ، فأشفقَ عليَّ و قامَ بمراسَلتي ناصِحاً أمينَا .
لا أعلمُ تماماً ما عليَّ فعلهُ بالضَّبط ، لكنَّ ما أنا عليهِ الآنَ من مباديءٍ لن أهجرهُ و لن أرضَى بما دونهُ بديلاَ و ليحدث ما يحدث .
التَّوقيعُ / قَلبِـي المَكلُـوم
/8/
تَـ ـراكَمَ فوقَ عَزمِنا الهَـوانُ .
بِضعٌ و ثمانونَ حَوْلاً قَضَيناها و نحنُ نَحتَسِي دَنانِينَ الغَفلَـة و نُدَخِّنُ بِرُجُـولةٍ نَرْجِيلَـةَ العَـار ، جالسينَ على مقهى أحداثنا فيُطربُ مسامعنا دَوِيُّ الإنفجاراتِ و صَخبُ المهرجاناتِ و لَغَطُ المُسلسلات ، كلُّ هذا و نحنُ نلعبُ بِالنَّردَشِيــر !
غُبارُ المَذَلَّـةِ أرهقَ كواهلنا المُرهَقَـة و أحالنا إلى ثَغْمَةٍ شَهبَـاء ، شُلَّـت من تكدُّسِهِ هِمَمُنا فلم يعد ينفعها لا الإنعاشُ و لا العنايةً المركَّـزة .
إذا ، ما العِلاج ؟
هل يُوجدَ مُستحضَرٌ طِبِّيٌّ يُشفي من البَـلادَةِ المُكتَسَبَـة ؟
هل نستطيعُ أن نجمعَ هزائمنا ثمَّ نُجبرها على أن تولِّي الدُّبُـرَ ؟
أما زالَ جَمرُ الأَنَفَـةِ يقبعُ في أحشائنا مُنتظِراً من ينفخُ فيه ؟ أم يا تُراهُ أصبحَ رماداً طيَّرَتـهُ عَواصِفُ أهوائنا ؟
بأيِّ أمانةٍ نحفظُ الأمانَةَ الَّتي أودِعْناها بعدَ أن صِرنا مُحترِفِي الخِيَـانَـة ؟
لا لَوعَتي تَدَعُ الفُؤادَ و لا يَدِي * تَقْوَى على رَدِّ " الإبَـاءِ " الغَـادِي
رحمكَ الله يا بَـارُودِيُّ ، و رحمَ عِظامنا المَدفونَـةَ في أجسامنا .
/9/
تَـ ـستَوْقِفُني اختِلاسَـاتُ نَظَراتِـهِ .
http://gallery.johina.net/up/9432/1157329658.jpg
" تَـاهت قوارِبُ برائَتِهِ في مُحيطِ مُقلَتَيْهِ المُغْرَوْرِقَتَيْـنِ ، فلاَ البُؤْسُ المُتلاطِمُ موجُهُ يُغرِقُها وَ لا تَبَسُّمُ من يُحدِّقُ فيهِ حانِياً يُرْسِيها على برِّ الخَـلاص "
يا وَيحَ نفسي الَّتي ما عادت تهزُّها المواقفُ المؤثِّـرة ، و يا ويحَ قلمي الَّذي خانني فبدى عَصِيَّ التَّعبيرِ وَ العاطِفَـة ، و يا ويحَ أمَّتي الَّتي ألهَتْها شَواغِلُ العَصْـرِ عنِ الإبصَـارِ بعينِ الرَّحمـةِ إلى من تكالبت عليهم وُحُـوشُ الشَّوارِعِ و مزَّقتهم آفاتٌ و مُنكرات ، فكانوا ضحِيَّةَ ذُنوبٍ و أخطاءٍ لم يرتكبوها .
يا لَهْفَ لهْفِي عليكم يا فلذاتِ أكبادِنا .
/10/
تَـ ـلَقَّفْتُ حُبَّكِ بِدَفتَـرٍ رَحبٍ .
دَوحَـةَ الرَّوائِعِ يا سِرَّ الخُلُـودِ ، يا من تجذَّرتِ في أخصبِ الأنفُسِ أعينيني على أن أحبَّكِ أكثر و أن أهذي بكِ أكثر و أن أستبيحَ كنوزَكِ أكثــر .
غَليلي يَتيمُ الإرتِوائَيْـنِ تربَّـى فوقَ أحضانِ الشَّـوقِ دَهراً يَحلمُ باللَّحظَـةِ الَّتي تَحِنِّينَ عليهِ فيها مُسفِرَةً عن مُحيَّـاكِ الباسمِ ، تُلهِمِينَهُ بأبجَدِيَّـاتِ المِدادِ و رموزِ المَطَـرِ وَ ألوانِ الجَمَـال .
لا أرى بأنَّ ينابيعَ الكلماتِ تَسقِي رَوْضاتِ إعجابي بكِ ، و لا تفي حتَّى بحقِّكِ يا سَليلَـةَ الأمَـاجِـدِ * فكيفَ يكونُ ذلكَ لِـدَفْـتَـر ؟!
* اللُّغةُ العربية
مَنْفَـذُ نَجَـاة .
باقَـةُ عُذرٍ ألقيها بينكم لتنشُرَ عَبيرَ السَّماحَـةِ ، و تُخبركُـم بأنَّني آسفُ على بَتْـرِ الحَـديثِ هاهُنا فقد شُفيتُ مِن رَشْـحِ الكِتَـابَـة .
الحَمـدُ للهِ على العافِيَـة .
*
سَطِيـف ، 01 / 09 / 2008
*
تَـ ـوطِئَـة
تَ... تَـاءٌ تَكتبُ الواقِـعَ وَ تُتَـرجِمُ المُبهَـمَ بانْسِكَـابِ التَّجَلِّـي وَ الوُضُـوحِ مِنها عليهِ ، فتغسِـلُ ما غَطَّـاهُ دَرَنُ الغُمُـوض .
تُحسِـنُ الظُّهُـورَ بِكُلِّ موضُوعِيَّـةٍ وَ إظهَـارِ المَكَامِـنِ الغارِقَـةِ ، فَتجعلها تَطفُـو على صَفحَـةِ القَراطِيـسِ مُبرقَشَـةً عليها مُسْحَـةٌ من صِـدْق .
وَ بِالمُقابِـلِ فإنَّ التَّسَتُّـرَ وَ التَّكَتُّـمَ ليسَ من دَيْدَنِها خاصَّـةً إذا تعلَّـقَ الأمرُ بِبَثِّ الرُّوحِ في جَمادِ المَشَاعِـرِ ، فتراها تُوقِـظُ ما نامَ فيها من حَيَـاةٍ وَ تُخرِجُها مَرئِيَّـةً للعَيَـانِ تَمشِـي على الوَرَق .
فلتَتَـدَفَّق فيكِ عَواطِفِـي الضَّحْلَـة ، لِكي تَصيـرَ سُيُـولاً بِداخِلِـي تَجرِفُ معها كُلَّ هُدوءٍ وَ سَكينَـة ، لعلَّ صَمتِـي يَرتَكِبُ بِكِ جَريمَـةَ الثَّـرْثَـرَة .
/1/
تَـ ـكفِيـهُمُ البَسْمَـة .
نَبتَت على شِفَـاهِي ارْتِجافَـاتُ الإمتِنَـان وَ تطاوَلت سِيقانُها حَتَّى الْتَفَّتْ حولَ رأسِي كَاللَّبْـلابِ فَأكسَبَتْهُ حُمرةَ الخَجَـلِ وَ أوْرَثَتْـهُ تَقَلُّصَـاتِ الإبْتِسَـامَـة .
/2/
تَـ ـأَوَّهَنِـي المَـلَـلُ .
وَقَفتُ على حَـوافِّ عُمرِي أنظرُ إلى سَفحِ أيَّـامِي بِحَـذر ، لَـرُبَّما سَقطـتُ وَ أنا غيرُ مُنتَبِـه .
أمْعَنْـتُ التَّبَصُّـرَ في تَضَارِيسِ كُلِّي وَ بَعضِي ، فوجدتُ أكثرهَا يَتخلَّلُـهُ الضَّجَـرُ وَ الإنزِعَـاج . لَفَّـها المَـللُ كَضَبَـابِ المُستنقَعَـاتِ فانتَشَـرَ بهِ السُّكُـونُ القاتِـلُ الرَّهيـب . فقـدتُ حَيَـوِيَّـتي بأن نَشَـزَ عنها ما كانت تملكُـهُ من لحظَـاتِ نَشـوَةِ الإبتِهَـاج .
أعرفُ تماماً العَـوامِـلَ الَّتي أدَّت بي إلى ما أنا عليه ، لِذا لـن أُطيـلَ الوُقُـوف .
/3/
تَـ ـبًّـا لِصَـبِّـي .
[ أتسَـامَـرُ معها طَويلاً في كُلِّ مَـرَّةٍ يَقُـومُ فيها طَيفُها بِزِيَـارتي ، أراني أكَلِّمُ نفسِـي و أُعانِـقُ الهَـواءَ شَـوْقًـا للحَبِيبَـة حَتَّـى إذا ما استَـوفَيْنَا حَقَّنا منَ النَّجـوَى وَ مُطَـارحَـةِ الهَـوَى صَحِبْتُها في جَـولَـةٍ إلى أطـلالِ صَبَـابَتِي الَّتي لم تَـزَل تَحتفِظُ ببصمَـاتِ يَـدَيها و آثَـارِ قَدَميها و شَـذَى عِطرها و بَعضٍ من كَلامها المُتنَـاثرِ في أرجَـاءِ المَكَـان .
لَـوعَـةٌ فوقَ لَـوعَـةٍ تتكَـدَّسُ في حُشَـاشَـةِ الفُـؤادِ هِيَ نَتَـاجُ عِشقِـي المُغتَـرب ، وَحيدٌ هُوَ بينَ حَكَايا الغَـرام . فَـلا المعنِيَّـةُ بِالهُيَـامِ تَدرِي بهِ و لا الَّذينَ من حَولِي يُقَدِّرونَ حَجمَ مُعانَـاتِي الكَتُـومَـة ... ]
ما بينَ عاكِفَتينِ كانَ قبلَ زمنٍ مَضَـى ، آسَفُ عليهِ حَقيقَةً لأنَّنِي لم أنل منهُ إلاَّ الحَسَـراتِ رُغمَ اللَّذاتِ المُنقضِيَـةِ ، فكلُّ ما قاسَيْتُـهُ بَقِيَ حَبيسَ ذِكريَـاتِـي الحَـزينَـة .
/4/
تَـ ـنهِيـدَةُ ما بعدَ مُنتصَفِ التَّفكِيـر .
في غَمْرَةِ الفِكْـرِ وَ مُعْتَـرَكِ الخَـاطِـرِ ، أُعْتِقَت و لِسَـانُ حالِها يَقُـولُ : [ حَـاجَة مَا تَسْتَـاهَـلْ * ]
* لاَ شَيءَ يَستَحِـقُ
/5/
تَـ ـغْـريدُهُ نَحِيـبُ .
يُبصِـرُهُ من يَعرِفُـهُ أو من يَجهَلُـهُ مُمْسِكاً فَذًّا بِزِمامِ الكَـلامِ و مِقْـوَدِ الأحـلامِ ، يُـوَجِّهُهُما كيفَ يَشَـاءُ و متى أراد .
لَـهُ خِبرةٌ طُـولَـى في مِضْمَـارِ الدَّواخِـلِ و مُعَـاقَـرةِ أَقـدَاحِ الزَّفـراتِ و اللَّـواعِـج ، لا يُستَهَـانُ بها و لا بتأثِيـرها الخُرافِـيِّ على من يحتَسي أشْرِبَتَـهُ .
يَجعَـلُ من يقرأ لـهُ في حالاتٍ مُزرِيَـةٍ من فرحٍ أو قـرحٍ ، يتعمَّـدُ فعلَ ذلكَ حيناً و يأتِي بهِ عَفْواً أحايِينَ كثيـرةً .
لَكَـم كانَ خيـرَ صديقٍ لِمَـن ألمَّـت بهمُ الجَوائِحُ و كمْ رسمَ بالصَّفَـاءِ أنقَـى مُثُلِ التَّسَـامُحِ و أرقَـى صُـوَرِ المُكْـرُمَـات .
يُعانِـي لِتتفَتَّـحَ بارِقَـةُ الأمَـلِ بِمِسْكِها السَّـرمَـدِيِّ و يُقاسِي ليتَجَدَّدَ طُلُـوعُ فجرِ الفَـأْلِ على مَـآسِينا كلَّ صَبَـاح . يَلفِظُ سِحراً و يَكتُبُ رَوعَــةً و يُشَكِّلُ الأعاجِيـبَ بأنَـامِلِـهِ وَ أَقـلامِـه .
/6/
تَـ ـلبِيَـةً لِنِـداءِ آلامِـي ......... سَـأَبكِـي .
بُـرَحَـاءٌ سَلِيطَـةُ الوَطْءِ تتغلغَـلُ في جَوانِحِـي على غَـرارةٍ مِنِّـي فَتَذْرُو فـوقَ مَفازَةِ شُـرودِي حَـيْـرةً صَمَّـاءَ وَ قَلَقاً أبْكَـمَـا .
مَـرَّت هذهِ المَـرَّةَ بِهوادَةٍ على غيرِ عادتها ، لعلَّ السُّـؤمَ غَشِيَها فأحجَمَها عن مُواصلـةِ دَكِّ حُصُـونِ صَبري الثَّكـلَـى ، تِلكَ الحُصُـونُ المُنهَكَـةُ بِرُضُوضِ فُقدانِ الثِّقَـة و خِذلانِ الأخِـلاَّء ، لَكَـأَنَّها تُريدُ أن تتهاوَى لِتستَريحَ و تُريـح .
ما أصعبَ أن أعترفَ بذلكَ ، لكنَّ رغبةً جامِحَـةً تَحُثُّني على إسْبَـالِ العَبرات .
/7/
تَـ ـوَخَّـى الحَذرَ يا قَلْبَـهُ .
" إنَّهم يُريدونَ بكَ سُوءً و يَسعَوْنَ إلى التَّغريرِ بطيبتكَ يا هذا ، فخَيِّب ظُنونهم و رُدَّ كيدهم و اجعلهم يندمونَ عندما فكَّروا في الإيقَـاعِ بك .
أنا من جِهتي قد نصحتُ لكَ و حرصتُ على إمدادكَ بِخُلاصةِ تجاربي السَّابِقَـة ، فلطالما طُعِنتُ بِخِنجرِ الوَفاءِ و رُميتُ بِسِهامِ الإخلاصِ و جُلِدتُ بِسِياطِ المَحَبَّـة ، ليسَ إلاَّ أنِّي صُنتُ تِلكَ القِيَمَ و العُهُـود .
كُلُّ تلكَ المعاني الَّتي يَقولونَ عنها سامِيَـةً اضمحلَّـت دَلالاتُها فلم يبقَ لها أثرٌ عندَ منِ ادَّعَـوا أنَّهم لها مُراعـون .
حَطَّمُـوني و كَسروا ثِقَتي في النَّاس و في نواياهُـم ، ما عُدتُ أرغبُ في تَكوينِ صَداقاتٍ أو ربطِ علاقاتٍ انصَرمت ، فلم يَعُـد لتلكَ الأمورِ مفعولُ السِّحـرِ فِيَّ .
المُهِمُّ أنَّ ما أعرفهُ و ما خَبَرْتُـهُ أخبرتُكَ بهِ و الباقي عليك ، إمَّا أن تأخذَ بهِ فتنجُـو و إمَّا أن تنبُذهُ رَفضًا فلا تلومنَّ إلاَّ نفسَك .
أستودِعُكَ الله الَّذي لا تَضيعُ ودائِعُهُ . "
التَّوقيع / قَلْـبٌ مَكْلُـوم
هذا نَصُّ رِسالةٍ بعثَها لي المُوَقِّعُ أدناها بعدَ ما رأى ما أنا فيهِ من ثِقَةٍ ساذَجَـةٍ و حُبٍّ لا مُتناهِي ، فأشفقَ عليَّ و قامَ بمراسَلتي ناصِحاً أمينَا .
لا أعلمُ تماماً ما عليَّ فعلهُ بالضَّبط ، لكنَّ ما أنا عليهِ الآنَ من مباديءٍ لن أهجرهُ و لن أرضَى بما دونهُ بديلاَ و ليحدث ما يحدث .
التَّوقيعُ / قَلبِـي المَكلُـوم
/8/
تَـ ـراكَمَ فوقَ عَزمِنا الهَـوانُ .
بِضعٌ و ثمانونَ حَوْلاً قَضَيناها و نحنُ نَحتَسِي دَنانِينَ الغَفلَـة و نُدَخِّنُ بِرُجُـولةٍ نَرْجِيلَـةَ العَـار ، جالسينَ على مقهى أحداثنا فيُطربُ مسامعنا دَوِيُّ الإنفجاراتِ و صَخبُ المهرجاناتِ و لَغَطُ المُسلسلات ، كلُّ هذا و نحنُ نلعبُ بِالنَّردَشِيــر !
غُبارُ المَذَلَّـةِ أرهقَ كواهلنا المُرهَقَـة و أحالنا إلى ثَغْمَةٍ شَهبَـاء ، شُلَّـت من تكدُّسِهِ هِمَمُنا فلم يعد ينفعها لا الإنعاشُ و لا العنايةً المركَّـزة .
إذا ، ما العِلاج ؟
هل يُوجدَ مُستحضَرٌ طِبِّيٌّ يُشفي من البَـلادَةِ المُكتَسَبَـة ؟
هل نستطيعُ أن نجمعَ هزائمنا ثمَّ نُجبرها على أن تولِّي الدُّبُـرَ ؟
أما زالَ جَمرُ الأَنَفَـةِ يقبعُ في أحشائنا مُنتظِراً من ينفخُ فيه ؟ أم يا تُراهُ أصبحَ رماداً طيَّرَتـهُ عَواصِفُ أهوائنا ؟
بأيِّ أمانةٍ نحفظُ الأمانَةَ الَّتي أودِعْناها بعدَ أن صِرنا مُحترِفِي الخِيَـانَـة ؟
لا لَوعَتي تَدَعُ الفُؤادَ و لا يَدِي * تَقْوَى على رَدِّ " الإبَـاءِ " الغَـادِي
رحمكَ الله يا بَـارُودِيُّ ، و رحمَ عِظامنا المَدفونَـةَ في أجسامنا .
/9/
تَـ ـستَوْقِفُني اختِلاسَـاتُ نَظَراتِـهِ .
http://gallery.johina.net/up/9432/1157329658.jpg
" تَـاهت قوارِبُ برائَتِهِ في مُحيطِ مُقلَتَيْهِ المُغْرَوْرِقَتَيْـنِ ، فلاَ البُؤْسُ المُتلاطِمُ موجُهُ يُغرِقُها وَ لا تَبَسُّمُ من يُحدِّقُ فيهِ حانِياً يُرْسِيها على برِّ الخَـلاص "
يا وَيحَ نفسي الَّتي ما عادت تهزُّها المواقفُ المؤثِّـرة ، و يا ويحَ قلمي الَّذي خانني فبدى عَصِيَّ التَّعبيرِ وَ العاطِفَـة ، و يا ويحَ أمَّتي الَّتي ألهَتْها شَواغِلُ العَصْـرِ عنِ الإبصَـارِ بعينِ الرَّحمـةِ إلى من تكالبت عليهم وُحُـوشُ الشَّوارِعِ و مزَّقتهم آفاتٌ و مُنكرات ، فكانوا ضحِيَّةَ ذُنوبٍ و أخطاءٍ لم يرتكبوها .
يا لَهْفَ لهْفِي عليكم يا فلذاتِ أكبادِنا .
/10/
تَـ ـلَقَّفْتُ حُبَّكِ بِدَفتَـرٍ رَحبٍ .
دَوحَـةَ الرَّوائِعِ يا سِرَّ الخُلُـودِ ، يا من تجذَّرتِ في أخصبِ الأنفُسِ أعينيني على أن أحبَّكِ أكثر و أن أهذي بكِ أكثر و أن أستبيحَ كنوزَكِ أكثــر .
غَليلي يَتيمُ الإرتِوائَيْـنِ تربَّـى فوقَ أحضانِ الشَّـوقِ دَهراً يَحلمُ باللَّحظَـةِ الَّتي تَحِنِّينَ عليهِ فيها مُسفِرَةً عن مُحيَّـاكِ الباسمِ ، تُلهِمِينَهُ بأبجَدِيَّـاتِ المِدادِ و رموزِ المَطَـرِ وَ ألوانِ الجَمَـال .
لا أرى بأنَّ ينابيعَ الكلماتِ تَسقِي رَوْضاتِ إعجابي بكِ ، و لا تفي حتَّى بحقِّكِ يا سَليلَـةَ الأمَـاجِـدِ * فكيفَ يكونُ ذلكَ لِـدَفْـتَـر ؟!
* اللُّغةُ العربية
مَنْفَـذُ نَجَـاة .
باقَـةُ عُذرٍ ألقيها بينكم لتنشُرَ عَبيرَ السَّماحَـةِ ، و تُخبركُـم بأنَّني آسفُ على بَتْـرِ الحَـديثِ هاهُنا فقد شُفيتُ مِن رَشْـحِ الكِتَـابَـة .
الحَمـدُ للهِ على العافِيَـة .
*
سَطِيـف ، 01 / 09 / 2008