المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مشاعر شتى في مشاعر مقدسة


هاشم فتحي
29/11/2008, 10:52 AM
مشاعر شتى في مشاعر مقدسة
إن شرفت خواطري بشئ فلن تشرف بأغلى ولا أعز من هذه اللحظة التي اكتب فيها الآن ..كلا ولن تشرف أبدا بأحلى ولا أنقى من هذا المكان ولن تزهى بأسعد ولا أخلد من هذه النسمات التي تهب على قلمي تهزه فيتراقص معها طربا ....
إن ما في القلب الآن أشد مما رأته العين وان ما في الجنبات من الهناء أكبر مما أكتب وأسطر ... بل إن سرا مكنونا يجول ويصول في أروقتي مع لفيف جم من الخواطر الغضة التي تنبت مرة في العمر وتزهو فجأة في اللحظ وتستوي على سوقها بغتة في الحال ...حتى إذا ما وقفت تحدث نفسها بالبقاء عاجلها الزوال بالأفول ثم وآراها شئ يقضي على السعادة اللحظة والهناء اللحظة وكذلك الاستبشار اللحظة إلي ما هو أكبر ..وأغلى...وأعز ... إلى السعادة الخالدة والهناء الخالد والأريحية العبقة في روضات الجنات ,,,
إن ذنوبا كانت تغالبني السير إلى الله وتجافيني عنوة عن المسير ثم تحجبني عن أشياء أدركها وتختفي .... ألمسها ثم تند مني .... أتذوقها فلا ألتذ لسرعة زوالها
أما الآن وفي صحن هذا البيت العتيق يخالجني صوت المؤذن فتتناثر خواطري ذات اليمين وعن الشمال عزين منها و آخر من شكلها أزواج تترائي لي في جنبات هذا المعلم وتطير مع حمامه لا إلى أين ولا إلى هناك ...إنما إلى شئ لا أجد له عنوانا ولا تصويرا إلا أحرفا تنهال على قلمي تتزاوج ومدادي فتستقر عروسا على سطوره وتنام في خدرها قريرة على صفحاته
(حي على الصلاة ... حي على الفلاح ...) ...يا الله .... يا لهذا النداء ...يا لهذه الهزة التى تنتابني ...وتحوط بي تدثرني وتزملني فيا لجمال بردها الصافي وعطرها الفواح الهادي يتهادي بي يشدني ابتدره فيتمالكني شعور أكبر من الوصف
أكتب ..... أردد الآذان ... أنظر إلى البيت .... أراقب روعة المقام ....أعانق منظر الصفا أم التقط صورة المروة ... اذهب إلى اليمين ...لا لا الصق ظهري بسواري البيت ...لا لا ... أطوف ...أسعى ....أدعو ....أبتهل .
كلها خيارات شتى في لحظات أشهى من العسل وأرقى من الثريا وأندى من الندى وألذ من الشهد فبأي منها يسد الجائع رمقه أو يطفئ عندها ظمأه .
إنها إحدى حفلات العرس القائم الآن بين خواطري والميلاد الجديد لجينات الإيمان القادم وحفلة تقدير لتلك اللحظة التي يتهادى فيها ذلك الإيمان
كل ذلك يمضى يختال في داخلي والفكر الغابر تبادره الأذهان بأندى منه والإدراك الضيق يزداد اتساعا مع قوة ذلك السيل الجارف الذي يجرف أمامه ترهات الوسواس الخناس ويزجى بكل عزم قوافل الرجوع إلى الله .فلا مكان لأكاذيب الخاطر ولا حتى قيد أنملة لزخرفات التسويف القاتل ولا وجود ولو لجزء من الثانية لنفايات الأحلام الراحلة .
البقاء فقط لهذه اللحظة فهي أخلد منهن كلهن والجوارح كلها في صف واحد خاشعة لهذه اللمسة المسيطرة .
الكعبة أمامي... هي ...هي.. تلك التي كنت أراها في رسوم الكتاب المدرسي مذ كنت صغيرا .
المآذن والقباب حولي ... هي ...هي ..التي كنت المحها في لوحة عريضة في محلة البقال في بلدتنا .... الخلق كثير ولهج الألسنة همهمات شتى أسمعها كأنها هي .. هي .. التي كنت أخالها وأنا انظر إلى نفس الصورة في محلة البقال ...كأنهم يقولون شيئا.
ها أنا معهم وبينهم فلا أكاد أسمع ولا أفهم ما يقولون .... اللهم إلا أمشاج من دعوات لا أكثر .
يضيق المكان وينوء الجبل وتزدحم الطرقات بهذه الملايين التى قصدت وجه الله ولكل منهم يومئذ شأن يغنيه ومسألة تدفعه وماض يريد أن يضعه كله عن كواهله وإساءات يود لو أنها تصير هباء منثورا , وتجاوزات لا حصر لها يتوق أن يتجاوز الله عنها , الكل مندفع حثيث وشئ غريب يزجيهم .... لا إنها ليست هرولة وراء سراب يزول ....لا ليس سبقا للغنائم ولا سعيا لدنيا لأنهم كانوا من قبل في دنيا أوسع وأرحب . لكنهم الآن مندفعون يسابقون قلوبهم ويمتطون أقدامهم تحملهم بشق الأنفس يقطعون مسافات البعد عن الله . يسير الواحد منهم مسافات شاقة لا يهمه
ولا يأبه بلسعات الشمس لكن بداخله شئ واحد يسير هاهنا . يلبي ويسعى ويطوف يقف يذكر يكبر يهلل .
انه يبحث عن مخرج أخير لإنفاق أقامها العصيان داخله ويبحث عن ملاذ آمن من هذه الملاذات الشاردة القابعة في أغوار النفس . لا يهمه ما أهمه من قبل لا صوت هنا الا للحقيقة الغائبة والهاجس المولود الآن .
الصوت العالي الآن ليس من حنجرته إنما هو صراخ صادق من داخله تبدو على صفحات وجهه وعلى طول خط جوارحه فلا تعجب أن ترى في الطواف رجلا يسير في هدوء يذكر الله ثم فجأة يرفع يديه أعلى مما كانت عليه وصوته يجهر به بغتة (يا رب ..) (يا الله ..) انه لما استشعر حلاوة الإيمان ساعة ناداه الإيمان في الحال ولباه الهدى في التو وتلقفته الأنفس فرحا
إن هذه اللحظة قد يعيشها في مكان آخر ربما عندما يختلي بنفسه في جو معتم أو تتغشاه ليلة طويلة . لكن ظاهرة كهذي التى نتحدث عنها لا تنبت إلا في هذا المكان ولا تؤتي أكلها كل حين في التو والحال إلا في هذا الزمان وذاك المكان .
إنهم يتعلقون بالكعبة وأيدهم إلى أعلى كأنهم يريدون أن يتناولون توبتهم ويتلقفون براءتهم أو يستعجلون دخولهم على ربهم
فأي شئ أغرب مما في دواخلهم وأي حديث أصدق من نجواهم وسرهم .....لقد رأيتهم يلصقون أقدامهم بعتبات البيت ويهرولون بين الصفا والمروة في سباق فذ من نوع فريد ليست الغلبة فيه في السبق إلى الشارة المنصوبة بل في الامتثال وفقط أيا كان طالما انه في حلبة الميدان خاشع مخبت .
يا الله ..... الأسياد .... الأغنياء.... حتى الزعماء .... الكادحون الفقراء كل الى جنب والأكف كلها في علو واحد والهامات ذليلة لرب واحد فيا لجمال المنظر ويا ليبة الصورة ويا لروعة مشهد الأوبة إلى الله
كلها أجزاء متراصة في لوحة الانقياد على رفرف التسليم وعبقري الرجوع ومنتهى الغايات حقا لبيك اللهم لبيك .......
أبو خلاد هشام فتحي
المسجد الحرام – مكة المكرمة
heshamfatey@yahoo.com

أسامة بن محمد السَّطائفي
01/12/2008, 12:51 PM
*

أبو خَلاَّد ،

سَلامٌ عليكَ ورحمةُ اللهِ و بركاتهُ ،

/

قرأتُ كلَّكَ هنا ، ولم أرتَوي بَعدُ من تِلكَ اللَّحظاتِ الإيمانِيَّة وَ السَّواقي النُّورانِيَّة ،

أجَدتَ بِصدقٍ يا صَاحِبي تَصويرَ ما خالجكَ من هاتِيكَ الأجواءِ العَبِقَة ،

لقد ارتَعدتُ في لَحظةٍ ما وَ أنا أتابعُ معكَ حَديثكَ الشَّيِّق ، وَ هذا لأنَّكَ استطعتَ أن تأخذني معكَ هناك ،

تقبَّل الله مِنَّا توباتنا و أَوْباتِنا وغفرَ لنا ما تقدَّمَ من ذنوبنا و ما تأخَّر ،

/

لكَ خالصُ شُكري على نصِّكَ البَديع وَ وَصفكَ الدَّقيق ،

باركَ الله فيكَ أخي هاشِم وأجزلَ لكَ العطاءَ و المَثوبَـة ،

/

تحيتي و تقديري لكَ :flower2:

flwr3

خلود الحسّاني
06/12/2008, 04:32 AM
أخي الكريم أبو خلاّد ..

قرأتك هنا فدمعت عيناي ورب الكعبه .. وأنا أرى مكة والبيت الحرام تتجسد حباً بين سطورك ..

طوال عمري عشت بين جنبات هذه الحبيبه التي جعلت من الحروف سلسبيلاً يترقرق من قلمك ..

وطوال عمري كلما غادرتها لظرف طارئ أعود لهفاً إليها وكأنني لأول مرة أرتمي بأحضانها ..

حقيقة وأنا أقرأ حرفك الآن أتذكر الحجيج الذين يقفون منذ ايام على مداخل مكه يتهافتون بازدحام شديد لايقوّي

عزم صبر الإنتظار لديهم حتى ولو استمر لساعات سوى شغف الدخول لمشاعرها ..

وشعرت كم هو مؤلم أن نرى بعضهم يقلّب بصره على مداخلها ويعوده وبصره وهم حسيرون ..

يعودون من على أعتاب مكه لانهم لايملكون حق دخولها في هذا الوقت من السنه ..

وكم من الحسرات يمكن أن تلتقطها الأعين والأسماع بتلك اللحظه ..

هذه الحروف من قلمك أعلاه غُسلت بماء زمزم ..

فحمداً لله على جوار بيته ..

وليهنك هذا النعيم الروحاني .. وتقبل الله منك طاعتك وحسن عبادتك ..