عارف بن حامد العضيب
19/01/2009, 01:03 AM
الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس ـ إمام
وخطيب المسجد الحرام ـ إمام تأتّم به الأرض وغمام تلتّم
عليه القلوب وتهتّم به النفوس المؤمنة المطمئنة فهو
خطيب يكسر مهابة المنبر ويحسر رهبة المتلقي ويأسر
قلوب المسلمين بصوته المطعم بالقرآن الكريم يوم
ارتفعت أصوات الفنانين والفنانات بحفلاتهم الصاخبة
وسهراتهم الماجنة على أصوات العود ونغمات الفسوق
منذ غروب الشمس وحتى الثلث الأخير من الليل من
كل يوم ولاسيما في الأجازات والعطل الرسمية 0
نشأ الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس في الرياض ـ قبل
أن يترعرع في قلوبنا لاحقاً ـ فاستوصى به والداه خيراً
فألحقاه بجماعة تحفيظ القرآن الكريم بالرياض ولم يكد
يكمل الثانية عشر من عمره إلا وقد حفظ القرآن الكريم
عن ظهر قلب فلم يتخذه ظهريّا ولم يجعله خلف ظهره
كما أنه لم يتخذه مهجوراً فأجاد التجويد وأقام الحروف
ولم يضيّع الحدود وأبدع في مخارج الحروف فأتقن
مداخل الفتوى وعرف أبواب العلم فأصبح من روادها
فاشتهر بهذا وأصبح أشهر من نار على علم تعرفه الدنيا
كلها لكنه ينكرها ويتجاهلها تورعاً ـ يوم أنكرها غيره
تصنعاً ـ حتى لا يقع في شباكها فتراه يصدح بالقرآن
ويتغنى بالذكر الحكيم وكلما رفع يديه نحو السماء ليناجي
ربه انحنت رؤوسنا من خشية الله لشعورنا بعظمة ذنوبنا
قبل أن نستشعر حرمة الزمان وعظمة المكان إذ أنه لا
حسد إلا في اثنتين وقد نال أحداهما ولا عليه إن خسر
الثانية فالمال ذاهب والدنيا زائلة ويبقى القرآن منهج
حياة ودستور أمة 0
استطاع الشيخ عبد الرحمن السديس بصوت
جهوري ـ متصل أحياناً ومتحشرج بالبكاء دائماً ـ أن
يأخذنا بصوته الشجي من أيدينا نحو عتبة طمأنينة
أضعنا دروبها منذ زمن بعيد ونسينا ملامحها منذ
أن غاصت أقدامنا بأوحال المعصية ومستنقعات
الخطيئة فخلق نوعاً من الألفة بيننا وبين ( صلاة التراويح )
والتي يصطحبنا معه وعلى مدى ثلاثين ليلة في العام
ليكسر قسوة قلوبنا وليذيب جليد الران المتراكم عليها
فلا نملك سوى أن نغرق بدموعنا لنغسل أفئدتنا
بماء التوبة ودموع الندم ولنجدد العهد مع الله في
لحظة صفاء فلا يعكر صفو قراءته سوى نحيب
الشيوخ ونواح القواعد من النساء وبكاء الشباب وأنين العذارى 0
ولقد تمكّن الشيخ عبد الرحمن السديس من القراءات
السبع فكان أول المقرئين وكان ( جبل النور )
أول المستمعين بينما بات ( غار حراء ) خاشعاً كعادته
مذ وطأته أقدام المصطفى صلى الله عليه وسلم
وصاحبه الصدّيق ـ رضي الله عنه ـ ( إذ يقول لصاحبه لا
تحزن إن الله معنا ) بينما كنا نحن التائبين المذنبين
نحــزم ما بقى من أمتعتنا متوجهين نحو محراب
الطاعة ومآذن التوبة فباب التوبة لم يغلق لأن الروح
لم تغرغر بعــد ولأن( غرغرينا ) اليأس والقنوط من
رحمة الله لم تلامس أجسادنا المتهالكة بالذنب مذ
خلقنا ولم نيأس من روح الله مطلقاً فذهبنا نتحسس
مواطن المغفرة وبواطن التوبة ونبحث عن منازل
الأبرار يحدونا أمل كبير في توبة قبل الممات
وعلى الرغم من ارتباطات الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس
بعضوية العديد من الهيئات الدعوية داخل المملكة
وخارجها إلا أن ذلك لم يمنعه من التدريس في
المسجد الحرام متجاهلاً أن لبدنه عليه حقاً فنسي
نفسه في غمرة الأحداث المتوالية على أمته لقناعته
بأنه( ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط )
ولإدراكه أن المحن ما هي إلا ابتلاء من الله فتراه
يدعو لأمته بالنصر والتمكين ويدعو على أعدائها
بالذل والهوان بينما لا يملك من يصلون خلفه إلا أن
يؤمنوا على دعائه ومع كل ذلك نقلّب القنوات الفضائية
ذات اليمين وذات الشمال لنبحث عن قراءة للشيخ / المقريء
عبد الرحمن السديس لنروّض جوارحنا كلما أصابها الغرور
المفرط بما يزيدنا إيماناً واحتساباً فلا نجد إلا ما يزيدنا
طغياناً كبيراً فكل يغني على ليلاه وكل يريد وصلا بليلى
لنتساءل وبلحظة صدق : أيّ الفريقين أحق بالأمن ؟؟؟
الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس يشهد
الله أننا أحببناك فيه لما معك من القرآن الكريم
ولم نحببك لدنيا نصيبها ونسال الله جلّت قدرته
أن يجعلك من الذين يقال لهم : اقرأ ورتل وارتق
كما كنت تقرأ في الدنيا إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير 0
والله يتولى الصالحين 0
تم نشرها في صفحة أسماء وسمات في مجلة أصوات السعودية عندما كنت كاتباً بها عام 2005 م
عارف بن حامد العضيب
عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
سكاكا الجوف
alaodaib@hotmail.com
وخطيب المسجد الحرام ـ إمام تأتّم به الأرض وغمام تلتّم
عليه القلوب وتهتّم به النفوس المؤمنة المطمئنة فهو
خطيب يكسر مهابة المنبر ويحسر رهبة المتلقي ويأسر
قلوب المسلمين بصوته المطعم بالقرآن الكريم يوم
ارتفعت أصوات الفنانين والفنانات بحفلاتهم الصاخبة
وسهراتهم الماجنة على أصوات العود ونغمات الفسوق
منذ غروب الشمس وحتى الثلث الأخير من الليل من
كل يوم ولاسيما في الأجازات والعطل الرسمية 0
نشأ الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس في الرياض ـ قبل
أن يترعرع في قلوبنا لاحقاً ـ فاستوصى به والداه خيراً
فألحقاه بجماعة تحفيظ القرآن الكريم بالرياض ولم يكد
يكمل الثانية عشر من عمره إلا وقد حفظ القرآن الكريم
عن ظهر قلب فلم يتخذه ظهريّا ولم يجعله خلف ظهره
كما أنه لم يتخذه مهجوراً فأجاد التجويد وأقام الحروف
ولم يضيّع الحدود وأبدع في مخارج الحروف فأتقن
مداخل الفتوى وعرف أبواب العلم فأصبح من روادها
فاشتهر بهذا وأصبح أشهر من نار على علم تعرفه الدنيا
كلها لكنه ينكرها ويتجاهلها تورعاً ـ يوم أنكرها غيره
تصنعاً ـ حتى لا يقع في شباكها فتراه يصدح بالقرآن
ويتغنى بالذكر الحكيم وكلما رفع يديه نحو السماء ليناجي
ربه انحنت رؤوسنا من خشية الله لشعورنا بعظمة ذنوبنا
قبل أن نستشعر حرمة الزمان وعظمة المكان إذ أنه لا
حسد إلا في اثنتين وقد نال أحداهما ولا عليه إن خسر
الثانية فالمال ذاهب والدنيا زائلة ويبقى القرآن منهج
حياة ودستور أمة 0
استطاع الشيخ عبد الرحمن السديس بصوت
جهوري ـ متصل أحياناً ومتحشرج بالبكاء دائماً ـ أن
يأخذنا بصوته الشجي من أيدينا نحو عتبة طمأنينة
أضعنا دروبها منذ زمن بعيد ونسينا ملامحها منذ
أن غاصت أقدامنا بأوحال المعصية ومستنقعات
الخطيئة فخلق نوعاً من الألفة بيننا وبين ( صلاة التراويح )
والتي يصطحبنا معه وعلى مدى ثلاثين ليلة في العام
ليكسر قسوة قلوبنا وليذيب جليد الران المتراكم عليها
فلا نملك سوى أن نغرق بدموعنا لنغسل أفئدتنا
بماء التوبة ودموع الندم ولنجدد العهد مع الله في
لحظة صفاء فلا يعكر صفو قراءته سوى نحيب
الشيوخ ونواح القواعد من النساء وبكاء الشباب وأنين العذارى 0
ولقد تمكّن الشيخ عبد الرحمن السديس من القراءات
السبع فكان أول المقرئين وكان ( جبل النور )
أول المستمعين بينما بات ( غار حراء ) خاشعاً كعادته
مذ وطأته أقدام المصطفى صلى الله عليه وسلم
وصاحبه الصدّيق ـ رضي الله عنه ـ ( إذ يقول لصاحبه لا
تحزن إن الله معنا ) بينما كنا نحن التائبين المذنبين
نحــزم ما بقى من أمتعتنا متوجهين نحو محراب
الطاعة ومآذن التوبة فباب التوبة لم يغلق لأن الروح
لم تغرغر بعــد ولأن( غرغرينا ) اليأس والقنوط من
رحمة الله لم تلامس أجسادنا المتهالكة بالذنب مذ
خلقنا ولم نيأس من روح الله مطلقاً فذهبنا نتحسس
مواطن المغفرة وبواطن التوبة ونبحث عن منازل
الأبرار يحدونا أمل كبير في توبة قبل الممات
وعلى الرغم من ارتباطات الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس
بعضوية العديد من الهيئات الدعوية داخل المملكة
وخارجها إلا أن ذلك لم يمنعه من التدريس في
المسجد الحرام متجاهلاً أن لبدنه عليه حقاً فنسي
نفسه في غمرة الأحداث المتوالية على أمته لقناعته
بأنه( ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط )
ولإدراكه أن المحن ما هي إلا ابتلاء من الله فتراه
يدعو لأمته بالنصر والتمكين ويدعو على أعدائها
بالذل والهوان بينما لا يملك من يصلون خلفه إلا أن
يؤمنوا على دعائه ومع كل ذلك نقلّب القنوات الفضائية
ذات اليمين وذات الشمال لنبحث عن قراءة للشيخ / المقريء
عبد الرحمن السديس لنروّض جوارحنا كلما أصابها الغرور
المفرط بما يزيدنا إيماناً واحتساباً فلا نجد إلا ما يزيدنا
طغياناً كبيراً فكل يغني على ليلاه وكل يريد وصلا بليلى
لنتساءل وبلحظة صدق : أيّ الفريقين أحق بالأمن ؟؟؟
الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس يشهد
الله أننا أحببناك فيه لما معك من القرآن الكريم
ولم نحببك لدنيا نصيبها ونسال الله جلّت قدرته
أن يجعلك من الذين يقال لهم : اقرأ ورتل وارتق
كما كنت تقرأ في الدنيا إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير 0
والله يتولى الصالحين 0
تم نشرها في صفحة أسماء وسمات في مجلة أصوات السعودية عندما كنت كاتباً بها عام 2005 م
عارف بن حامد العضيب
عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
سكاكا الجوف
alaodaib@hotmail.com