المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [] فردوس الجَمال []


عبد الله العُتَيِّق
23/01/2009, 09:16 PM
[] فِردوس الجَمال []
" إنَّ الله جميلٌ يُحِبُّ الجَمالَ "
حديثٌ نبويٌ
الجَمالُ حُسْنٌ في الشيءِ ، مزروعٌ فيه ، و ظاهرٌ عليه ، يستلفتُ انتباهَ الصرِ و البصيرة ، و يستجلبُ المدحَ و الإشادة باللسانِ ، و يرجع بذلك الانتباه إلى سائرِ الكيان البشري ، حيثُ الميلُ الجميل ، و الإقبال الراقي .
الجَمالُ سِرٌّ ساحرٌ في الوجودِ ، وضعه الخالقُ ليكون دالاً عليه ، و منبئاً عنها ، و ليكونَ ظاهرةً من ظواهر إبداعه في صنع الكون ، نعتَ به نفسَه ووصفها ، ليكون أبلغَ في بيان سرِّه .
إنَّ جَمالاً كان الله موصوفاً به يحملُ رسالتين إلى الإنسانِ ، عبرَ رُسُلِ الكونِ الموزَّعةِ فيه :
الرسالةُ الأولى : أنَّ الله الجميلَ وصفَ نفسَه بهذا الجمالِ ، و سَمى نفسَه به ، ليجعل الجمالَ أساساً في الوجود ، و أصلاً في الذاتياتِ و الصفات ، فكان جميلاً في كلِّ شيءٍ ، جميلاً في كونه هو الله ، و جميلاً في كونه هو الخالقُ ، و جميلاً في تلك الأسماءِ التي له ، و جميلاً في تلك الأفعالِ التي فعلها ، و جميلاً في كلامه ، و جميلاً في الوجود ، و جميلاً في الجمالِ ، و جمَّلَ الجمالَ به فكان جمالاً لا يُضاهى ، جَمالُ اللهِ الجميلِ كانَ منشوراً في الكونِ ، في كلِّ جزئياته فضلاً عن كلِّيَّاته .
جَمالُ اللهِ ليس له حدٌّ ينتهي إليه ، لأنَّ الجميلَ ذاته كذلك ، و جَمالُ ما منهُ كذلكَ ، و جمالُ جمالياتِهِ كذلك ، و سلسلةٌ لا تنتهي مِن جمالِ الجميلِ اللهِ .
تلك رسالةُ الجميلِ إلى خلقه في الكونِ يُعرِّفهم بجَمالِهِ و حُسْنِه ، و يجعلهم يُحبون الجَمالَ و يَعْشَقونه حدَّ اللا حدَّ و نهايةَ اللا نهاية ، لأنَّ جمالَ الجميلِ كذلك ، فإذا ما أدركوها يقيناً جاءتهم :
الرسالةُ الثانية : صناعة الجمالِ ، في النفسِ ، و في الكونِ كله ، قولاً و فعلاً ، صفةً و ذاتاً ، حقيقةً و صورة ، صناعته من ذاك الحبِّ الذي انْزرَعَ في النفوسِ ، حيثُ حُبُّ الجميلِ اللهِ له ، حيثُ كوَّنَه في كَوْنِهِ الفسيحِ ، صناعته بشتَّى أنواعِهِ و أشكالِهِ ، وِفْقَ الأذواقِ النفسية و الروحية .
صناعة الجمالِ في الوجودِ وظيفة المخلوقاتِ ، في إخراجها من نفسها لتكون ظاهرةً في الوجودِ مُدْرَكَةً في الشُّهود ، فالجَمالُ لن يكون جَمالاً إلا في إظهارِ المخلوقاتِ له ، و في قبولها إياه و استحسانها إياه ، فنحنُ أساسُ الجمالِ الذي خُلِقَ في ذواتنا ، و صُنِعَ لنا ، لنجعلَه آيةُ الكونِ منشورةً ، و علامةً بيِّنَةً لكلِّ أحدٍ ، و إذا ما أغفلناه و أهملناه خَبا بريقُه ، و ضُلَّ طريقُه ، و صارَ مقبوحاً منبوذاً ، و تقبيحُ الحُسْنِ خللُ العقلِ .
صناعة الجَمالِ تشتملُ كلَّ ما نراه بالعَيْن ، و نسمعه بالأُذُنِ ، و نشُمُّه بالأنفِ ، و نذوقُه باللسانِ ، و نعقِلُه بالقلبِ ، و نستشعرُه بالنفس ، و نميلُ إليه بالروح ، و نُدركه كُلَّه بكُلِّنا .
بين الرسالتين تواصُلٌ و ترابُطٌ ، فصناعةُ الجمالِ متكوِّنَةٌ من معرفةِ جمالِ اللهِ الجميل ، فجمالُ كلامِهِ يُدركُه جمالُ السمعِ ، و الأقوى و الأعمقُ سَمعاً أدْرَك للجمالِ الكلامي الإلهي من غيره ، و جَمالُ الصورِ يُدركه جَمال البَصَر ، و جمَال كلِّ شيءٍ في موجوداتِهِ يُدركه شيءٌ من مُدْرِكاتِ خلقه .
القولُ جمالٌ ، و الفصاحة جمالٌ ، و الحرفُ جمالٌ ، و الفعلُ جمالٌ ، و الحبُّ جمالٌ ، و الرحمةُ جمالٌ ، و البكاءُ جمالٌ ، و الدمع جمالٌ ، و الحركة جمالٌ ، و السكون جمالٌ ، و المشيُ جمالٌ ، و الوقوف جمالٌ ، و النجاحُ جمالٌ ، و الفشلُ جمالٌ ، و الغِنى جمالٌ ، و الفقرُ جمالٌ ، اللونُ جمالٌ ، و الصوتُ جمالٌ ، و الخيرُ جمالٌ ، و الشرُّ جمالٌ ، و النوم جمالٌ ، و اليقظة جمالٌ ، و الليل جمالٌ ، و النهارُ جمالٌ ، و كلُّ شيءٍ فيه جمالٌ بذاته أو بغيره ، وهنا مَكْمَنُ سرِّ الجمالِ .
تأمُّلٌ يسيرٌ في أبعادِ الوجودِ نجد جَمالاً متجدداً ، في كلِّ شيءٍ جَمالٌ ، نحن بتأملنا نصنعه في نفوسنا ، ثم ننقلُه للغيرِ عن طريق تعبيرنا عن أذواقنا ، و نسعى لنشره في الوجود باستعمالنا إياه .
هذا في الجمالِ الظاهرِ جمالُه ، و هناك جمالٌ آخرَ و أعمقَ ، و لا يكون مُدرَكاً إلا بالتأمُّلِ ، و هو جَمال القُبْحِ و الدمامة ، فلولا القُبْحُ ما عُرِفَ الجَمالُ ، و لولاه ما تنوَّعَت الأذواق الجَمالية ، فلو لم يَكن القُبْحُ ما كان الجمالُ .
الجَمالُ واسعٌ و كبيرٌ ، حيثُ لا قانون يضبطه ، و الأذواقُ تحكُمُه ، و الأذواقُ لا حاكم عليها ، فكان الجَمالُ جميلاً في إطلاق عنان إدراكه و تذوقه .

زكيّة سلمان
26/01/2009, 12:07 PM
من هو جميل بالداخل يرى كل ما حولة جميل ،
وهنا قامة أدبية عظيمة مثالاً للرقي والجمال ..
عبدالله العتيّق ..شكــراً لجمال قلمك ..


إحترامي وتقديري..

فتحية الشبلي
09/04/2009, 09:05 PM
لله درك سيدي الفاضل
عبدالله العتيق
أجدت وأتقنت في سكب الجمال هنا
الجمال الذي هو من الصفات الله فهو جميل ويحب الجمال
والجمال لا حدود ولا قيود تحده فهو عالم رحب
وعلينا أن نري جمال أرواحنا وذواتنا حتي نستطيع أن نري جمال الأشياء حولنا
وكما يقال كن جميلا تري الوجود جميلا
سيدي الفاضل
تجولت بين فراديس الجمال الباذخة هنا
وأسعدني جدا هذا التجوال
تقديري وإحترامي

سودة الكنوي
10/04/2009, 02:54 AM
فلسفة راقية لا تصدر إلا عن نفس مجربة..
فالعقول المتبصرة تستنبط من كل شيء حولها حكمة
و ترى في كل شي عبرة، حتى التفاصيل الدقيقة لم
تخلق عبثا و لم توجد سدى..

عبد الله العتيق..
رسالة حملتها إلينا أحرفك لتذكرنا بوصية أبي ماضي إيليا
و التي تركها تتردد في مسامع الدهر و تسطع على جبين الزمان عصورا و دهورا:
كن جميلا ترَ الوجودَ جميلا..!

أجراسْ
10/04/2009, 04:45 PM
أثريتني وأمتعتني بطرحك


ويبقى الجمال مزروعاً بكلِ المواطن حتى المؤلمه منها


والجمالُ الأكيد جمالُ النفس والداخل والرضى


لله درك


راقي وعميق \ وباذخ


زهرْ

هند بنت محمد
17/04/2009, 04:56 PM
http://altofa7a.googlepages.com/2121.gif

أيا عبدالله
كضحكة الصبح مدادك النقي
فزدنا ولا تنقصنا

http://altofa7a.googlepages.com/4324.gif

ندى عبدالعزيز
20/04/2009, 06:24 AM
القَدِيرْ العَتِيقْ
تَنوضُ أحرُفُك مَكآمِنْ آلتَجلي
لِ تتسيد نَوآئِف آلجَمالْ

إنِحنَاءة حَرّفْ
وَتقَدِيرْ

شموخ بنت خالد
31/05/2009, 06:20 AM
العتيق
يصفق لك الجنان أعجاباً بأحرفك الفاتنه
وهل ينشر الجمال إلا من هو جميل ؟
جمّل الله حياتك بالإيمان
دمت يا راقي الحرف

جوري جميل
12/02/2010, 07:18 PM
فلسفة جمالية بنّـاءة وحية .. بكل زمان وكل مكان...

شكراً أن أتحتَ لنا مكاناً لنرى من أعالي الجمال فكرك...

جمال يكون أحياناً في أبسط ما يكون من معانٍ سامية تسكنُ أصحابها..
السيد عبد الله عتيق...
دمتَ جميلاً بكتاباتك...