إبراهيم الوراق
01/02/2009, 03:15 PM
flwr3الغربة...
الغربة تلك اللفظة العجيبة التي تحيي بقلبي أملا في الحضور والوجود، إنها أمنيتي في كل لحظة من لحظات حياتي، ومن الغرابة أنها قارب يحتوي على مقعد واحد يملأ فراغ جرمه الفيلسوف الشقي ابتغاء أن يقطع بتجاديفه الأمواج المتلاطمة في بحر الحياة، ذلك البحر الذي يمنح الإنسان القدرة على التفكير في آفاق الوجود بحرية وأمل.
هذه الغربة لا أدري كيف صارت عندي متعة باطنية تستوحي من فضاءات الأحلام صورها الرائعة الجليلة، وأسرارها الوديعة، وكيف استحالت إلى قيثارة تعزف على أوتار قلبي ألحان ذكريات تلتاع إلى غد يحدوني بأرزائه المقلقة، وأعبائه المترنحة.
بل لا أدري كيف علمتنا المأساة في واقع مضرج بدماء العهر أن نكون غرباء، ولا كيف نصير في مسبعة يصطادنا فيها الذئاب سعداء.
إنها مأساتنا المركونة في رفوف حياة لا نملك فيها أملا، ولا نترجى فيها رشدا، إنها ملامح غريبة تتراءى لنا عتمتها من خلل الروح الشفيف، ومواقع جسيمة مغلفة بجدار حديدي نعيش في تيهها بدون دليل شفيق.
حين سألني صديقي لم أنت غريب...؟
قلت أنا غريب لأنني مغترب في فلك لست من ربانه، ولا من عماله، ولا من ركابه، ولا من زواره، بل أنا طفيلي أمشي فيه بين الأماكن المهجورة لعلني أجد لذة روحي المنكوبة، وحلاوة حياتي الموبوءة.
قال لي لم أنت هكذا...؟
قلت لأنني في كثير من الأحيان أشعر فيها برفض وتمرد على مادة الخنوع من نفسي الحزينة، وكأنني بهذا التفرد أحقق لنفسي السباحة في بحور عديدة، وشواطئ متنوعة، وأشم رائحة الأرض التي قيدتني بأغلال مهترئة، ومكابح متسخة.
هذه الغربة أنا سعيد بها بقدر ما أنا شقي فيها، ولذا حينما أتوغل في عتمتها، أجد نفسي تدرك أعماقا لا طاقة لي بفهمها، فأخطو خطوات متوثبة أسعى إلى أن أجد شفرة لتلك الأشياء الممنوعة التي تجذبني إليها من غير أن أجامعها ولا أن أفارقها، وحينما أصل إليها مقيد اليدين، أجدني ملولا في احتساء ما تبقى من عصارات توافهها التي خدعتني زمنا غير قصير، وربما أرى من نفسي رغبة في السير بخطة أخرى إلى الأمام، فأتبط من جديد ظنوني باحثا عن تلك المنارات التي تتراءى لي بين عيني في صحو فكري، وكأنني ألمسها قصورا ترتفع في سمائها قباب مضرجات بألوان قرمزية شتى، ونساء وأطفال يغردون بأصوات لطيفة بين الأغصان اللينة الناعمة، وطرق واسعة تدخلني إلى عوالم هذه المدينة المجهولة، لم أسمع فيها صوت آذان، ولا نواقيس كنيسة، ولم أر فيها طرابيش فقهاء، ولا جلابيب رهبان، مشيت فيها لحظات قبل أن ينتقل المكان إلى أصوات مجلجلة تنادي علي بياعبدي، ذاك يضربني، وذا يضمني، وأنا واجم ساهم لا أبكي، نظرت أمامي فرأيت عبارات مكتوبة على ورقة تسبح على واد من الدم، حدقت فيها بعيني طالبا ما كتب فيها من أسرار، وما دون فيها من أخبار، لم أر كل حروفها المتهاوية، غير أنني أدركت من خلالها أنني غريب ما دمت في أحياء مأنوسة تغتسل كل يوم في بحر الدين بصلاتها، وتبول في كل صباح في مياه المدينة بوضوئها، وليلا تعج بالمدينة أصواتها مهللة مكبرة لقائد الفحولة والشهامة...
أعراس...
تنبث من أرجائها أصوات...
تتآلف بروح الخمر...
ضجيج صاخب...
أعواد تعزف...
قيان ترقص...
قهقهات غلمان...
... وأنا مسافر في الحلم...
يوقظ نجوم السماء...
بين ضفاف الليل...
أراها زنابق متدليات...
تبدو في آفاقها معتلات...
ذابلة... توحشني...
...ليل قصير كالسراب...
جنون سومري مغامر...
وخلفي آلاف المشاة...
يمرحون بين الأطياف....
...أنتظر الوحي...
أحس به ينتمي إلى عالم السماء...
يشيعني بين المهاد...
يتبخر بين عيني كالدخان...
سيجارتي في تأملها...
كبوذا في عبادته...
ألقب نفسي بالحائر...
وأحايين ينعتني بالشقي...
ضجرت من خيوط الضوء...
من الصباح المتردد...
من النهار المزكوم...
من ملايين الأصوات... من أوجاع الجماهير...
من صعود فراشاتي...
في واحات الجسد... في بخور الأولياء...
ألوذ في كل ليل...
إلى وكر القيان...
أمني نفسي بالبقاء...
استبقي روحي باقة عطر...
وزيت ياسمين...
ليتني زيزفونا في صحراء...
ليتني كائنا كالظُّلم...
أردد هينمات روحي...
وأكتب كلماتي بإبر النحل...
أعيدها مع الصدى...
مع الرياح...
مع الأمل المتفشي بين ضلوعي...
تصاردها نظرات الجبان على البروج...
سمعتها صوتا قديما...
متهدجا من لهوات الخفافيش...
أرخوها رصاصة....
في جماجم الليل البهيم...
أسمعونا أصواتهم بخوف...
أغاروا على بهجتنا...
على مزامير ليلنا...
على شموع مراقصنا...
على ضحكات فتياننا...
على شراع أحلامنا...
صيروني كالطفل الغرير...
أرنوا إلى صعقة المعاد...
إلى لحظات الألم...
جعلوني كالمعتوه...
أصرخ منتشيا...
أمتشق فضاءات الغربة...
أبكي صفاءات روحي...
أبكي للهدوء الملول...
للنهار المترع بالأشباح...
للفراغ المنثور في المدن...
للعجائز الرامقات نحو السماء...
ينتظرن عودة العطار...
...ذلك الليل يعرف خصلاتي... ذاك النهار ينكرجسدي...
وأنا دفق بين ستر يسدل... وغطاء يكشف...
ونجوم ترمقني بشزر... وأعين تتملقني بخفوت...
أتحرك في دائرتي كالولهان...
أمل يهدهدني عن التاريخ...
عن الحضارة...
أمشي... مُغرَب الروح...
خطوط العودة غدت رميما...
لاشمال ولا جنوب...
لا مصباح ولا قمر...
أرى من وراء الأسمال...
ذئابا تعول...
هضاب النهار تندى بأبوالها...
تترنح من آفاقها آهات...
تقض ترانيم تنهداتي...
وتحرق أنيني وزفراتي...
...هشيم تدوسه الشكوك...
يرتاب من الأوراق... من الحروف...
من الكلمات... من الإله... من الموج الذي بدا...
وثنا يعكس هنات روحي...
يعجبني أن أهمهم في رحابه...
بنشيجي...
بحراك روحي...
بلظى آمالي...
يعجبني أن أنفث أنفاسي...
في وهاده بالصرخات...
وأطلق لساني بالبكاءات...
...لا تقيدوني...
فأنا نورس متوله...
أشق جزر الليل العاشق...
أباركها بخشوعي...
بصلاتي في محاريب الجسد...
أتسلى بين قنينة تدار...
وغانيات متأوهات...
غدران تضمني...
وشطآن تقبلني...
تمزقني إربا إربا...
لا بكاء الأطفال يقلقني...
ولا لحى المشائخ تطاردني...
ولا أصوات المآذن تندبني...
ولا محاراة النكير تذبني...
لا دير ولا مساجد...
لا رهبان ولا علماء...
لاسيف ولا حراب...
أغصاني قائمة بانتفاض...
تشم رائحة الموت...
تدرك مني... ما يخشاه الرقيب...
فكرة تسحرني...
تتناسخ مع روحي...
تتحلل بذاتي...
هي أنا في الوجود... تزم بأنفها...
تصرعها الصباحات......
...خبيئة لا تعرفها المساءات...
ليست من يمين ولا يسار...
دعوها تغتص بآلاف المجانين... ناضحة بشحاذة الغرباء....
لا تغتصبوا عذريتها... لا تمنعوا عريها...
لا تصدقوا فيها مقول الرهبان... ولا ألغام الفقهاء... ولا أخلاق العوام...
كافرة بكل إله... بكل القيود... بكل الرهبان...
أنت ربها بجنون...
بصمت يدل على الإذعان...
يسكت كل ثورة... وينهي كل نضج...
ويرمي بدفئه أرواحنا بالحمم...
...سفري في ليلي الساحر...
نافذة ... ألتوي بين دوائرها... أمشي رويدا رويدا... أعب من ظلها كل الأطياف...
وآهاتي تدلني... وصراخ الكاسات تكتسحني...
وطبول المراقص تهدني...
بين طبل ومزمار...
بين بطن مترع بالقبل...
وفم ممزوج بحنان...
بين نهد رجراج... وردف فضفاض...
بين عشق عنيف... وعقاب بشيع...
أبكي ظلي الذي غاب...
أبكي لليتم...
أبراني قلما عابرا...
ينحت في رماد...
كطائر في صحراء...
أخال الغربان تطاردني...
والأشجار عورة...
ووهاد الأرض خلابة...
وعيني مكفوفة...
وحضن المأساة ينادمني...
غدا يكبر الحلم...
والطفل الغرير...
يتضخم بين الأعشاب البحرية...
بين الصخور المرجانية...
بين المروج...
يردد أصوات روحه...
يرتعش للصدى...
يبكي على عمر ضاع...
فيكسر أقلامه...
ويمسح دموعه بأوراقه...
ويجرف أرض زيتونه...
ويحرق سنابل زرعه...
ويحرف تاريخه...
ويقول لسنابك الرهبان... وأصلال الأحبار...
ها أنذا كما أنا بدون طقس...
بدون زهور ولا جنائن...!!!
الغربة تلك اللفظة العجيبة التي تحيي بقلبي أملا في الحضور والوجود، إنها أمنيتي في كل لحظة من لحظات حياتي، ومن الغرابة أنها قارب يحتوي على مقعد واحد يملأ فراغ جرمه الفيلسوف الشقي ابتغاء أن يقطع بتجاديفه الأمواج المتلاطمة في بحر الحياة، ذلك البحر الذي يمنح الإنسان القدرة على التفكير في آفاق الوجود بحرية وأمل.
هذه الغربة لا أدري كيف صارت عندي متعة باطنية تستوحي من فضاءات الأحلام صورها الرائعة الجليلة، وأسرارها الوديعة، وكيف استحالت إلى قيثارة تعزف على أوتار قلبي ألحان ذكريات تلتاع إلى غد يحدوني بأرزائه المقلقة، وأعبائه المترنحة.
بل لا أدري كيف علمتنا المأساة في واقع مضرج بدماء العهر أن نكون غرباء، ولا كيف نصير في مسبعة يصطادنا فيها الذئاب سعداء.
إنها مأساتنا المركونة في رفوف حياة لا نملك فيها أملا، ولا نترجى فيها رشدا، إنها ملامح غريبة تتراءى لنا عتمتها من خلل الروح الشفيف، ومواقع جسيمة مغلفة بجدار حديدي نعيش في تيهها بدون دليل شفيق.
حين سألني صديقي لم أنت غريب...؟
قلت أنا غريب لأنني مغترب في فلك لست من ربانه، ولا من عماله، ولا من ركابه، ولا من زواره، بل أنا طفيلي أمشي فيه بين الأماكن المهجورة لعلني أجد لذة روحي المنكوبة، وحلاوة حياتي الموبوءة.
قال لي لم أنت هكذا...؟
قلت لأنني في كثير من الأحيان أشعر فيها برفض وتمرد على مادة الخنوع من نفسي الحزينة، وكأنني بهذا التفرد أحقق لنفسي السباحة في بحور عديدة، وشواطئ متنوعة، وأشم رائحة الأرض التي قيدتني بأغلال مهترئة، ومكابح متسخة.
هذه الغربة أنا سعيد بها بقدر ما أنا شقي فيها، ولذا حينما أتوغل في عتمتها، أجد نفسي تدرك أعماقا لا طاقة لي بفهمها، فأخطو خطوات متوثبة أسعى إلى أن أجد شفرة لتلك الأشياء الممنوعة التي تجذبني إليها من غير أن أجامعها ولا أن أفارقها، وحينما أصل إليها مقيد اليدين، أجدني ملولا في احتساء ما تبقى من عصارات توافهها التي خدعتني زمنا غير قصير، وربما أرى من نفسي رغبة في السير بخطة أخرى إلى الأمام، فأتبط من جديد ظنوني باحثا عن تلك المنارات التي تتراءى لي بين عيني في صحو فكري، وكأنني ألمسها قصورا ترتفع في سمائها قباب مضرجات بألوان قرمزية شتى، ونساء وأطفال يغردون بأصوات لطيفة بين الأغصان اللينة الناعمة، وطرق واسعة تدخلني إلى عوالم هذه المدينة المجهولة، لم أسمع فيها صوت آذان، ولا نواقيس كنيسة، ولم أر فيها طرابيش فقهاء، ولا جلابيب رهبان، مشيت فيها لحظات قبل أن ينتقل المكان إلى أصوات مجلجلة تنادي علي بياعبدي، ذاك يضربني، وذا يضمني، وأنا واجم ساهم لا أبكي، نظرت أمامي فرأيت عبارات مكتوبة على ورقة تسبح على واد من الدم، حدقت فيها بعيني طالبا ما كتب فيها من أسرار، وما دون فيها من أخبار، لم أر كل حروفها المتهاوية، غير أنني أدركت من خلالها أنني غريب ما دمت في أحياء مأنوسة تغتسل كل يوم في بحر الدين بصلاتها، وتبول في كل صباح في مياه المدينة بوضوئها، وليلا تعج بالمدينة أصواتها مهللة مكبرة لقائد الفحولة والشهامة...
أعراس...
تنبث من أرجائها أصوات...
تتآلف بروح الخمر...
ضجيج صاخب...
أعواد تعزف...
قيان ترقص...
قهقهات غلمان...
... وأنا مسافر في الحلم...
يوقظ نجوم السماء...
بين ضفاف الليل...
أراها زنابق متدليات...
تبدو في آفاقها معتلات...
ذابلة... توحشني...
...ليل قصير كالسراب...
جنون سومري مغامر...
وخلفي آلاف المشاة...
يمرحون بين الأطياف....
...أنتظر الوحي...
أحس به ينتمي إلى عالم السماء...
يشيعني بين المهاد...
يتبخر بين عيني كالدخان...
سيجارتي في تأملها...
كبوذا في عبادته...
ألقب نفسي بالحائر...
وأحايين ينعتني بالشقي...
ضجرت من خيوط الضوء...
من الصباح المتردد...
من النهار المزكوم...
من ملايين الأصوات... من أوجاع الجماهير...
من صعود فراشاتي...
في واحات الجسد... في بخور الأولياء...
ألوذ في كل ليل...
إلى وكر القيان...
أمني نفسي بالبقاء...
استبقي روحي باقة عطر...
وزيت ياسمين...
ليتني زيزفونا في صحراء...
ليتني كائنا كالظُّلم...
أردد هينمات روحي...
وأكتب كلماتي بإبر النحل...
أعيدها مع الصدى...
مع الرياح...
مع الأمل المتفشي بين ضلوعي...
تصاردها نظرات الجبان على البروج...
سمعتها صوتا قديما...
متهدجا من لهوات الخفافيش...
أرخوها رصاصة....
في جماجم الليل البهيم...
أسمعونا أصواتهم بخوف...
أغاروا على بهجتنا...
على مزامير ليلنا...
على شموع مراقصنا...
على ضحكات فتياننا...
على شراع أحلامنا...
صيروني كالطفل الغرير...
أرنوا إلى صعقة المعاد...
إلى لحظات الألم...
جعلوني كالمعتوه...
أصرخ منتشيا...
أمتشق فضاءات الغربة...
أبكي صفاءات روحي...
أبكي للهدوء الملول...
للنهار المترع بالأشباح...
للفراغ المنثور في المدن...
للعجائز الرامقات نحو السماء...
ينتظرن عودة العطار...
...ذلك الليل يعرف خصلاتي... ذاك النهار ينكرجسدي...
وأنا دفق بين ستر يسدل... وغطاء يكشف...
ونجوم ترمقني بشزر... وأعين تتملقني بخفوت...
أتحرك في دائرتي كالولهان...
أمل يهدهدني عن التاريخ...
عن الحضارة...
أمشي... مُغرَب الروح...
خطوط العودة غدت رميما...
لاشمال ولا جنوب...
لا مصباح ولا قمر...
أرى من وراء الأسمال...
ذئابا تعول...
هضاب النهار تندى بأبوالها...
تترنح من آفاقها آهات...
تقض ترانيم تنهداتي...
وتحرق أنيني وزفراتي...
...هشيم تدوسه الشكوك...
يرتاب من الأوراق... من الحروف...
من الكلمات... من الإله... من الموج الذي بدا...
وثنا يعكس هنات روحي...
يعجبني أن أهمهم في رحابه...
بنشيجي...
بحراك روحي...
بلظى آمالي...
يعجبني أن أنفث أنفاسي...
في وهاده بالصرخات...
وأطلق لساني بالبكاءات...
...لا تقيدوني...
فأنا نورس متوله...
أشق جزر الليل العاشق...
أباركها بخشوعي...
بصلاتي في محاريب الجسد...
أتسلى بين قنينة تدار...
وغانيات متأوهات...
غدران تضمني...
وشطآن تقبلني...
تمزقني إربا إربا...
لا بكاء الأطفال يقلقني...
ولا لحى المشائخ تطاردني...
ولا أصوات المآذن تندبني...
ولا محاراة النكير تذبني...
لا دير ولا مساجد...
لا رهبان ولا علماء...
لاسيف ولا حراب...
أغصاني قائمة بانتفاض...
تشم رائحة الموت...
تدرك مني... ما يخشاه الرقيب...
فكرة تسحرني...
تتناسخ مع روحي...
تتحلل بذاتي...
هي أنا في الوجود... تزم بأنفها...
تصرعها الصباحات......
...خبيئة لا تعرفها المساءات...
ليست من يمين ولا يسار...
دعوها تغتص بآلاف المجانين... ناضحة بشحاذة الغرباء....
لا تغتصبوا عذريتها... لا تمنعوا عريها...
لا تصدقوا فيها مقول الرهبان... ولا ألغام الفقهاء... ولا أخلاق العوام...
كافرة بكل إله... بكل القيود... بكل الرهبان...
أنت ربها بجنون...
بصمت يدل على الإذعان...
يسكت كل ثورة... وينهي كل نضج...
ويرمي بدفئه أرواحنا بالحمم...
...سفري في ليلي الساحر...
نافذة ... ألتوي بين دوائرها... أمشي رويدا رويدا... أعب من ظلها كل الأطياف...
وآهاتي تدلني... وصراخ الكاسات تكتسحني...
وطبول المراقص تهدني...
بين طبل ومزمار...
بين بطن مترع بالقبل...
وفم ممزوج بحنان...
بين نهد رجراج... وردف فضفاض...
بين عشق عنيف... وعقاب بشيع...
أبكي ظلي الذي غاب...
أبكي لليتم...
أبراني قلما عابرا...
ينحت في رماد...
كطائر في صحراء...
أخال الغربان تطاردني...
والأشجار عورة...
ووهاد الأرض خلابة...
وعيني مكفوفة...
وحضن المأساة ينادمني...
غدا يكبر الحلم...
والطفل الغرير...
يتضخم بين الأعشاب البحرية...
بين الصخور المرجانية...
بين المروج...
يردد أصوات روحه...
يرتعش للصدى...
يبكي على عمر ضاع...
فيكسر أقلامه...
ويمسح دموعه بأوراقه...
ويجرف أرض زيتونه...
ويحرق سنابل زرعه...
ويحرف تاريخه...
ويقول لسنابك الرهبان... وأصلال الأحبار...
ها أنذا كما أنا بدون طقس...
بدون زهور ولا جنائن...!!!