علي الصيرفي
22/05/2009, 01:46 PM
قصة قصيرة
الحب وعناكب الزمن
بقلم : علي الصيرفي
وقفت تلملم أهداباً تبللت بدموع عينيها ، كان الزمن يحاصرها ، بألوان من الأحلام النائمة ، حَبَسَتْ كلمة أخفتها منذ سنين ، غَصّتْ عند الحرف الأول ، كان النرد المرقم ،يتقلب دون توقف ،وكان وجهها يتغلغل في عمق البر الذي رحلت نحوه روائع كلماته أشعلت كل مصابيح صحراء غرفتها ، صارت الجدران تعيد كلماته ، وصوره توالت ترافق قلبها المعلق فوق شجيرة الياسمين ، عانقته عند أول حبة رمل تجمعت مع كثبان الصحراء ، قالت له كل الكلمات الممهورة بنبض القلب وأغنيات المساء ، علمته كيف ينتظر تحت ليمونة غادرتها حساسين الصباح ، وجعلته يشم الحبق عند الخيط الأول لنور الشمس ، فردت ضفائرها وفاح عبير الفستق ، وقرب الثغر حط القلب يترجم سطوراً كتبت بأقدم لغة ، غمزته الكلمة الأولى وباحت له بالسر وتدلت منها أزهار الزنبق والرمان ، قبل النجم البازغ بعد غروب تعثر في الظلمة ،أخرجتْ من دفترها ورقةً كتبت عليها حروفاً أربعة أ ح ب ك وأخفت الورقة قرب النهد وبين ثنايا الصدر ،احمر الوجه ،وانتشر النور الحالم، يفضح لغة العين وسرور النفس ،انفتح الصمت الراقد الممتد من باب غرفتها وحتى رمال الصحراء ، غاصت عيناها في ملح الدمع ، وحرقة الشمس ، انتفض الجسد بعد النوبة الأولى وامتد الظل عبر الباب المفتوح كانت أشياء الغرفة تخرج، وبكاء لنسوة تعرفهن قالوا لها دوري خلف البيت عند المساء، فالعتمة تخفيك ، وأنت الضعيفة ، وذاك القادم يستره الليل ضمن زعيق الرعد وعواء لا تعرفه جدران بيوتنا ، أنت رقيبة الزمن البارد ، والقادم لا تنفعه تعويذة الممسوس ورماد البخور ، جلست العجوز عند الباب وقرأت كلمات لم تجدها في لغة الجسد ، انتشر دخان وريح عنبر وزعفران ، ووجهٌ مخيف أطل بعين مفقوءةٍ .
حملت العجوز عكازها وغادرت المكان ، كانت تردد بعض الكلمات ، والطين اللزج يلصق على قدميها ، رفعت البنتُ ذراعيها ودعت ْ: يا ربُ يا صاحبُ هذا الرقم المفرد،
- ضع لي في نورسة مغادرة رمال البحر بضعة كلمات تُفرح قلب القادم ، وتجعل عيون الأبواب نائمة عند العتمة ، دعه يقرأ حروفها الأربعة ، والنبض الحالم يغفو عند شفتيه ، مرت عند اللحظة نجمة، خطفت من فم النورسة الحروف ، بكت طيور البحر كلها، وراحت تعاتب النجمة على فعلتها ، صاحت النجمة :
- تلك الحروف كانت راكضة نحو والدها والسم المدهون على خنجره يضحك لاستقبال أول جسد يهلكه
- راح خلف النورسة، أقلع بالأشرعة السرية، وتلا كل التعويذات، نفخ في سر الطلسم أن يبعد القادم وكل المتسللين إلى زهور حديقته ، ، خفتُ وخطفتُ الأحرف من الورقة، والنورسة غطّيتها بظلام الغيم المتلبد ، أما القادم فحملتُ له وردته لتنام على صدره وقرأتْ له سفر العشق على لحن غجرية تدق على صدر اجتاحته عناكب الزمن
http://www.emlaat.com/vb/uploaded/211_1243075282.jpg
الحب وعناكب الزمن
بقلم : علي الصيرفي
وقفت تلملم أهداباً تبللت بدموع عينيها ، كان الزمن يحاصرها ، بألوان من الأحلام النائمة ، حَبَسَتْ كلمة أخفتها منذ سنين ، غَصّتْ عند الحرف الأول ، كان النرد المرقم ،يتقلب دون توقف ،وكان وجهها يتغلغل في عمق البر الذي رحلت نحوه روائع كلماته أشعلت كل مصابيح صحراء غرفتها ، صارت الجدران تعيد كلماته ، وصوره توالت ترافق قلبها المعلق فوق شجيرة الياسمين ، عانقته عند أول حبة رمل تجمعت مع كثبان الصحراء ، قالت له كل الكلمات الممهورة بنبض القلب وأغنيات المساء ، علمته كيف ينتظر تحت ليمونة غادرتها حساسين الصباح ، وجعلته يشم الحبق عند الخيط الأول لنور الشمس ، فردت ضفائرها وفاح عبير الفستق ، وقرب الثغر حط القلب يترجم سطوراً كتبت بأقدم لغة ، غمزته الكلمة الأولى وباحت له بالسر وتدلت منها أزهار الزنبق والرمان ، قبل النجم البازغ بعد غروب تعثر في الظلمة ،أخرجتْ من دفترها ورقةً كتبت عليها حروفاً أربعة أ ح ب ك وأخفت الورقة قرب النهد وبين ثنايا الصدر ،احمر الوجه ،وانتشر النور الحالم، يفضح لغة العين وسرور النفس ،انفتح الصمت الراقد الممتد من باب غرفتها وحتى رمال الصحراء ، غاصت عيناها في ملح الدمع ، وحرقة الشمس ، انتفض الجسد بعد النوبة الأولى وامتد الظل عبر الباب المفتوح كانت أشياء الغرفة تخرج، وبكاء لنسوة تعرفهن قالوا لها دوري خلف البيت عند المساء، فالعتمة تخفيك ، وأنت الضعيفة ، وذاك القادم يستره الليل ضمن زعيق الرعد وعواء لا تعرفه جدران بيوتنا ، أنت رقيبة الزمن البارد ، والقادم لا تنفعه تعويذة الممسوس ورماد البخور ، جلست العجوز عند الباب وقرأت كلمات لم تجدها في لغة الجسد ، انتشر دخان وريح عنبر وزعفران ، ووجهٌ مخيف أطل بعين مفقوءةٍ .
حملت العجوز عكازها وغادرت المكان ، كانت تردد بعض الكلمات ، والطين اللزج يلصق على قدميها ، رفعت البنتُ ذراعيها ودعت ْ: يا ربُ يا صاحبُ هذا الرقم المفرد،
- ضع لي في نورسة مغادرة رمال البحر بضعة كلمات تُفرح قلب القادم ، وتجعل عيون الأبواب نائمة عند العتمة ، دعه يقرأ حروفها الأربعة ، والنبض الحالم يغفو عند شفتيه ، مرت عند اللحظة نجمة، خطفت من فم النورسة الحروف ، بكت طيور البحر كلها، وراحت تعاتب النجمة على فعلتها ، صاحت النجمة :
- تلك الحروف كانت راكضة نحو والدها والسم المدهون على خنجره يضحك لاستقبال أول جسد يهلكه
- راح خلف النورسة، أقلع بالأشرعة السرية، وتلا كل التعويذات، نفخ في سر الطلسم أن يبعد القادم وكل المتسللين إلى زهور حديقته ، ، خفتُ وخطفتُ الأحرف من الورقة، والنورسة غطّيتها بظلام الغيم المتلبد ، أما القادم فحملتُ له وردته لتنام على صدره وقرأتْ له سفر العشق على لحن غجرية تدق على صدر اجتاحته عناكب الزمن
http://www.emlaat.com/vb/uploaded/211_1243075282.jpg