المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دراسة نقدية لديوان أحوال امرأة تتحول


علي الصيرفي
04/06/2009, 08:05 PM
:coffee: بسم الله الرحمن الرحيم :rose:

"أحوال امرأة تتحول "
يراودني زمان كله أمل بأني
سوف أقطف من جبين الفجر أغنية
الشاعرة سوسن السباعي الجابي
بقلم الناقد : علي الصيرفي flwr2

لكي يستطيع المرء أن يقول : بأن الشعر يهتم بدراسة المشاعر والوجدان إلى الحد الذي تتأثر به الدينامكية العقلية بالتوازي مع الانفعالات والعواطف التي تتحكم بالشعرية حتى ترتفع إلى درجة فلسفة الحياة ،لابد له إلا أن يستجيب للمواقف الجادة التي تنصب على أرض الواقع ، ومن خلال الشعر تظهر الأحاسيس الراقية ، ونجد الماهية تسيطر أحياناً على التفكير وأحياناً يسيطر الواقع عليها فالشعر الذي رفع شأن الماهية على حساب الواقع نراه يتفاعل، وهو يسعى وراء أمور كثيرة يحولها إلى صور ويندفع من خلال هذه الإمكانات ، ليصل إلى الفهم الحقيقي للوجود ، وإنَّ مناقشةً منظمة لطبيعة المعرفة والمعايير والواقع المركب ، الذي تتم في إطاره حركة جدلية جادة بين الجبر والحرية ، نرى الشعر يبدأ من مربع القلق والألم بوصفه مرافقاً للحرية ففي مجال الأدب ، يصبح الشعر على وعي بالتأثير المتبادل في حس منتثر في جو شعري تتكون فيه الأفكار والعبارات ، وهي مشاعر في تحركها تبعث الرجفة والتجاذب لأن صورة الإنسان الموصوف تكمن في كلمات القصيدة، فالأشخاص كلمات وحروف تدفعها رياح الشعر الذي تقدمه الشاعرة حيث يمكن أن ننظر إلى عملها على أنه رائد في تطلعاته فهناك زيادة في الإحساس الاغترابي والضياع في هذا الكون ، فالإحساس بالأمان عندها يدفعها نحو التكور والضمور عبر مساحات كبيرة يشاهدها المتلقي، إلا أن الأديبة تخاف من هذه المساحة التي تضيق عليها ويظهر ذلك في ديوانها الشعري ( أحوال امرأة تتحول ) حيث تبرز سحابات الحب وتدفق الأمطار في صيف غزلي تسقي الأمكنة التي تآكلت في حياة الأديبة ، وكأنها تقول بأن العطش للحب يحتاج إلى الكثير من العطاء، وبأن القلب الخافق في جوانب الأديبة يتدحرج في جفاف الموجود فهي تتعطش للتواصل مع الدفق الذي يخلق الحياة في كل الأمكنة :
من قال سحابة صيف هذا الحب ؟
هذا مطر يتدفق من عشب
وأنا أرسل سحباً وهواء
أسقي الزرع المتآكل
فلتنهض يا قلب
عله يرحل هذا الجدب ( ص-14)
إن رؤية الشاعرة سوسن للعلاقة بين الكلمة المغمّسة بالشعرية والذاتية تنطوي على تلاق بين الكتابة والقصيدة ـ والفكر المتعمق لما يخدم تلك القصيدة ، فالنبض الشعري ليس مجرد نوع من التدوين أو نسخ لما يقوله الشعر ، بل هو سمة واقعة لشيء نريد كتابته ، وبالشروط التي تتيح في إنتاجه ، والمتلقي يفهم الإيماءة التي تضفيها الأديبة ،عندما تحاول الكشف عن طبيعة التحاور في فضح المكبوت من الكلام حيث يمكن تفحص بنية المرسل ضمن حدود القصيدة ،فتكون الشاعرة قد أمسكت بشكل محصن ٍ بالمقدرات الفكرية التي تحددها مفاهيم التواصل والتوجيه ، وعلى الرغم من تفجر كل المقدمات التي تعرضها الشاعرة ،فإن الفعل الشعري ينطوي على مقدمة، تتمثل في فتح الأبواب أمام حنان الأديبة ونعومة مقاصدها ، فهي تدرك بأن الأنوثة تجذب القوة ،وتجملها وتفتح ملفات كثيرة تريد البوح بها لتحقق رؤيتها
يراودني زمان كله أمل
بأني سوف أقطف من جبين الفجر أغنية flwr3
بعينيها وحده يصلي العسل
يراودني زمان : عن كآباتي سأرتحل
فكيف تقطعت في الصدر أوتار
وخانت خطوتي السبل ص- 17
إن اضطراب الفعل الشعري في تبادل الإيقاع بين النغم المتواجد فوق صفحات الواقع ، يتنافر مع التطلعات الاجتماعية التي تأخذ الفرار طريقاً من حصار تفرضه الأزمات المتعاقبة على حدود حرية الشاعرة ، فالفعل الشعري هو الهيئة التي تنظم التزامن مع المتناظرات التي توازي مسيرة الأديبة وكأنها تحيط بها بشكل مزعج وقاس ٍ لا يترك لها القدرة على فك الحصار ،وإبعاد المبضع القاطع في أعماق الجسد الأنثوي
أقبع في محارتي السوداء
سجينة الوقت
وتمضي عربات الفرح الثقيلة
أشعر بالإعياء
تسقط أعضائي على ظلالها flwr2
كأنها شجرة تآكلت
في رحلة التشرد الطويلة
تحلم بالقصيدة الجميلة ( ص19)
إن إغلاق الأبواب أمام الشاعرة هي حركة محكومة بدفعها نحو الهزيمة والانكسار الذاتي ، والتمترس خلف نموذج لساني، ينظر إلى حدود المجتمع، ليدفع بالتغيير وتحويل الاضطراب إلى توازن في مفاهيم تخللها فيروس الصراع حتى وصل إلى الجوهر، فالشاعرة تريد استعادة التوازن واحتواء الأفراد والتجاهل للكم المقهور، فالسبيل الذي اختارته يتجه للمقاربة بين الشعر ومخلفات المجتمع، فهي تتبنى في مقاربتها التزامنية الواضحة لشرح الموضوعات كي لا تصبح كل المفاهيم ألغازاً يصعب تفسيرها فهي تهرب من رومنسية التفسير للرمز:
أقلدك وسام الشجر
وتنمو طحالبهم على مياه الذاكرة
يتصحرون
وأنت تطفح بلغة البحر
فاغسلني وأعشبني
وتعال نكتب أغنية الحياة ( ص – 23):happy::kisses:
لقد أعادت الشاعرة الأمور المرتهنة في أماكن كثيرة إلى حوزتها ، فالخطاب الذي تطلقه فعل شعري ينطلق من فكر يحلل الموضوعات في مضامينها من خلال الوقت الذي تمضيه الأديبة مع فعلها الشعري ، فالفعل الفكري عند الشاعرة هاجسها كما هو الفعل الشعري فهي لا تمرق منه خالية الذهن بل تقع في شرك الفعل الفكري ولا تنفك تختزل منه قصيدتها ، فالشروط السياسية وقائع تُصدّر لها موضوعات عليها معالجتها ، وأن تدخلها في هيكل الفعل الشعري محاولة القبض على المتغير ذاته وفهمه بصورة واضحة ،لأنه يشكل النظام الذي تتكَون فيه النظريات والأفكار مجتمعة، وذلك لأن ديناميكية الفعل عندها هدفها نزع الكره حتى يصبح الشكل الشعري، هو المسيطر وليس العماء الباهت ، الذي يضوي ويهزل مع مرور الزمن ، فهي ترفض أن تبحث في الشروط المعقدة التي تحددها النظريات إذ يمكنها أن تهرب نحو الأسطورة بكيفيتها، محاولة التخيل للتناقضات الاجتماعية ، فتحولها القصيدة إلى تشكيل كلي، وعضوية متطورة ،تعمل في جميع المواقف على نحو متكامل مع مصلحة الكل :
فتحت باب الجحيم في منتصف الليل
وناديت أصدقاء النار
هل مازلت يا (جبران موشوماً بالجنون )flwr3
لا بأس أن تقتل ( فاوست )
وأن تقول له
الكون منحاز إلى الشيطان
وأنت يا زارا
أسفي عليك
كائنك المقدس تفوقت عليه حتى الخفافيش
يا دانتي يا سيد الجحيم ( هل لديك شاعر للقادم الجديد) ( ص- 74)

وتؤكد الشاعرة المبدعة أن الأولوية الشعرية على هذا النحو تشكل تبايناً كبيراً مع العقل الفردي الذي يمكن أن يتحكم بكل المقدرات التي تعرفها الأديبة لكنها تحاول طرح القضايا الصعبة فتظهرها بصورة تجعلها متفردة بتلك التصورات التي تبنتها سابقة غيرها في هذا المضمار الصعب من الشعرية ، ومع ذلك فهي لا تدع نفسها تستغرق في فرديتها وذاتيتها بل تجد الطريقة لدخول ذوات إنسانية وعلى قصد مبني داخلها فهي لا تريد إغلاق الباب عندما تكون العاصفة تعصف بالمجتمع، بل هي معنية بكل ما يدور على مساحة الوطن :
صوت المطر يغسل وسائد الهواء
وسائد الهواء كان ينام عليها وطن
أصغر من خطوتي
صوت المطر
يا موقد الماء في أعصاب الحجر
إن هذا الكهف الروحي
سيفتح أمام قافلتك
حملني ما تشاء من الليل
أستطيع اختراق التخوم
ولو علقوا في رجلي سلاسل الوهم ( ص84)
إن أي معنى مترهل لهذا التخييل يكون تحليلاً مرفوضاً ، فالشاعرة المبدعة نجحت في الوصول إلى النتائج التي يصل إليها المتلقي لقصائدها وتجعله يتفاعل معها ، فالحرية – والعائلة – والديموقراطية –والاستقلال – والسلطة – والنظام –تدخل ضمن هذه المعاني بمثابة الأصل لكل المعاني التي تقدمها الشاعرة الصاعدة فهذه الطريقة بالتفكير هي طريقة ناجحة ، ومن الصعب أن نلغيها فهي الهدف الذي تسير كل المعاني به نحو القصيدة وبخطوات ثابتة وليست الغاية من التفكير هي المرجعية لما تريده الشاعرة بل تجد أن القصيدة وشعريتها ليستا سوى عملية لترتيب وتصنيف القدرات في تكاملية القصيدة.flwr2

علي الصيرفي
04/06/2009, 08:18 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
إملاءات قلبي للمطر زهور روض انتثر
ونور شمس ساطع أنار عتم اندثر يا روعة النور المضاء بغيثكم
رحب الصدور وأغنيات للقدر
مع تقديري للموقع ومحبتي ...... أتمنى قراءة ما يقدم وإبداء الرأي:happy::kisses:
علي الصيرفي

جمعة الفاخري
04/06/2009, 10:44 PM
أخي الناقد / علي الصيرفي ..
الواضح أن أدواتك النقديَّة مبهرة .. ولك مقدرة على قراءة النص من اكثر من زاوية للتغلل إلى اعماق الفعل الشعري بطريقة تفكيكية مدهشة .. غير أن لي بضع ملاحظات أتمنى أن تجد لها تفسيرًا :
* هذه القراءة أو المقاربة تغلب عليها الانطباعيَّة .. بمعنى أن الناقد لم يكن حياديًّا فهو يغلب علاقته بصاحب النص على حساب الفعل النقدي المقتضي للموضوعيَّة ، وهذه مشكلتنا كلنا حين نكتب عن أصدقائنا ، أو نحتفي بمبدعينا ..!!
* قلت في مفتتح مقاربتك : " بأن الشعر يهتم بدراسة المشاعر والوجدان إلى الحد الذي تتأثر به الدينامكية العقلية بالتوازي مع الانفعالات والعواطف التي تتحكم بالشعرية حتى ترتفع إلى درجة فلسفة الحياة ..."
من قال إن الشعر يهتم بدراسة المشاعر ..؟
أخي الشعر يرصد المشاعر .. يعبِّر عنها .. ينقلها .. لا يدرسها .. فالدراسة فعل آخر مغاير تمامًا لماهيَّة الشعر.
* أحيانًا كنت تصف الشاعرة بالأديبة في معرض النقدي الشعري ، وأحيانًا بالشاعرة المبدعة ، وأحيانًا أخرى الشاعرة الصاعدة .. وأظن أن هذا ديوانها الأول ..؟!
* للشاعرة توليدات لفظية جميلة ، وصورٌ شعريَّة مدهشة .. لكنك كنت تكتفي بذكر بعض المقاطع دون الإبحار في أعماق الصور الغنيَّة بالأضواء والظلال..
* لم تشر إلى اسم قصيدة واحدة ، والمقاربة تخلو من الهوامش بشكلها العلمي المنهجي..
وختامًا.. لقد استمتعت كثيرًا بعبارتك الرائعة التي لا تخلو من شعريَّة .. وأتمنى أن نتواصل على الحب والمودة..
فيض مودَّتي .. وإجلالي..
جمعة الفاخريـ شاعر وقاص وصحفي ليبي.
alfakhrey@yahoo.com

علي الصيرفي
04/06/2009, 11:14 PM
بسم الله الرحمن flwr2الرحيم
الأخ جمعة الفاخري الأديب الرائع :rose:
1- المشاعر يا سيدي تدرس لأنها متقلبة وغير صادقة وكثيرة التبدل والتغير أحبك الآن وأكرهك غداً
الشاعرة لا معرفة لي بها مطلقاً ولكن النص يفرض نفسه :coffee:
2- الدراسة اعتمدت التحليل والتفسير التأويلي واعتماد معطيات الإزاحة وتمكين الرمز بتحليل طلسمه
4-الشاعرة حسب مواليدها الواردة في الديوان من جيل الشباب فهي صاعدة وأديبة ولها بعض الكتابات القصصية flwr3:happy:
لذلك قلت ما قلت
5- على ما أعتقد أن النص المكتوب لا يحتاج إلى هوامش لأن المرجع الوحيد هو ديوان الأديبة (الشاعرة)
6- أما الحيادية :النقد عملية بناء ومن يكتب لا يدخل الكتابة من فراغ بل يخوض معاناة تدوم وتدوم والشعر معاناة بحرها متلاطم الأمواج لم أجامل صاحبة الديوان ولم أشاهدها ولا في الخيال
جميل ما قدمته أيها الأستاذ الشاعر
مؤلفاتي : 1- كتاب النقد وتقنياته دراسة في القصة القصيرة والرواية دار التوحيدي للنشر حمص
2- كتاب النقد ومفهوم النص دراسة نقدية في النقد دار التوحيدي للنشر حمص
3- كتاب صدى الأقلام دراسة في القصة العربية المعاصرة دار انانا للنشر دمشق
4- كتاب الفعل النقدي واشكاليات الكتابة المعرفية دراسة نقدية في النقد دار انانا للنشر دمشق
5- كتاب منمنمات دراسة نقدية في الرواية العربية دار انانا للنشر دمشقإملاءات المطر:kisses:
6 كتاب الفعل الشعري واشكاليات القصيدة العربية المعاصرة دار الشعار للنشر حمص
7- مجموعة قصصية الحب وعناكب الزمن دار الشعار للنشر حمص
8- رواية ساقية الري دار الشعار للنشر حمص