مريم العمري
08/07/2009, 09:20 PM
ولأنَّ بعضَ النَّصوصِ تكونُ مُباركةَ ؛ كانَ هذا النَّص اهزوجةً جميلة بالنسبِةِ لي !
هذه القصَّة نُشرت في كتاب " إشراقاتُ سردْ "
والآن في مجلة حياةَ ؛
ولأنَّ المطرَ وطنٌ يتنَفّسُ مبدعيه جئتُ بها هُنا ...
http://3.bp.blogspot.com/_ovOdjVnH3yk/SdY7tc61CwI/AAAAAAAAAJ4/nGkCvsKJobE/s320/eshraqat.jpg
(لعنة النفاق)
قد يخبركَ أحدهم وانت في صغرك أنَّك حين تنتظرُ الليلَ طويلاً وانت خائف جداً وفرائصك ترتعدُ منْ شدّةِ البرد ؛
ستشهد حينئذٍ نزول القمرْ في لحظة التقاءِ السماءِ بالأرضْ , وحين تستنكرُ بطفولةٍ وفطرةَ أن يحدثَ شئٌ مثلُ ذلكَ ؛
يعدكَ أنَّه سيحدثْ ؛ وتنتظرُ كثيرا ولا يأتي القمرْ؛ ولا تحنو الغيماتُ على جفافِ الأرضْ !!
هذا الطفلُ المهملُ في الزاوية لايثقُ بكل من يعده بحلوى أو لعبه أو أي شئ مثير للفرحِ والبهحةَ أبداً , يحترمُ والده كثيراً لكنه ممتلئٌ بالوعودِ الكاذبةَ التي كان يحشو بِها والده رأسهُ الصغير في أعوامهِ الأولى ؛
كانَ يكبرُ مع كَسره وحُزنِه , وكانتَ تنمو في داخلِه هزاتُ قلق وخوف ,
إمّا أن تراه يبكي دائماً أو يضحكُ كثيراً لا يعرفُ الاعتدال , كانَ ذكيٌ جداً لكنَّه متمردْ , هو طفلٌ في ثوبِ شاب تجاوز العشرينْ ,
كانَ يحِنُ إلى رائحةِ أمّهِ التي لم تأتيه , خرجَ مرّة من المسجد فوجدَ امراءةَ تحَملُ صغيرها في وضعٍ غريبْ كانَ الصغيرُ خلف ظهرها موضوع في قطعةِ قماش ٍ بالية ,
حينها عرفَ جيداً أنْ حنانَ الأمهاتِ لايعرِفُ مكاناً هو وطنْ مترامي الأطرافْ , الغريبْ أنْ الطفل الذي كان يفترشُ ظهر أمه كان ينام في سلام وهي تمدُ يدها ,
يذكر أنه حينها لم يكنْ يحمل نقوداً كانَ يحملُ حلوى وضعها في يدها سريعاً ومضى ,يااه حتى الصِّغارْيحملونَ في أكفهم الصغيرة عطايا كبيرة ,
مُحَمّدْ لم يكنْ يعرفُ في الحياةِ غير والده و بيته ومدرسته وأبناءُ الحيّ الذين يقاسمونه شتاتْ الوقتْ بمرحٍ طفولي ,
كانَ يُحبِ لعبة ( طيش ) ويُفضِلُ الخسارة فيها حتى يحظى بالوقوف على عتبةِ منزلهم ويخفي وجهه إلى الجدارِ بينَ يده ويبدأُ في العدْ واحد طيش إلى عشرة طييش .. ويبدأ بالبحثِ عنهم محمد كان يظنُ أنَّه سيستطيعُ بذلكَ أن يكتشِفَ مكانَ أمه أو احد اخوتِه ,
نشأتْ معه الأفكار من صغره فتعلقَ بالارقامِ كثيراً بعد هذه اللعبةِ الطريفة , حتى هذه اللعبة تكذبِ في بعض الأحيان ,
و يذكر أن معلمه في المدرسة علمهم ذات صباح في مادة الحديث أن آية المناق ثلاثة ومنها : "إذا وعد أخلف" ؛ منذ أن ذكر المعلم ذلك وهو يعتقد أن اسمه الحقيقي ( محمد منافق) المسكين يعتقد أن اسم والده منافق لأنه كان في كلِّ مرّه يعده أن تأتي أمه في اليوم التالي ولاتأتي ,
والده لم يكن يُحَدِثَهُ فحسبْ كان يَعِدَهُ بذلكَ مراراً وتكراراً ؛ويعده أن يأتيه اخوة صغار يلعبونَ معه ولم يأتوا حتى الآنْ ؛ كانَ يترقبُ الأشياءَ التي لن تأتي أبداً ,
كـ ظِلالِنَا حينَ ننتظرُ منها أن تكونَ انسانٌ آخرَ بجوارنا , كبرت معه الفكرة ؛ في تناقضٌ بينه وبين والده ,
هو الآنْ طالبٌ جامعيّ في قسم الرياضياتْ يؤمنُ كثيراً بقوانينها ويحترمُ نظرياتها , يعتقد أنْ الرياضياتْ أهدته الكثير من المبادئ والقوانينْ ؛
المُحزنْ أنها جميعاً مُركبة ولا تنتمي للحياة بشئ , كان يحبُ المالانهاية ويحترم قانون فآي ويحب الزوايا لأنَّها تُشْعِرهُ بملاذٍ آمنْ ؛
في كل مرةٍ يرسمها كان يضع في وسط الزاوية رمزاً لايُفْهَمْ وذاتْ مره سأله أحد اصدقاءه المقربينْ ماذا تعني بهذا الرمز الغريب؟ أجابه في عجالة : هذا كائنٌ حبيس في زاوية لم يبتدأْ منها ولا ينتظر نهاية إلى شئ !
هو هكذا وهبَ نفسهُ للحياة , لكلِ العابرينْ ؛ هذا الكائنُ يُمارسُ الوعود الكاذبة فيكونُ سئ في بعضِ الأوقاتْ ؛
وقدْ وصلَ به الأمرْ لأن يتخذها حرفة وراثيةً عن أبيه ؛ هو يجيدُ التلونَ كحرباءْ؛ و يكره والده العجوز الذي يتخذُ من مسجدِ الحيّ سكناً و يستغفرُ كثيراً من خطاياه التي جناها حينما كان في عمره ,
ومن سوءِ أعمالهِ التي اوكلها إليه بعدَ كبرهِ وعجزهِ ؛_ مؤلمْ أن يهديكَ أحدهم قوانينَ لعبة الشرِ ليستسلم هو للخيرْ _
هذا الكائن ياصديقي هو انا؛
أكره المُدَرِسْ الذي علمني أن أبي منافق وأكره الرجل الذي اخترع علم الرياضياتْ
وجعلني أدفِنُ عمري فيه كميت لايُحسنُ فعلَ شئْ ولاينبض فيه عرقُ احساسْ ولايستطيعُ حتى بعثرةَ أحاسيسه كما يفعل بقية البشرْ ؛
أنا أكره أُمَي لأنها لم تأتي وجعلتْ منْ ابي منافق واخوتي العاقّينَ الذين لم يأتوا وعصوا كلام والدي؛ وأكره هذا الإنسانْ البغيضْ الذي يكتبُ الآن ؛
في محاولةٍ بائسة للتجردِ أمامَ العيانْ في لحظةِ انكسارْ , أنا أفكر كثيراً قبلَ أنْ ابعث للجميعْ بهذه الأحرفْ التي لن تصل كحدٍ أقصى إلإ إلى عدسةِ أعينهمْ لتعكسَ لهمْ وهج حروفٍ سوداءْ ورائحةُ رجلٍ منافق
مخرج:
الوعدُ الذي لن يأتي يا أبي زرعَ في طفولتي شوكاً و كانَ كحجرةٍ كبيرةَ سقطتْ فوقَ رأسي فهشّمته ؛ وعُودُكَ يا أبي سكراتٌ موتٍ لا تَرَحمْ!
هذا الوعدُ لعنةَ , لاتعدني أرجوك ..
هذه القصَّة نُشرت في كتاب " إشراقاتُ سردْ "
والآن في مجلة حياةَ ؛
ولأنَّ المطرَ وطنٌ يتنَفّسُ مبدعيه جئتُ بها هُنا ...
http://3.bp.blogspot.com/_ovOdjVnH3yk/SdY7tc61CwI/AAAAAAAAAJ4/nGkCvsKJobE/s320/eshraqat.jpg
(لعنة النفاق)
قد يخبركَ أحدهم وانت في صغرك أنَّك حين تنتظرُ الليلَ طويلاً وانت خائف جداً وفرائصك ترتعدُ منْ شدّةِ البرد ؛
ستشهد حينئذٍ نزول القمرْ في لحظة التقاءِ السماءِ بالأرضْ , وحين تستنكرُ بطفولةٍ وفطرةَ أن يحدثَ شئٌ مثلُ ذلكَ ؛
يعدكَ أنَّه سيحدثْ ؛ وتنتظرُ كثيرا ولا يأتي القمرْ؛ ولا تحنو الغيماتُ على جفافِ الأرضْ !!
هذا الطفلُ المهملُ في الزاوية لايثقُ بكل من يعده بحلوى أو لعبه أو أي شئ مثير للفرحِ والبهحةَ أبداً , يحترمُ والده كثيراً لكنه ممتلئٌ بالوعودِ الكاذبةَ التي كان يحشو بِها والده رأسهُ الصغير في أعوامهِ الأولى ؛
كانَ يكبرُ مع كَسره وحُزنِه , وكانتَ تنمو في داخلِه هزاتُ قلق وخوف ,
إمّا أن تراه يبكي دائماً أو يضحكُ كثيراً لا يعرفُ الاعتدال , كانَ ذكيٌ جداً لكنَّه متمردْ , هو طفلٌ في ثوبِ شاب تجاوز العشرينْ ,
كانَ يحِنُ إلى رائحةِ أمّهِ التي لم تأتيه , خرجَ مرّة من المسجد فوجدَ امراءةَ تحَملُ صغيرها في وضعٍ غريبْ كانَ الصغيرُ خلف ظهرها موضوع في قطعةِ قماش ٍ بالية ,
حينها عرفَ جيداً أنْ حنانَ الأمهاتِ لايعرِفُ مكاناً هو وطنْ مترامي الأطرافْ , الغريبْ أنْ الطفل الذي كان يفترشُ ظهر أمه كان ينام في سلام وهي تمدُ يدها ,
يذكر أنه حينها لم يكنْ يحمل نقوداً كانَ يحملُ حلوى وضعها في يدها سريعاً ومضى ,يااه حتى الصِّغارْيحملونَ في أكفهم الصغيرة عطايا كبيرة ,
مُحَمّدْ لم يكنْ يعرفُ في الحياةِ غير والده و بيته ومدرسته وأبناءُ الحيّ الذين يقاسمونه شتاتْ الوقتْ بمرحٍ طفولي ,
كانَ يُحبِ لعبة ( طيش ) ويُفضِلُ الخسارة فيها حتى يحظى بالوقوف على عتبةِ منزلهم ويخفي وجهه إلى الجدارِ بينَ يده ويبدأُ في العدْ واحد طيش إلى عشرة طييش .. ويبدأ بالبحثِ عنهم محمد كان يظنُ أنَّه سيستطيعُ بذلكَ أن يكتشِفَ مكانَ أمه أو احد اخوتِه ,
نشأتْ معه الأفكار من صغره فتعلقَ بالارقامِ كثيراً بعد هذه اللعبةِ الطريفة , حتى هذه اللعبة تكذبِ في بعض الأحيان ,
و يذكر أن معلمه في المدرسة علمهم ذات صباح في مادة الحديث أن آية المناق ثلاثة ومنها : "إذا وعد أخلف" ؛ منذ أن ذكر المعلم ذلك وهو يعتقد أن اسمه الحقيقي ( محمد منافق) المسكين يعتقد أن اسم والده منافق لأنه كان في كلِّ مرّه يعده أن تأتي أمه في اليوم التالي ولاتأتي ,
والده لم يكن يُحَدِثَهُ فحسبْ كان يَعِدَهُ بذلكَ مراراً وتكراراً ؛ويعده أن يأتيه اخوة صغار يلعبونَ معه ولم يأتوا حتى الآنْ ؛ كانَ يترقبُ الأشياءَ التي لن تأتي أبداً ,
كـ ظِلالِنَا حينَ ننتظرُ منها أن تكونَ انسانٌ آخرَ بجوارنا , كبرت معه الفكرة ؛ في تناقضٌ بينه وبين والده ,
هو الآنْ طالبٌ جامعيّ في قسم الرياضياتْ يؤمنُ كثيراً بقوانينها ويحترمُ نظرياتها , يعتقد أنْ الرياضياتْ أهدته الكثير من المبادئ والقوانينْ ؛
المُحزنْ أنها جميعاً مُركبة ولا تنتمي للحياة بشئ , كان يحبُ المالانهاية ويحترم قانون فآي ويحب الزوايا لأنَّها تُشْعِرهُ بملاذٍ آمنْ ؛
في كل مرةٍ يرسمها كان يضع في وسط الزاوية رمزاً لايُفْهَمْ وذاتْ مره سأله أحد اصدقاءه المقربينْ ماذا تعني بهذا الرمز الغريب؟ أجابه في عجالة : هذا كائنٌ حبيس في زاوية لم يبتدأْ منها ولا ينتظر نهاية إلى شئ !
هو هكذا وهبَ نفسهُ للحياة , لكلِ العابرينْ ؛ هذا الكائنُ يُمارسُ الوعود الكاذبة فيكونُ سئ في بعضِ الأوقاتْ ؛
وقدْ وصلَ به الأمرْ لأن يتخذها حرفة وراثيةً عن أبيه ؛ هو يجيدُ التلونَ كحرباءْ؛ و يكره والده العجوز الذي يتخذُ من مسجدِ الحيّ سكناً و يستغفرُ كثيراً من خطاياه التي جناها حينما كان في عمره ,
ومن سوءِ أعمالهِ التي اوكلها إليه بعدَ كبرهِ وعجزهِ ؛_ مؤلمْ أن يهديكَ أحدهم قوانينَ لعبة الشرِ ليستسلم هو للخيرْ _
هذا الكائن ياصديقي هو انا؛
أكره المُدَرِسْ الذي علمني أن أبي منافق وأكره الرجل الذي اخترع علم الرياضياتْ
وجعلني أدفِنُ عمري فيه كميت لايُحسنُ فعلَ شئْ ولاينبض فيه عرقُ احساسْ ولايستطيعُ حتى بعثرةَ أحاسيسه كما يفعل بقية البشرْ ؛
أنا أكره أُمَي لأنها لم تأتي وجعلتْ منْ ابي منافق واخوتي العاقّينَ الذين لم يأتوا وعصوا كلام والدي؛ وأكره هذا الإنسانْ البغيضْ الذي يكتبُ الآن ؛
في محاولةٍ بائسة للتجردِ أمامَ العيانْ في لحظةِ انكسارْ , أنا أفكر كثيراً قبلَ أنْ ابعث للجميعْ بهذه الأحرفْ التي لن تصل كحدٍ أقصى إلإ إلى عدسةِ أعينهمْ لتعكسَ لهمْ وهج حروفٍ سوداءْ ورائحةُ رجلٍ منافق
مخرج:
الوعدُ الذي لن يأتي يا أبي زرعَ في طفولتي شوكاً و كانَ كحجرةٍ كبيرةَ سقطتْ فوقَ رأسي فهشّمته ؛ وعُودُكَ يا أبي سكراتٌ موتٍ لا تَرَحمْ!
هذا الوعدُ لعنةَ , لاتعدني أرجوك ..