شيماء عبدالعزيز
16/04/2007, 04:44 PM
السلام عليكم..
كيف حالكم؟..
أحببت ان أشارك بقصتي (ذكرى لا تنسى)..
نبذه عن القصه:كتبتها لمسابقة المكتبات المدرسية في العام الدراسي 2004-2005م و نالت القصه المركز الأول على مستوى منطقة دبي التعليمية،كما أنها نشرت في جريدة البيان..
اتنمى أن تنال إعجابكم..
اترككمـ مع القصهـ ..
هي الذكرى لا تغيب شمسها..و تتقد شموعها..كلما عبرت بنا النسمات..و تأججت الأمنيات،و مرت الأيام..و كلما سمعت أصوات الحجاجا و هم يلبون قائلين (لبيك اللهم لبيك..لبيك لا شريك لك لبيك..إن الحمد و النعمة لك و الملك..لا شريك لك)،فتزداد أشواقي لتلك الأيام الجميلة و اللحظات المفرحة و الأجواء الإيمانية التي أحسست بها حين رأيت الكعبة،ذلك البيت الأسود المهيب..الذي يقصده ملايين المسلمين من مشارق الأرض و مغاربهاو نراه على شاشات التلفاز و نتمنى أن نراه حقيقة كل ليلة،و حينما زرت سيد الخلق و خاتم الأنبياء و المرسلين محمد صلى الله عليه و سلم في مدينته و صليت في مسجده.
فقبل عامين قد مضت كنت في طريقي للمملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمره و للمرة الأولى في حياتي،فقد اتفقنا أنا و بقية أفراد الأسرة على السفر إلى الأراضي المقدسة لأداء العمرة و زيارة المصطفى صلى الله عليه و سلم و الصلاة في مسجده.
بدأنا بالإعداد لهذه الرحله،و بما أنها كانت رحلة برية،فقد أعدت أمي لنا الشاي و القهوة و الطعام و قامت إقفال نوافذ البيت و مداخله و مفاتيح الكهرباء و صنابير المياه و الغاز،أما أخواي فقد ساعدا في إغلاق الحقائب و حزم الأكياس و شاركا أبي في حملها و ترتيبها في السيارة بطريقة منظمة،أما أختي فقد قامت بشحن الهواتف المحمولة و جهزت الماء البارد و اختارت الأشرطة التي سترافقنا في الرحلة،أما عني فقد كنت أساعد أمي في إنجاز بعض الأعمال،و هناك أمور أخرى كنا نقوم بها فرادى أو مجتمعين.
بدأت الرحلة من دولتنا الحبيبة الإمارات و تحديداً من دبي و بعد أن أدينا صلاة العصر و دعونا الله أن يوفقنا في سفرنا هذا.
خرجنا من الامرات متوجهين إلى الحرمين الشريفين و الشوق يحدونا للوصول إليهما و يخفف عنا آلام السفر ومشاق الطريق و مخاطره.
وصلنا عاصمة المملكة العربية السعودية (الرياض) في منتصف الليل فكانت شوارعها هادئة و أحياؤها ساكنه تبعث الراحة و الطمأنينة،فقضينا ليلتنا فيها.
و بعد الفجر خرجنا من الرياض متوجهين إلى الطائف،تلك المدينة التي توجه إليها الرسول صلى الله عليه و سلم عندما اشتد عليه كيد قريش و أذاها بعد وفاة عمه و زوجته، لعله يجد فيها من يستمع إليه و يصغي لدعوته.
و عندما وصلنا مدينة الطائف التي تبعد ستمائة كيلومتراً عن العاصمة،تفاجأنا بروعتها و جمالها الذي يسلب الألباب فقد كانت بساتين الطائف حقولاً من القمح و الشعير و أشجاراً تشع خضارة من أنواع شتى من الفاكهة كالعنب و الرمان و التين،و كانت الورود بألونها الزاهية منتشرة في بساتينها،عطرها يفوح من كل جانب،و كانت الحياة تشتعل في أحياء المدينة،حيث أتى إليها السياح من كل بقاع الأرض،فما أروع تلك المدينة المتميزة بموقعها القريب من الحرمين الشريفين.
مكثنا في الطائف ثلاثة أيام كنت أحسب في الساعات و الدقائق على أحر من الجمر للوصول إلى مكه و قد استمتعنا خلالها بجوها الجميل و فاكهتها اللذيذة.
و في اليوم الثالث انطلقنا إلى منطقة السيل الكبير و هي تعبد عن مكة ثمانين كيلومترا،و يوجد فيها مسجد الميقات و هو مسجد ضخم تم إعداده مع ملحقاته ليستوعب عدداً كبيراً من الحجاج و المعتمرين،و أقيمت حوله حديقة كبيرة يستظل بأشجارها القادمون و بائعو متطلبات الإحرام،و أحرمنا هناك و ارتدى أبي و إخوتي ملابس الإحرام و نوى الجميع العمرة،و خرجنا ذاهبين إلى أم القرى.
كان الطريق مزدحماً بالمعتمرين الذاهبين إلى مكة،لا غرق بين القوي و الضعيف منهم،و الغني و الفقير،و الأبيض و الأسود،فكلهم يرتدون ملابس بيضاء تذكرهم بالموت لاسيما و أنها تشبه ملابس الكفن حيث تركوا الدنيا و زخارفها متوجهين بصدق إلى ربهم لينالوا الثواب الجزيل.
كانت أنفاسي تسارع و البشر يملأ وجهي و أخذنا نلبي إلى أن دأت جبال مكة تظهر لنا فارتسمت البسمة على شفاهي لأني الآن في شعاب مكة مهبط الوحي و أرض الرسالة.
و عندما دخلنا مكة،أنزلنا حقائبنا في الفندق و توجهنا مشياً إلى الحرم،فما فاجأني إلا صوت عظيم يشق سماء مكة و تردده جبالها،إنه الأذان العذب الجميا،أخذت أستمع إلى الأذان و تعلقت عيناي بالسماء و أنا أحمد الله الذي رزقني زيارة بيته،و مشيت مسرعة إل الحرم،دخلت من باب السلام الذي دخل منه حبيبنا صلى الله عليه و سلم،كانت الفرحة تغمرني و الشعور بالرهبة يمتلكني حينما وطأت قدماي الأرض الطاهرة،كان إحساسي و كأني أمشي على السحاب،أحسست أني لوحدي في هذا المكان،لم أشعر بإخوتي من حولي،كان بصري زائغاً و هو يبحث عن ضالته و بدأت قدماي تتقدم و تتقدم،و حين رأيت الكعة انهمرت الدموع من عيني،و وجدت لساني يردد: (اللهم أنت السلام و منك السلام..فحينا ربنا بالسلام..اللهم زد هذا البيت تشريفاً و تعظيماً..و مهابةً و براً)،كنت أرى الكعبة المشرفة مرات و مرات عديدة على شاشات التلفاز و لكن ما رأيته يختلف تماماً عن ذلك،كانت الكعبة تقف في شموخ و شمم،يعلوها البهاء و تتجلى بين جوانبها العظمة،رأيتها متزينة جميلة،بل إن من أراد أن يتعلم الزينة يأتي و يرها..و من أراد أن يعرف ما هو الجمال فلينظر إليها..و من أراد أن يعرف ما هو الحب فليتقرب منها..و من أراد أن يعرف الله فليتوجه إليها.
جال في خاطري كم عانى الرسول صلى الله عليه و سلم و صاحبته من أجل إعلاء راية الدين و الدفاع عن الإسلام،هالا أنا أحمد الله على نعمة الإسلام و أتذكر عظمتهم و أرى المسجد الحرام و فيه شعوب العالم تركع و تعلن خضوعها لله عز و جل،كم هي نعمة عظيمة نعمة الإسلام و أننا عشنا بين أبوينا مسلمين،فما أعظم تلك النعمة.
و تذكرت صديقاتي و أخواتي في الله اللاتي لم يتيسر لهن الوصول إلى المسجد الحرام،فحمدت الله تعالى على نعمته و فضله علي،ثم سألته سبحانه أن يرزقهن زيارة بيته و أن لا يحرمهن الأجر،و أن يجمعنا بهن في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
كم هي لحظات رائعة من حياتي..كنت أرى حينها منظر الكعبة المشرفة و صحن الكعبة و الطيور المحلقة حولها.
بدأنا بالطواف حول الكعبة سبعة أشواط،و الغريب في ذلك أن كل ما في الكون يدور هذه الدورة من خلايا و أقمار و كواكب و نجوم و مجرات،و كذلك البيت العتيق في مكه لا يخلو ليل نهار من الطائفين و كلهم منسجمون في طوافهم يناجون ربهم و يدعونه لما فيه صلاح الدين و الدنيا..فسبحان الله العظيم.
و بعد أن انتهينا من الطواف،صلينا عند مقام إبراهيم ركعتين،و ذهبنا للسعي بين الصفا و المروة سبعاً،يتخلل ذلك شرب ماء زمزم البارد المتوفر في كل أنحاء الحرم المكي.
خرجنا من الحرم بعد أن أدينا مناسك العمرة و توجهنا إلى الفندق لكي نرتاح.
قضينا ليلتنا بمكة المكرمة و نحن في سعادة بالغة،و في صباح كل يوم كنا نعاود زيارة المسجد الحرام لأداء صلاة الفجر و الطواف بالبيت العتيق تطوعاً إن استطعنا، و كنا نؤدي الصلوات الخمس كلها تقريبا في الحرم،فما أروع ما أحس به و أنا بين يدي الله تعالى و أشعر بأنني و ملايين من الناس تحت ظله،يرانا كلنا،و يسمعنا كلنا،و يرحمنا برحمته كلنا.
إنه التجرد التام من كل ما في الدنيا،إنه الانفراد بيننا الله تعالى.
تجولنا في أسواق مكه لنشتري بعض ما يمكن أن يققدم كهدايا تذكارية للأهل و الأصصدقاء.
و في اليوم الثالث و بعد أن أدينا صلاة الظهر في الحرم المكي خرجنا في نزهة لزيارة منى و مزدلفة و عرفات،و هناك استمكتعنا بمنظر منى..و تجولنا بشوارع منى التي تبدو لك ضيقة أيام الحج فإذا بها واسعة و ممتدة من منى مارة بمزدلفة و منتهية بعرفات.
توجهنا إلى جبل الرحمة و بعد هذه الرحلة القصيرة عدنا أدراجنا إلى مكة.
كانت أياماً جميلة في مكه،القلوب فيها متعلقة بالرحمن يختلي فيها المسلم ربه و يناجيه و يدعوه بصدق لينال جنته.
و حانت لحظة الوداع بعد هذا الأيام الإيمانية الرائعة و قد تعلق قلبي بالله،ودعت الكعبة و جدت في نفسي حسرة على فراقها؛دخلنا الحرم،و كان ينتابني شعور بالحزن الشديد لفراقها،فكم كنت أتمنى أن أبقى في هذا المكان الطاهر أياماً أخرى، و لكنني لا أملك سوى الدعاء لله سبحانه و تعالى أن يرزقنا زيارة بيته مرة أخرى.
يتــبع..
كيف حالكم؟..
أحببت ان أشارك بقصتي (ذكرى لا تنسى)..
نبذه عن القصه:كتبتها لمسابقة المكتبات المدرسية في العام الدراسي 2004-2005م و نالت القصه المركز الأول على مستوى منطقة دبي التعليمية،كما أنها نشرت في جريدة البيان..
اتنمى أن تنال إعجابكم..
اترككمـ مع القصهـ ..
هي الذكرى لا تغيب شمسها..و تتقد شموعها..كلما عبرت بنا النسمات..و تأججت الأمنيات،و مرت الأيام..و كلما سمعت أصوات الحجاجا و هم يلبون قائلين (لبيك اللهم لبيك..لبيك لا شريك لك لبيك..إن الحمد و النعمة لك و الملك..لا شريك لك)،فتزداد أشواقي لتلك الأيام الجميلة و اللحظات المفرحة و الأجواء الإيمانية التي أحسست بها حين رأيت الكعبة،ذلك البيت الأسود المهيب..الذي يقصده ملايين المسلمين من مشارق الأرض و مغاربهاو نراه على شاشات التلفاز و نتمنى أن نراه حقيقة كل ليلة،و حينما زرت سيد الخلق و خاتم الأنبياء و المرسلين محمد صلى الله عليه و سلم في مدينته و صليت في مسجده.
فقبل عامين قد مضت كنت في طريقي للمملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمره و للمرة الأولى في حياتي،فقد اتفقنا أنا و بقية أفراد الأسرة على السفر إلى الأراضي المقدسة لأداء العمرة و زيارة المصطفى صلى الله عليه و سلم و الصلاة في مسجده.
بدأنا بالإعداد لهذه الرحله،و بما أنها كانت رحلة برية،فقد أعدت أمي لنا الشاي و القهوة و الطعام و قامت إقفال نوافذ البيت و مداخله و مفاتيح الكهرباء و صنابير المياه و الغاز،أما أخواي فقد ساعدا في إغلاق الحقائب و حزم الأكياس و شاركا أبي في حملها و ترتيبها في السيارة بطريقة منظمة،أما أختي فقد قامت بشحن الهواتف المحمولة و جهزت الماء البارد و اختارت الأشرطة التي سترافقنا في الرحلة،أما عني فقد كنت أساعد أمي في إنجاز بعض الأعمال،و هناك أمور أخرى كنا نقوم بها فرادى أو مجتمعين.
بدأت الرحلة من دولتنا الحبيبة الإمارات و تحديداً من دبي و بعد أن أدينا صلاة العصر و دعونا الله أن يوفقنا في سفرنا هذا.
خرجنا من الامرات متوجهين إلى الحرمين الشريفين و الشوق يحدونا للوصول إليهما و يخفف عنا آلام السفر ومشاق الطريق و مخاطره.
وصلنا عاصمة المملكة العربية السعودية (الرياض) في منتصف الليل فكانت شوارعها هادئة و أحياؤها ساكنه تبعث الراحة و الطمأنينة،فقضينا ليلتنا فيها.
و بعد الفجر خرجنا من الرياض متوجهين إلى الطائف،تلك المدينة التي توجه إليها الرسول صلى الله عليه و سلم عندما اشتد عليه كيد قريش و أذاها بعد وفاة عمه و زوجته، لعله يجد فيها من يستمع إليه و يصغي لدعوته.
و عندما وصلنا مدينة الطائف التي تبعد ستمائة كيلومتراً عن العاصمة،تفاجأنا بروعتها و جمالها الذي يسلب الألباب فقد كانت بساتين الطائف حقولاً من القمح و الشعير و أشجاراً تشع خضارة من أنواع شتى من الفاكهة كالعنب و الرمان و التين،و كانت الورود بألونها الزاهية منتشرة في بساتينها،عطرها يفوح من كل جانب،و كانت الحياة تشتعل في أحياء المدينة،حيث أتى إليها السياح من كل بقاع الأرض،فما أروع تلك المدينة المتميزة بموقعها القريب من الحرمين الشريفين.
مكثنا في الطائف ثلاثة أيام كنت أحسب في الساعات و الدقائق على أحر من الجمر للوصول إلى مكه و قد استمتعنا خلالها بجوها الجميل و فاكهتها اللذيذة.
و في اليوم الثالث انطلقنا إلى منطقة السيل الكبير و هي تعبد عن مكة ثمانين كيلومترا،و يوجد فيها مسجد الميقات و هو مسجد ضخم تم إعداده مع ملحقاته ليستوعب عدداً كبيراً من الحجاج و المعتمرين،و أقيمت حوله حديقة كبيرة يستظل بأشجارها القادمون و بائعو متطلبات الإحرام،و أحرمنا هناك و ارتدى أبي و إخوتي ملابس الإحرام و نوى الجميع العمرة،و خرجنا ذاهبين إلى أم القرى.
كان الطريق مزدحماً بالمعتمرين الذاهبين إلى مكة،لا غرق بين القوي و الضعيف منهم،و الغني و الفقير،و الأبيض و الأسود،فكلهم يرتدون ملابس بيضاء تذكرهم بالموت لاسيما و أنها تشبه ملابس الكفن حيث تركوا الدنيا و زخارفها متوجهين بصدق إلى ربهم لينالوا الثواب الجزيل.
كانت أنفاسي تسارع و البشر يملأ وجهي و أخذنا نلبي إلى أن دأت جبال مكة تظهر لنا فارتسمت البسمة على شفاهي لأني الآن في شعاب مكة مهبط الوحي و أرض الرسالة.
و عندما دخلنا مكة،أنزلنا حقائبنا في الفندق و توجهنا مشياً إلى الحرم،فما فاجأني إلا صوت عظيم يشق سماء مكة و تردده جبالها،إنه الأذان العذب الجميا،أخذت أستمع إلى الأذان و تعلقت عيناي بالسماء و أنا أحمد الله الذي رزقني زيارة بيته،و مشيت مسرعة إل الحرم،دخلت من باب السلام الذي دخل منه حبيبنا صلى الله عليه و سلم،كانت الفرحة تغمرني و الشعور بالرهبة يمتلكني حينما وطأت قدماي الأرض الطاهرة،كان إحساسي و كأني أمشي على السحاب،أحسست أني لوحدي في هذا المكان،لم أشعر بإخوتي من حولي،كان بصري زائغاً و هو يبحث عن ضالته و بدأت قدماي تتقدم و تتقدم،و حين رأيت الكعة انهمرت الدموع من عيني،و وجدت لساني يردد: (اللهم أنت السلام و منك السلام..فحينا ربنا بالسلام..اللهم زد هذا البيت تشريفاً و تعظيماً..و مهابةً و براً)،كنت أرى الكعبة المشرفة مرات و مرات عديدة على شاشات التلفاز و لكن ما رأيته يختلف تماماً عن ذلك،كانت الكعبة تقف في شموخ و شمم،يعلوها البهاء و تتجلى بين جوانبها العظمة،رأيتها متزينة جميلة،بل إن من أراد أن يتعلم الزينة يأتي و يرها..و من أراد أن يعرف ما هو الجمال فلينظر إليها..و من أراد أن يعرف ما هو الحب فليتقرب منها..و من أراد أن يعرف الله فليتوجه إليها.
جال في خاطري كم عانى الرسول صلى الله عليه و سلم و صاحبته من أجل إعلاء راية الدين و الدفاع عن الإسلام،هالا أنا أحمد الله على نعمة الإسلام و أتذكر عظمتهم و أرى المسجد الحرام و فيه شعوب العالم تركع و تعلن خضوعها لله عز و جل،كم هي نعمة عظيمة نعمة الإسلام و أننا عشنا بين أبوينا مسلمين،فما أعظم تلك النعمة.
و تذكرت صديقاتي و أخواتي في الله اللاتي لم يتيسر لهن الوصول إلى المسجد الحرام،فحمدت الله تعالى على نعمته و فضله علي،ثم سألته سبحانه أن يرزقهن زيارة بيته و أن لا يحرمهن الأجر،و أن يجمعنا بهن في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
كم هي لحظات رائعة من حياتي..كنت أرى حينها منظر الكعبة المشرفة و صحن الكعبة و الطيور المحلقة حولها.
بدأنا بالطواف حول الكعبة سبعة أشواط،و الغريب في ذلك أن كل ما في الكون يدور هذه الدورة من خلايا و أقمار و كواكب و نجوم و مجرات،و كذلك البيت العتيق في مكه لا يخلو ليل نهار من الطائفين و كلهم منسجمون في طوافهم يناجون ربهم و يدعونه لما فيه صلاح الدين و الدنيا..فسبحان الله العظيم.
و بعد أن انتهينا من الطواف،صلينا عند مقام إبراهيم ركعتين،و ذهبنا للسعي بين الصفا و المروة سبعاً،يتخلل ذلك شرب ماء زمزم البارد المتوفر في كل أنحاء الحرم المكي.
خرجنا من الحرم بعد أن أدينا مناسك العمرة و توجهنا إلى الفندق لكي نرتاح.
قضينا ليلتنا بمكة المكرمة و نحن في سعادة بالغة،و في صباح كل يوم كنا نعاود زيارة المسجد الحرام لأداء صلاة الفجر و الطواف بالبيت العتيق تطوعاً إن استطعنا، و كنا نؤدي الصلوات الخمس كلها تقريبا في الحرم،فما أروع ما أحس به و أنا بين يدي الله تعالى و أشعر بأنني و ملايين من الناس تحت ظله،يرانا كلنا،و يسمعنا كلنا،و يرحمنا برحمته كلنا.
إنه التجرد التام من كل ما في الدنيا،إنه الانفراد بيننا الله تعالى.
تجولنا في أسواق مكه لنشتري بعض ما يمكن أن يققدم كهدايا تذكارية للأهل و الأصصدقاء.
و في اليوم الثالث و بعد أن أدينا صلاة الظهر في الحرم المكي خرجنا في نزهة لزيارة منى و مزدلفة و عرفات،و هناك استمكتعنا بمنظر منى..و تجولنا بشوارع منى التي تبدو لك ضيقة أيام الحج فإذا بها واسعة و ممتدة من منى مارة بمزدلفة و منتهية بعرفات.
توجهنا إلى جبل الرحمة و بعد هذه الرحلة القصيرة عدنا أدراجنا إلى مكة.
كانت أياماً جميلة في مكه،القلوب فيها متعلقة بالرحمن يختلي فيها المسلم ربه و يناجيه و يدعوه بصدق لينال جنته.
و حانت لحظة الوداع بعد هذا الأيام الإيمانية الرائعة و قد تعلق قلبي بالله،ودعت الكعبة و جدت في نفسي حسرة على فراقها؛دخلنا الحرم،و كان ينتابني شعور بالحزن الشديد لفراقها،فكم كنت أتمنى أن أبقى في هذا المكان الطاهر أياماً أخرى، و لكنني لا أملك سوى الدعاء لله سبحانه و تعالى أن يرزقنا زيارة بيته مرة أخرى.
يتــبع..