ريم محمد
10/12/2009, 01:07 AM
حينما كنت طفلة .. بأقل من طول الذراع .. و أهزل من لا شيء .. كانت تحتويني ذراعيها .. و تلجني إلى مساحات شاسعة من الحنان تخصني .. بدأت أكبر و أنسج اللحم كذلك .. على عظامي الناحلة .. و أنبت الشعر على رأسي المدورة ككرة صغيرة سيتقاذفها صبية الحي ..بعد صافرة يطلقها صبي غبي اسمه علي ..!
كنت أبتسم فتنفر من أمامي الأشباح .. أبتسم بفم طفلة خلا من الأسنان .. و بلثة وردية .. تعبرها بعض قطرات من اللعاب .. كانت أمي حينها تمسح فمي ..و تضحك و تقبلني القبلة تلو الأخرى ..كم كنت مبهجة لها .. تفرح إن استيقظت فجرا .. و أنا أناغي الظلمة .. و أضحك على العتمة ..
كانوا يتحلقون حولي .. و هم يصفقون ..و يتقافزون فبسمتي و أنا أستوي جالسة في سريري تعدل أشياء كثيرة من أحلامهم ..
يتبادلوني كعلبة حلوى مليئة باللذة .. فأصرخ من قسوتهم .. على حملي .. و تبادلي كجماد لا يشعر بشيء ..تتلقفني يد أمي ..تحتضنني فأنفر من قبضتها لأفتح ذراعي لأخي الذي حملني للتو و بكيت على يديه ..
بدأت أكبر و وقفت متأرجحة على قدمي .. أضطرب .. و أقع .. ثم أنهض مستندة على الحائط .. أسير .. و لا أتقن المسير .. أقع للمرة الألف .. فتأتي أمي و تضم كفي و تسير بي .. تفتر شفاهي عن بسمة .. ثم أجذب يدي من يديها و أركض هاربة بعيدة عنها ..
أكبر .. مع كل لحظة .. أغدو فتية .. أخبئ أسراري عنها ..و أخبئ حلمي بفارس أحلامي .. و أخبئ أوراقي .. فلا تقرأها .. بينما أتبادلها مع زميلات المقاعد الدراسية ..
أكبر أيضا .. و أكبر و أتخذ قراري في بناء عش صغير يقبع في مكان آخر .. تسعد هي و تفرح و قلبها يبكي على فراقي .. بينما أنا .. جذلى بتلك الحياة الجديدة التي كنت بها أحلم .. و أستعد للطيران الأبدي .. عن بيتي الذي كبرت فيه ..
يأتي يوم الحرية ..قلبي يرتجف .. و هي تخفف عني .. و تربت على كتفي ذاتها التي كانت تربت عليها حينما كنت طفلة بشعرات قليلة تغطي رأسي المدورة ..
أنساها في غمرة عدم نسيانها إياي .. و أسكن عشي .. أقدم قلبي على طبق فارغ لزوجي .. و يكبر العش .. يتسع .. يمتلئ بالأطفال .. أللاحق ذاك و أرضع هذا .. و أنتظر مقدم آخر من المدرسة ..
ترفع هي سماعة الهاتف .. أرد عليها و أعبائي لا تنقضي ..
- متى ستزوريني ..؟ ألست أمك ..؟!
أتردد في الجواب : مشغولة أمي .. مشغولة جدا ..أولادي بحاجتي الآن ..!
كنت أبتسم فتنفر من أمامي الأشباح .. أبتسم بفم طفلة خلا من الأسنان .. و بلثة وردية .. تعبرها بعض قطرات من اللعاب .. كانت أمي حينها تمسح فمي ..و تضحك و تقبلني القبلة تلو الأخرى ..كم كنت مبهجة لها .. تفرح إن استيقظت فجرا .. و أنا أناغي الظلمة .. و أضحك على العتمة ..
كانوا يتحلقون حولي .. و هم يصفقون ..و يتقافزون فبسمتي و أنا أستوي جالسة في سريري تعدل أشياء كثيرة من أحلامهم ..
يتبادلوني كعلبة حلوى مليئة باللذة .. فأصرخ من قسوتهم .. على حملي .. و تبادلي كجماد لا يشعر بشيء ..تتلقفني يد أمي ..تحتضنني فأنفر من قبضتها لأفتح ذراعي لأخي الذي حملني للتو و بكيت على يديه ..
بدأت أكبر و وقفت متأرجحة على قدمي .. أضطرب .. و أقع .. ثم أنهض مستندة على الحائط .. أسير .. و لا أتقن المسير .. أقع للمرة الألف .. فتأتي أمي و تضم كفي و تسير بي .. تفتر شفاهي عن بسمة .. ثم أجذب يدي من يديها و أركض هاربة بعيدة عنها ..
أكبر .. مع كل لحظة .. أغدو فتية .. أخبئ أسراري عنها ..و أخبئ حلمي بفارس أحلامي .. و أخبئ أوراقي .. فلا تقرأها .. بينما أتبادلها مع زميلات المقاعد الدراسية ..
أكبر أيضا .. و أكبر و أتخذ قراري في بناء عش صغير يقبع في مكان آخر .. تسعد هي و تفرح و قلبها يبكي على فراقي .. بينما أنا .. جذلى بتلك الحياة الجديدة التي كنت بها أحلم .. و أستعد للطيران الأبدي .. عن بيتي الذي كبرت فيه ..
يأتي يوم الحرية ..قلبي يرتجف .. و هي تخفف عني .. و تربت على كتفي ذاتها التي كانت تربت عليها حينما كنت طفلة بشعرات قليلة تغطي رأسي المدورة ..
أنساها في غمرة عدم نسيانها إياي .. و أسكن عشي .. أقدم قلبي على طبق فارغ لزوجي .. و يكبر العش .. يتسع .. يمتلئ بالأطفال .. أللاحق ذاك و أرضع هذا .. و أنتظر مقدم آخر من المدرسة ..
ترفع هي سماعة الهاتف .. أرد عليها و أعبائي لا تنقضي ..
- متى ستزوريني ..؟ ألست أمك ..؟!
أتردد في الجواب : مشغولة أمي .. مشغولة جدا ..أولادي بحاجتي الآن ..!