زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
04/04/2010, 11:54 PM
http://th07.deviantart.net/fs50/300W/i/2009/292/8/4/Love_Highness_by_Pis7li.jpg (http://th07.deviantart.net/fs50/300W/i/2009/292/8/4/Love_Highness_by_Pis7li.jpg)
سأحدّثكمْ عنّي قليلاً, ليسَ لأنّي أحبُّ نفسيِ أو لأنّي واثقةٌ من أنَّ صورةَ الأميرة التي حاولتُ إلصاقَهاَ علَى ظلّي قد إستَوَت عليه وطابقَتْني,
أناَ ككُلّ البشَر, خصَّصتُ سبعةَ أيامٍ منَ الأسبوعْ للبُكاء فقطْ, وماَ يمكنُ أنْ يتبقَّى من هذاَ الأسبوعْ أخبّئهُ في صرَّةٍ قماشيةٍ صغيرَة مثل تلكَ التي كانتْ تملكهاَ جدتي لنقودهاَ القليلَة,
وقدْ جمَعتُ ما يكْفي لصنع إبتسامة صفراء تدُوم بضع دقائق قبلَ الرجوع إلى البكاء ..
لا أَدريِ لمَ شبّاكُ غُرفتي دائمًا خَلْفي, مهماَ غيرتُ إتجاهَاتِ الوُقوفْ أو الجُلوس,
للوهلةِ الأُولى ظننْتُ أن هذاَ الشبّاك قدْ ورثتُهُ عن نهاراتٍ لا تحبُّ فصيلَة الليلِ الذي أسهره, أو ربّماَ هوَ رُفاتُ حَربٍ دارتْ في مكان لا أعرفه, ثمَّ قُبيلَ الدمار الشاْمل لأغراض الموتَى تناثرَ هذا الشبّاكُ في الهَواءْ وسافرَ عبرَ المحيطاتْ ليصلَ إلى البيْتْ ويلتصقَ بجدار غُرفتي تحديدًا ...
وربمّا هذا الإحتمالْ أقرب للتصديقْ, فاناَ لازلتُ أشمُّ رائحَةَ الموتِ منه, وأتساءلْ لمَ كل ضوْءٍ يتسرّبُ من خلاله لا يشبهُ الضوءَ الذيِ تراهُ الناس وتستحمُّ به رؤوسهاَ الغارقةُ في النعاسْ .. !
أماّ الباب, فهُوَ الكائنُ الوحيدُ الذيِ يعترضُ طريقيِ كلماَ حاولتُ الهروبَ إلىَ المساحاتِ الشاسعة من الُعشب والقمْح وأهازيج الفلاّحين,
لابدَّ لكلّ حلمٍ طويل القامة أنْ يضطرَّ لأخذ الإذن منه كي يدخلَ إليّ ويحفرَ ثقبًا في رأسي للنوم فيه,
تَقَعُ مدينَتي في شقٍّ غَربيّ من الأرض, مدينَةٌ لهاَ لوْناَن فقطْ,
فهي خضراءُ في الربيع ... وفي سائرٍ الفُصولْ صفراء فاقعة مثل وجه عجوز تتقيّأُ كل يوم على وسادَتها.
مَدينةٌ ترتفِعُ أرصفتهاَ تحتَناَ كلماَ سرنَا عليها, ونفرَحْ لأنّناَ نتوهّمُ لوهلة أنناَ مسافرونَ بإتجاه القمّة .. ولكن لأخبركم بمعلومة جغرافية مهمّة, فهذاَ المكان هو الوحيدُ الذي كلماَ إرتفعَ به شيءٌ سقط ,
ونحنُ نجرُّ أقدامناَ إلى الأعلىَ وتهترىءُ أحذيتناَ كُرمىَ لحُلم الصعود, وفجأة نعثر على أنفسناَ في بركة من الوحل الأسود المليء بالريش ...
نصبحُ كالزنوج الأمريكان حينَ كانَ يعاقبونهم الأسيادُ البيض بإغراقهم في القطران قبل تزيين أجسادهم بريش الدجاج!
ونحنُ هناَ دجاجاتٌ متراصَّة, يتربّص بهاَ الذئب الذي يقفُ دائماً خلفَ الباب الذي نظنّهُ أحد أبواب الجنة !
مَدينتيِ مأهولةٌ بالوجوهِ الشاحبة, والأصوات الصاخبة بالثرثرة المُقرفة,
وصوْتُ فيروز لم يعُدْ يمْلأُ الآذان بالطمأنينة والحنين,
بلْ تأثّرَ رغمًا عنه بكآبة الأجواء وأضحَى كأرغفة الخبز القديمة صالحةٌ للإتلاف فقطْ !
العيدُ هنا أبشعُ من الأيام العادية, فهُو يُفقدُ الشوارع توازنهاَ الإعتياديّ حينَ تمتلىءُ برائحة فرح مزيّفة , تثيرُ الضحك المُبكي في أنفسناَ لأنّناَ نعلمُ أكثر من الغرباء أنْ لا فرحَ في هذه المدينة يستحقُّ أن نصحُو باكرًا ونزيّن الجدران لأجله !
والغيومْ مجردُ أكفان متراصّة بشكل فوضويّ في السماء,
نرمقهاَ بأعين ظمآنة دونَ أن تدرّ عليناَ بالمطرْ ...
وأختي التي نسيَتْ شكل المطرْ, طلبتْ منّي يومًا أنْ أرفعهاَ إلى السماء كي تصفع أقرب غيمة , فقدْ كانت تظنّ أن الغيمَ حين يبكي يهطلُ المطر ...
وقد إستجبتُ لأمنيتهاَ الصغيرة, ورفعْتُها, وتأذّى كتفي وتشجنّت رقبتي وأناَ كلماَ أسأل أختي :" هل وصلتِ؟" ... تُجيبُني بصرخة بعيدة :
"لاااا .... إرفعيني أكثر!"
لتنتهي الرحلةُ الفاشلة بالعودة إلى البيت حاملةً بينَ ذراعَيّ أُختي وبُكاءهَا !
آآآه ما أثقلَهُ من بُكاءْ,
تمنيتُ حينهاَ أنْ أرجم هذا الغيمَ بالحصى فقطْ لأنهُ أبكىَ أُختي وجعلَهاَ تمطرُ على المدينة مطرًا سااخنًا ومالحًا جدًّا .. !
مطرٌ غيّرَ طعمَ القمح في السنابل وجعلَ الأرصفة تنحدرُ إلى الأسفل ... إلى هاوية من نوع آخر !
[زَيْنَبْ]
بتاريخ اليوم
سأحدّثكمْ عنّي قليلاً, ليسَ لأنّي أحبُّ نفسيِ أو لأنّي واثقةٌ من أنَّ صورةَ الأميرة التي حاولتُ إلصاقَهاَ علَى ظلّي قد إستَوَت عليه وطابقَتْني,
أناَ ككُلّ البشَر, خصَّصتُ سبعةَ أيامٍ منَ الأسبوعْ للبُكاء فقطْ, وماَ يمكنُ أنْ يتبقَّى من هذاَ الأسبوعْ أخبّئهُ في صرَّةٍ قماشيةٍ صغيرَة مثل تلكَ التي كانتْ تملكهاَ جدتي لنقودهاَ القليلَة,
وقدْ جمَعتُ ما يكْفي لصنع إبتسامة صفراء تدُوم بضع دقائق قبلَ الرجوع إلى البكاء ..
لا أَدريِ لمَ شبّاكُ غُرفتي دائمًا خَلْفي, مهماَ غيرتُ إتجاهَاتِ الوُقوفْ أو الجُلوس,
للوهلةِ الأُولى ظننْتُ أن هذاَ الشبّاك قدْ ورثتُهُ عن نهاراتٍ لا تحبُّ فصيلَة الليلِ الذي أسهره, أو ربّماَ هوَ رُفاتُ حَربٍ دارتْ في مكان لا أعرفه, ثمَّ قُبيلَ الدمار الشاْمل لأغراض الموتَى تناثرَ هذا الشبّاكُ في الهَواءْ وسافرَ عبرَ المحيطاتْ ليصلَ إلى البيْتْ ويلتصقَ بجدار غُرفتي تحديدًا ...
وربمّا هذا الإحتمالْ أقرب للتصديقْ, فاناَ لازلتُ أشمُّ رائحَةَ الموتِ منه, وأتساءلْ لمَ كل ضوْءٍ يتسرّبُ من خلاله لا يشبهُ الضوءَ الذيِ تراهُ الناس وتستحمُّ به رؤوسهاَ الغارقةُ في النعاسْ .. !
أماّ الباب, فهُوَ الكائنُ الوحيدُ الذيِ يعترضُ طريقيِ كلماَ حاولتُ الهروبَ إلىَ المساحاتِ الشاسعة من الُعشب والقمْح وأهازيج الفلاّحين,
لابدَّ لكلّ حلمٍ طويل القامة أنْ يضطرَّ لأخذ الإذن منه كي يدخلَ إليّ ويحفرَ ثقبًا في رأسي للنوم فيه,
تَقَعُ مدينَتي في شقٍّ غَربيّ من الأرض, مدينَةٌ لهاَ لوْناَن فقطْ,
فهي خضراءُ في الربيع ... وفي سائرٍ الفُصولْ صفراء فاقعة مثل وجه عجوز تتقيّأُ كل يوم على وسادَتها.
مَدينةٌ ترتفِعُ أرصفتهاَ تحتَناَ كلماَ سرنَا عليها, ونفرَحْ لأنّناَ نتوهّمُ لوهلة أنناَ مسافرونَ بإتجاه القمّة .. ولكن لأخبركم بمعلومة جغرافية مهمّة, فهذاَ المكان هو الوحيدُ الذي كلماَ إرتفعَ به شيءٌ سقط ,
ونحنُ نجرُّ أقدامناَ إلى الأعلىَ وتهترىءُ أحذيتناَ كُرمىَ لحُلم الصعود, وفجأة نعثر على أنفسناَ في بركة من الوحل الأسود المليء بالريش ...
نصبحُ كالزنوج الأمريكان حينَ كانَ يعاقبونهم الأسيادُ البيض بإغراقهم في القطران قبل تزيين أجسادهم بريش الدجاج!
ونحنُ هناَ دجاجاتٌ متراصَّة, يتربّص بهاَ الذئب الذي يقفُ دائماً خلفَ الباب الذي نظنّهُ أحد أبواب الجنة !
مَدينتيِ مأهولةٌ بالوجوهِ الشاحبة, والأصوات الصاخبة بالثرثرة المُقرفة,
وصوْتُ فيروز لم يعُدْ يمْلأُ الآذان بالطمأنينة والحنين,
بلْ تأثّرَ رغمًا عنه بكآبة الأجواء وأضحَى كأرغفة الخبز القديمة صالحةٌ للإتلاف فقطْ !
العيدُ هنا أبشعُ من الأيام العادية, فهُو يُفقدُ الشوارع توازنهاَ الإعتياديّ حينَ تمتلىءُ برائحة فرح مزيّفة , تثيرُ الضحك المُبكي في أنفسناَ لأنّناَ نعلمُ أكثر من الغرباء أنْ لا فرحَ في هذه المدينة يستحقُّ أن نصحُو باكرًا ونزيّن الجدران لأجله !
والغيومْ مجردُ أكفان متراصّة بشكل فوضويّ في السماء,
نرمقهاَ بأعين ظمآنة دونَ أن تدرّ عليناَ بالمطرْ ...
وأختي التي نسيَتْ شكل المطرْ, طلبتْ منّي يومًا أنْ أرفعهاَ إلى السماء كي تصفع أقرب غيمة , فقدْ كانت تظنّ أن الغيمَ حين يبكي يهطلُ المطر ...
وقد إستجبتُ لأمنيتهاَ الصغيرة, ورفعْتُها, وتأذّى كتفي وتشجنّت رقبتي وأناَ كلماَ أسأل أختي :" هل وصلتِ؟" ... تُجيبُني بصرخة بعيدة :
"لاااا .... إرفعيني أكثر!"
لتنتهي الرحلةُ الفاشلة بالعودة إلى البيت حاملةً بينَ ذراعَيّ أُختي وبُكاءهَا !
آآآه ما أثقلَهُ من بُكاءْ,
تمنيتُ حينهاَ أنْ أرجم هذا الغيمَ بالحصى فقطْ لأنهُ أبكىَ أُختي وجعلَهاَ تمطرُ على المدينة مطرًا سااخنًا ومالحًا جدًّا .. !
مطرٌ غيّرَ طعمَ القمح في السنابل وجعلَ الأرصفة تنحدرُ إلى الأسفل ... إلى هاوية من نوع آخر !
[زَيْنَبْ]
بتاريخ اليوم