المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قبلة الحياة


مريم جمعة عبد الله
17/04/2010, 10:16 AM
باغتها الدوار .. أمسكت بمقبض الباب الذي انحنى للأسفل فانحنت معه، تمكنت في لحظات قليلة من الاستناد إلى الباب .. كامتداد السنوات امتدت قدماها، رفعت يدها اليمنى الواهنة لتتحسس موضع الألم في رأسها، لكنها خذلتها وارتخت ملامسة تمازج الألوان في الشعر الأشيب ساحبة معها ( وقايتها ) البيضاء، فتكومت الورود الزرقاء المنتثرة متراصة عند رقبتها، سرى الخدر رويدا رويدا متفشيا في الأوردة، عجبا .. أليس هو ذات الخدر الذي ألفته في أيام بعيدة، فتحت عينيها وأغمضتهما في لحظات ثقيلة، وعلى وقع مطارق الألم الضاغط على صدرها استغرقت في انتباهة للماضي .
الخدر يعود من جديد، انتباهات الذكرى والخدر الساري في شرايين يدها امتزجا و تتابعت الصور، جلوسها على المقعد الصغير المتقشر، البطن المتكور أمام ( المخبز الحامي ) المتشهي لزوجة العجين، لحظات التصلب أمام كميات ( خبز الرقاق ) التي تحاول أن تنهيها قبل صلاة المغرب، لتسد رمق الأفواه المفتوحة لحين عودة الغائب في مدارات البحث عن الرزق.
تكاد تختنق، الألم يضغط و رؤى الشقاء تعود كحمامة بيت
مساحات الأسود اختلطت بالألوان المنتشرة في الصالة
أزرق ..
أسود ..
أزرق ..
أسود ..
أسود ..
أسود ..
أسود ..
على السرير الأبيض رقد جسد هزيل هده السكري والضغط والديسك، وقع تحت حصار الأجهزة التي التوت ككائنات غريبة تحاصر ضعيفا فقد قدرة المقاومة .
الظفيرة كانت مستسلمة لبياض المخدة كفرع يابس سقط في يوم عاصف .
حركت أصابعها حركة وئيدة .. الحس العائد إليها شيئا فشيئا أثر في عينيها، رموشها كانت تثقل الجفون، لكنها قاومت في النهاية، سقف أبيض بلا روح، جدران واجمة متقابلة، وأجهزة حدت حركتها، وطأة الألم خفت، لكن الماضي كان نائما إلى جانبها، يهيج فيها حنينا لقلب رحيم ، ما فتئ يلف يُتم صباها بتحنان محب
- رحمة الله عليك يا بو عبدالله
امتد نظرها إلى الجانب الأيمن من الغرفة ، على الكراسي المرصوصة لمحتهن متدثرات بالسواد، كعادتهن تجمعن، أرخت كل واحدة رأسها على كتف الأخرى، الأنوف الحمراء وشت بسيل الدموع، ذرات الهواء كانت ممتلئة بالحزن الذي آل عند مصافحتها دمعة .
عادت بعينيها للباب في ضراعة عله يدخل الآن ويطبع على جبينها قبلة الحياة، كانت واثقة من أنه سيأتي، لابد سيأتي وسيطلق عبارته الشهيرة :
- أمي سامحيني مشغول .
عادت ببصرها مرة أخرى للأجساد المتراكمة، الوداعة المرتسمة على الوجوه النائمة أغرتها بالنوم .. أغمضت عينيها على ابتسامة، وخفقة تسترجع ضحكته :
- الحمد لله يا بو عبدالله تعبي فيهم ما ضاع .

إيمان بنت عبد الله
17/04/2010, 02:31 PM
يا الله !

مريم .. تصويركِ للمشهدِ محكمٌ جدًا ..

ملأني دهشةً و خوفًا و ألمًا و ترقبا !




/



إيمَان

ذكرى بنت أحمد
17/04/2010, 05:19 PM
لكن الماضي كان نائما إلى جانبها، يهيج فيها حنينا لقلب رحيم ، ما فتئ يلف يُتم صباها بتحنان محب
- رحمة الله عليك يا بو عبدالله

ومنذُ متى كان الماضِي ينهضُ من جانِبنَا ..! :Heart:
مريم :
حرفكِ ألَق ‘
:rose:

شروق العامري
17/04/2010, 10:18 PM
ما أج ـمل الحياة ح ـين لا يضيع فيها .. التعب عبثا !


لكِ ما تشتهين وأجمل

دمتِ بحب

ندى الحربي
17/04/2010, 10:47 PM
المشهد الأول..
غرسني في اللحظة.. شتّت الورد.. ووضعني أمام العجين (أتأمل)

وذاك الغائب سيعود آخر النهار
سيتجسد الدفء في ذكرى أبي عبد الله..
مشغووووول.. والناس يغشاهم ذبول!

من كساها السواد ستبكي..
ومن غطّاه البياض سيبكي..

ونحنُ هنا.. نصفقُ لروعة سردك يا جميلة

:)

..

جهاد خالد
18/04/2010, 12:58 PM
تناولتُ هنـا صـدقـاً... بنهم!

مريم جمعة عبد الله
18/04/2010, 07:10 PM
الغالية إيمان
وقدومك الأخضر .. مبهج جدا
ملأني سعادة ورضا
.
كوني دوما بالقرب
أختك مريم

بدر عبد الله الساري
19/04/2010, 12:31 AM
مــريـــــم



جميل هــذا الســــرد ولكن



بعثت من الأقاصي دمعة لم تمت



دمت بود

مريم جمعة عبد الله
20/04/2010, 06:56 PM
نعم عزيزتي ذكرى
لا ينهض الماضي من جانبنا !!
ربما هو وصي على مقبلات الأيام ؟!
.
مرورك أسعدني والله
كوني بالقرب دوما
.
أختك مريم

ماجد عبد الرحمن
21/04/2010, 02:42 AM
أخيتي الفاضلة ُ " مريم " ..

حقيقة ً أجدُ صعوبة ً في تقبّل ِ هذا ..

ليسَ على الصعيدِ القصصيّ ..

بل على صعيدِ السرْدِ الواضح ..

واللغة الواثقة ..

أجدُ صعوبة ً لـ أني أغبطكـِ وكثيراً ..

ما شاءَ اللهُ تباركَ الله ..

وأشعرُ أيضاً بـ شيءٍ لن أفصحَ عنه ..

شيءٌ يشعرُ بهِ كوبُ قهوتي كلّ مساء ..

حينَ ترتعشُ بهِ يدي ..!

ولا عدمناكـِ ..

مريم جمعة عبد الله
24/04/2010, 10:25 AM
الرقيقة شروق
وما أجمل ان نحتفي في صباح متعب ... بكلمات تبعث في النفس ابتسامة
ممتنة لمرورك الطليّ
.
دمت بود
.
اختك مريم

ليلى العيسى
02/05/2010, 09:59 PM
مَريمْ
مررتُ أكثرَ من مرةٍ .. على هذه الدّوحة
أناشدُ الكلامَ أن يأتي بيدَ أني تُهتُ مع تلك المشاهد المتقنةِ التّصوير
تصويراتٌ مدهشة أقعدتنا على تيكَ الكراسي نرمقُ أم عبد الله سابحة في انتظارها ، عائدةً لماضيها الجميل ،
مدهشــة و الله ،!

مريم جمعة عبد الله
03/05/2010, 09:13 PM
الرائعة ندى
قبع قلبي بين عبارتيك
( من كساها السواد ستبكي ، ومن غطاه البياض سيبكي )
وكأنهما تبضان هنا ... شمالا
وحقيقة يا بهية
بين بكاء السواد والبياض
تجذر عمر
يعيشنا حنينا
يعيشنا طهر
.
كوني دوما بالقرب
.
أختك مريم

مريم جمعة عبد الله
03/05/2010, 09:22 PM
الغارقة في شفافية الرؤى / جهاد
منحتني هنا سعادة ... بنغم
.
ممتنة وأكثر
.
كوني بالقرب
أختك مريم

مريم جمعة عبد الله
03/05/2010, 09:38 PM
أخي الفاضل بدر
لو تعلم
كم تحفزت بعد كلمة لكن
كنت أنتظر ما سيأتي بعدها من تعليق أو ملاحظة أتمناه
وإذا بك تمنحني - كعادتك - أفياء ورد
حماك الله من الدموع أخي .. فكم هي مؤلمة .. تلك الدموع التي لا تموت
.
ممتنة وأكثر
.
أختك مريم

مريم جمعة عبد الله
04/05/2010, 07:56 PM
أخي العزيز ماجد
تغبطني أيها الممتطي جواد الكلمة؟!!
بل أنا من يغبطك
انا من يغبطكم آل المطر
فمن رواء حروفكم أطل على عوالم سحر
.
فرحة بـ ( أخيتي )
ممتنة لوجودك
.
دمت أخي الصغير
ولا عدمتك
.
أختك مريم

مريم جمعة عبد الله
04/05/2010, 08:05 PM
الغالية ليلى
كم يحمل لي مرورك يا بهية
كم يغرقني في ثنايا تحنان
كأنني احس بيديك تربتان على رأسي
.
دام قربك أخية
وحفظك الله
.
اختك مريم