المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لوحة متباينة


جوري جميل
18/04/2010, 12:55 AM
الحياة لوحة متمازجة الألوان .. منها الهادِئة ومنها الصّارِخة , فهذا يندبُ حظه وذاكَ نارٌ تحتَهُ ..
نظرتُ مرّة إلى لوحةٍ - رُسمتْ على حائط كبير - تقعُ على التفاف الطريق الرئيسية , وبقيتُ أتبعها بلحظي حتى التوتْ رقبتي .
سئلتُ : ما شدّكِ ؟
قلتُ : الحياة كهذه اللوحة .
وبنظرة استغرابٍ تابعَ منْ معي حديثَهُم وكأنّ سؤالي وجوابي كانَ فاصلةً في موضوع إنشائيّ .
متلاطمَةٌ في ألوانِهَا , متباينة في معانِيهَا , وغيرُ متناسبةٍ في أماكن توضّع رسوماتها . فهذه امرأة لم أعرفْ ما كانتْ تحملُ في يدها ,وهذا رجلٌ يجلسُ و ربما كان واقفاً , وهذا طفلٌ بين الأقدام فقد كانَ قصيراً جداً والرسّامُ لم يعر للقياساتِ اهتماماً ..
وهنا لونٌ أخضر, وذلك لون ارجوانيّ , وبعدها لون لم أستطع تسميته .. بصراحةٍ تهيأ لي أنّ من رسمَ هذه اللوحة قد سرقوه من مشفى الأمراض العقيـّـلة.. وطلبوا منه أنْ يُطلقَ العنانَ لخياله ويلوي ريشته كما يشاء , ومِنْ ثمّ استعذبوا تشتُّتَها وظنّوها لوحة فريدة في زمانِها ..وفي حقيقة نفسي أجزمُ أن لا أحداً ينظرُ إلى هذه اللوحةِ عند مروره هذه الدائرة سواء على الرصيفِ أو على الطريق المعبدةِ التي تحيطُ باللوحَة , وإنْ نظر إليها أحدٌ صدفة
- بينما عيونه تتجوّل بعفوية - سيجدُ فيها ما لا يفهمُهُ ثم يبتسمُ ويحوّل نظرَهُ عنها ..طبعاً يبتسمُ لأنه لم يفهمْ شيئاَ .
لكنّه وبجنون ريشته أوحى إليّ أنّ الحياة كهذه اللوحةِ ..
لا تسيرُ على نفس السّوية , فلا يمكنُ أنْ تحبَّ ذاتَ الشيء للأبد, حيثُ أنّ الانقلابَ والتغيير قانونُ الحياة الأساسي .
هذه فتاة ترسمُ حلماً وتلوّنه كلّ ليلةٍ , تحلمُ بفارس أحلامِهَا .
وهذهِ امرأةٌ متزوّجة تندبُ حظـّها وتتمنّى أنّها لمْ تتزوجْ .
وهذا شابٌ يرفضُ أنْ يتزوج لا مبالاة منه رغمَ أنّ ظروفه تساعدُهُ كثيراً .
وآخر يسعى لأنْ يضمّ حبيبته بعشِّ الزوجية لكنَّ ظروفه المادية تأبى أنْ تلين .
وآخر متزوّج ولا يوجدُ أدنى نسبة للتفاهم مع شريكتِهِ ولكنّ الحياة عندهما تمشِي , وإنْ كانتْ بصعوبة .
وتلكَ امرأة ظلمَها زوجُها وهي الآن تمضي أيَامها مقهورة في حياة برزخيّة لا هيَ مع الدّنيا ولا مع الآخرة , نتنظرُ ما تجود عليها الأقدارُ , وفؤادُها يُـشوى على نار البعدِ عن أطفالها , والأطفالُ يبكون بُعدَ أمّهم , فالأبُ منشغلٌ في ابتداع فنونٍ جديدةٍ لتعذيبِ قلب زوجتِهِ , والتي كانتْ ذاتَ مرّة حبيبته ولو للحظة..
وهذا شابٌ في ريعانِ الشّباب قد ألمّ به مرضٌ أبَدِيّ فكسَرَ بداخله شيئاً ما .
وهذه امرأةٌ فقدتْ جنينَهَا بعد تسعةِ أشهرٍ من الانتظار, ولا زالتْ نتنظر أخيه سنواتٍ عديدة ... ولمّا يأتِ بعد..
بينما في بقعة - قد لا تكونُ - بعيدة مِنَ الأرضِ امرأة تردّد في نفسها تباً لهذِهِ الحياة , الأطفالُ أتعبوني ليتني لم أُرزقْ بِهِم !!!

سبحانَ الله , هذا التضارب العجيب , فكلّ صورةٍ لها نقيضٌ في الواقع .
وتبقى الحياةُ لوحةٌ كالتي تبعها لحظِي يَومَاً ...

سماح عادل
18/04/2010, 03:17 AM
ماأجملك أخية
الحياة متباينة , ولوغد ت على وتيرة واحده لمااستطعمنا العيش فيها ولااستساغ منا أن يبيت ليلة واحده
فجمالها يكمن في هذا الإختلاف بين شخوصهاوأحداثها ,بل بين الشخص الواحد تجدي حياته كعلبة الألوان
كل لون له جماليته إن وضع في مكانه المناسب في لوحة صماء
فالألوان هي الأحداث واللوحة هي الحياة نشكلها بإختيارنا لمواقفنا وأحداثها
غاليتي , جميلة هي الحياة ,لكن من منا استكشف ذلك بما فيها من كروب وصدمات تلاحقنا وأفراح ننتشي به؟!!

ذكرى بنت أحمد
18/04/2010, 03:36 AM
أن نجدَ شيئاً يناقضنا .. يعني أن نتّضح نَحنُ في أعينِنا جيداً ،
ونكتَشف النعم / والأشياء الجميلة بظرُوفِنا أَو بِدواخِلِنا !
لكنْ تبقَى المشكلة الحَقيقة ..
أن يتناقض كلٌّ منا مع ذاتِه ولا يَتصالَح معهَا ،
جوري ،
الإبحار معكِ / واقتراف التفكير في حديثك ’
شيءٌ مختلف للغاية :Heart:
مـا أجْملك .!
كونِي بكلّ الخيرْ !
:rose:

أحمد العراقي
20/04/2010, 02:39 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفنان الذي رسم اللوحة لم يكن مجنونا فهو بالضبط أراد أن نفهم ما رأيتِ من تضارب...
المهم ان يجد إنسانا مثلكِ يقرأ ما رسم بريشتهِ المجنونة!!
من جانب اخر سر الحياة هو هذا الاختلاف والتضارب بالاشياء والافكار ..
هل تتصورين حياتنا لو كنا على وفاق ونسق واحد؟ هل تعتقدين أننا نرغب بالتشابه والرضى من الجميع؟؟
العكس هو الصحيح
لو أنكِ كتبتِ قصيدة والجميع أطنب في مدحكِ هل هذا سيؤجج فيكِ نار الابداع ؟ أبدا بل أنكِ ستنتبهين
للحس الناقد المخالف وسيجعلك تبدعين أكثر
موضوع جميل من سيدة جميلة مثلك
ودي

جوري جميل
20/04/2010, 01:19 PM
الحبيبة : سماح
أهلاً بهذا النور المتسلل في ثنايا حروفٍ وانسياب سطور قد غدت نوراً منذ امتثال عينيكِ لمعانيها

أجل يا عزيزتي لو كانت تسير على وتيرة واحدة لما أمكننا صياغة الأمل
أو نسج الفرح , إن أعقبه توقعات ذاتية أو للغير
لكن هي لوحةٌ حوت ما حوت وخلت مما خلت , وكل منا له حيز صغير من هذه اللوحة
وتسير بنا الأقدار , حيث لا نعلم , وذلك أفضل
فلو علمنا لمتنا قهراً وإحباطاً , وضعفاً

أحييكِ كل التهية أيتها البهيَّــة بإطلالتها

جوري جميل
20/04/2010, 04:11 PM
نهاركِ كإطلالتكِ وتربعكِ فوق عرش سطوري أيتها الراقية ذكرى ...
جميلة عباراتكِ تضفي ألوان قوس قزح على النصوص كافة
نعم يا نقيَّــة ما يهم هو فهمنا لذواتنا و الإبحار في بحور النفس والتصادق معها
وفهم ألوان لوحة النفس البشرية
ولعمري إن الرضى هو أجمل ما يكتنف العيش من نعم , فالرضى نعمةٌ يقدرها من يقدرها , ويعمى عنها الكثيرون

وما أجملكِ حين أتوِّج ناظريَّ بما خطت أناملكِ , ولي فخرٌ بزيارتكِ والتواجد
كوني بالقرب , دوماً وسعيدة دائماً :)

جوري جميل
20/04/2010, 04:12 PM
السيد أحمد العراقي ..
حللتَ أهلاً ووطئتَ سهلاً

ازدنت بكَ المكان , وازداد رقيَّـــاً
أجل هي براعة الخالق في رسم هذه الحياة وتوزيع ألوانها وشخوصها وأدوارها
وتكمن العبرة في تمنيكَ لأمرٍ وتتوقُ له بينما ينعم به آخر ولا يشعر بنعمة ولا أي امتنان لمولاهُ
تضارب الأمكنة والألوان يكسب الحياة رغبة بالمسير والتواصل مع الأمل
وكما قال الشـــــــــــــاعر :
أعلل النفس بالآمال أرقبها ..... ما أضيق العيش لولا فســـحة الأمل

أشرقَ المكان بتواجدكَ...
سلمتَ أستاذ أحـــمد

جهاد خالد
21/04/2010, 12:08 AM
يمكن لهذه اللوحة أن تنتظم ، وتتناسق ، بشكل فريد

لو أنّا أضفنا إليها كلمة ..

(رضـــــــا)

ونقطة!

ابراهيم القهيدان
21/04/2010, 12:57 AM
الحياة لوحة متمازجة الألوان .. منها الهادِئة ومنها الصّارِخة , فهذا يندبُ حظه وذاكَ نارٌ تحتَهُ ..
نظرتُ مرّة إلى لوحةٍ - رُسمتْ على حائط كبير - تقعُ على التفاف الطريق الرئيسية , وبقيتُ أتبعها بلحظي حتى التوتْ رقبتي .
سئلتُ : ما شدّكِ ؟
قلتُ : الحياة كهذه اللوحة .
وبنظرة استغرابٍ تابعَ منْ معي حديثَهُم وكأنّ سؤالي وجوابي كانَ فاصلةً في موضوع إنشائيّ .
متلاطمَةٌ في ألوانِهَا , متباينة في معانِيهَا , وغيرُ متناسبةٍ في أماكن توضّع رسوماتها . فهذه امرأة لم أعرفْ ما كانتْ تحملُ في يدها ,وهذا رجلٌ يجلسُ و ربما كان واقفاً , وهذا طفلٌ بين الأقدام فقد كانَ قصيراً جداً والرسّامُ لم يعر للقياساتِ اهتماماً ..
وهنا لونٌ أخضر, وذلك لون ارجوانيّ , وبعدها لون لم أستطع تسميته .. بصراحةٍ تهيأ لي أنّ من رسمَ هذه اللوحة قد سرقوه من مشفى الأمراض العقيـّـلة.. وطلبوا منه أنْ يُطلقَ العنانَ لخياله ويلوي ريشته كما يشاء , ومِنْ ثمّ استعذبوا تشتُّتَها وظنّوها لوحة فريدة في زمانِها ..وفي حقيقة نفسي أجزمُ أن لا أحداً ينظرُ إلى هذه اللوحةِ عند مروره هذه الدائرة سواء على الرصيفِ أو على الطريق المعبدةِ التي تحيطُ باللوحَة , وإنْ نظر إليها أحدٌ صدفة
- بينما عيونه تتجوّل بعفوية - سيجدُ فيها ما لا يفهمُهُ ثم يبتسمُ ويحوّل نظرَهُ عنها ..طبعاً يبتسمُ لأنه لم يفهمْ شيئاَ .
لكنّه وبجنون ريشته أوحى إليّ أنّ الحياة كهذه اللوحةِ ..
لا تسيرُ على نفس السّوية , فلا يمكنُ أنْ تحبَّ ذاتَ الشيء للأبد, حيثُ أنّ الانقلابَ والتغيير قانونُ الحياة الأساسي .
هذه فتاة ترسمُ حلماً وتلوّنه كلّ ليلةٍ , تحلمُ بفارس أحلامِهَا .
وهذهِ امرأةٌ متزوّجة تندبُ حظـّها وتتمنّى أنّها لمْ تتزوجْ .
وهذا شابٌ يرفضُ أنْ يتزوج لا مبالاة منه رغمَ أنّ ظروفه تساعدُهُ كثيراً .
وآخر يسعى لأنْ يضمّ حبيبته بعشِّ الزوجية لكنَّ ظروفه المادية تأبى أنْ تلين .
وآخر متزوّج ولا يوجدُ أدنى نسبة للتفاهم مع شريكتِهِ ولكنّ الحياة عندهما تمشِي , وإنْ كانتْ بصعوبة .
وتلكَ امرأة ظلمَها زوجُها وهي الآن تمضي أيَامها مقهورة في حياة برزخيّة لا هيَ مع الدّنيا ولا مع الآخرة , نتنظرُ ما تجود عليها الأقدارُ , وفؤادُها يُـشوى على نار البعدِ عن أطفالها , والأطفالُ يبكون بُعدَ أمّهم , فالأبُ منشغلٌ في ابتداع فنونٍ جديدةٍ لتعذيبِ قلب زوجتِهِ , والتي كانتْ ذاتَ مرّة حبيبته ولو للحظة..
وهذا شابٌ في ريعانِ الشّباب قد ألمّ به مرضٌ أبَدِيّ فكسَرَ بداخله شيئاً ما .
وهذه امرأةٌ فقدتْ جنينَهَا بعد تسعةِ أشهرٍ من الانتظار, ولا زالتْ نتنظر أخيه سنواتٍ عديدة ... ولمّا يأتِ بعد..
بينما في بقعة - قد لا تكونُ - بعيدة مِنَ الأرضِ امرأة تردّد في نفسها تباً لهذِهِ الحياة , الأطفالُ أتعبوني ليتني لم أُرزقْ بِهِم !!!

سبحانَ الله , هذا التضارب العجيب , فكلّ صورةٍ لها نقيضٌ في الواقع .
وتبقى الحياةُ لوحةٌ كالتي تبعها لحظِي يَومَاً ...

جوري لله درك ما أروعك
بين هذه وتلك
تتمازج الوان الطيف
وتكمن روعة الحياة بهذا النسيج المتجانس وغير متجانس
موضوع جميل ويكفيه ان من كتبه بنت جميل
باقات من الجوري لهذا الفكر النير
تقديري لك

جوري جميل
23/04/2010, 01:09 PM
صباحكِ وردٌ وريحانٌ غاليتي جهاد

أجل الرضا يجعل الألوان ناصعة , والأزقة واسعة
والأرواح هادئة , تخلت عن صخب السخط واللا قناعة
لترقد في عيون الرضا , بارقة أمل

حالت سطوري لورودٍ بترحالكِ بين ثناياها

جوري جميل
23/04/2010, 01:18 PM
أستاذي المتألق إبراهيم القهيدان :
وأيُّ ردٍّ يستطيع أن يقف أمام كلماتكَ
صدقني أسعدُ وأفتخر كثيراً بمرورٍ لكَ وإن كان عابراً
فكيف وأنا أقعُ على ردِّ يطلق العنان لفرحتي أن تحلق وتسافر إلى اللا حدود

إليكَ ورد الجوري يفتحُ بتلاتهُ ليعطر كونكَ بعبيرهِ
ويخجل من تقصيرهِ

بارك الله بكَ سنداً ومرشداً ,
تحياتي