مشاهدة النسخة كاملة : " رَاوِيَـة "
أسامة بن محمد السَّطائفي
05/06/2010, 08:06 PM
‘‘
السَّـلامُ وَ رحمةُ اللهِ وَ بركاتهُ على كلِّ زائرٍ يَطأُ بِعَيْنَيْهِ أرضَ كبدِي ،
http://www.emlaat.com/vb/uploaded/176_1275750260.jpg
" قُـربَــان "
قبلَ أن أبدأَ من حيثُ لا رُجـوع ، أحبَبْتُ أن تعلمِي - وَ تعلموا - بأنَّ كلَّ قطرةِ دمٍ تُراقُ هنا ،
وَ كلُّ دمعةٍ تُسالُ هنا ، و كلُّ زفرةٍ تُبثُّ هنا ، وَ كلُّ أنَّةٍ تحومُ هنا ، وَ كلُّ مِسكٍ يتضوَّعُ هنا ،
و كلُّ زنبقةٍ تفوحُ هنا ، و كلُّ شوقٍ يكبرُ هنا ، و كلُّ حنينٍ أرعاهُ هنا ، و كلُّ قمرٍ يُنيرُ هنا ،
و كلُّ طفولةٍ تُناغِي هنا ، و كلُّ نجمةٍ تتلألأُ هنا ، و كلُّ مطرٍ يتهامَى هنا ،
وكلُّ سماءٍ تتَّسعُ هنا ، و كلُّ مَرْجٍ يخْضرُ ، و كلُّ ثَلجٍ يتكاثفُ هنا ،
و كلُّ مَساءٍ أُبحِرُ فيهِ هنا ، و كلُّ فجرٍ يبتسمُ هنا ،
و كلُّ خدٍّ يحْمرُّ هنا ، و كلُّ خُصلةٍ تتراقصُ هنا ،
و كلُّ مُقلةٍ تكتحلُ هنا ، و كلُّ قِوامٍ يهْتزُّ هنا ،
و كلُّ لحنٍ يشدو هنا ،
وكلُّ صباحٍ تكونِينَ أنتِ شمسَهُ الدَّافئةَ هنا يا راوِيَة ، اعلمِي أنَّ كلَّ ذلكَ لكِ و منكِ و إليكِ و لأجلك .
‘‘
أسامة بن محمد السَّطائفي
06/06/2010, 02:38 AM
‘‘
- 1 -
صَبـاحُ الخَيـرِ يا راوِيَـة
http://www.emlaat.com/vb/uploaded/176_1275750109.jpg
صباحُكِ يُمْنٌ و سلامٌ و بركـاتٌ ،
و صباحكِ يتنفَّسُ من أنفاسِ الفجرِ المُوغلِ في الرَّهبةِ إلى حدِّ اللاَّوعي ،
صباحٌ أسْتفيقُ فيهِ يتيماً أستجدِي عطفَ الشُّروقِ باكتِئابِيَ المَنثورِ في الغُرفة ،
ألملِمُهُ مُرهقاً ثمَّ أستجمعُ قِوايَ لأنهضَ خاملَ العَزيمةِ مُذبذبَ الأفكار ،
فيتولَّى الماءُ عندَ غسلِي لوجهي و أطرافي تَنشيطَ الأولى وَ يقومَ المُشطُ أثناءَ تسريحِ شعري و لِحيتِي بتنظيمِ الثَّانية ،
يحدثُ كلُّ هذا و لم تُفارقني صورتكِ لحظة ،
هاهوَ إذاً يومٌ جديدٌ يُسْتفْتَحُ على وجهكِ الأزهرِ ، أزدادُ فيكِ حُبًّا و تتَّسِعُ دائِرةُ انتِشاركِ في جسدِي ،
وَ أعشقُ الحُزنَ أكثرَ فأكثر ،
ذلكَ الحُزنُ الَّذي تُقُمِّصْتُهُ ظاهِراً و نُفِخَ في رَوْعِي باطِناً حتَّى صِرْتُ لهُ وَجهاً ثانِياً وَ حَقيقَتَهُ الماثِلَةَ عَياناً ،
مَرَّةً أخرى ، صباحُكِ أمنٌ وَ وِئامٌ وَ رَحَمَـات ،
‘‘
أسامة بن محمد السَّطائفي
06/06/2010, 02:48 AM
‘‘
- 2 -
VITO
http://www.emlaat.com/vb/uploaded/176_1275750073.jpg
أرْفضُ تمامًا فكرةَ التَّخلِّي عن عشقكِ أو حتَّى عدم التَّفكيرِ فيكِ كلَّ حينٍ و على أيِّ حالٍ ،
فإنَّ ذلكَ يتجاوَزُنِي و لا تقواهُ أنسِجتِي وَ خلاياي ،
أيُعقلُ أن لا أهذي بذكراكِ ؟
أو أن لا تكتَحِلَ نواظِرِي بنواظِركِ ؟
صبرِي عنكِ انتحرَ منذُ مدَّةٍ و خلَّفَ وراءهُ أشواقاً تصطَرِخُ : هل من خَـلاص ؟ و لكن هيهاتَ هيهات ،
فلا مَناصَ من اضطرامِ اللَّوعاتِ و إطلاقِ الآهاتِ وَ إسبالِ العَبرات ،
معَ الدُّعاءِ بلهفةٍ أن يجمعنِي اللهُ بكِ كما يَشاءُ سُبحانهُ ،
‘‘
أسامة بن محمد السَّطائفي
10/06/2010, 02:43 AM
‘‘
- 3 -
أحـلامُ ما قبلَ النَّـومِ
بلغَ هَوَسي الشَّغوفُ بكِ شأواً عظيماً لامسَ عَنانَ الذُّهولِ وَ الدَّهشَة ، الكُلُّ لاحظَ عليَّ أماراتِ السَّرحانِ ، وَ القِلَّةُ فقط تعرفُ المسبِّب .
آهٍ لو تعلمينَ يا حبيبَتي كم يَطيبُ لي الوقتُ وَ أنا منقطِعٌ عن العالمِ وَ صِراعاتِهِ يُرفرِفُ بي جَناحا الخاطِرِ نحوَ فَضاءاتٍ أنتِ جَوهرُها الأوحَد ، أجِدُ زَورَقَ فكرِي مدفوعاً بقوَّةٍ إلى جُزركِ العَذراءِ ، يرسُو بعدَ مَدٍّ وَ جَزْرٍ على شواطئكِ الآمنَة ، لأهيمَ مبهوتاً في حُسنِ خَلقِكِ الفَريد ، عنِ اليَمينِ وَ الشِّمالِ أنوارُ طلعتِكِ الغَرَّاء تُصِرُّ على مُرافقتِي ، يَزيدُ من ألَقِها بُزوغُ ثَغرِكِ الطُّفولِيُّ على وَجهِيَ القَاحِل ، أتلمَّسُ الجِهاتَ باحِثاً عنكِ لأضمَّكِ إلى صَدْرِيَ العارِي وَ المُرتجف فَيَسْكُنَ رَوْعُهُ وَ تطمَئِنَّ فرائِصُهُ .
أقرأُكِ في مخيِّلَتِي أبجَدِيَّةً ناصِعةَ البَيانِ وَ السِّحر ، ألفِظُ أحرفكِ المِسْكِيَّةَ بِمُنْتَهى الفرحِ الغامِرِ :
راء ... رُواءٌ مَعدِنُهُ أصيلٌ فيكِ بلا إضافات .
ألف ... أناقَةٌ جذَّابةٌ شِعارُها الدَّائِمُ : نعم للبَساطَةِ وَ لا لِلمُغالاة .
واو ... وَقارٌ لَفَّ لُبَّكِ الزَّهْرِيَّ بِأحَنِّ اللَّمسات .
ياء ... يُمْنٌ تَحمِلِينهُ وَ أمانٌ وَ بَركات .
هاء ... هادِئةٌ عريكَتُكِ وَ أَهْيَفٌ قَدُّكِ المائِسُ مُطْرِبُ الخُطوات .
تِلكَ هِيَ ترجَمتِي الوَحيدَة لكِ وَ لا أعرفُ غيرها قاموساً يُوصِلُني إلى معانِيكِ السَّامِيَة ، وَ تِلكَ هِيَ هواجِسِي الَّتي أحْسِدُها على احتِوائِها لِصورتكِ الغالِيَة .
يبقَى مغْنَمِي منكِ يا راوِيَتِي وَ يا رِوايَتِي البائِسَة ، حاصِلُ ضَرْبِ أحلامٍ فِي خَيال ، كأنَّ أبا الطَّيِّبِ كانَ يقصِدُنِي بقولِهِ :
نَصيبُكَ في حياتِكَ من حَبيبٍ /// نَصيبُكَ في منامِكَ من خَيالِ
السَّبت /15/05/2010
‘‘
أسامة بن محمد السَّطائفي
05/07/2010, 06:18 PM
‘‘
- 4 -
أُحِـبُّـهُـمَـا
الـرَّمادِيُّ ، لونٌ لا يحبِّذهُ أغلبيةُ المُبصرينَ ، فهُم يُحمِّلونَهُ أوزارَ التَّشاؤُمِ وَ التَّعاسةِ وَ القُنوطِ وَ الحُروبِ وَ البُغضِ وَ الإنتِكاسَةِ وَ الغُموضِ وَ البَشاعةِ وَ المُستَحيلِ وَ العَمى وَ الحَيْرةِ وَ المَوتِ وَ الفَـراغِ القَـاتل .
مُذنِباً كانَ أم بَريئاً تحمَّلَ ذلكَ اللَّونُ تِلكَ التُّهَمَ وَ غيرها بما يَفوقُ طاقتهُ ، وَ نَسِيَ منتَقِدوهُ مَحاسِنهُ وَ جمالِيَّتَهُ وَ بعضَ فضائِلِهِ .
فَالغيمُ المُثقلُ بالغَيْثِ غيَّاثاً للأرضِ و من عليها رمادِيٌّ ، وَ القمرُ المُنيرُ بِفُوَّهاتِهِ الفاتِنَةِ رمادِيٌّ ، وَ اليَمامُ مُبْهِجُ الشَّكلِ وَ الهَديلِ رمادِيٌّ ، وَ تِشرينُ بأجوائِهِ الَّتي تَحُضُّ على مُمارسَةِ طُقوسِ التَّأمُّلِ رمادِيٌّ ، وَ الحُزْنُ بِعُمقِهِ الفَلْسَفِيِّ الإنْسَانِيِّ رمادِيٌّ ، وَ التَّارِيخُ بِماضِيهِ الَّذي يَعْبَقُ أصالةً وَ مَجْداً رمادِيٌّ ، وَ أطْلالُ العُشَّاقِ بِذِكْرَيَاتِها العَزيزةِ رمـادِيَّـة .
لأجلِ كلِّ هذا و غيرهِ كُنْتُ رمادِيًّا منذُ الصِّغَر ، فمدِينَتي مُصطَبِغةٌ بهِ من جهةِ حظارتها الضاربةِ في غابرِ الأزمنةِ و من جهةِ خَريفها وَ شِتائِها البارِدَيْنِ إلى حدِّ الوَجَع .
كذلكَ كانَ لِقائِيَ الأوَّلُ بكِ يا راوِيَة - هل تَذكُرين - في سَطيفٍ أواخِرَ دِيسمبر ، و أنتِ لابِسَةٌ سُتْرَتَكِ الرَّمادِيَّـة . فازْددتُ بالبَرْدِ هُياماً وَ بِالرَّمادِيِّ غَراماً وَ مازِلتُ على عَهدِ حُبِّكِ وَفِيًّا مُقيماً إلى أن يشاءَ اللهُ أمراً كانَ مفْعولا .
n.b سَألتني إحداهُنَّ قبلَ أعوامٍ عن لَوْنِيَ المُفضَّلِ ، فاحتَرتُ ما بينَ الأخضرِ وَ الأزرق . كُنْتُ وقتها مُخطِئاً ، وَ لو نظرتُ من كُوَّةِ نفسي إلى نفسِي لعرفتُ ما هُوَ دونَ أيِّ حيرةٍ تُذكَرُ .
الثُلاثـاءُ /29/06/2010
‘‘
vBulletin® v3.8.8 Beta 1, Copyright ©2000-2024, Jelsoft Enterprises Ltd.