مختار بن ليث
14/07/2010, 02:30 PM
قبيل الزوال انطلق في طريقه سبحان الذي سخر لنا هذا وماكنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون.
يفضل السفر نهارا بعد أن يكون قد أخذ قسطا وافرا من النوم ولكي يستمتع بمايمر عليه من أماكن ومناظر طبيعية عبر الطريق. كلما مر عبر وادي أو جبل أخذ يذكر اسمه ومكانه وطبيعته وكيف أنه قد أمضى أياما جميلة في فصل الربيع في ربوع هذا الوادي وخلف ذلك السفح وفوق قمة ذلك الجبل.
يتذكر الخزامى ونفحات رائحتها الزكية. بل إنه يذكر قطرات الندى مازالت نداوة أحاسيسها تداعب وجنتيه.
يتذكر قطرات المطر, يتذكر انزلاقه فوق الأرض المبللة بالمطر فتمتزج أطرافه وثيابه بالطين, يسقط فينهض ليقف أسفل المطر المنهمر بشدة وبكثافة يستنشق قطرات المطر وذرات الرمال الممتزجة طينا بأنفه يحس أنهما قد امتزجا بجوفه, كأنها تجري في دمائه.
يتذكر كل ذلك, يتذكر كيف كلما تجمعت الغيوم والسحب وبدأت الأمطار تنهمر خرج بمفرده يجوب الأودية والجبال والشعاب لايبالي أكان ذلك ليلا أو نهارا الصحراء تناديه فيجيبها من فوره.
أخذ يبتسم بعد أن تجاوزها وبدأ يسير في طريق كم من مرة قد سلكه في ذهابه وإيابه واستمر في المسير.
توقف على جانب الطريق وأخذ ينظر إلى الجمال التي أخذت تعبر الطريق.
بدأ يهرول قليلا واقترب بحذر وبرشاقة من حوار صغير أمسك به من رقبته وأخذ يمسح برفق على رقبته ورأسه الذي انحنى إليه قليلا وطبع قبلة على وجه الحوار ولم يطلقه إلا بعد أن التفتت أمه إليه تطمئن إليه بنظراتها المعبرة, جرى الحوار إلى أمه واستمرا في المسير, تسمر في مكانه وأخذ يرمق القطيع بنظرات متكررة ومتتابعة إلى أن غرب القطيع عن الأنظار فعاد وأكمل مسيرته وطريقه.
انحدر الطريق بشدة فقد وصل إلى وادي يعرفه جيدا فتذكر آخر مرة عندما كان المطر شديدا وكثيفا والوادي قد امتلأ بمياه السيل وكان السيل في بدايته وكيف أنه عبره بصعوبة على الرغم من تمهله في السير وملاحظته لمنسوب الماء الذي لم يكن قد ارتفع كثيرا وكيف أنه بعد أن تجاوز الوادي وقف ينظر إلى السيل المنساب بسلاسة وكيف أنه قد شده صوت الماء الذي يجري ويهدر بصوت جميل داعب سمعه ووجدانه استمر في استمتاعه وفي أحلام اليقظة التي بدأت تداعب خياله لم يقطعها سوى منظر الأشجار التي بدأت تختفي سيقانها وجذوعها بعد أن غمرها السيل, ياله من منظر جميل .
ا شتد المطر بدأ يتساقط بغزارة وكثافة كبيرين والسيل بدأ يزداد قوة وجريانا على الرغم من المخاطر التي قد يحملها السيل إلا إنه قد غمرته سعادة وسرور يحسهما في قلبه وبين أضلاعه إذ أن المطر وهذا الماء الجاري مؤشر على أن الأرض سيكسوها العشب والخضرة وستتفتح زهور الأقحوان والخزامى وستغرد معها العصافير والطيور وسيطير فرحا برؤية حمام الوادي وطيور القمري تحلق في الأفق قريبا وبعيدا متنقلة من روض إلى روض, المطر إنه الحياة للصحراء.
أكمل مسيره وأخذ يقترب رويدا رويدا منظر خلاب يمتع به عينيه رمال لامتناهية من الكثبان يتخللها خضرة متقطعة لنباتات صحراوية, الحنظل أحدها مر طعمه لم يتذوقه قط ولكنه كما سمع من جده وجدته أن من يأكل الحنظل سيموت من مرارة الطعم هو يثق تماما بمقولة جده وجدته.
وهنالك تمتد بعض من أشجار السدر التي تقف شامخة خضراء طوال العام على الرغم من الحر وشدته والماء وندرته تستظل بظلالها يمامة وخلها وربما عصفور وحبيبته.
كم جرى حافيا فوق تلك الكثبان وكم انزلق من أعلى كثيب إلى أسفله وعندما يصل إلى أسفل الكثيب تكون عينيه قد اكتحلت من ذرات الرمل الناعمة وتكون شفتيه قد لثمة تلك الذرات المتساقطة على جبينه ووجنتيه.
قطع تلك المسافات بطولها ولم يشعر بالزمن يمضي ويمر حيث إنها أماكن يربطه بها ذكريات وأحاسيس ومشاعر بذرت وزرعت واستقت ماءها من هاهنالك يراها واقعا لا أحلاما يستنشق عبق الذكريات كأن صدره قد امتلأ منها يستنشق الهواء بشدة كأنه يملأ صدره من تلك الذكريات وماتولده في قلبه من شوق وحنين وحب.
تركها خلفه وهي في قلبه وبين عينيه ماثلة كحلم قد تحقق اقترب إلى حيث وجهته من حيث أتى هو ذاهب ترى أتكون تلك وجهته أو أنه قادم من هاهنالك.
استوقفته أشجار الشوك التي اقتربت من جانب الطريق لو حاولت أن تمسك بها أو تستظل بظلالها لن تمهلك وستجد شوكها قد أدمى يديك وغرس أطرافه في جسدك لونها الأخضر يجذبك إليها من شدة خضرته في هذه الصحراء ذات الرمال الصفراء تذكر عندها الجمال وهي تجتمع بالقرب من هذه الشجيرات وتقضم شوكها وهي رافعة برؤوسها شامخة إلى الأعلى لاتأبه بالشوك بل إن الناقة لتدر لبنا سائغ طعمه لابنها الصغير.
في الأفق بدأ يتراءى السراب أم أنها الغيوم أم غمام قد أتى من بعيد. اقتربت الشمس من المغيب وبدأ يرى بقايا عشب أصفر قد حرقته حرارة الشمس في فصل الصيف القائظ لم تقتات عليه الجمال ولا الأغنام عشب رميم قد احترق بفعل حرارة الشمس التي بدأت تشتد رويدا رويدا معلنة قدوم فصل الصيف حيث يبدأ بعض من بني البشر بالاعداد لرحلة الهجرة إلى البلاد الباردة التي تتمتع بصيف بارد فياسبحان الله إن الطيور تهاجر في فصل الشتاء البارد من الأماكن الباردة إلى حيث الدفء والشمس ونحن نقوم بعكس ذلك نبحث عن البرودة ونهرب من الشمس التى يرى البعض أنها حارقة لانطيق أن نبقى في أوكارنا ويتركها البعض مهاجرا.
رائحة الرطوبة قد بدأت تملأ صدره رويدا رويدا بدأ يحسها بين ثنايا وتقاسيم جسده إنه يعرفها كم اشتاق لشاطئ البحر للجلوس وحيدا يسامر البحر ويستمع إلى هدير موجه المتلاطم على صخور الشاطئ التي باح لها بأسراره ومتع سمعه وعينيه بتلك الأنشودة كم جلس كثيرا على الشاطئ في كل مرة تاتي بها موجة تتكسر على الشاطئ تأخذ بأفكاره وأحلامه بعيدا في أعماق البحر وتعود مرة أخرى مع موجة أخرى ولا ينصرف إلا بعد أن يكون قد أفرغ همومه ونسيها فوق رمال الشاطئ الناعمة نعومة الكثبان الرملية التي طالما انزلق من فوقها سابحا بأحلامه عبرها إلى حيث الموج المنساب فوق سطح البحر بنعومة وسلاسة لايعرف ويقدر جمالها سوى عينيه اللتين أمتلأتا عشقا وحبا.
ذهب حيث غرس أشجار النخيل حين كان طفلا وصبيا كم عشق التمر والرطب والنوى كان يجمع النوى من أجل أن يعاود غرسه في الأرض وفي كل مكان يسير فيه في كل مساحة يجدها شاغرة يغرس نواة لتنبت نخلة يسقيها بالماء هو يعلم أن أشجار النخيل تمتد جذورها في الأعماق وترسل جذعها في السماء شامخة تكتفي بقليل من الماء المتساقط من قطرات المطر النادر في تلك الصحراء تختزنه جذورها من الأعماق وتبقى شامخة باسقة على الرغم من شدة الحر وقلة الماء فتثمر ثمرا رطبا وتمرا جنيا لذيذ حلو طعمه عندما تلتقط حبة رطب أو حبة تمر تستنشق الهواء بقوة في صدرك بعمق حالما مستبصرا حلو أيامك وذكرياتها التي امتدت في الاعماق كجذور تلك النخلة الباسقة.
على الرغم من حرارة الجو ورطوبة المكان وجبينه الذي بدأ العرق يتصبب منه على وجنتيه وعلى عينيه وفوق شفتيه يحس بملوحة العرق النابع من جسده يحس بأن قطرات العرق تلك نابعة من قطرات الماء التي قد اختزنتها جذور تلك النخلة التي تناول ثمرها رطبا شهيا لذيذا.
نظر فلم يجد شجرا ولم يجد نخيلا أين تلك الأشجار التي غرسها لابد أنها قد أصبحت كبيرة وبلغ جذعها علوا وأنها أصبحت باسقة شامخة فوق الأرض ممتدة بجذعها نحو السماء غائرة بجذورها في اعماق الأرض لتثمر ثمرا شهيا ليس له مثيل أو شبيه. لم يعد يرى تلك الشجيرات وتلك الأغصان الوارفة والجذوع. ترى أكان ذلك حلما ولكن المكان يملؤه الثمار تمر ورطب بألوانه الصفراء والحمراء وألوان أخرى أقرب إلى لون العسل مد يديه إلى تلك الثمار ليجمعها ليتذوق حلاوة وطعم مازرعه مشاعر واحاسيس واحلام منذ زمن الطفولة والصبا وجد كل ثمرة تناديه بل إنها تحتويه
وعاد مرة أخرى من حيث أتى يغرس النوى.
من قديم ماكتبت.
يفضل السفر نهارا بعد أن يكون قد أخذ قسطا وافرا من النوم ولكي يستمتع بمايمر عليه من أماكن ومناظر طبيعية عبر الطريق. كلما مر عبر وادي أو جبل أخذ يذكر اسمه ومكانه وطبيعته وكيف أنه قد أمضى أياما جميلة في فصل الربيع في ربوع هذا الوادي وخلف ذلك السفح وفوق قمة ذلك الجبل.
يتذكر الخزامى ونفحات رائحتها الزكية. بل إنه يذكر قطرات الندى مازالت نداوة أحاسيسها تداعب وجنتيه.
يتذكر قطرات المطر, يتذكر انزلاقه فوق الأرض المبللة بالمطر فتمتزج أطرافه وثيابه بالطين, يسقط فينهض ليقف أسفل المطر المنهمر بشدة وبكثافة يستنشق قطرات المطر وذرات الرمال الممتزجة طينا بأنفه يحس أنهما قد امتزجا بجوفه, كأنها تجري في دمائه.
يتذكر كل ذلك, يتذكر كيف كلما تجمعت الغيوم والسحب وبدأت الأمطار تنهمر خرج بمفرده يجوب الأودية والجبال والشعاب لايبالي أكان ذلك ليلا أو نهارا الصحراء تناديه فيجيبها من فوره.
أخذ يبتسم بعد أن تجاوزها وبدأ يسير في طريق كم من مرة قد سلكه في ذهابه وإيابه واستمر في المسير.
توقف على جانب الطريق وأخذ ينظر إلى الجمال التي أخذت تعبر الطريق.
بدأ يهرول قليلا واقترب بحذر وبرشاقة من حوار صغير أمسك به من رقبته وأخذ يمسح برفق على رقبته ورأسه الذي انحنى إليه قليلا وطبع قبلة على وجه الحوار ولم يطلقه إلا بعد أن التفتت أمه إليه تطمئن إليه بنظراتها المعبرة, جرى الحوار إلى أمه واستمرا في المسير, تسمر في مكانه وأخذ يرمق القطيع بنظرات متكررة ومتتابعة إلى أن غرب القطيع عن الأنظار فعاد وأكمل مسيرته وطريقه.
انحدر الطريق بشدة فقد وصل إلى وادي يعرفه جيدا فتذكر آخر مرة عندما كان المطر شديدا وكثيفا والوادي قد امتلأ بمياه السيل وكان السيل في بدايته وكيف أنه عبره بصعوبة على الرغم من تمهله في السير وملاحظته لمنسوب الماء الذي لم يكن قد ارتفع كثيرا وكيف أنه بعد أن تجاوز الوادي وقف ينظر إلى السيل المنساب بسلاسة وكيف أنه قد شده صوت الماء الذي يجري ويهدر بصوت جميل داعب سمعه ووجدانه استمر في استمتاعه وفي أحلام اليقظة التي بدأت تداعب خياله لم يقطعها سوى منظر الأشجار التي بدأت تختفي سيقانها وجذوعها بعد أن غمرها السيل, ياله من منظر جميل .
ا شتد المطر بدأ يتساقط بغزارة وكثافة كبيرين والسيل بدأ يزداد قوة وجريانا على الرغم من المخاطر التي قد يحملها السيل إلا إنه قد غمرته سعادة وسرور يحسهما في قلبه وبين أضلاعه إذ أن المطر وهذا الماء الجاري مؤشر على أن الأرض سيكسوها العشب والخضرة وستتفتح زهور الأقحوان والخزامى وستغرد معها العصافير والطيور وسيطير فرحا برؤية حمام الوادي وطيور القمري تحلق في الأفق قريبا وبعيدا متنقلة من روض إلى روض, المطر إنه الحياة للصحراء.
أكمل مسيره وأخذ يقترب رويدا رويدا منظر خلاب يمتع به عينيه رمال لامتناهية من الكثبان يتخللها خضرة متقطعة لنباتات صحراوية, الحنظل أحدها مر طعمه لم يتذوقه قط ولكنه كما سمع من جده وجدته أن من يأكل الحنظل سيموت من مرارة الطعم هو يثق تماما بمقولة جده وجدته.
وهنالك تمتد بعض من أشجار السدر التي تقف شامخة خضراء طوال العام على الرغم من الحر وشدته والماء وندرته تستظل بظلالها يمامة وخلها وربما عصفور وحبيبته.
كم جرى حافيا فوق تلك الكثبان وكم انزلق من أعلى كثيب إلى أسفله وعندما يصل إلى أسفل الكثيب تكون عينيه قد اكتحلت من ذرات الرمل الناعمة وتكون شفتيه قد لثمة تلك الذرات المتساقطة على جبينه ووجنتيه.
قطع تلك المسافات بطولها ولم يشعر بالزمن يمضي ويمر حيث إنها أماكن يربطه بها ذكريات وأحاسيس ومشاعر بذرت وزرعت واستقت ماءها من هاهنالك يراها واقعا لا أحلاما يستنشق عبق الذكريات كأن صدره قد امتلأ منها يستنشق الهواء بشدة كأنه يملأ صدره من تلك الذكريات وماتولده في قلبه من شوق وحنين وحب.
تركها خلفه وهي في قلبه وبين عينيه ماثلة كحلم قد تحقق اقترب إلى حيث وجهته من حيث أتى هو ذاهب ترى أتكون تلك وجهته أو أنه قادم من هاهنالك.
استوقفته أشجار الشوك التي اقتربت من جانب الطريق لو حاولت أن تمسك بها أو تستظل بظلالها لن تمهلك وستجد شوكها قد أدمى يديك وغرس أطرافه في جسدك لونها الأخضر يجذبك إليها من شدة خضرته في هذه الصحراء ذات الرمال الصفراء تذكر عندها الجمال وهي تجتمع بالقرب من هذه الشجيرات وتقضم شوكها وهي رافعة برؤوسها شامخة إلى الأعلى لاتأبه بالشوك بل إن الناقة لتدر لبنا سائغ طعمه لابنها الصغير.
في الأفق بدأ يتراءى السراب أم أنها الغيوم أم غمام قد أتى من بعيد. اقتربت الشمس من المغيب وبدأ يرى بقايا عشب أصفر قد حرقته حرارة الشمس في فصل الصيف القائظ لم تقتات عليه الجمال ولا الأغنام عشب رميم قد احترق بفعل حرارة الشمس التي بدأت تشتد رويدا رويدا معلنة قدوم فصل الصيف حيث يبدأ بعض من بني البشر بالاعداد لرحلة الهجرة إلى البلاد الباردة التي تتمتع بصيف بارد فياسبحان الله إن الطيور تهاجر في فصل الشتاء البارد من الأماكن الباردة إلى حيث الدفء والشمس ونحن نقوم بعكس ذلك نبحث عن البرودة ونهرب من الشمس التى يرى البعض أنها حارقة لانطيق أن نبقى في أوكارنا ويتركها البعض مهاجرا.
رائحة الرطوبة قد بدأت تملأ صدره رويدا رويدا بدأ يحسها بين ثنايا وتقاسيم جسده إنه يعرفها كم اشتاق لشاطئ البحر للجلوس وحيدا يسامر البحر ويستمع إلى هدير موجه المتلاطم على صخور الشاطئ التي باح لها بأسراره ومتع سمعه وعينيه بتلك الأنشودة كم جلس كثيرا على الشاطئ في كل مرة تاتي بها موجة تتكسر على الشاطئ تأخذ بأفكاره وأحلامه بعيدا في أعماق البحر وتعود مرة أخرى مع موجة أخرى ولا ينصرف إلا بعد أن يكون قد أفرغ همومه ونسيها فوق رمال الشاطئ الناعمة نعومة الكثبان الرملية التي طالما انزلق من فوقها سابحا بأحلامه عبرها إلى حيث الموج المنساب فوق سطح البحر بنعومة وسلاسة لايعرف ويقدر جمالها سوى عينيه اللتين أمتلأتا عشقا وحبا.
ذهب حيث غرس أشجار النخيل حين كان طفلا وصبيا كم عشق التمر والرطب والنوى كان يجمع النوى من أجل أن يعاود غرسه في الأرض وفي كل مكان يسير فيه في كل مساحة يجدها شاغرة يغرس نواة لتنبت نخلة يسقيها بالماء هو يعلم أن أشجار النخيل تمتد جذورها في الأعماق وترسل جذعها في السماء شامخة تكتفي بقليل من الماء المتساقط من قطرات المطر النادر في تلك الصحراء تختزنه جذورها من الأعماق وتبقى شامخة باسقة على الرغم من شدة الحر وقلة الماء فتثمر ثمرا رطبا وتمرا جنيا لذيذ حلو طعمه عندما تلتقط حبة رطب أو حبة تمر تستنشق الهواء بقوة في صدرك بعمق حالما مستبصرا حلو أيامك وذكرياتها التي امتدت في الاعماق كجذور تلك النخلة الباسقة.
على الرغم من حرارة الجو ورطوبة المكان وجبينه الذي بدأ العرق يتصبب منه على وجنتيه وعلى عينيه وفوق شفتيه يحس بملوحة العرق النابع من جسده يحس بأن قطرات العرق تلك نابعة من قطرات الماء التي قد اختزنتها جذور تلك النخلة التي تناول ثمرها رطبا شهيا لذيذا.
نظر فلم يجد شجرا ولم يجد نخيلا أين تلك الأشجار التي غرسها لابد أنها قد أصبحت كبيرة وبلغ جذعها علوا وأنها أصبحت باسقة شامخة فوق الأرض ممتدة بجذعها نحو السماء غائرة بجذورها في اعماق الأرض لتثمر ثمرا شهيا ليس له مثيل أو شبيه. لم يعد يرى تلك الشجيرات وتلك الأغصان الوارفة والجذوع. ترى أكان ذلك حلما ولكن المكان يملؤه الثمار تمر ورطب بألوانه الصفراء والحمراء وألوان أخرى أقرب إلى لون العسل مد يديه إلى تلك الثمار ليجمعها ليتذوق حلاوة وطعم مازرعه مشاعر واحاسيس واحلام منذ زمن الطفولة والصبا وجد كل ثمرة تناديه بل إنها تحتويه
وعاد مرة أخرى من حيث أتى يغرس النوى.
من قديم ماكتبت.