إبراهيم الصافي
18/06/2007, 04:15 AM
على شروق الشمس تكاد أن تنطفئ عيناي وتكاد قدمي لا تقوى على أن تحملني إلى منزلي البعيد عن مرقصي الذي أمضيت فيه ليلتاً جميله مع رفيقتي الجديدة والتي رافقتني طوال ليلتي . . أكاد أن اقترب من بيتي وافتح عالمي الخاص والذي أعيشه بمفردي وإلى سريري الصغير بقرب نافذتي المكسورة وهاهي عيني لا تكاد ترى غير الأحلام وإذني لا تكاد تستمتع بهدوء السحر فمازالت أصوات الطبل وعزف الأوتار على مطابل إذني . . ولا يكاد يهمني فقد سبقتها عيناي إلى الاحلام وارتخت مفاصلي للمنام ودخلت عالم الأموات بعيدا عن الحياة عالم يتمنى الجميع البقاء فيه إلى الأبد عالم هادئ لا تشعر فيه بثقل الوقت بل سرعان ما تجد نفسك قد فقت منه وعدت إلى عالم الحياة عالم يملئه الخيال البديع رغم أن علماؤنا لم يستطيعوا إلى اليوم أن يدركوا ما هو النوم وليس بمقدوري إن أتحدث عنه وأنا لست سوا رجل بسيط يكتب عن نفسه خاطرة لعلها تحكي عن داخله الحزين الذي يود أن يخفف من هيجان بركانه بنثر جمراته بين كلمات أسطره التي لا تكاد أن تقرا ولا إليها ينظر . . ولكنني أتمنى لو كان بمقدوري أن ترافقني رفيقة المساء نوم الصباح . . وبالفعل فحينما أصحوا بالمساء سرعان ما اغتسل والبس أجمل ما لدي من الزي الجميل وارتدي عليها معطفي الأبيض الثقيل ليحميني من البرد وليميزني في صالتي التي اعتاد الذهاب إليها في كل مساء عن كل الرجال والذين اعتادوا لبس المعطف الأسود القطني . . وها أنا إلى صالتي اتجه ويا ترى كيف سيكون جمال رفيقتي في هذا المساء كيف ستكون ما لون عينيها أستكون من اصل عربي أم ستكون ذات عرق أسترالي أستكون مقيمتا هنا منذ زمن بعيد أم هي زائرة ولن أستطيع أن أراها بعد هذا المساء ترى ماذا ستكون هذا المساء . . ها أنا ذا أقترب من صالة المرقص وها هي الناس تتحاشد على البوابة لتدخل ليلتقي كل جميل بجميله ليرقصان طوال الليل ويشربون بين كل رقصة وأخرى ما لذ لهم وطاب من عصير العنب والتوت ويمضون ليلتهم ما بين الفكاهة ولعب الورق . . إلى قرب السحر فيأخذ كل عاشق عشيقته ليصعد بها إلى أحد الغرف الجميلة التي توفرها الصالة لكل روادها وزبائنها لينعموا وليمضوا ليلتهم مع من طابت لهم أنفسهم . . قدمت إلى البوابة حينها لاشتري تذكرة دخولي وتفاجات بأنني نسيت كل نقودي في معطف البارحة يال الحسرة والحسافه أن عدت إلى منزلي سأتأخر ولن أجد فتيات جميلات اختار منهن ما أشاء ولن أجد ألا القليل منهن وأنا أود أن أختار أجملهن ولكن قد يبدو أن لا حظ لي هذا اليوم أبدا سأعود لأحظر نقودي على عجل لعلي أجد أي أمرآة تمضي معي هذا المساء . . وفي عودتي شممت رائحة البحر القريب منا وراودتني رغبة شديدة بان أتأمل البحر وأعيش على شاطئه لحظات من السكون وهدوء البال . . وعلى طريقي سمعت صراخ وشجار علي باب منزل قريب من البحر منعزل عن مباني الحي . . اقتربت كثير فوجت سيدة المنزل تطرد خادمتها الطفلة الصغيرة بحجة أنها تسللت إلى المطبخ ليلا وأكلت رغيفا كاملا من القمح وأغلقت الباب في وجهها وفتاتنا الصغيرة مرماتا على الأرض وجريحة القدمين تنزف من جبينها من الدم الكثير وتدرف من عينيها دموع أغرقت ردائها الخفيف البالي والذي قد أغرق من دماء جبينها وساقيها رداء تملئه كثير من الرقع ذا أطراف ممزقه منظر حز في دواخلي واحرق أعصابي وزادني حرقة حينما رايتها تنهض وتحاول طرق الباب مجددا كدت سأتجه إليها لأضربها مجددا فكيف ترضى على نفسها المذلة مجددا ولكن لماذا تطرق مجددا وهي فتاه وقد تكون جميله أمن أجل العمل يا ترى ؟ تستطيع العمل في أي مكان ولا تحتاج أن تعمل فحضورها لأحدى الصالات سيعرفها إلى الكثير من مرتادي الصالات وتستطيع التعرف إلى أصدقاء كثيرون من الممكن أن يغنونها تماما عن العمل وترى من المال الكثير . . كنت فضولي للغاية فذهبت إليها وقد وضعت جبينها على ركبتيها جالستا أمام باب السيدة تبكي وتتألم فهتفت إليها فنظرت إلي متعجبة خائفة فتقول لي ماذا تريد ؟ . . فقلت أود مساعدتك وكنت حينها أتأمل عيناها الواسعتين الخضراوتين كانت طفلة في قرابة الخامسة عشر عاما فتاة جميله بكل ما تحمله الكلمة من معنى بالفعل ذهلت كل الذهول فلم ترافقني من قبل فتاه مثلها قط فتمنيت لو أساعدها وطمعت أن تكون رفيقتي في ذلك المساء بقرب البحر الهادئ . . وحينما عرضت عليها مساعدتي وقد رأتني في زي ومعطف ابيض جميل شعرت بأنني لن أذيها ولن أخذلها وحقا سأساعدها فهدأت قليلا وطلبت مني على الفور أن أوصلها إلى منزلي لتعمل لدى زوجتي وتخدمني مقابل أن تعيش بأمان وراحة بال فتفاجات بطلبها فانا لم أتزوج قط فكل يوم لدي رفيقة فقبلت أن أساعدها ولكنني أشترط عليها أن ترافقني على قارب على البحر لتحكي لي قصتها وبالفعل وافقت والفرحة قد حلت على قلبها والابتسامة قد ملئت وجهها . . وسرنا سويا على ضفاف البحر وماء الشاطئ يداعب قدمينا والضحك يملئ وجهينا . . فتاة تسكن مع زوجة أبيها الذي قد رحل منذ زمن بعيد ولم يعد تسكن مع زوجة التي أدت أمانه وحافظة على ابنته الوحيدة التي هاهي تطردها لمجرد أنها أكلت من الطعام الذي بقي من عشائها هي وزوجها الجديد تسكن هذه الفتاه كخادمه عند عمتها منذ صغرها محرومتا رفق الأب وحنان الأم واللذان رحلا الواحد تلوى الآخر . . عاشت حياة طاهرة عفيفة لم تشغلها الحياة وملذاتها لم تفكر أبدا في غير رضا زوجة أبيها عليها لتقدم لها الطعام والماء . . كانت بالفعل رفيقتي هذا المساء ولكن ليس على خمره ولا في مرقص ولا في غرفة من غرف العشاق التي قد اعددها المرقص بطابقه العلوي والتي كنت أتردد عليها في كل مساء مع رفيقاتي الحسناوات . . أما رفيقتي هذا المساء ففي سكون الليل في قارب صغير على شاطئ البحر وفرحتي بها اكبر من تحسري على عدم استطاعتي دخول صالة المرقص هذا المساء . . نعم بالفعل كنت سعيد جدا برفقتها وهي تحكي لي عن معاناتها وكنت حقا جد سعيد حينما أرى ابتسامتها الطاهرة التي تفوح لي من صدق وطهر قلبها ليست كتلك الابتسامات التي أتلقاها من تلك الفتيات اللواتي يلقين ابتساماتهن وغمزات أعينهن على كل من ينظر إليهن . . رأيت فيها الصدق والأيمان وحسن الخلق وجت فيها ما افقده ورأيت أنها حقا سوف تخرجني من عالمي الذي لا معنى له على الإطلاق إلى عالم أخر عالم سعيد للغاية . . نعم السعادة في الاستقرار والسعي إلي النجاح دائما وأبدا . . وبالفعل وعلى شروق الشمس قبلتها لتعمل في منزلي ليس بخادمة بل لتعمل لدي زوجتا مؤمنتا تعينني وأعينها على طاعة الله ومحبته ورضوانه . . وبهذا لن أقول بعد اليوم رفيقتي هذا المساء بال سأقول رفيقتي مدى العمر . .
ملاحظة : أحداث القصة من نسج الخيال ..
تحياتي
ملاحظة : أحداث القصة من نسج الخيال ..
تحياتي