خالد محمد المشوح
08/09/2010, 04:25 AM
رحيل أمي
أبجدية الفقد
كتبت كثيرآ عن المشاعر الأنسانية بمتناقضاتها وتعدد ألوانها.. لطالما سبرت أغوار النفس البشرية وأبحرت داخلها لأكتب عن الخوف والحب.. الغربة والطفولة ..الشوق والأنتظار.. الحزن والأمل أحاسيس متنوعة وفياضة كتبت عنها من خلال قصة هنا ..أوخاطرة ومقالة هنا ..كنت مهمومآ ولازلت بأحزان البشر وآلامهم..لكنني اليوم أشعر وكأنني أمسك باالقلم للمرة الاولى..
احساسي با الكتابة مختلف..لم أكتب بقلمي أو ب(لوحة المفاتيح)..بل بقلبي ودمعي.. حزني اليوم لا يضاهيه حزن.. كيف لا وأنا أكتب عن غياب أبدي لأغلى أنسانة في الوجود
امي الحبيبة رحمها الله تعالى..
أمي نداء محبة بل ان كل الحب ..أم
فاذا كتبت حروفه فاض الضياء من القلم
الأم أول كلمة رسمت على شفة وفم
والله كرم ذكرها بين القبائل والأمم
ارضي علي لكي أرى رضوانه يا أم عم
د.مانع سعيد العتيبة
بداية الذبول
رحلة أمي مع المرض رحلة قصيرة نسبيآ..لكنها مليئة با الألم والمعاناة..كان الشهر الأخير هو الأقسى..الوردة الندية الجميله..بدأت با الذبول والنحول بشكل مخيف.. لازلت أذكر أنها كانت تكتم الآهة داخل صدرها وتغمض عينيها كي لا نشعر بها فنتألم ونحزن.. أي قلب يحمل هذا المعنى السامي سوى قلب الأم ؟
كانت كشجرة باسقة تعلمنا منها معنى الصبر والعزيمة والشموخ والأصرار..لاأنكر أني ذهلت من شجاعة أمي , وقوة تحملها وصبرها على الألم رغم قسوة المرض..لقد اعطتنا جميعآ فنآ من فنون الصبر والاحتساب والرضا بقضاء الله وقدره
الغرفة 26
في يوم الجمعة دخلت أم عبداللة غرفة العناية المركزة.. لا زلت أذكر رقم الغرفة..
غرفة( 26) اتجهت نحو الطبيب مسرعآ " طمني يا دكتور " ..؟
للأسف حالتها حرجة..ليس امامنا سوى الانتظار وأنتم عليكم با الدعاء..
دعوت الله طويلا.. وبكيت كثيرآ..كنت أشعر بأني جسد بلا روح.. وأرى الناس من حولي وكأنهم أطياف غريبة ..تمر ولا أشعر بها ..كانت غرفة الانتظار في الخارج تضم رجالآ ونساء وأطفال.. الكل ينتظر ويترقب .. مر شريط ذكريات الطفولة من أمامي سريعآ .. رأيت بيتنا القديم وشارعنا الذي شهد كل الذكريات بحلوها ومرها رأيت الجيران .. ومدرستي القديمة..رأيت صديقات أم عبد الله وجاراتها اللاتي ما انقطعن عن السؤال عنها في مرضها..رأيت وجهها وهي تبارك لي با النجاح سنة ..بعد سنة
تذكرت قول الشاعرسعود بن بندر رحمه الله في بيت شعر كنت ولا زلت أعشقه مخاطبآ أمه:
ياليتني بينك وبين المضره من غزة الشوكة الى سكرة الموت
تمر الدقائق والساعات طويلة طويلة وأمي هناك تحت رحمة المولى عز وجل..
أسدل الستار
في يوم السبت 22/9/1430 وفي تمام الساعه الرابعه وخمس دقائق من بعد صلاة العصر توقف قلبها عن النبض
انطفأت شمعة الدار.. وأسدل الستار ايذانآ با النهاية.. رب ارحمها كما ربتني صغيرآ واجعل ما أصابها تكفيرآلها
وألهمنا الصبر من عندك..
أطمأني يا أماه.. فا اليوم لا أطباء ولا دواء ولا مسكنات ولا حقن ولا مواعيد ولا ألم.. بل جنة عرضها السموات والارض..
عدنا للمنزل اتجهت مباشرة لغرفة أمي .. قبلت فراشها وثوبها وسريرها.. ودعت المكان الذي ضم أغلى جسد وأطهر قلب..ودعوت لها با المغفرة..
دمعة في صباح العيد
جاء العيد يا أمي..وأنا هنا وحدي..
أنتظرك كما تعودت لنذهب سويآ لمصلى العيد.. لأقول لك صباح الخير يا ست الحبايب وعيدك مبارك.. بحثت عنك كي أقبل رأسك ويديك وأثني على ثوب العيد الذي ترتدين..كي نتناول القهوة وحلوى العيد سويآ..
لكني ما وجدت سوى سراب
لاأنام يا أمي ..
لا أنام..
أشعر با الوحدة والخوف .. أمواج الحنين تزلزل قلبي وروحي.. أشعر بأني في خريف العمر
لا !
بل كطفل صغير يبحث عن حضن أمه ليشعر با الأمان والطمأنينة ..في داخلي بركان دفين من الأسى..كنت أصرخ ..لكني أتظاهر با القوة وألتزم الصمت.. ذات ابداع قالت أحلام مستغانمي أحسد المآذن وأحسد الأطفال الرضع لأنهم يملكون وحدهم حق الصراخ والقدرة عليه.. قبل أن تروض الحياة حبالهم الصوتية .. وتعلمهم الصمت) ..!
يعيدني العيد الى سيرتي الأولى طفولتي البريئة طفولتي الحبلى با النقاء والعفوية..والانطلاق اللا متناهي نحو كل ما يبهج.. كنا نتسابق للفوز بقطعة حلوى من يدها..كنا نشتهي الحلوى لأنها من يد ست الحبايب
أنتظرت طويلآ.. طويلآ..
مل مني الأنتظار..
ولم تأت أمي..
رسائل العيد ..
أرسل الأحباب تهاني العيد..أتراها بطاقات عزاء ومواساة غلفت بعبارات منمقة وجميلة..؟
أرسلوها وقد علمو ما بقلبي من وحشة وحنين الى حضنك الدافئ وقلبك الشفاف..أرسلوها وقد علمو أن كل شيئ بعدك لا طعم له ولا معنى
فما العيد بعدك سوى مظاهر كاذبة وابتسامات مصطنعة..
اليوم مر أسبوع على الغياب..لاأصدق أني لن أراك ثانية..قلبي وعقلي لم يستوعبا ما حدث
من قال أن أمي ماتت ؟
لقد رحلت بجسدها وروحها لكن ذكراها العطرة باقية في قلوبنا جميعآ
لكنه أمر الله ..
والحمد لله على كل حال..
..ورسائلي اليها
اللهم ثبتها واغفر لها وارحمها كما ربتني صغيرآ.. واعف عنها وأكرم نزلها ووسع مدخلها واغسلها با الماء والثلج والبرد ونقها من الذنوب والخطايا كما نقيت الثوب الابيض من الدنس..لقد رحلت وأنت راضية عنا جميعآ وهذه نعمة عظيمة من الخالق سبحانه فلله الفضل والمنة
الى والدي العزيز
اللهم ألهم والدي الصبر والسلوان.. ان لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيئ عنده بأجل مسمى.. فلتصبر وتحتسب يا أبي فلقد كنت نعم الزوج .. ولا زلت نعم الأب الذي نفتخر به ونعزه ونحترمه فيارب وفقنا للبر به انك سميع مجيب
اللهم ألهم اخوتي وأخواتي ,جميعآ الصبر والاحتساب.. ولن ننسى والدتنا غفر الله لها من الصدقة والدعاء باذن الله تعالى
رحمك الله تعالى يا أم عبد الله..
ورحم الله جميع موتى المسلمين..
انا لله وانا اليه راجعون
خالد محمد المشوح
أبجدية الفقد
كتبت كثيرآ عن المشاعر الأنسانية بمتناقضاتها وتعدد ألوانها.. لطالما سبرت أغوار النفس البشرية وأبحرت داخلها لأكتب عن الخوف والحب.. الغربة والطفولة ..الشوق والأنتظار.. الحزن والأمل أحاسيس متنوعة وفياضة كتبت عنها من خلال قصة هنا ..أوخاطرة ومقالة هنا ..كنت مهمومآ ولازلت بأحزان البشر وآلامهم..لكنني اليوم أشعر وكأنني أمسك باالقلم للمرة الاولى..
احساسي با الكتابة مختلف..لم أكتب بقلمي أو ب(لوحة المفاتيح)..بل بقلبي ودمعي.. حزني اليوم لا يضاهيه حزن.. كيف لا وأنا أكتب عن غياب أبدي لأغلى أنسانة في الوجود
امي الحبيبة رحمها الله تعالى..
أمي نداء محبة بل ان كل الحب ..أم
فاذا كتبت حروفه فاض الضياء من القلم
الأم أول كلمة رسمت على شفة وفم
والله كرم ذكرها بين القبائل والأمم
ارضي علي لكي أرى رضوانه يا أم عم
د.مانع سعيد العتيبة
بداية الذبول
رحلة أمي مع المرض رحلة قصيرة نسبيآ..لكنها مليئة با الألم والمعاناة..كان الشهر الأخير هو الأقسى..الوردة الندية الجميله..بدأت با الذبول والنحول بشكل مخيف.. لازلت أذكر أنها كانت تكتم الآهة داخل صدرها وتغمض عينيها كي لا نشعر بها فنتألم ونحزن.. أي قلب يحمل هذا المعنى السامي سوى قلب الأم ؟
كانت كشجرة باسقة تعلمنا منها معنى الصبر والعزيمة والشموخ والأصرار..لاأنكر أني ذهلت من شجاعة أمي , وقوة تحملها وصبرها على الألم رغم قسوة المرض..لقد اعطتنا جميعآ فنآ من فنون الصبر والاحتساب والرضا بقضاء الله وقدره
الغرفة 26
في يوم الجمعة دخلت أم عبداللة غرفة العناية المركزة.. لا زلت أذكر رقم الغرفة..
غرفة( 26) اتجهت نحو الطبيب مسرعآ " طمني يا دكتور " ..؟
للأسف حالتها حرجة..ليس امامنا سوى الانتظار وأنتم عليكم با الدعاء..
دعوت الله طويلا.. وبكيت كثيرآ..كنت أشعر بأني جسد بلا روح.. وأرى الناس من حولي وكأنهم أطياف غريبة ..تمر ولا أشعر بها ..كانت غرفة الانتظار في الخارج تضم رجالآ ونساء وأطفال.. الكل ينتظر ويترقب .. مر شريط ذكريات الطفولة من أمامي سريعآ .. رأيت بيتنا القديم وشارعنا الذي شهد كل الذكريات بحلوها ومرها رأيت الجيران .. ومدرستي القديمة..رأيت صديقات أم عبد الله وجاراتها اللاتي ما انقطعن عن السؤال عنها في مرضها..رأيت وجهها وهي تبارك لي با النجاح سنة ..بعد سنة
تذكرت قول الشاعرسعود بن بندر رحمه الله في بيت شعر كنت ولا زلت أعشقه مخاطبآ أمه:
ياليتني بينك وبين المضره من غزة الشوكة الى سكرة الموت
تمر الدقائق والساعات طويلة طويلة وأمي هناك تحت رحمة المولى عز وجل..
أسدل الستار
في يوم السبت 22/9/1430 وفي تمام الساعه الرابعه وخمس دقائق من بعد صلاة العصر توقف قلبها عن النبض
انطفأت شمعة الدار.. وأسدل الستار ايذانآ با النهاية.. رب ارحمها كما ربتني صغيرآ واجعل ما أصابها تكفيرآلها
وألهمنا الصبر من عندك..
أطمأني يا أماه.. فا اليوم لا أطباء ولا دواء ولا مسكنات ولا حقن ولا مواعيد ولا ألم.. بل جنة عرضها السموات والارض..
عدنا للمنزل اتجهت مباشرة لغرفة أمي .. قبلت فراشها وثوبها وسريرها.. ودعت المكان الذي ضم أغلى جسد وأطهر قلب..ودعوت لها با المغفرة..
دمعة في صباح العيد
جاء العيد يا أمي..وأنا هنا وحدي..
أنتظرك كما تعودت لنذهب سويآ لمصلى العيد.. لأقول لك صباح الخير يا ست الحبايب وعيدك مبارك.. بحثت عنك كي أقبل رأسك ويديك وأثني على ثوب العيد الذي ترتدين..كي نتناول القهوة وحلوى العيد سويآ..
لكني ما وجدت سوى سراب
لاأنام يا أمي ..
لا أنام..
أشعر با الوحدة والخوف .. أمواج الحنين تزلزل قلبي وروحي.. أشعر بأني في خريف العمر
لا !
بل كطفل صغير يبحث عن حضن أمه ليشعر با الأمان والطمأنينة ..في داخلي بركان دفين من الأسى..كنت أصرخ ..لكني أتظاهر با القوة وألتزم الصمت.. ذات ابداع قالت أحلام مستغانمي أحسد المآذن وأحسد الأطفال الرضع لأنهم يملكون وحدهم حق الصراخ والقدرة عليه.. قبل أن تروض الحياة حبالهم الصوتية .. وتعلمهم الصمت) ..!
يعيدني العيد الى سيرتي الأولى طفولتي البريئة طفولتي الحبلى با النقاء والعفوية..والانطلاق اللا متناهي نحو كل ما يبهج.. كنا نتسابق للفوز بقطعة حلوى من يدها..كنا نشتهي الحلوى لأنها من يد ست الحبايب
أنتظرت طويلآ.. طويلآ..
مل مني الأنتظار..
ولم تأت أمي..
رسائل العيد ..
أرسل الأحباب تهاني العيد..أتراها بطاقات عزاء ومواساة غلفت بعبارات منمقة وجميلة..؟
أرسلوها وقد علمو ما بقلبي من وحشة وحنين الى حضنك الدافئ وقلبك الشفاف..أرسلوها وقد علمو أن كل شيئ بعدك لا طعم له ولا معنى
فما العيد بعدك سوى مظاهر كاذبة وابتسامات مصطنعة..
اليوم مر أسبوع على الغياب..لاأصدق أني لن أراك ثانية..قلبي وعقلي لم يستوعبا ما حدث
من قال أن أمي ماتت ؟
لقد رحلت بجسدها وروحها لكن ذكراها العطرة باقية في قلوبنا جميعآ
لكنه أمر الله ..
والحمد لله على كل حال..
..ورسائلي اليها
اللهم ثبتها واغفر لها وارحمها كما ربتني صغيرآ.. واعف عنها وأكرم نزلها ووسع مدخلها واغسلها با الماء والثلج والبرد ونقها من الذنوب والخطايا كما نقيت الثوب الابيض من الدنس..لقد رحلت وأنت راضية عنا جميعآ وهذه نعمة عظيمة من الخالق سبحانه فلله الفضل والمنة
الى والدي العزيز
اللهم ألهم والدي الصبر والسلوان.. ان لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيئ عنده بأجل مسمى.. فلتصبر وتحتسب يا أبي فلقد كنت نعم الزوج .. ولا زلت نعم الأب الذي نفتخر به ونعزه ونحترمه فيارب وفقنا للبر به انك سميع مجيب
اللهم ألهم اخوتي وأخواتي ,جميعآ الصبر والاحتساب.. ولن ننسى والدتنا غفر الله لها من الصدقة والدعاء باذن الله تعالى
رحمك الله تعالى يا أم عبد الله..
ورحم الله جميع موتى المسلمين..
انا لله وانا اليه راجعون
خالد محمد المشوح