أحمد بدر
20/06/2007, 05:33 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد انقطاع يعود الفرد للجمع فيحلق الطائر ضمن السرب
فنعاود النقاش من جديد...
أمّا عن موضوعي اليوم.. فبطله جهاز لا يكاد يخلو جيب أو حزام أو حقيبة من وجوده..
فهو جهاز الاتصال النقال..
كنتُ وفي يوم من الأيام جالسا مع أحد الأصدقاء داخل معرضه أو محله التجاري
نتجاذب أطراف الحديث كعادتنا أيام البصرة أعادها الله ونحن نتناول الشراب الأحمر التقليدي.
دخل شاب تناهز عمره بين الـ خامسة عشرة والـ ثامنة عشرة, مهلهل الثياب
أشعث أغبر وكأنه قطع الربع الخالي زحفا على بطنه فهو مهدود القوى
ألقى السلام..
فرددنا السلام..
قال: أريد أن أترك هذا النقّال عندك في المحل لأجل شحنه "يكلمُ صاحبي"
أجاب صاحبي بـ لا بأس أتركه حيث المكتب, ومن ثمة رحل الشاب
عدنا نتجاذب أطراف الحديث مجددا أما عيني فـكانت على ذلكَ الجهاز النقال المتروك على المكتب وهو يمتص بشراهة وجبته السريعة من أكلة الطاقة الكهربائية.
لم استطع السكوت طويلا فسألتُ صاحبي: أعتقد أن هذا الموديل هو آخر نتاجات النوكيا
أجاب صاحبي: نعم هو كذلك فسعره مرتفع جدا
عاد فقال: إنه للحمّال
قلتُ: أيّ حمّال ؟
قال: ألذي جاء به قبل قليل
قلتُ: أليس هو لسيده في العمل ؟
قال: لا فهو حمّال يدفع عربة خشبية بسوق الجملة المكتظ بالباعة والمتبضعين
قلت: ومن أين حصل على مبلغه ليقتنيه ؟
قال: أجورهم ليست بالقليلة..
أقول: قسما بالله أنا لست ممن يستهين بأيّ صنعة شريفة على وجه هذه المعمورة, كذلك لستُ ممن ينتقص من أصحاب الكدح والعرق بل على العكس من ذلك تماما فأنا أجلهم وأنحني لهم وأقر لهم بالعرفان فهم لبنات بدونها لا يكتمل فيستقيم بناء بيت الحياة وبدونهم لتخلخلت الموازين. كيف لا والله قسّم الأرزاق ومن بينها الطاقات العقلية والبدنية فقال وهو خير قائل
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات ليتخذ بعضكم بعضا سخريًّا ورحمة ربك خير مما يجمعون.
ولكن..
ما الذي حاد بهذا الفتى ليقتني مثل هذا النوع الثمين من النقالات؟. أما كان الأجدر به أن يوفر ثمنه وثمن سلع أخرى غيره كي يفتح بها مشروعا يحتويه حينما يصبح غير قادر على مزاولة مهنته الحالية ؟
ترى هل اكتملت كل احتياجاته وحاجات أسرته ولم يبق غير هذا النوع من النقال فعرج لـ امتلاكه ؟
والعجيب انه يجلبه معه حاملا إياه في الأسواق حيث يعرضه للخدوش والكسور أو الفقدان فلا يخفى على القارئ صعوبة هذه المهنة
أنا أعتقد أن الموضوع أبعد مما نتصور وأوسع من أن نحاول التحجيم
ولعلني لم أخطئ إن قلت: أن الأمر قد يخص أمة العرب دونما الأمم الأخر
فلدي قريب يسكن في إحدى دول أوربا كان دائما يردد لي أنكم متبطرون فالأوربيون لا يترددون من لباس أي نوع من الثياب واقتناء أي نوع من الأجهزة ما دامت تفي بالغرض.
كثيرا ما أجد أناسا يحملون نقالات بسيطة وذلك مؤقتا لطارئ طرأ على أجهزتهم الثمينة, وحينما يرنّ ذلك النقال معربا عن مكالمة ما - تراهم يتحرجون من الإجابة على تلك المكالمة,
فتجدهم ينزوون على جنب ويخرجون جوالاتهم وكأنهم يقترفون خطأ ما
أما إذا كانت نقالاتهم من النوع الفاخر فيخرجونها ببطء وكأنهم الرجل الآلي
وقد يتنحنح قسم منهم من أجل استقطاب العيون نحوه ونحو ما يمسك بيده
ومنهم من لا يكاد يستقر على نغمة معينة
عكس أحمد البصري وجهازه الأثري بنغمة.. الـ ترررن ترررن
أتذكر وفي يوم من الأيام.. رنّ جهازي فسمعت شابا خلفي يقول لصاحبه.. الأخ يحمل هاتفا أرضيا ؟؟
تراودني أسئلة..
إلى متى ونحن نجري خلف المظاهر الكذّابة الخدَّاعة ؟؟
ومتى سنستطيع التفريق بين الغاية والوسيلة ؟؟
وإلى متى ونحن نتسابق لاقتناء الغالي والثمين وألف زاوية متصدعة بحياتنا تحتاج إلى ترميم ؟؟
نقال لا يحتوي على البلوتوث إذاً صاحبه متخلف
نقال قديم إذاً صاحبه مثله
نقال بدون رنة "بوس الواوا" فصاحبه همجي
هل من يستطيع الإجابة على ما طرح من أسئلة؟؟.. وهل من لديه عكس ما أراه؟؟
تحياتي
بعد انقطاع يعود الفرد للجمع فيحلق الطائر ضمن السرب
فنعاود النقاش من جديد...
أمّا عن موضوعي اليوم.. فبطله جهاز لا يكاد يخلو جيب أو حزام أو حقيبة من وجوده..
فهو جهاز الاتصال النقال..
كنتُ وفي يوم من الأيام جالسا مع أحد الأصدقاء داخل معرضه أو محله التجاري
نتجاذب أطراف الحديث كعادتنا أيام البصرة أعادها الله ونحن نتناول الشراب الأحمر التقليدي.
دخل شاب تناهز عمره بين الـ خامسة عشرة والـ ثامنة عشرة, مهلهل الثياب
أشعث أغبر وكأنه قطع الربع الخالي زحفا على بطنه فهو مهدود القوى
ألقى السلام..
فرددنا السلام..
قال: أريد أن أترك هذا النقّال عندك في المحل لأجل شحنه "يكلمُ صاحبي"
أجاب صاحبي بـ لا بأس أتركه حيث المكتب, ومن ثمة رحل الشاب
عدنا نتجاذب أطراف الحديث مجددا أما عيني فـكانت على ذلكَ الجهاز النقال المتروك على المكتب وهو يمتص بشراهة وجبته السريعة من أكلة الطاقة الكهربائية.
لم استطع السكوت طويلا فسألتُ صاحبي: أعتقد أن هذا الموديل هو آخر نتاجات النوكيا
أجاب صاحبي: نعم هو كذلك فسعره مرتفع جدا
عاد فقال: إنه للحمّال
قلتُ: أيّ حمّال ؟
قال: ألذي جاء به قبل قليل
قلتُ: أليس هو لسيده في العمل ؟
قال: لا فهو حمّال يدفع عربة خشبية بسوق الجملة المكتظ بالباعة والمتبضعين
قلت: ومن أين حصل على مبلغه ليقتنيه ؟
قال: أجورهم ليست بالقليلة..
أقول: قسما بالله أنا لست ممن يستهين بأيّ صنعة شريفة على وجه هذه المعمورة, كذلك لستُ ممن ينتقص من أصحاب الكدح والعرق بل على العكس من ذلك تماما فأنا أجلهم وأنحني لهم وأقر لهم بالعرفان فهم لبنات بدونها لا يكتمل فيستقيم بناء بيت الحياة وبدونهم لتخلخلت الموازين. كيف لا والله قسّم الأرزاق ومن بينها الطاقات العقلية والبدنية فقال وهو خير قائل
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات ليتخذ بعضكم بعضا سخريًّا ورحمة ربك خير مما يجمعون.
ولكن..
ما الذي حاد بهذا الفتى ليقتني مثل هذا النوع الثمين من النقالات؟. أما كان الأجدر به أن يوفر ثمنه وثمن سلع أخرى غيره كي يفتح بها مشروعا يحتويه حينما يصبح غير قادر على مزاولة مهنته الحالية ؟
ترى هل اكتملت كل احتياجاته وحاجات أسرته ولم يبق غير هذا النوع من النقال فعرج لـ امتلاكه ؟
والعجيب انه يجلبه معه حاملا إياه في الأسواق حيث يعرضه للخدوش والكسور أو الفقدان فلا يخفى على القارئ صعوبة هذه المهنة
أنا أعتقد أن الموضوع أبعد مما نتصور وأوسع من أن نحاول التحجيم
ولعلني لم أخطئ إن قلت: أن الأمر قد يخص أمة العرب دونما الأمم الأخر
فلدي قريب يسكن في إحدى دول أوربا كان دائما يردد لي أنكم متبطرون فالأوربيون لا يترددون من لباس أي نوع من الثياب واقتناء أي نوع من الأجهزة ما دامت تفي بالغرض.
كثيرا ما أجد أناسا يحملون نقالات بسيطة وذلك مؤقتا لطارئ طرأ على أجهزتهم الثمينة, وحينما يرنّ ذلك النقال معربا عن مكالمة ما - تراهم يتحرجون من الإجابة على تلك المكالمة,
فتجدهم ينزوون على جنب ويخرجون جوالاتهم وكأنهم يقترفون خطأ ما
أما إذا كانت نقالاتهم من النوع الفاخر فيخرجونها ببطء وكأنهم الرجل الآلي
وقد يتنحنح قسم منهم من أجل استقطاب العيون نحوه ونحو ما يمسك بيده
ومنهم من لا يكاد يستقر على نغمة معينة
عكس أحمد البصري وجهازه الأثري بنغمة.. الـ ترررن ترررن
أتذكر وفي يوم من الأيام.. رنّ جهازي فسمعت شابا خلفي يقول لصاحبه.. الأخ يحمل هاتفا أرضيا ؟؟
تراودني أسئلة..
إلى متى ونحن نجري خلف المظاهر الكذّابة الخدَّاعة ؟؟
ومتى سنستطيع التفريق بين الغاية والوسيلة ؟؟
وإلى متى ونحن نتسابق لاقتناء الغالي والثمين وألف زاوية متصدعة بحياتنا تحتاج إلى ترميم ؟؟
نقال لا يحتوي على البلوتوث إذاً صاحبه متخلف
نقال قديم إذاً صاحبه مثله
نقال بدون رنة "بوس الواوا" فصاحبه همجي
هل من يستطيع الإجابة على ما طرح من أسئلة؟؟.. وهل من لديه عكس ما أراه؟؟
تحياتي