المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النظام كعقيدة ..


عبدالله التكتلي
29/11/2010, 01:24 AM
النظام مترسخ في أصول العقيدة الدينية وشعائرها.. ولو تأملنا أي عبادة من العبادات لوجدناها تحتوي على نظام دقيق لا تصح العبادة إلا به ..
فمن الاصطفاف بالصلاة صفا مستقيما باتجاه واحد .. وما يبديه المصلون (من تلقاء أنفسهم) بهذا الأمر وتصحيح بعضهم البعض إذا ما رأوا اعوجاجا ولو بسيطًا بالصف .. يجعلنا نتباهى بهذا النظام أمام العالم .. وليس أدل على ذلك من إسلام أحد الغربيين عند رؤيته للألولف المؤلفة التي تتجاوز المليونين من البشر – رجالا ونساء – صغارا وكبارا – متعلمين وغير متعلمين .. وهي في حالة عشوائية غير واضحة المعالم ما بين طائف حول البيت .. وخارج من الحرم وداخل إليه .. ولا يكاد يجد لهم ترتيبا (لاختلاف مناسكهم في تلك اللحظة ) .. وفي لحظة واحدة .. وبتكبيرة واحدة .. يرى مالم يره في حياته .. رأى النظام في أجل وأقوى صوره الظاهرة .. اصطف العالم من حول البيت .. وفي حلقات تكبر وتكبر .. ويكبر معها إعجابه و انبهاره بهذا النظام .. دقة في الصف .. دقة بالحركة وتطابق بالحركات .. فلم يبقَ أمامه إلا أن يقول الله أكبر .. ويعلن إسلامه .. ويعلن انضمامه للعالم المنظم (عقائديا) ..
أي نظام يحاول أن يضاهي هذا النظام ..


أي نظام يضاهي دقة المسلم في تحري وقت إفطاره .. ووقت سحوره .. حتى يمنع نفسه من لقمة أو شربة هو أحوج ما يكون إليها .. حتى لو كان مضطرا أو متأخرا .. نظام يجبرك من داخلك على الالتزام .. ومحاولة التحكم بأكلك وشربك .. وحتى نفسيتك .. وكبت غضبك ومحاولة توجيهه وتذكيره بالصوم ..

نظام مالي دقيق .. يجعلنا نحسب أموالنا بدقة .. ونقسمها ونتحرى الدقة فيها .. كما وكيفا .. وبعد ذلك ندقق بالوقت وما حال عليه الحول ومالم يحل عليه .. ومن يستحق ومن لا يستحق .. وندقق في كل ذلك بدقة ونظام (داخلي عَقـَدي) ..

نظام مكاني .. يجعلك تنطلق من كل أنحاء الدنيا إلى بقعة مخصصة .. بوقت مخصص .. بفعل مخصص .. يجعلك تنام بوقت وبمكان محدد .. وتنطلق بوقت محدود بين وقتين .. إلى مكان محدد بين مكانين .. كل تلك الأعمال والمناسك التي تجعلك رجلا منظما بكل أطراف الحياة .. مكانا وزمانا .. مع نفسك ومع الآخرين ..

كل هذا النظام وما يشعرك به من فخر ومن عزة .. يكاد يتلاشى .. ويكاد ينقلب إلى حسرات .. كل ذلك يتبخر عند ملامسته لحرارة الواقع .. وخروجك عن سكينة العبادة ..
ترى التزاحم على الوضوء والعشوائية والفوضوية وعدم النظام في حين هم يتجهزون ويتهيؤون للدخول في أعظم نظام (وهو الصلاة) .. إلى درجة الخجل من تلك التصرفات ..
على بعد أقل من عشر أمتار من الحرم المكي .. ومن ساحة الحرم التي تعج بأمواج متلاطمة من البشر .. واستعدادا للدخول في صلاة الفجر .. ترى الناس أكواما وأكواما كل يحمل قارورة ماء صحة (أبو ريال) يتوضأ بها بالشارع .. ثم يرميها من مكانه ..
والله لا أحد يستطيع أن يشعر بمقدار الألم الذي شعرت به حينما رأيت منظر القوارير البلاستيكية وهي مترامية بالآلاف بالشارع .. والماء متناثر هنا وهناك .. وكل يتوضأ على طرف الرصيف ..
كل هذا الألم يجسد صورة أقوى وأشد ألما عندما رأيت ذلك الرجل الكهل .. وهو يتهاوى ويسقط على الأرض .. نتيجة اختفاء النظام (الذي تجهز الجميع للدخول فيه بعد دقائق) .. نتيجة انزلاقه على قطعة من الكرتون المرمية على الأرض والتي تشربت بالماء .. ومن حولها القوارير البلاستيكية ..
أين النظام المفترض أن يكون قد تأصل فينا .. أين النظام الذي نعيشه إذا رغبنا وكأننا مجبورون عليه .. وبلحظات سريعة لا تجد له بقية باقية ..
أين النظام عند دورات المياة التي تحولت إلى (مراوش) … مع وجود لافتات تمنع ذلك .. فأين النظام ..
أين النظام عند الأرصفة ووقوف السيارات طولا وعرضا وشتلا .. وتعطيل البقية عن اللحاق بالصلاة …
أين النظام عندما تكون الإشارة حمراء دلالة على امتلاء الحرم وعدم استيعابه للمزيد .. فتجد من يزاحم ويقفز من فوق الفواصل البلاستيكية .. إمعانا في إيذاء البقية داخل المسجد الحرام ..
أين النظام عندما تجد عدة أشخاص افترشوا الأرض وتحلقوا للأكل في الساحة في وسط عالم متحرك ذهابا وإيابا ..
كل لفتة يمنة أو يسرة تجد النظام يداس تحت الأقدام ..

السؤال الأهم .. لماذا لا يكون النظام في حياتنا عقيدة .. كما أن العقيدة نظام ..؟؟
لماذا لا يتم تربية المجتمع على النظام وأنه عقيدة .. وأنه من أساسيات المسلم .. ؟؟
لماذا لا يتم ضبط وإجبار المجتمع ككل (كبيرا وصغيرا) على النظام .. كما أن العقيدة ملزمة للكل( كبيراً وصغيراً ) فكما أن الصلاة والحج لا يعرف الطبقات .. فالنظام يجب أن لا يعرف الطبقات ..؟؟
يجب أن يربى الأطفال على النظام وأنه من أساسياتنا كمسلمين .. كما يربى على العقائد الأخرى .. حتى تتكامل الحياة عقيدة ونظام ..

تحياتي

فتحية الشبلي
29/11/2010, 02:06 AM
نعم صدقت أخي الكريم فيما قلت ....

فالنظام أساس الحياة ....!!
وبرأيي ان النظام يبدأ منذ الصغر فكلما غرسنا في أطفالنا هذه القيمة الجمالية الحيوية ، كان النظام أساساً لحياتهم المستقبلية بلا شك ..
وجميعنا مطالبين بغرس هذه القيمة في النشئ ، بدايةً من الأسرة ، إلي المدرسة ، ثم المجتمع بشكلٍ عام .. فديننا دين النظام ووجب علينا كأفراد مسلمين أن نتقيد بهذه القيمة التي للأسف الكثيرين منَّا لا يقدرون معناها ..ويظلون يتشدوق بما وصلت إليه الأمم الأخري من نظام متناسين بإننا كمسلمين حري بنا أن ننظم أنفسنا وحياتنا وذلك من منطلق ديننا الحنيف

سلم قلمك وأنرت المنابر بهذه الإطلالــة الطيبة

احترامي

ابراهيم القهيدان
29/11/2010, 11:15 AM
أهلا بك أخي الكريم
وأهلا بإنارتك المنيرة للمنابر
وأهلا بهذا الفكر النير
.
.
ذكرتني بما قالته الفتاه لأمها
(إن كان عمر لا يرانا فرب عمرا يرانا)
فهنا تكمن المسألة !!!!؟
فالخلل الجسيم في ثقافتنا !!!
وطرق تربيتنا !!!!
نتبع القشور ونترك اللب !!!
وهذا سبب تخلف الأمة
فتجد البعض يحرص على تعليم أبناءه لأمور لا توازي الأمور الدينية
وهذا قد يكون تقليلا أو تهاونا أو تسويفا
قال محمد عبده عندما زار أوربا
وجدت هناك مسلمين بلا إسلام وهنا وجدت إسلام بلا مسلمين
فالمجتمع الغربي تفوق علينا بالتزامه بالأنظمة والقوانين الوضعية التي سنها البشر
فحريا بنا أن نتبع قوانين سنها رب البشر
.
.
هنا الطرح ذو شجون
فليت قومي يعلمون
ولا لخلف الهمزة يرفلون
(فالشق أكبر من الرقعة يالتكتلي :) )
عبدالله قلبت المواجع عبر حروفك النيرة
فشكرا بحجم الكون ولا تكفي
flwr2

مختار بن ليث
29/11/2010, 02:45 PM
النظام عقيدة, يجب أن نعتقد بالنظام كعقيدة وثقافة راسخة في عقولنا وأذهاننا, ليس قولا فقط بل وفعلا وعملا وتطبيقا.

ربما لم يعتد البعض على ذلك منذ الصغر لأسباب عدة, وبعد أن كبرنا ورأينا العالم من حولنا من الضروري أن نعيد حساباتنا وتصرفاتنا وأعمالنا ونتبنى النظام كعقيدة في كل أعمالنا اليومية وفي سائر أيامنا أينما وكنا وأينما ذهبنا وتواجدنا.

جوري جميل
29/11/2010, 10:36 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنا ولا زلنا نطرق ذات الباب , وهيهات أن يسمعنا أحد ..
الفوضى تعم الأماكن بمختلف توضعها , تلك مدارسٌ ومشافٍ وحدائق , وما ذكرته آنفاً كذلك الأمر
أتعجبُ حقاً ممن يفرقون بين بيوتهم وخارجها , فنراهم داخل البيت بمنتهى الرتابة والتنظيم وفي حين يخرجون سواء لنزهة أو حج أو لمستشفى , لكأنهم أخذوا إجازة تلقائية من هذا التنظيم والنظافة المفترضة .

وليس أبلغ من " النظافة من الإيمان "
فكم علمناها لأبنائنا في صفوف العلم وباتت حكمة يومية بلا تطبيق

وليس أمامي من كلمات أنسجها هنا إلا شكرٌ وتعبير عارم عن بهجة المنابر بانضمامك أولى صفوفها أستاذ عبد الله .
دمتَ متألقاً وناصعاً .

زياد محمد
30/11/2010, 12:01 AM
ألا تظن يا أخ عبدالله ، بأن تطبيق العقيدة هو تطبيق للنظام بعفوية ..؟

شكراً لك ..

عبدالله التكتلي
03/12/2010, 09:56 PM
أستاذة فتحية ..
مرورك وتعليقك مما يشرف موضوعي ..
وفعلا النظام يبدأ من الصغر .. فيصبح اساسا تربويا مُشَربا في عقليته وتكوينه النفسي ..

شكرا لمرورك العطر

عبدالله التكتلي
03/12/2010, 10:01 PM
استاذ ابراهيم ..
كلي فخر بمرورك .. وبتعليقك وإضافتك الجميلة ..
فنحن فعلا لازلنا نتوجع .. ولا ندري إلى متى التوجع .. والعلاج أمامنا ..
النظام النظام .. وتطبيقه ممكن وبسلام .. ولكن لا تطبيق للنظام الا بأوجاع وآلام .. وذلك فقط عندنا ..

حروفك منيرة دائما ..

تحياتي

عبدالله التكتلي
03/12/2010, 10:07 PM
استاذ مختار ..
هذا ما نحاول ان نصل اليه ..
وهذا ما نحب ان نصل اليه عاجلا .. ونستحث الخُطى لذلك ..
فهل سنبلغ ذلك .. أم سيتطلب الأمر أجيالا وأجيالا ؟؟

اشكر لك مرورك الذي اختصر ولخص الكثير بقليل الكلمات ..
تحياتي لك ولمرورك ..

عبدالله التكتلي
03/12/2010, 10:12 PM
استاذة جوري ..

سيصل يوما .. ومن سعى لأمر سيصله .. ونحن هنا نتكلم عن مجتمع كامل يسعى للحصول على النظام ..
وسيصل .. ولكنه السؤال (المكرر) .. متى سيصل ؟؟ .. قريبا أم بعيدا ..

اشكر لك مرورك وترحيبك ..
والشرف لي بالانضمام إلى هذه الكوكبة .. فانتم كواكب من مطر .. وما وجودي هنا إلا لمحاولة الارتواء من عذبكم ..

تحياتي

عبدالله التكتلي
03/12/2010, 10:17 PM
ألا تظن يا أخ عبدالله ، بأن تطبيق العقيدة هو تطبيق للنظام بعفوية ..؟

شكراً لك ..


استاذ زياد ..

بلى .. تطبيق العقيدة هو تطبيق للنظام فعلا ..

ولكن الإشكال هو في فهم معنى العقيدة .. فكثير كثير .. فهموا العقيدة بمعناها الضيق فقط ..
وهي إنها مما يختص بالعبادة المباشرة والتواصل المباشر بين العبد وربه ..
ونسوا أو تناسوا أن كل فعل يفعله العبد هو في نهايته للرب .. وله به أجر .. أو عليه وزر ..

فضاعوا وأضاعوا البقية ..

تحياتي لك ولمرورك المثري ..

زياد محمد
04/12/2010, 08:42 PM
أتفق معك في ردك هذا ..

كن بخير ..