مشاهدة النسخة كاملة : غُصّةُ فَقْد
مجد الأمة
13/03/2011, 04:50 AM
مَدْخَلْ ..
إلَيْهَا .. وهِي القَرِيبَة حدَّ الوَرِيدْ، أكْتُبُ مرَّةً أخْرَى بَعْدَ أنْ هَجَرَ الحَرْفُ مِحْبَرتِي، وانْدَثَرَ بعِيدًا بعِيدًا عنْ بَيَاضِ ورَقَتِي ..
إلَيْهَا .. إلَى تِلْكَ التِي مَا عُدْتُ أنَامُ إلاَّ وَ طَيْفُ ذِكْرَاهَا يَسْكُنُ أعْمَاقِي ..
إلَيْهَا ولأجْلِهَا فَقَطْ سأمِسِكُ بزِمَامِ القَلَمْ وأطْلِقُ العِنَان للبَوْح .. سأقْتَنِي كَلِمَاتِي وأفْتَرِشُ مِدَادِي وأكْتُبُ حتَّى آخِرِ قَطْرَةٍ آخِرِ صَرْخَةٍ آخِرِ ألَمْ ..
..
تغَيَّرتْ أحْوَالُ الدُّنْيَا يَا أنتِ .. حَتَّى أمْسَت الطّرِيقُ أطْوَل مِمَّا كُنَّا نَعْتَقِدْ ..
كَثِيرًا مَا رَسَمْتُ بدَمِي حُدُودَ الفَرَحْ وصلَّيْتُ كَثِيرًا كثِيرًا كَيْ لاَ تَنْدَثِرْ .. ولِكنَّ الحُزْنَ سَكَنَ كُلَّ ذرَّاتِ الجَسَدْ ..
أعْلَمُ أنَّ أيًّامًا كثِيرةً مَضَتْ .. ولكِنّي مُؤخّرًا فقطْ أدْركْتُ فجِيعَة أنْ يَرْحَل عنِّي الأحبَّة ولاَ يَكُونُ بَيْنِي وبَيْنَهُم سِوَى جِدَارٍ سَمِيكٍ بَارِدْ .. واكْتَنَزْتُ الوَجَعْ حتَّى انْفَجَرت فُقَاعاتُ الصَّبْرِ بدَاخِلِي ..
بكُلّ بَسَاطَةٍ سأقُولُهَا : إنَّ رَفِيقَتكِ المُدَلَّلة مَا عَادَتْ بخَيْر، مُنْذُ غَادَرَهَا طيْفُ حُضُورِكِ ..
أتَعْلَمِينْ يَا أنْتِ .. أنّي أصْبَحْتُ شَاحِبَةً كَقَطْرَةِ مَطَرْ تَزَحلَقَتْ عَلَى غُصْنٍ جَافّ فتلاَشَتْ وتَبَخّرَتْ ..
تَربَّصَ بِيَ المَوْتُ كَحُزْنِ المَسَاءْ .. وكَأنّي مَدَدْتُ أحْلاَمِي الشَّاهِقات لِلَيْلِ السَّمَاء فقلَّدَنِي بطَوْقِ أتْرَاحٍ لاَ تَنْتَهِي ..
أرَأيْتِ مَا فَعَلهُ رَحِيلُكِ بِي أيَّتُهَا الرَّاقِدَةُ تَحْتَ التُرَابْ؟ أرْصِفَةُ القَلْبِ اكْتَسَاهَا الغُبَارْ .. وبَسْمَةُ الثَّغْر امْتطَت صهْوَة الرَّحِيلْ .. وحتَّى رِفَاقًا حمَلْتُهُم عَلى كتِفِ أيْسَرِ الصَّدْر .. أبَشّرُكِ أنّي فقدتُهُم للأبَدْ .. فبَعْدَكِ أقْسَمْتُ أنْ أمْضِي بالسَّوَادْ الذّي أرْتَدِيهِ عَلى خَرِيطَة جَسَدِي المُتآكِلِ خَيْبَة إلَى مَنْفَى سأؤثّثُهُ كَمَا يَشْتَهِيهِ حُزْنِي وُحُزنُكِ .. فقَدْ أخْبَرنِي طَائِرٌ أسْمَر ذَات لَيْلةٍ شِتَاءْ أنّ الزَّمنَ لنْ يَتكرَّرَ مرَّتَيْن .. ويَكْفِينِي مِنَّ الدُّنْيَا ذَاكِرةٌ تَمْلؤهَا مِياهُ الحَنِينْ لزَمَنِنَا الأوَّل، زَمنِ الدَّفْء والحُبّ ومَشَاعِرٍ لنْ تتكَرَّر ..
مَخْرَجْ ..
مِنْ هُنَا .. مِنْ مَدِينَةٍ تَغْتَسِلُ بزخَّاتِ المَطَرْ عَلى عتَبَةِ كُلّ مَسَاءْ .. سأكْتُبُ إلَيْكِ أمْسِيَاتِي .. حِكَايَاتِي ومَشَاعِرٌ تَسْكُنُنِي .. ولْيَكُن هَذَا عَهْدًا سَامِقَ البَقاءْ كأمْنِيَةٍ بحَشَاشتِنَا ..
20:25
فِي 03 \02\2011 م[/
يُتْبَعْ ..
أريج عبدالله
13/03/2011, 07:05 PM
للفقد أعراض باردة، تصلبُ الاطراف
و في القلب لهُ لسعةٌ تقتل إحساسنا بالحياة،
لا عوضَ لنا في القلوب الطيبة إلا بالصبر والدعاء
فاطلبي من الله صبراً، ولها اطلبي أوسع الغفران
و تذكري، أن ذكراهم الدافئة تُخلدهم فينا أبد الآبدين. flower:
عاشت معكِ حواسي كُل كلمة،
و كأنَّ ما كتبته خُلق في صدري.
جميلة الحرفِ أنتِ يا مجد،
أكملي flower:
إيمان بنت عبد الله
14/03/2011, 12:15 AM
مجد الأُمة
مرحبًا بالريح الطيبةِ التي عادت بكِ ..
مرحبًا كلما نبتَ اليراعُ نرجسا
ما أشهى قُطوفَ حرفكِ ، و إن سكنها الحَزَن .
حيّهلاً بكِ
/
إيمَان
مريم جمعة عبد الله
24/03/2011, 11:32 AM
للفقد حكايات
للحزن حكايات
يسردها القلب قصصا مدورة
تبدأ بتنتهي
تنتهي لتبدأ
.
الرائعة مجد
أخذني حرفك بعيدا
.
منحك الله من السعادة أكملها
لطهر قلبكflwr2
مجد الأمة
24/03/2011, 06:32 PM
رِسَالَةٌ أولَى ..
" أخَافُ أنْ أمُوتَ ذَاتَ لَيْلَةِ شِتَاءْ فَلاَ أجِدُ أحَدًا يُرَافِقُنِي إلَى مَثْوَايَ الأخِيرْ .. يَزْرَعُ عِنْدَ قَبْرِي شَجَرة وَرْدٍ .. نَبْتَةَ شَوْكٍ .. طَعْنَة أوْ حتَّى مَنْفَى .. "
كَلاَمٌ مَازَال صَدَاهُ يُعَانِقُ مَسْمَعِي كُلَّمَا اغْتَسلَتْ أرْضُ مَدِينَتِنا بزَخَّاتِ المَطَرْ .. فمَازِلْتُ أذْكُرُ حَدِيثكِ ذَاتَ وَدَاعٍ أخِيرْ ..
يَوْمَ كُنْتُ أجْلِسُ بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِكِ ومَا كُنْتُ أعِ حِينَهَا أنَّ الظِلَ الأسْوَدَ الذِي كَانَ يترَبَّصُ بكِ يُنْبِئُ بِرَحِيلٍ قَرِيبْ ..
وأبْكِي وأبْكِي وأبْكِي حَتَّى يجِفَّ دَمْعُ المَحَاجِرْ ولاَ مِنْدِيلٌ يكْفِي لأجفّفَ بِهِ دُمُوعَ الحَنِينْ ..
صَدَقتْ تَنبُّؤاتُكِ .. ورَحَلْتِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَة وصَامِتَة إلاَّ مِنْ حَشْرَجَاتِ المَطَرْ .. ووَحْدَكِ كُنْتِ وأزِقَّةُ المَنْفَى وغُرَبَاءٌ دثَّرُوا الجَسَدَ تَحْتَ الثّرَى ولاَ أحَدٌ كَانَ لِيَحُطَّ زَهْرَةَ نَرْجِسٍ كَمَا تمنَّيْتِ .. ويَقْرَأ بِضْعَ آيَاتٍ عَلَى رُوحِكِ ..
رَحَلْتِ فِي صَمْتْ .. وكَانَ رَحِيلُكِ جُزءًا قَلِيلاً مِنْ حُزْنِي وكَثِيرًا مِنْ ضَياعِي ..
فَجِيعَتِي بِكِ كَانَتْ كَبِيرَة .. جَعَلتْنِي أشْتَمُّ رَائِحَة حَرائِقٍ تُضْرِمُ قَلْبِي ولاَ أجْرُؤُ عَلَى النَّحِيبِ ولاَ عَلَى التَّأوُّه ..
لَمْ يَنْدَمِلْ جُرْحٌ خَلَّفَهُ سَفَرُكِ إلَى بِلاَدٍ أسْكَنْتُهَا خَرَائِبَ الذَّاكِرَة .. حَتَّى أتَتْنِي طَعْنَةٌ زَرَعَتْ نَفْسَهَا فِي أرْشِيفِ الرُّوحْ .. يَوْمَ عَلِمْتُ أنَّ الذَّاكِرَة فقَطْ سَتَحْتَفِي بِكِ .. أمَّا أنَا فَعلَيَّ أنْ أتَدَرَّبَ عَلى غِيَابكِ .. فَحُضُورُكِ الآنْ صَار مُسْتَحِيلاً ..
ولَحْظَتَها فقَطْ أدْرَكْتُ صِدْقَ المَقُولَة : نَحْنُ هَكَذَا، لاَ نتْرُكُ وَطَنًا إلاَّ لنَتَزوَّجَ قَبْرًا فِي المَنْفَى ..
وأنْتِ .. يَا مُضْغَةً اسْتَوْطَنتِ الشّمَالْ .. ويَا فَانُوسَا بانْطِفائِه غَادَر النُّور الأحْدَاقْ ..
لَمْ تَتَنَكَّرِي لوَطَنٍ اسْتَخْسَرَ فِيكِ قَبْرًا ، بَلْ وَ جَعَلْتِ مِنّي جَسَدًا بِلاَ رُوحْ .. مَازَالتْ ذَاكِرَتُه تتَعثَّرُ عَلى أعْتَابِ وَدَاعٍ لَهُ طَعْم المَوْتْ ..
يَا أنْتِ .. كُلَّمَا أعْلَنتِ السَّمَاءُ مِيلَاد مَطَرٍ جَدِيدْ .. أتَتْ ذِكْرَى آخِرِ لِقَاءٍ تَلُوكُ مِيَاه الحَنِينْ .. فأبْتَلُّ بالدَّمْعِ حتَّى قَاعِ عِظَامِي .. وأعْلِنُ الحِدَادَ فِي مَوْكِبِ عَزَاءٍ جَدِيدْ .. فلَيْسَ سَهْلاً أنْ أتقَبَّلَ فِكْرَة بُعْدِكِ عَنِّي .. وأنْ أحْرَمَ مِنْ أقَلّ شَيْءٍ .. جَدَث أزُورُ حُطَامهُ كُلَّ صَبَاحْ .. لأغْسِلَ عَنْهُ بَقَايَا مَطَرٍ لَيْلِيَّ وأزيّنَ تُرَابَهُ بَبَاقَةٍ ورَدٍ مِخْمَلِيّ .. كَمَا تَشْتَهِيهِ رُوحكِ ..
وأغَنِّي مِنْ أجْلِ كُلّ الخَرَابَاتِ التِي خَلَّفهَا مَوْتُكِ بأعْمَاقِي .. وأنَاجِي طَيْفَكِ .. وأحَدّثُهُ عَنْ كُلّ مَا حَدثَ .. وعنْ كُلَّ مَا لَمْ يَحْدُث ..
يَا أنْتِ .. قَرَّرْتُ أنْ أتَحَسَّسَ جُرْحِي كُلَّما جَرَفَنِي الحَنِينُ إلَيْكِ .. أتَوَسَّدُ أوْرَاقِي وأجْهِضُ الحَرْفَ مِنْ مِحْبَرةِ الذّكْرَى ..
وأكْتُبُكِ كَمَا يَلِيقُ بامْرأةٍ تَعِبَتْ مِنْ وَطَنٍ لَمْ يَمْنَحْهَا سِوَى غُرْبَةٍ تَشَرَّدت دَاخِلَهَا .. فاخْتَارَتِ المَنْفَى لِيَكُونَ آخِرَ مَحطَّةٍ لَحَقائِبِهَا البُنّيَّة .. تُمَارِسُ فِيهِ الصَّمْت عَلَى مَهَلْ .. لِيُهْدِيهَا رَحِيلاً مُفَاجِئْ .. لَمْ يَكُنْ بِ الحُسْبَانْ ..
سأكْتُبُكِ كَمَا يَلِيقُ بِكِ وبِذِكْرَاكِ التّي لنْ تُغَادِرَنِي حَتَّى ألْحَقَ بكِ أنَا وهِيَ ومَاضِينَا الجَمِيلْ ..
سَأصْمُتُ الآن .. فقَدْ اعْتَرتْنِي نَوْبَةُ الحُزْنِ مِنْ جَدِيدْ
00:22 05\02\2011م
جوري جميل
31/05/2011, 01:12 PM
روحها هنا دافئة ...
وكل شيء سواها بـــــارد
تحياتي , ودعواتي بالصبر والاحتمال
جوري /
مجد الأمة
10/06/2011, 04:41 PM
رِسَالَةٌ ثَانِيَة ..
" إلَى صَدِيقَتِي مَعَ التّحِيَّة ...
مَا أحْوَجَنِي للبُكَاءْ فِي زَمنٍ صَارَ فِيه الشَّجَنُ عُمْلَةً بَخْسَة، فأنَا مُبَعْثَرةٌ جِدًّا جِدًّا، أشْعُرُ بالوِحْدَة تَخْنُقُ كُلِّي، أنْطَوِي بصَمْتِي وأمَارِسُ التَّشرُّدَ فِي أزِقَة مَدِينَةٍ تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ بالمَطَرْ، ويَحْتَفِي أهْلُهَا بهُطُولِه .. أحَاوِلُ التأقْلُمَ بعِيدًا عَنِ الوَطَنْ .. ولكِنْ تَلْزَمُنِي سُنُونٌ طِوَالْ فقَطْ لأسْتَكِينْ ..
مَوْعِدٌ مَعَ الحُزْنِ اتَّخذْتُهُ يَوْمَ رَحَلْتْ .. ولَكِنْ أعِدُكِ أنّي سَأكُونُ بخَيْرْ .. وسَتَصِلُكُ رَسَائِلِي كُلَّ هَزِيعٍ مَسَائِيّ .. تَحْمِلُ مَعَهَا أشْواقِي واشْتِهائِي للِقَاءٍ قَرِيبْ .. كُونِي كَمَا عَهِدْتُكِ .. رَفِيقَتِي التِي أحْبَبْتُ ذَاتَ هَوًى .. سَألْتَقِيكِ ..
رَفِيقَتُكِ .. "
أعَدْتُ قِرَاءَتَهَا فَدَمَعَتْ عَيْنَايَ فَجْأةً .. واخْتَنَقْتُ شَوْقًا .. وامْتلأتُ رَغْبَةً فِي لِقَاءٍ قَرِيبْ كَالذِي أرَدْتِ .. فِي رُكْنِنَا المُعْتَادْ .. تَحْتَ سَمَاءٍ غَائِمَة .. نَحْتَسِي عَصِيرًا بَارِدًا .. ونُشيّدُ بَيْتًا لأمْنِيَاتِنَا الصَّغِيرة .. نَتَبادَلُ الحَدِيث حَوْلَ مَوَاضِيع جَمَّة.. نَقْرَأ كُتُبَنَا بِصَوْتٍ مُرْتَفِعْ .. نُلْقِي بأبْيَاتِ شِعْرٍ حَماسيَّة وكأنَّنا فِي سَاحَة جِهَادْ .. نَحْتَفِي بمُشَاكَساتِنَا .. تَظْهَرُ عَلاَمةُ الجِدّ عَلى مَلاَمِحِنَا .. تَلْتَقِي النَّظَراتْ .. فنَبْدأ بِضَحِكٍ طُفُولِيّ .. حَتَّى يُعَانِقَنَا ضَوْءُ الفَجْرْ ويَنْشُرُ فِي رُوحَيْنَا عِبْقَهُ الأرِيجْ .. فنَتغَرْغَرُ بأنَاقَةِ الصَّمْت ..
مَازِلْتُ أذْكُرُ والذّكْرَى يَا رَفِيقَةُ لاَ تَخُونْ .. كَمْ كَانتْ تَرُوقُكِ مَلاَمِحِي وأنَا ألْهُو بابْتِسَامتِي لحْظَةَ قِرَاءَةِ كِتَابْ .. وأذْكُر كُلّ لِقَاءَتِنَا .. وأتَمَنَّى عَوْدَة المَاضِي فَقَطْ لأحْتَفِي بكِ .. وتَعُودَ ابْتِسَامَتِي ..
رَفِيقَتِي .. أحْبَبْتُ أنْ أخْبِركِ كَيْفَ تَطْعَنُنِي خَنَاجِرُ الأقْدَار، وأنَا وَحِيدة .. وكَيْفَ تَشدُّنِي شَواطِئُ هَذِهِ المَدِينَة للرَّحِيلْ .. ولَكِنّي قرَّرتُ أنْ أغلّفَنِي اللَّيْلَةَ بخِدْرِ شَجَن .. وأمْضِي بعِيدًا بِزَفْرَةِ الحَنِينْ .. أغْمِضُ عَيْنِي .. فأرَى مَوْكَبَ الأحِبَّة يُزَفّ .. وأتمنَّاكِ قُرْبِي أخْتًا عنْهَا لاَ أعْلِنُ البِعَادْ ..
رَفِيقَتِي .. سَأكْمِلُ الآنَ قَهْوَة حَنِينٍ تَرَكْتُهَا هُنَا بعْدَ أنِ ارْتَشفْتُ مِنْهَا الكَثِيرْ .. وأعُودُ ثَانِيَة لأهْرُبَ مِنْ ذَاتِي فأنَا حَقًّا أشْتَهِي عَوْدَةً لذِكْرَيَاتِي القَدِيمة .. لِذَلكَ العَالَمِ البَرِيء الذِي كُنتُ أعلّقُ بهِ وإيَّاكِ أحْلاَمَنَا الكَبِيرَة .. وكُنْتُ أرْسُمُ عَلَى صَفْحَةِ المَسَاءْ أمْنِيَاتٍ شَبَقِيَّة الألْوَانْ .. تَبْدَأ رِيمُ حَدِيثَهَا الطُّفُولِيّ وتَقُولُ أنَّها لمْ تُخْلَقْ إلا لِتَكُونَ طَبِيبَة، أمَّا أسْمَاءْ فكَانتْ تُفضّلُ التَّعْلِيمْ، وأنَا كُنْتُ أجْلِسُ تَائِهَةً فِي عَرَاقِيلِ أحْلاَمِهنّ لِيَأتِيني صَوْتُكِ المُشَاكِسْ ويَقُولْ أنَا لاَ أرِيدُ كُلّ هَذَا .. أنَا أرِيدُ أنْ أكُونَ امرَأةً بمُوَاصَفَاتٍ يَرْضَاهَا دِينِي .. لتَبْدَأ ضَحَكاتهنَّ المُتتالِيَة .. أهَذَا حُلُمٌ يَا أنْتِ ؟ .. وكَمَا عَهِدْتُكِ تَحْمِلِينِ بَيْنَ الأضْلُعِ شُمُوخًا .. وبكِبْرِيَاءٍ عَتِيدْ .. أمْطَرتِهِنَّ قُيُودًا مِنْ كَلامٍ كَبَّلتْ كِبْرِيَاءهُنَّ .. وزَرَعْتِ حُمْرَةً اعْتلتْ خُدُودِي وشُعْلَةَ حُبّ اسْتَوْطَنَتْ شِمَالَ صَدْرِي .. وبِخُطُواتِ طِفْلَةٍ صَغِيرَة .. جِئْتُكِ حَامِلَة كُلَّ أحْلامِي لٍتُصَافِحَ أنَّاكِ ونَطِير بعِيدًا بَعِيدًا حَيْثُ وَطَنٌ يَجْمَعُنَا نُمَارِسُ فِيهِ مَا نُرِيدْ ..
كَانَ هَذَا لِقَاؤُنَا الأوَّلْ .. تحسَّستُ مِنْ عَيْنَيْكِ مَلاَمِحَ حُبّ جَارِفٍ لأمّتِنَا لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ للهُدُوءِ عُنْوَانْ .. ولاَ يَعْرِفُ للخُمُودِ سَبِيلاً .. وكُنْتُ أنَا .. بِرَائِحَةِ الطُّفُولةِ المُنْبَعِثَة مِنْ عُيُونِي .. بِعُنفُوانِ الأنُوثَةِ المُتَدفّقَة مِنْ شَرَايِينِي .. بعِنادِي وغَضَبِي وانْدِفَاعِي وكِبْرِيَائِي صَدِيقَتُكِ المُدَلَّلة ، وكُنتِ أنْتِ رَفِيقَةَ العُمْر وتَوْأمَ الرُّوحْ و تَزاَلِينْ ..
يَا أنْتِ ..
السَّاعَةُ الآنْ تُشِيرُ ل للوَاحِدَة بعْدَ مُنْتَصفِ الوَجَعْ .. ولاَ تَزَالُ خَاصِرَةُ الشَّوْقِ تَهْتَزُّ مُكبَّلةٌ بأهَازِيجِ الاغْتِرابْ .. ولكِنَّنِي سأغلّفُ أنَامِلَ القَلَمِ بالشَّمْعِ الأحْمَرْ .. فكُلُّ كَلِمَاتِي نَفَذَتْ ومَا عَادَ بجُعْبَتِي سِوَى اسْمُكِ .. أقْرأهُ بِصَمْتْ .. بحُرُوفِ لمْ تَلِدْهَا الأبْجَدِيَّةُ بعَدْ .. كُونِي بخَيْرْ لأكُونْ ..
21:32 06\02\2011م
vBulletin® v3.8.8 Beta 1, Copyright ©2000-2024, Jelsoft Enterprises Ltd.