المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نصف الجمال في جناح فراشة


رداد السلامي
09/09/2018, 09:11 PM
لطالما أدهش عبدالله جمال الحياة والكون ثمة تناسق دقيق بين السماء والأرض وما فيهما، يقول عبدالله : السماء تحادث الأرض وهي تسمعها، ثمة كلام بينهما يتبادلان المشاعر والكلمات بإيقاع لطيف خفي لا يمكن لأحد سماعه أو فهمه، لغة السماء للأرض عصية على فهم البشر إلا ما ندر القلة من ينفذ إلى مجرى حركة التواصل بينهما ليقرا لغتيهما ويفهم التخاطب المبهم، يقول عبدالله السماء تدرك جيدا أن الانسان كان فيها قبل أن ينزل إلى الأرض بقدر الله ،كان جزء منها وكانت عالمه ومستقرة لولا أن طين الارض فيه كان أقل قدرة على مقاومة طبيعته ورغباته وأكثر استجابة لوسوسةالشيطان ،النقص في الانسان يكمن في الطين والصلصال في التراب لهذا كانت الروح المنفوخة من روح الله فيه"ونفخت فيه من روحي" تتسم بالكمال وتغالب نقص الطين فيه كي يسمو بانسانية رفيعة ويتغلب على كل ما يجعله منحدرا إلى الأسوء الجمال في الإيمان والتقوى يقول عبدالله: السماء لديها الأمل في كون هذا المخلوق الطيني سيتغلب على ضعفه ونزواته وأهواءه وكيد الشيطان، وسينجح في العودة إليها مرة أخرى سيستعيد كماله المفقود بفعل المعصية والزلل حين أراد الخلود والملك الذي لا يبلى فأكل من شجرة السوء التي نهاه الله عن الاقتراب منها والأكل، لهذا تحادث الارض وتلاطفها كي ترفق بهذا المخلوق الفريد الذي غلبه ضعفه فهبط منها إلى إليها.
عبدالله روحه جميلة يعمل على إعادة تركيب صورة الحياة من مفردات صغيرة ثم يمزجها ليشكل وعيا كبيرا بها ، لا يحتقر شيء ويقيم وزنا لأبسط الأشياء،تلك البعوضة تعلمه ،والذباب يوصل إليه رسالة ما ،والأشياء التي لا تلفت اهتمام الماديين رغم بساطتها أستاذه في فن المعرفة، يقول أنا مدين لكل ما في الحياة لأن وجودها لم يكن عبثيا فكما أن وجودي كان بالحق فوجودها بالحق أيضاً ، نحن في العبودية سواء وإن اختلفت طقوسنا، حقير من يحتقر مخلوقات الله أو يعتدي عليها ظلما دون سبب ،وغافل عن غاية وجوده والحياة من لا يفقه حكمة وجودها ولا يسعى لاكتشاف علاقتها بالحياة وبه ، فيما مضى لم يكن يهتم للكائنات التي يعتقد الكثير أنها تنطوي على عبثية في الوجود لكنه بدأ يكتشف المعادلات والعلاقات ويقرأ لغتها ومنطقها ويفهم القصدية الكامنة في حركتها وأحوالها وفي ألوانها وهي تمارس التنسيق الجمالي المفعم بروحية إبداعية متفوقة، في جناح فراشة نصف الجمال ومن بطن نحلة أشهى مذاقات الشراب، ومن غراب أسود تعلمنا فن علم الدفن وهو أول من حرك الندم في نفس ابن آدم ، وللكلب وفاء مدهش هو القيمة الثابتة المفقودة في كثير من علاقات البشر بربهم وبعضهم، الله وضع في مختلف مخلوقاته قيما وحين يتجاوز الانسان قدره وقيمته ويتعالى يقول عبدالله فإن الله يعمل على تعريفة بحقيقته من خلالها إنها نجوم الهداية المبثوثة في السماء والارض وبها نهتدي الى الحق، عندما تكون عادلاً في قولك وعملك وأحكامك فأنت تعبر عن السوية الأخلاقية والقيمية لديك فالظلم انحراف أخلاقي وقيمي وهو ليس طبيعة فطرية لأن ذوي الفطرة السليمة يمقتون الظلم والانحراف يميلون للقيم الجمالية السوية وتطربهم أشكال الحياة ومخلوقاتها يؤنسهم المطر والفراشة والنحلة والزهرة ويبادلون الكائنات الحب لانها تريهم فيها آيات الله وتكشف لهم فيها عن عجائب صنعه وإبداعه وتلهم وجدانهم وتعلمهم كيف يصنعون الحياة ويتقنون تحسين مظاهرها كي تزداد فطرتهم قوة واتساقا وتستقيم حياتهم وعلاقاتهم.