المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آخر الأنقياء العابرين.!


رداد السلامي
12/04/2023, 02:04 AM
منذ زمن بعيد لم تكن سوى أنت ولم تكن إلا أنت لم تغيرك الأيامُ ولم تعصفُ بك الأحداث، غيرتَ وتجاوزتَ وبلغتَ مقاصد كِفاحِك لكن يقينك بربك ظل كما هو ثابتٌ في قلبك مستقرٌ يُثمرُ في جوارحك وحركتك وينمو في ضميرك ضوء شموخ لا ينطفيء وحياة لا يبلغها الموت ، راسٍ كجبال أوطان عريقة .
والريح مبعث روحك سارية معك في كل الاتجاهات تكافح لفح الشمس وتلطف أجواء حضورك البسيط ، أيها المستنبط من خفة الأنقياء الذين عبروا الحياة بنبل وقاموا بواجبهم تجاه دينهم صنعوا الخير وأقاموا بنيانه في النفوس والواقع ثم رحلوا كأناشيد الجهاد القديمة التي صدحت بها حناجر مقاتلون شجعانا أفذاذا كتبوا أسماءهم في جبين الشمس إيمانا وعزا .
في الحياة أشياء كثيرة تنتمي إليك: غيومٌ مثقلةٌ بالغيثِ، وأمطارٌ تبللُ جفافَ الأرضِ، ونجومٌ لها تجلياتٌ ومضٍ فريد يُحيي في القلوب شغف التطلعات العظيمة وأنت إيقاعُ المطر الهاديء، وقع قطراته المشحونة بتراتيل العابدين وصوت الذاكرين وكأن الغيم نسخ أصواتهم ثم أرسلها مطرا استودع في إيقاعِ قطرهِ ألحانٌ تُبهِجُ الروح .
وببساطة هو معتاد على رؤية الحياة جميلة يشغله التعقيد البديع في جناح فراشة ، تدهشه النجوم وحركة النمل وصوت عصفور صغير يعزف شدوه ، وبلبلٌ يترنمُ في أعالي القمم ، يسير مع ضوء الشمس في كل اتجاه ، يتقن الهمس في أذن الصباح ،تُريحهُ البساطةُ المنطوية على روح الأمل ، كان فذا ، فذا نافذ البصيرة يرى المستقبل قبل أن يحدث ويتنبأ بالغد ويشق مسارات الضوء ويصل إلى أبعد من نجوم السماء.
ثم إنه نقي جدًا تعلمه الأشياء البسيطة عمق الإدراك يصل الى جوهر المعنى والقصد يتلطف كفتيان الكهف دون أن يشعر به أحد، ثم إنه أشبه بحلم جميل في وعي جميلة مستلقية تنام بهدوء واحتشام ، تشده رائحة النور وينطوي على رغبة دائمة بالكمال ...

flwr1