سالم السيفي
12/01/2007, 07:51 PM
بدايةً أرجو أن لا تذهبوا بعيداً بعدَ الانتهاءِ من قراءةِ هذا الهذيانِ الذي أجبرني على نشرهِ هنا فالشعور الإنساني يجعلك في بعضِ الأحيانِ مجبراً على كتابةِ بعضِ الحقائقِ التي تلازمك ولا يمكنك تجاهلها أو حتى كتمانها .
فهكذا نحو البشر لا نعلم في أي ساعة بالتحديد نكون قادرين على استيعاب كلما يدور حولنا فأصبحت المدارات الزمنية تشق طريقها إلينا ولا تنبؤنا كيف ومتى ستسكننا وستغادرنا ..إلا أنها تجبرنا على الاعتراف أنها جزءٌ لا يتجزأ من حياتنا بكل ما فيها من تناقضات وخيرٍ وشر ..فإذا كان المبرر هو انتحال المرء سبباً معقولا لما يصدر عنه من سلوكٍ خاطئ أو معيبٍ أو لما يحتضنه من معتقدات وآراء وعواطف غير مقبولة ..ويلجأ إلى تقديم أعذاراً قد تبدو مقنعة لكنها ليست السبب الحقيقي.. عندها يحاول استخدام المبررات ويقوم بتلفيق أسباب قد تبدو منطقية للسلوك المستهجن وتفيد في إحاطته بصفة الصواب .. وينفي صفة الخطأ .. وأقرب مثال على ذلك تصرف الرئيس مع من يرأسهم \ والآباء مع أبنائهم \ والأزواج مع زوجاتهم ..ولكن السبب ليس الخطأ إنما السبب الحقيقي هو فقدان الذات الحقيقية في ذلك الوقت.. وهذا بحد ذاته دليلا على ضعف التحكم في الشعور .
وربما هي ليست بدايةُ البدايةِ ولن تكونَ نهايةُ النهايةِ ولكن هي حقبةً وقتيةً قد تنسلخُ من خارجِِ الزمنِِ أو تكونُ قادمةً من عدمٍ \ من فراغٍ\ من تكوراتٍ وقتيةٍ\ أخذت حواشيها بالتقولبِ على ذاتها ..وفي ذاتِ الوقتِ اندمجتْ اندماجاً كلياً مع اللحظةِ التي ملأتها الأحداثُ صوراً ومناظراً تصعب على الذاكرةِ حملها .. ولا سيما حينما تكون مكتظة بغمام الوقتِ وغبارِ التناقضاتِ .. ولا يمكنها تحمل لحظة غباءٍ أدميةٍ أخرى تنبعثُ من جديدٍ لتلطخَ جدرانَ صبرها التي جعلتها غطاءا وستراً لها بعدما كانت عارية في متاهةِ الأحداثِ ..
فبين اللحظةِ السعيدةِ من\ عمرِِ الإنسانِ \ عمر الدولِ \ عمر الحضاراتِ ..خيطٌ رفيعٌ قد لا يرى بالعينِِ المجردةِ وقد لا يدخلُ في خواصِِِ الحواسِِِ الخمسِِِ .. لانْ النشوة وحدها آنذاك تجعل السعادة تُرَحّلُ كل شيءٍ إلى غياهبِ النسيانِِ.. وبرغم هذا الترحَالِ يبقى هذا الخيطُ موجوداً لا يمكننا أن نهربَ منهُ أو نتجاهلهُ.. ولكن متى يكون هذا؟! يكون بعدما تلقي التعاسةُ ظلالها علينا وتفرقُ شملنا وتقطعُ أوصالنا فنبدو غرباءَ تائهين ونحنُ في ديارنا .. كأننا جئنا من لا شيء - ولا - لنا هدفٌ سوى البحث عن ماهيتنا التي لا نعلمُ متى وكيفَ ضاعتْ وأينَ اختفت! .. ويختلف هذا الجانب من شخصٍ إلى آخر ومن وطنٍ إلى آخر. ومن ظرفِ إلى آخر.
فقليلٌ جداً تجدُ الإنسان الذي يحمل صرةَ الاعترافِ ويضعها بثباتٍ على منضدةِ الوضوحِ أو حتى على ناصيةِ الجهر لأنه يجدُ صعوبةً في هذا الاعترافِ بحكمِ تجردهِ من مشاعر الخطأ وإصرارهِ على – أناه - المتضخمةِ لأنه في تلك اللحظة أو تلك اللحظاتِ مغيبٌ عنه الشعور الحقيقي بفعلِ الإرادةِ الجامحةِ للنصر ربما.. أو المكابرةِ من أجلِ إعطاءِ ذاتهِ فرصةً ليدخل بها في نطاق الوعي وخروجهِ في نفس الوقتِ منهُ.. بدافعِ هذه الأنا ..ومن دائرة الاستنتاج الحسي الذي يمكنه من رؤية الأشياء على هيأتها الحقيقية إلى دائرة التضادِ مع النفس والتصادمِ معها.
ولطالما تجرنا القناعة إلى مواريث كانت نائمةً في حضنِ الصمتِ وما أن يتم نبشها وتحريكها تتكالبُ الذكرياتُ دونما هوادةً وتتخذُ منُ هذا الصمتِ ملاذٌ لمعتركِ الأحداثِ التي كانت تتأبطنا أزمنةٌ عدة ونحنُ مسكونين باللذة تارةً وبالمعاناةِ تارةً أخرى ونبقى بين الأملِ وبين الصبرِِ نغرفُ من الوقتِ بمكيالين ولا نعلمُ أيهما سيكون من نصيبنا ! الاستمرارية أم الخيبات المتلاحقة؟ .
نعم يمكننا مصافحةِ الأخلاء بثوبهم القشيبِ حينما يعتبروننا مناضلين ونحنُ في داخلنا لا نعي معنى هذا النضال لأننا لم نكن نفكر في ماهيتهِ حينها ولم نقمْ بالتخطيطِ لهُ إنما جاءَ بمحضِ الصدفةِ وربما الأيامُ وحوادثها ساقتهُ إلينا من غيرِ حولٍ ولا قوةٍ منا. وقد ينظر إلينا الأضدادُ بنظرةً أخرى مختلفةً اختلافاً كلياً ويجعلوه على أنه حالٌ آلـ إلى الانهزامِ وأصبحنا نغردُ خارجَ السربِ لانْ الخواءَ باتَ مرسومٌ على جباهنا ونحنُ لا نملكُ من ذاتنا شيءٌ.. سوى المقامرةِ على أمرٍ نحنُ خاسروهُ ..وهنا أستطيع القول أن مقولة فولتير كانت صائبة : "عندما عَلمَ أن أحد أعدائهِ جاء لزيارتهِ وهو مريضٌ فأردفٌ قائلٌ إذا جاءَ فادخلوه فإنني ( يسعدني ) أن أراهُ .. وإذا ( متَ ) فادخلوه فإنه يسعدهُ أن يراني."
وبين هذا وذاك ينبغي الاعتراف بمنعطفات الحياة ومنغصاتها والتفكير العميق في زواياها التي تحيط بنا كعوالم بشرية معرضةً إلى الخنوع بفعل الأحداثِ ومعرضة إلى النكساتِ بفعل الأحداثِ أيضاً فالاستقامة وحدها الحقيقة الثابتة لحياة الإنسان التي تجعله يؤمن بمتغيرات الأحداث ويتعامل معها بثباتٍ في النفس وجعل الحكمة هي المأمن الوحيد لسلوكه ومبتغاة .. ومن فقد الاستقامة والإيمان بالقدر يكون كالشبحِ الذي يطارد ظله ولا يستطيع اللحاقَ بهِ
وكذلك الحال في الأنا واتخاذ القرارات ..ويجب على كل إنسان أن يعي اختلاف الأنات بجميع مؤثراتها وأشكالها وتكيفها ويتعامل معها طبق الوضعيات الواقعية حتى لا يقول أن اتخاذ أي قرار جاء نتيجة لبناء شخصية معينة.. ففي الذات الإنسانية عدة تقلبات تتفاعل وتتناغم مع البنيات العليا لشخصية الإنسان وقد اختلف اختلافا شديدا مع الذين يقولون أو حتى الذين يعتقدون أنها مكتسبة فالوحدة من وجهة نظري هي ما فوق التركيب للشخصية والتي تعتبر كموهبة \ كحرية أو إبداع وانفتاح على القيمة اللانهائية لحياة كل انسان..
وأخيراً لا يمكن أن يتجرد الإنسان من حقيقتهِ مهما بلغ من مكانة ومهما تعدى حقيقة المواريث التي نشأ عليها منذ نعومة أظافره. ومن أجل هذا فإن المؤمن قويَّ الإيمان يتميّز بقلب حيّ مرهف لين رحيم.. يرقّ للضعيف ويألم للحزين ويحنّ على المسكين ويمدّ يده إلى الملهوف وينفر من الإيذاء ويكره الجريمة فهو مصدر خير وبر وسلام لما حوله ومن حوله ومع أننا نرى اليوم أن الحقيقة تدعونا إلى التأمل من جراء ما يدور في فلكِ مداركنا فمما لا شك فيه لا نستطيع التسليم جزافا ونمضى مع التيار فقد أصبح كل إنسان بغض النظر عن فطرته ينافس الأخر من أجل البقاء لا من أجل التراحم حتى لو كان ذلك على حساب زهق الأرواح وهتك الحرمات.
ملاحظة لا تدعو للملاحظة – مجردِ هذيان لا أكثر –
سالم السيفي
فهكذا نحو البشر لا نعلم في أي ساعة بالتحديد نكون قادرين على استيعاب كلما يدور حولنا فأصبحت المدارات الزمنية تشق طريقها إلينا ولا تنبؤنا كيف ومتى ستسكننا وستغادرنا ..إلا أنها تجبرنا على الاعتراف أنها جزءٌ لا يتجزأ من حياتنا بكل ما فيها من تناقضات وخيرٍ وشر ..فإذا كان المبرر هو انتحال المرء سبباً معقولا لما يصدر عنه من سلوكٍ خاطئ أو معيبٍ أو لما يحتضنه من معتقدات وآراء وعواطف غير مقبولة ..ويلجأ إلى تقديم أعذاراً قد تبدو مقنعة لكنها ليست السبب الحقيقي.. عندها يحاول استخدام المبررات ويقوم بتلفيق أسباب قد تبدو منطقية للسلوك المستهجن وتفيد في إحاطته بصفة الصواب .. وينفي صفة الخطأ .. وأقرب مثال على ذلك تصرف الرئيس مع من يرأسهم \ والآباء مع أبنائهم \ والأزواج مع زوجاتهم ..ولكن السبب ليس الخطأ إنما السبب الحقيقي هو فقدان الذات الحقيقية في ذلك الوقت.. وهذا بحد ذاته دليلا على ضعف التحكم في الشعور .
وربما هي ليست بدايةُ البدايةِ ولن تكونَ نهايةُ النهايةِ ولكن هي حقبةً وقتيةً قد تنسلخُ من خارجِِ الزمنِِ أو تكونُ قادمةً من عدمٍ \ من فراغٍ\ من تكوراتٍ وقتيةٍ\ أخذت حواشيها بالتقولبِ على ذاتها ..وفي ذاتِ الوقتِ اندمجتْ اندماجاً كلياً مع اللحظةِ التي ملأتها الأحداثُ صوراً ومناظراً تصعب على الذاكرةِ حملها .. ولا سيما حينما تكون مكتظة بغمام الوقتِ وغبارِ التناقضاتِ .. ولا يمكنها تحمل لحظة غباءٍ أدميةٍ أخرى تنبعثُ من جديدٍ لتلطخَ جدرانَ صبرها التي جعلتها غطاءا وستراً لها بعدما كانت عارية في متاهةِ الأحداثِ ..
فبين اللحظةِ السعيدةِ من\ عمرِِ الإنسانِ \ عمر الدولِ \ عمر الحضاراتِ ..خيطٌ رفيعٌ قد لا يرى بالعينِِ المجردةِ وقد لا يدخلُ في خواصِِِ الحواسِِِ الخمسِِِ .. لانْ النشوة وحدها آنذاك تجعل السعادة تُرَحّلُ كل شيءٍ إلى غياهبِ النسيانِِ.. وبرغم هذا الترحَالِ يبقى هذا الخيطُ موجوداً لا يمكننا أن نهربَ منهُ أو نتجاهلهُ.. ولكن متى يكون هذا؟! يكون بعدما تلقي التعاسةُ ظلالها علينا وتفرقُ شملنا وتقطعُ أوصالنا فنبدو غرباءَ تائهين ونحنُ في ديارنا .. كأننا جئنا من لا شيء - ولا - لنا هدفٌ سوى البحث عن ماهيتنا التي لا نعلمُ متى وكيفَ ضاعتْ وأينَ اختفت! .. ويختلف هذا الجانب من شخصٍ إلى آخر ومن وطنٍ إلى آخر. ومن ظرفِ إلى آخر.
فقليلٌ جداً تجدُ الإنسان الذي يحمل صرةَ الاعترافِ ويضعها بثباتٍ على منضدةِ الوضوحِ أو حتى على ناصيةِ الجهر لأنه يجدُ صعوبةً في هذا الاعترافِ بحكمِ تجردهِ من مشاعر الخطأ وإصرارهِ على – أناه - المتضخمةِ لأنه في تلك اللحظة أو تلك اللحظاتِ مغيبٌ عنه الشعور الحقيقي بفعلِ الإرادةِ الجامحةِ للنصر ربما.. أو المكابرةِ من أجلِ إعطاءِ ذاتهِ فرصةً ليدخل بها في نطاق الوعي وخروجهِ في نفس الوقتِ منهُ.. بدافعِ هذه الأنا ..ومن دائرة الاستنتاج الحسي الذي يمكنه من رؤية الأشياء على هيأتها الحقيقية إلى دائرة التضادِ مع النفس والتصادمِ معها.
ولطالما تجرنا القناعة إلى مواريث كانت نائمةً في حضنِ الصمتِ وما أن يتم نبشها وتحريكها تتكالبُ الذكرياتُ دونما هوادةً وتتخذُ منُ هذا الصمتِ ملاذٌ لمعتركِ الأحداثِ التي كانت تتأبطنا أزمنةٌ عدة ونحنُ مسكونين باللذة تارةً وبالمعاناةِ تارةً أخرى ونبقى بين الأملِ وبين الصبرِِ نغرفُ من الوقتِ بمكيالين ولا نعلمُ أيهما سيكون من نصيبنا ! الاستمرارية أم الخيبات المتلاحقة؟ .
نعم يمكننا مصافحةِ الأخلاء بثوبهم القشيبِ حينما يعتبروننا مناضلين ونحنُ في داخلنا لا نعي معنى هذا النضال لأننا لم نكن نفكر في ماهيتهِ حينها ولم نقمْ بالتخطيطِ لهُ إنما جاءَ بمحضِ الصدفةِ وربما الأيامُ وحوادثها ساقتهُ إلينا من غيرِ حولٍ ولا قوةٍ منا. وقد ينظر إلينا الأضدادُ بنظرةً أخرى مختلفةً اختلافاً كلياً ويجعلوه على أنه حالٌ آلـ إلى الانهزامِ وأصبحنا نغردُ خارجَ السربِ لانْ الخواءَ باتَ مرسومٌ على جباهنا ونحنُ لا نملكُ من ذاتنا شيءٌ.. سوى المقامرةِ على أمرٍ نحنُ خاسروهُ ..وهنا أستطيع القول أن مقولة فولتير كانت صائبة : "عندما عَلمَ أن أحد أعدائهِ جاء لزيارتهِ وهو مريضٌ فأردفٌ قائلٌ إذا جاءَ فادخلوه فإنني ( يسعدني ) أن أراهُ .. وإذا ( متَ ) فادخلوه فإنه يسعدهُ أن يراني."
وبين هذا وذاك ينبغي الاعتراف بمنعطفات الحياة ومنغصاتها والتفكير العميق في زواياها التي تحيط بنا كعوالم بشرية معرضةً إلى الخنوع بفعل الأحداثِ ومعرضة إلى النكساتِ بفعل الأحداثِ أيضاً فالاستقامة وحدها الحقيقة الثابتة لحياة الإنسان التي تجعله يؤمن بمتغيرات الأحداث ويتعامل معها بثباتٍ في النفس وجعل الحكمة هي المأمن الوحيد لسلوكه ومبتغاة .. ومن فقد الاستقامة والإيمان بالقدر يكون كالشبحِ الذي يطارد ظله ولا يستطيع اللحاقَ بهِ
وكذلك الحال في الأنا واتخاذ القرارات ..ويجب على كل إنسان أن يعي اختلاف الأنات بجميع مؤثراتها وأشكالها وتكيفها ويتعامل معها طبق الوضعيات الواقعية حتى لا يقول أن اتخاذ أي قرار جاء نتيجة لبناء شخصية معينة.. ففي الذات الإنسانية عدة تقلبات تتفاعل وتتناغم مع البنيات العليا لشخصية الإنسان وقد اختلف اختلافا شديدا مع الذين يقولون أو حتى الذين يعتقدون أنها مكتسبة فالوحدة من وجهة نظري هي ما فوق التركيب للشخصية والتي تعتبر كموهبة \ كحرية أو إبداع وانفتاح على القيمة اللانهائية لحياة كل انسان..
وأخيراً لا يمكن أن يتجرد الإنسان من حقيقتهِ مهما بلغ من مكانة ومهما تعدى حقيقة المواريث التي نشأ عليها منذ نعومة أظافره. ومن أجل هذا فإن المؤمن قويَّ الإيمان يتميّز بقلب حيّ مرهف لين رحيم.. يرقّ للضعيف ويألم للحزين ويحنّ على المسكين ويمدّ يده إلى الملهوف وينفر من الإيذاء ويكره الجريمة فهو مصدر خير وبر وسلام لما حوله ومن حوله ومع أننا نرى اليوم أن الحقيقة تدعونا إلى التأمل من جراء ما يدور في فلكِ مداركنا فمما لا شك فيه لا نستطيع التسليم جزافا ونمضى مع التيار فقد أصبح كل إنسان بغض النظر عن فطرته ينافس الأخر من أجل البقاء لا من أجل التراحم حتى لو كان ذلك على حساب زهق الأرواح وهتك الحرمات.
ملاحظة لا تدعو للملاحظة – مجردِ هذيان لا أكثر –
سالم السيفي