إملاءات المطر

إملاءات المطر (http://www.emlaat.com/vb/index.php)
-   حرائـر غيمتي (http://www.emlaat.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   ] خ ـبايا الزوايا [ (http://www.emlaat.com/vb/showthread.php?t=236)

إيناس الطاهر 08/04/2007 01:56 PM


احترم نفسك


حين تضيق ذرعاً بـ متطفل وتريد أنْ تصمته أو تدعوه لـ التزام الأدب لا يتبادر لـ ذهن العامّة جملة أفضل من " احترم نفسك " ;) ، لـ تخبره فيها أنه تجاوز الحدّ المقبول للـ أدب ....

هل هناك من لا يحترم نفسه ؟؟؟
وهل حين يضايقك أحدهم يعني أنه لا يحترم نفسه ؟؟؟
وهل الكلمة تقاس عند الكلّ بـ نفس المقياس ؟؟

سؤالي : لمَ قلت له احترم نفسك ولم تقل احترمني ، مع أنه ضايقك وأنت الأجدر بـ طلب الاحترام

احترم نفسك ، سألني بها سائل وجاوبت عنها طويلاً ، والآن أطرحها أمامكم
رجاءً فكروا بها لحظة وامنحوا أنفسكم الجواب


إيناس الطاهر 08/04/2007 01:59 PM

سيدي القارئ ، لا تنظر إليّ بـ عينيّ الاتهام
فـ القيد في معصمي يزيل عن عينيك الغمام ،،،


مأساتي يا قارئي مأساة مواطن لا يفهم القانون
كــ طالب بليد ، يحمل دفاترَ يحسبها ماعون !!!

مأساتي مأساة مواطن
وعلّها مذبحة وطن
وطن شهيد !!!

يا سيدي في موطني لا فرد حر
في موطني لا قلب حر
كلهم بـ القيد عالقين
كلهم يلاحقهم الأنين
مكرهين ، مجبرين
حفاةً ، عراةً
يلفظون الموت كل حين !!!


في موطني ،
كل الكلاب تحمل وجه الانتحار
لا طير يستطيع رفرفة الجناح ،
فـ الكلّ بـ لا جناح
والكل بـ لا ريشٍ عراة ،،،

لا تلمني إن بحثتُ عن وطنٍ بديل
إنْ صاحبت حاخامات اليهود
وجالست الباباوات على أرصفة الكنائس ،
ندقُّ الأجراس
فـ في وطني لا حياة للصراخ !!!!


يا سيدي تلك رحلتي
رحلة الشقاء ،
أدمنتْ المستحيل
حتى نسج العنكبوت حول عنقها إشارة الإعدام
كل ساحات أرضنا ،
تملأها المقاصل ،
والأعناق الملقاة ، على ساحة الاختناق !!!!!

في موطني ، لا حدود للـ فكر
ولا مكان للـ عقل
كلهم خلف الرغبة ساعون
والرغبة عندنا اسمها الطاعون
رهبة كأنها الطاحون
بلا أسنان
ولا دواليب هواء !!!


لا ماء في وطني
ولا هواء



لا خضرة تجني
منها الأرجاء
كلهم حفاة
وبعضهم عراة
وكلُّ كلهم ، من الفناء حاضرين

يا سيدي ، في موطني كل الوجوه تبكي
كـ وجه الوليد
يبكون بـ لا دموع
فقد دفعنا للـ دولة ضريبة
هي الركوع والدموع
حتى الصدى ما كان يعود
نصرخ خلف الجبال ، أنْ أنقذون
فـ يذهب الصوت ، ويرجع الصدى
لا تحضرون
نحن فارهون
نحن الكرام العابثون
نحن الأصيل
أن لاح للشمس أصيل !!

لا صدى يعود ، قد لقنوه ، كيف يرتاد الأمكنة دون شعور
كيف يموت ، كيف يصير بلا ضمير



في موطني لا حاكم ولا سلطان
إلا النوم ، وكلهم في سبات


لا تتفاجأ ، أنني أبحث عن وطن بديل
عن حدود المستحيل
عن حب ماله مثيل
عن بركان مشاعر
عن سيول
عن أخاديد عشق
عن حقول
عن حب لا بداية له ولا انتهاء
فـ في موطني ضاع الرجاء
واستلقت تحت الشمس بوادر العناء
والنساء ، في موطني حبلى
من بذرة الهواء
ذاك الأمل ، كان هواء

نتنفس الشقاء
ونستجدي العناء

في موطني لا مكان للـ ملائكة
لا مكان للـ شياطين
لا مكان للإنس ولا الجان
في موطني ، الشيء الوحيد الموجود ، هو البلاء




فـ لا تنتظر مني سيدي ، إلا حروف الشقاء




همسة :
متى سـ تتعاملْ مع ـنا حكومتنا بـ شيء من الاحترام لـ خلايا أدمغتنا ؟
إلى متى سـ يبقى شعور المغترب في وطنه يلاح ـق طرقات أنفسنا ؟؟؟؟؟؟؟؟

إيناس الطاهر 08/04/2007 02:36 PM



فلسفة حلم


حلمت أنى احلم ...

وفي حلمي رأيتني ،،، في هالة من الخوف الأفلاطوني العجيب ،،

أنى بمملكة قابعة في ميزان بكفتين ، كفة لخطايا النفوس ،، وكفة لخطايا الروح ،، وأن الموت محمول على أكتافه الطير بلا نزاع أو خناق ،، والقلوب حمراء مبعثرة الأوراق ،، والنساء لآلئ مرصوصة حول عنق اللطف تتهادى مع موج البحـر بلا تجريح أو تقتيل أو اسوداد ...

وأنّ المحيط قد تجمد .. فخرجت من جوفه أرواح ملايين الموتى ينشدون لحن الخلود ،، في انتظار الحساب ،، ميزان لا يخطئ .. و نار لا تطفأ ،، واقوام تمضي واقوام تروح ...


رأيتني اني بسفينة تمضي بمحيط اوله صفحة بيضاء وآخره بلا نهاية اسود ،، ولا ميناء له ولا مرسى ،،، وجوه تاتي ووجوه تروح ، وجوه اعرفها ووجوه اجهل اصحابها ،، وكلهم ملفوفين بكفن ازرق كزرقة السماء قبل ان تنقلب للاحمر ،،

كانوا كالاصنام وجوه باردة وعيون جامدة وافكار متحجرة ،، التف بينهم كما تلتف الرياح بين اغصان طرية فاجدني عارية خالية فارغة ،،،

أدخل قلوبهم فلا أراها!!!

وأجدني أصفُر كـ ريح دخلت شجراً أجوف ،،،

وبدون مقدمات لاذ البحر بالفرار ،، فاعتلت الموجة ، وصرخت الارض تحته صرخة قابيل حين قرر الغدر ،، علت السفينة وهبطت ، علت وهبطت ، علت وهبطت ،، ونست أنها بشراً حملت ، ونست أنها غلف القلوب حوت ،،

ورمت الغيوم سهاما كالحجاره ،،، وحملت الغيوم في رحمها بذرة بالحرام ... من خان أرباب السوابق وحمّل الغيوم ؟؟؟

ونادى من اعلى جبل الأقدار صوت ... قال يا من حقوق الله تأكلون ،، يا أبناء إبليس الي فلتخرجون ،، وللأرض تعودون ،، ليس من النار خلقتم يا اولاد الطين ،،، أفعالكم من وجع الخطيئة ، وطموحكم وأمانيكم من الرغبة الدنيوية مصنوعة ،،،

مخنوقة مقهورة مظلومة أريد الهروب ومنافذ حلمي مغلقة والأبواب بلا مفاتيح فأين المهرب والمفر؟؟؟

وبدون مقدمات جاءتني السكينة بثوبها السندسي الاخضر ... مسحت الغبار ورفعت هامتي فوق متون حلمي فاستيقظت منه وأمرت عيني ان تفتح على الواقع ففتحت فاذا الصبح قد شق جوف الليل وخرج ،،،

السماء زرقاء ، والأرض جميلة وهي خضراء ، ولا شئ من حلمي الذي كان في حلمي كان ،،،

ابتسمت : على الارض السلام قلت ، وما حاكمت حلمي على كذبه ، فهل يسأل ميتا عما رأى ؟؟؟ ...

علمت ان الوقع جميل ، والاجمل منه الحقيقة دون تزييف ،، والابتسامة جوهرة ، والامل ميعاد ،،، والانسان قلبا وعقلا وروحا ،،، علمت ان الحقيقة في ان نعيش الحقيقة والا نهرب من الواقع للاحلام ،، لانها بكل بساطة ستسحبنا لدوامة ملفوفة متعبة ونفيق منها على كابوس ... وعلمت اننا من روح الله خلقنا ... وبأمر ربي قد صيّرنا ... وما رغباتنا وضياعنا الا طيف رماه اعوان ابليس ...

دنيانا امرأة مزينة بجواهر ورغبات الحياة ... تشيب ان اعرضنا عنها وتزهو وتحلو كلما اليها اقبلنا ... روحها من دماء عاشقيها ، كدراكولا في كتاب الأساطير على دماء البشرية يفيق ... ومن نور الشمس ووهج الحق يحترق ...

آه لو علم كل هاو لمصالحه انه غير نصيبه ما أخذ ... ولغير قدره ما سعى لانقلبت الموازين ، وما بات في برد الشتاء مشرد ، ولا جاع مسكين ، ولا بكت ام على مستقبل يتيم ... ولا حسد فقير غني أو طرد من بابه الغني فقير


ما أجملك دنيانا ، حين تزهين بالرضا ، وتحكمين بالعدل ، وتتنفسين بالرجا فسحات الامل

إيناس الطاهر 08/04/2007 02:38 PM



ولكن


اليوم ، جاءها خاطب
مواصفاته رايقة
وضعه المالي جيد ، صاحب عقل ، مثقف
أضف على ذلك رجل دين وصلاح

أعجبته حين ناظرها ، وجدها فتاة أحلامه
وحين رأته أدركت أنه من تبحث عنه

وبعد الاتفاق على كل شئ
وقبل الاتفاق الأخير
جاءت الطامة
الشاب يصغر فتاتنا العروس
بـ ساعة ، بـ يوم ، بـ شهر ، بـ سنة ، بـ سنين
ليس مهماً ، المهم أنّه يصغرها

بـ عرفنا ، بـ عاداتنا ، بـ تقاليدنا
الأمر كبيرة ومصيبة
لسنا أنبياء لـ نقتدي بـ محمد صلوات الله عليه وسلامه
ولا كل عرائسنا خديجة

موضوع مطروحٌ موجود
الزواج من فتاة تكبرك عمراً ( للـ رجال )
الارتباط بـ شاب يصغرك ( للـ صبايا )
إلى أي درجة ممكن ؟؟
ما معوقاته ؟؟ ما أسباب رفض الفكرة ؟؟
إلى أي حدّ في مجتمعاتنا يمكن للـ فكرة النجاح ؟؟؟
مع ملاحظة أنّ جسد المرأة يهرم قبل الرجل ، وأنّ عمر النضوج والعطاء لديها محدود

على طاولات النقاش الصامت
لكم ولـ معتقداتكم وآرائكم
بـ جدية ، ومن يملك الحل فلـ يحتفظ به لـ نفسه


لـ قلوبكم وبنات أفكاركم
فكرةٌ نعلم أنها لا تُخجل ، ومع ذلك من نقاشها الع ـقيم نخجل :D

إيناس الطاهر 09/04/2007 12:11 PM


بـ الأمس ، على قناة الرسالة
كان طارق سويدان وتلك المعتوهة في لقاء أمام الجمع
تحدثوا عن الحجاب ، ولزومه
فـ أبدت الخرقاء رأيها القائم على عدم ضرورة ارتداء الحجاب
كونه عادة لا عبادة
معظم مرتديه من الفتيات مرغماتٌ عليه ، بـ حكم التقليد وسلطة الأهل
لـ حتى قالت جملتها في كتابها الذي ألّفته ، لو ارتدت ابنتي الحجاب لـ قتلتها !!! :eek:
تمنيتُ لو كنتُ ( أوف لاين ) معها لـ أسألها سؤال أحبُّ توجيهه لكلّ تلك الفئة الضالة :
لماذا حين نصلّي نغطّي الرأس ، ونستر الجسد وإن كنّا فُرادى نصلي
ونحن بين يديِّ ربٍّ أعلم بـ تفاصيلنا منّا ؟
ولماذا حين نطوف حولَ الكعبةِ نكشف الوجه ونستر الجسد مغطين الرأس إنْ لمْ يكن للـ حجابِ داعٍ !!!


وعليه قِس بقيةِ الأمور !!!

يا أَمَةَ الله ،
كوني لله وحيث ارتضى لكِ الحق والخير
فإن لمْ يقبل قيامكِ بين يديه كشفاً وهو بكِ أعلم ولا حاجةَ له بكِ وأنتِ من احتاجه
فـ كيفَ يقبل بـ وجودكِ مع غريبٍ مكشوفةً غير ساترة ؟؟

يا أمَةَ الله ،
دعيهم في غيّهم ساعون
كوني لله حيث ارتضى لكِ الخيرَ
وتأكدي حجابكِ لن يمنع خروج الأفكار من رأسك بل سـ يحفظها من الزوال ويُنضَجها بـ الركيزة والتعّقل

يا أَمَةَ الله ،
كوني لله ، ولا تُرضي سواه

إيناس الطاهر 10/04/2007 12:15 PM

لـ عابرٍ حدود الاستيقاظ
 
شكراً لك ،،
أدركتُ المعنى ، لستَ بح ـاجةً لـ مجاملتي
قد كفيتكَ طول الشرح ، فـ لا تحمّل نفسك لائمة البداية




شكراً أخيرة

إيناس الطاهر 14/04/2007 10:26 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إيناس الطاهر (المشاركة 3750)
شكراً لك ،،
أدركتُ المعنى ، لستَ بح ـاجةً لـ مجاملتي
قد كفيتكَ طول الشرح ، فـ لا تحمّل نفسك لائمة البداية




شكراً أخيرة


أقدم الاعتذار منك عنك إليك ;)

كان هنالك لبساً في الموضوع
بعد مراجعة الأمر اكتشفت انني بدّلت رأسي حتى أضعت للح ـظة إيماني بي

هل نتصالح من جديد ؟؟؟؟

إيناس الطاهر 14/04/2007 10:27 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إيناس الطاهر (المشاركة 3606)

احترم نفسك


حين تضيق ذرعاً بـ متطفل وتريد أنْ تصمته أو تدعوه لـ التزام الأدب لا يتبادر لـ ذهن العامّة جملة أفضل من " احترم نفسك " ;) ، لـ تخبره فيها أنه تجاوز الحدّ المقبول للـ أدب ....

هل هناك من لا يحترم نفسه ؟؟؟
وهل حين يضايقك أحدهم يعني أنه لا يحترم نفسه ؟؟؟
وهل الكلمة تقاس عند الكلّ بـ نفس المقياس ؟؟

سؤالي : لمَ قلت له احترم نفسك ولم تقل احترمني ، مع أنه ضايقك وأنت الأجدر بـ طلب الاحترام

احترم نفسك ، سألني بها سائل وجاوبت عنها طويلاً ، والآن أطرحها أمامكم
رجاءً فكروا بها لحظة وامنحوا أنفسكم الجواب




هل حاولتم بها ؟؟؟

للح ـظة فكرت بها
فـ اكتشفت أنّ قمة احترامي لـ ذاتي ، تجاهلها :D

إيناس الطاهر 14/04/2007 10:29 AM

هل تحاول أن تتخيل معي ،،،

مدينة كلُّ من فيها نساء

كيف تكون ؟

بـ الله خبرني

إيناس الطاهر 14/04/2007 10:31 AM



اليوم مخ ـتلفٌ ، مختلفٌ جداً
بين الفرح والحزن عندي خيط رقيق لا يكاد يُرى ،
يؤطر مشاعري
ويرتبها حسبما يريد وينسجني بين حدود الابتسام والبكاء متسول ضائع ،
يبحث تارة عن
كسرة خبز فإذا ما وجدها طمع بما يضعه فيها
وتارة أخرى عجوزاً ، متصابيةً ،
تنظر الفتية حولها ، بـ جمالهم ، دلالهم ، قوّتهم ، فتصبغ الشيبات
آملة غير متنبهة لكل التجاعيد التي ملأت وجهها المترهل .
بـ نظرة رضا هكذا أراني وأنا أحبس الأنفاس تارة ، وأخرجها أخرى
ضدان لديّ لا يمكنني ، تأطير أحدهما على أخيه ،يأتيان معاً
وقد يرحلان معاً !!!!
لا يمنحان مواعيد دقيقة للحضور ، فـ أبقى غير دارية
هل اليوم موعد الابتسام معي ؟ أم موعد الحزن والبكاء والرثاء !!!!
وكأنني كلما تعمّقت مع ذاتي أجدني في تناقض عجيب ،
يحمل مني ذات الوجه بنسخةٍ أخرى لا شأن لها بسابقتها ، ولا علاقة .

هل نتدرج في الفرح ؟
أم أنها الحياة تحرمنا تارة
وتصلنا أخرى لترتبنا حسبما
تريد هي دون أن نعترض
أو نقدّم لائحة كفر بما
يكون من تصرفات حياة ؟؟؟

الأمس واليوم ،
فارق ساعاتٍ محدودة ،
لكن العملة كانت مختلفة ،
والمعدن نوع آخر والطبع كنهٌ آخر ،
لا حدود وتبرير لما استشعره بقوة ،
اليوم ، أريد مراقصة السماء في حفل غنائي منفرد الإيقاع
يقول تعالي أراقصكِ حيث نكون وحدنا ،
فوق حبّات النجوم نؤطر فرحنا ،
على صفحة القمر المضيء يدقُّ دُفّنا ،
ومن ماء بحر الهيام نثمل فـ تغدو الحياة بـ قلبنا أجمل ،
ويسكن فينا رذاذ الخيال ، فـ نعشق تبراً وللكون نعقل

اليوم أنا أفضل ،
وجهي أجمل ،
وأكثر عتقاً لتلك الأماني
جميلٌ نهاري ،
وفيّ من الكون ورد معطر 


إيناس الطاهر 14/04/2007 10:32 AM

مجموعتي لـ مسابقة نعمان ناجي / 10 قصص
 
الزنزانة


غموضٌ يكتنفُ تلكَ الزنزانةِ ، حين لا يكونُ المُدرَك عنها سوى أنها سجنٌ إنفرادي يدخله المرء بإرادته ، وقد يَتكوّن فيها دون إرادته، ولا يمضي على سجنه أياماً حتى تُزلزَل الأرض بصرخةٍ تملأ الأبدان رجفةً ، ثم يتصاعدُ من خلفِ القضبان الغليظةِ دُخانٌ ينبئ عن جثة قد احترقت ، لا أحد يدري أذهبَ السجينُ للموتِ بإرادته أم أنّ هنالك سرّ دفينٌ فيها ؟
كان الأمرُ بالنسبةِ إليه أشبهَ بالتحدي ، وربما بطوق النجاةِ الممدود من علٍ ، عليه أنْ يجازف ، فذقنه الطويلة ممتلئةٌ بالأتربة ، إنه غير قادرٍ على نفضها أو قصها لقصر ذات اليد ، وثوبه الفضفاض قصيرٌ متهم بالقذارة ، ضاقت عليه الأرض بما رحبت فمن حوله يندّدون به ويتهمونه بإرهاب التصرف ، ويحيكون ضده التهم ، ليُجاد وضع الحبل حول عنقه بدعوى معتقدِه الذي يجهله ، ينظر حوله ، الجوع يسيطر على الأفواه المفتوحة .
دون أن يترك خبراً عن وجهته ، انطلق حيث القضبان الغليظة مؤمناً بأنّ عليه أنْ يسبح ضدّ التيار ، أو يعانق جدار الموت ليحيا إلى الأبد . وحتى يقوى على ذلك الخوف الذي يسيطر على نفسه كان عليه يجد النقطة التي يبدأ منها ، تلك التي تحسم الاتجاه الذي يسلكه نحو النور ، عليه أنْ يتعلم ما جهل من أمورٍ نُسبت ضده زوراً وبهتاناً ، يجد حلولاً لكل ما يعانيه شعبه المهمل ، وطبقته التي سكنت تحت الأرض ، يعيد الدفء إلى البيوت التي جعلته شمّاعة فقرها وموطن حزنها ، وسبب معاناتها .
وصل زنزانته ، استشعر لون الرماد على الجدران ، استنشق رائحة الجلود المحترقة ، قبل أن تخطو قدماه داخل القفص اهتزّ كأنه يدخل قبره حيّاً ، أيخطو إلى الداخل ويصبح رهين قراره ؟ ، أم يعودُ أدراجه ، حيث منيع غاية ! ، خياران أحلاهما مُرّ ، إنه يخاف من المجازفة ، ففيها رهانٌ على ما يجهل ، نادته جاذبية السجن : ما الحياة إلا تجربة ! فمن لا يملك مفاتيح قيده يملك على الأقل حقّ الدفاع عن حريته .
ويخطو أخيراً للأمام ، لظلمة الزنزانة .
لمْ يختلف هذا اليوم عن سابقه ، ما تزال تعبق في أنفه رائحة الجلود المحترقة ،
- لكنني لا أرى شيئاً ، كم مرّ عليّ هنا ؟؟ هل أنا نائم ؟ أمستيقظٌ أنا ؟؟هل هذه ظلمة حلمي أم يقظة واقعي المظلم ؟؟
هكذا كان يفكر وهو يحدّق في المدى ، شعرَ بجوعٍ يتغلغل في أوصاله ، انحنى حتى لامس فمُهُ أصابع أطرافه السفلى ، وبدأت أنيابه بنهم تقضم البنان تلوَ الآخر، في لذةٍ عجيبةٍ ، وألم فيه الاستيقاظ !
- هل أعاقب نفسي ؟ لا أملك إلا اشتهاء لحمي وقضمه ! ، ماذا يحدث لو قضمتُ إصبعي كاملاً ؟
الجوع يشتد ، فينتقل فمه إلى يده ، غارساً أنيابه في لحمه ، فإذا ما تألم استيقظ ، فيستشعر روحه ، ليرى صوراً تقفز إليه من الماضي حاملةً غصن زيتون وفخراً تواسي وحدته وظلمة وحدته ، فإذا أخذ الألم منه مطلبه سقطَ دون شعور ، وعندما يفيق تثيره رائحة دمه المراق ، تزيده نهماً لمزيد من احتواء نفسه ، وكأنه كلما قضم من خارجه جزءاً أعاده إليه ورتبه كيفما يريد ليقف قوياً إزاء العاصفةِ من حوله وفي كيانه ، إن جزءه المبتور ما عاد له ، وما دخل جوفه ينمو ليحيا
- هل حين نتألم نكتمل ؟ قال حكيم :انظر إلى نصف الكوب الممتلئ ، أما علم الحكيم أنّ ما بقي من الكوب بقايا فقط ؟! إنها بقايا وإنْ بلغت ثلاثة أرباعه و ليس نصفاً ،
إن من انتُزع منه شيء لا يظل كما كان بل يصير جزءاً مشوهاً ،
يؤرقني شعوري بالتشوّه ، أريد أن ]أرتبني وأحتويني [* من جديد ، فلن يخاف عليَّ أحدٌ أكثر مني ، سأعيد بناء ما ضعف حتى عدِم " لأن الخطأ الأكبر أن أنظّم الحياة من حولي ، ثم أترك قلبي في فوضى" ،
لن أرضخ للضغوطات ، ولن أقبل بعد اليوم بما يضرّني من مسلّمات ، مهما كان الخارج سيئاً فأنا قادرٌ على تغييره ، سأبني داخلي مملكتي ، أنا داخل أنا ، لينقص منظر الخارج ، ويزيد نضجاً ورفعةً داخلي ، سأواجه الفتن.
ناداه من أعماقه خوف : ماذا عساك وحدكَ تفعل ؟ هيهات حلمك .
- مالي أجبن ، تتنحى عني ثقتي فتضعف عزيمتي ،
ما بالك يا رجل ؟ أفق ، إذا لم تثق بنفسك فلن يثق بك أحد .
مرة أخرى عاد له إصراره ؛ نورٌ خفيفٌ ينبثق من أعماقه ، يمنحه العزيمة ، رويداً رويداً كانت قضماته لخارجه تتزايد بتناسق في اختيار الموضع ، يمضغ بعضه نصف مضغة تاركاً لذاك النور تكوينها من جديد ويضعها حيث يجب أن تكون .
وصل إلى مرحلة صار الخارج فيها هشاً فبدا شاحباً مرهقاً ، صارت تضايقه رائحة دمه ؛ وكأن ما يشتمّه قد فسد ، مهما كانت الرائحة منفّرة فإنها أقل فساداً من نتانة الفتن ما ظهر منها وما بطن .
نور انبثق من الجدار . شعر بتواصلٍ مع ذلك النور ، كأنه يخرج من نبضه ، وكأنّ وقت المخاض جاء وحان للجنين معانقة الحياة ، الضوء يكبر تارة ويخفت أخرى ـ كان يشعر بألم وإرهاق يزداد كلما توّسعت الدائرة وابتعدت عن مركزها ، حتى فقد وعيه للحظات ، وحين أفاق ، كان النور قد أخذ نصف الجدار فأنار المكان.
بدا الأمر أشبه بصفعة أخذت من وجهه مستقرها ، لم يكن الرماد يملأ الحائط كما كان يظن ، بل كان هناك عشرات الوجوه المعلقة عليها ملامح الفزع والرهبة ، صدمةٌ هالته همّ أن يخرج صرخةً من أعماقه ، لكنه أدرك أنه إن فعل سيسحبه النور فيحترق ما تبقى له من جسد ويكون وجهاً خائفاً التصق بالجدار ، وهكذا سيكون ضاع في أزمة الضغوطات بعد أن وجد نفسه ،
كظم جزعه ، ونظر كلّه ، كان كاملاً لم ينقص منه شيء وكأنه ما كان يقتات على بعضه ولا يلتهم أجزاءه ليحيا ، ساعده النور على رؤية حدوده الجديدة ، نهض ، بدا وكأنه يتعلم الخطو من جديد ، و سرعان ما تملكته قوّة هائلة خرجت من داخله و انطلقت لتفجّر قضبان الزنزانة ليخرج وقد ولدَ الرضا والكمال فيه !! أو ربما كان هذا شعوره !


******************************************


]أرتبني وأحتويني [ : أدركُ انها غير جائزة في قواعد العربية ، لكنني أردتُ التلميح لثورةٍ خارجية ثم داخلية وصلت إلى تحطيم قواعد العربية } ربما احتاج الكاتب أن يجعل منها شيئاً جديداً {

إيناس الطاهر 14/04/2007 10:33 AM

2
 
المُهرّج



كل البطاقات قد بيعت لمشاهدة أفضل مهرج في تاريخ السيرك ... بـ شهادة الملايين فقد صار الوحيد القادر على جعل كل من في الصالة يضحك ...

" في الغد علي أن اقدم عرضا يروق المشاهدين ، كم هي صعبة الشهرة ، علي أن اقدم كل مرة أضعاف مجهود أول مرة ... "

اجتماع مطول مع مدير السيرك ... نصائح وكلمات تهديد مختبئة خلف ستار البسمة الصفراء ، وحين هموا بالانصراف جاءه صوت المدير : ، في الغد قدم افضل ما عندك ...
هزّ رأسه واعداً وانصرف ...

غرفةٌ مظلمة ، لا تناسب مهرجاً ... شمعةٌ ضعيفةٌ مضيئةٌ بـ زاوية الغرفة ، بدت الألوان والأقنعة مترامية على طاولة فخمة ... غرفة واسعة ونغمات كلاسيكية تنبعث من الحاكي ... تعلو تارة وتنخفض أخرى ومع دق الوتر يرتفع نبض مهرجنا وينخفض مرة أخرى ... جلس أمام المرآة ، أمسك قطعة القطن وحين همّ بـ مسح الألوان ، خانته يده ، كم يخشى أن ينظر لـ وجهه بلا ألوان ، نسي ملامح وجهه ، نسي ذلك الشحوب الذي يعتلي بشرته ، نسي لونه مع الألوان ... بل بات يخاف لونه دون ألوان ، ترك قطعة القطن ونهض ... كان متوتراً ، كاذبة تلك البسمة العريضة التي تملأ وجهه ... كاذبة ، إن خلفها ألف آه و آه محبوسة !!! ولكنها صارت الحقيقة التي يراها الناس ، حتى ما عادت حقيقة انه معذب موجودة في قاموس المشاهدين ، خرج ناظراً للـ سماء ... مرّ شهاب مسرعاً ، حياته كـ هذا الشهاب ، بـ لا استقرار ، بـ لا عائلة ، مجرد حركات بهلوانية ، وأطباق تتأرجح على كفه المنهكة ، ورقصات ظريفة فوق كرة متدحرجة ، وربما السير على حبل بمرافقة مظلة ، هذه حياته ، التي نسي معها حقوقه ، ونسي انه أب لثلاثة أولاد أكبرهم صبي مريض .

حدق بـ الأقفاص ، كان الأسد مستسلماً للـ نوم ، اقترب منه ، حدق به ... سمع ضحكات الشمبانزي خلفه ، دوماً كان صديقه ، وكان التدريب يتطلب من المهرج الرقص والشمبانزي يضحك في قفزات محببة للجمهور ، ولكن هذه المرة ولأول مرة ، تصبح حركاته ثقيلة باردة وتافهة ومستفزة لقلبه ...
كفى ، صرخ به لكن الآخر ما ازداد إلا حركة ورقصا ، ينتظر من صاحبة تصفيقا وتشجيعا كـ عادته...
ما عاد ينظر ، ما عاد يرى ، دون أن يستطيع أخرج خنجراً من مجموعة مرصوصة على طول بنطاله الملون ، نظر بـ حقد للقرد ورمى الخنجر فتربع في صدر المسكين ، فـ اخرج آهة متألمة تمزق لها قلب المهرج .. استيقظ على فعلته بـ قهر وندم .. فتح القفص ، رفيق عمره قد مات ، وهو قاتله ، لماذا فعل ذلك ؟؟؟ بـ ارتعاشة حزينة حمل القرد ومشى به لأقرب أرض ترابية ، حفر ودفن القرد ... وبكى ، بـ مرارة بكى ... ليتهم يعلمون انه إنسان ، ليتهم لا يحملونه ما لا طاقة له به ... يضحك وفي القلب ألف همّ ، تزدان ثيابه بـ مئات الألوان المتفائلة وفي قلبه سواداً لا يضيئه فجر جديد ،

عاد لجناحه ، تمدد على سريره ، إذاً فقد بات مجرما ... جريمة لن يسأل عنها أحد ، ولن يهتم بها أحد .. سيقول انه قتل .. قردا قتل ! ومن يهتم الآن بقرد !؟!؟..

" ويحي ، أين اذهب يوم يشكيني لربي ويقول : قتلني وما أذنبت بحقه يا رب ؟؟ " ،
مرت قشعريرة باردة في أوصاله ، يا رب .. يآآآآه .. أنساه عمله الإله .. فضاقت النفس وما وجدت ملجأ .. ضاع دفء القلب .. بالابتعاد عن رضا الرب .. فـ هل عساه يعيد التفكير ؟؟ هل تراه يغير خطوات الضياع ؟؟ أيّلون نفسه بتناسق وتناغم بدل تلك الفوضوية ؟؟ يسأل ولا يجيب .. وأخيراً فضل الصمت حتى بالتفكير ...
تك ، تك ، تك ....

عقرب الثواني يدور ،
انه السر الذي لا يعلمه أحد ، خوفه من ساعة العقارب ،
حين كانت أمه تغلق باب غرفته بعد أن تتمنى له أحلاما سعيدة ، كانت تتركه في صراع مع ساعة الحائط ، عقرب الثواني في سباق مستمر مع دقات قلبه ، لماذا هذا الخوف الطفولي ؟؟؟ اعتقد انه مات من سنين لكنه اكتشف انه ما يزال موجودا متأصلا فيه ،
كان ذلك حين أهدى والده ساعة يد له وهو في الرابعة من العمر ...
وحين استعد للنوم فزع من شئ يطرق ، يسمعه ولا يعرف ما يكون ، صرخ بعلو حسه ...
وحين حضرت أمه شرح ، ففهمت ، وبدل أن تربت على كتفه جعلت منه أضحوكة بين العائلة ،
ومنذ ذلك الحين نشأ خوف وكره لـ ساعة العقارب ،
زادت بوجود ساعة الحائط ، عقارب أكبر وقهر نفسي أبطأ ! ..
بدأ يشعر بضيق عجيب .. قلبه يضيق ، وروحه وصلت بوابة حنجرته ، يعض شفته السفلى بقهر أدماها ، يداه تنتفض دون وعي ، يهز رأسه بغضب ، يمنة و يسرة ، وهي تصر
تك ، تك ، تك ....
صمت لاح بالمكان غير صوتها ، كفى ، كفى ،، دون أن ينطق ، كانت أنفاسه المتلاحقة تنبئ بما في ذاته ، ودون وعي منه مرة أخرى .. يمسك شيئا بيمينه ويضرب ساعة الحائط ...
دوي كأنه انفجار مع سكون الليل .. ثم ...
تك ، تك ، تك ...
لم تخرس ...
دون إدراك سبقته قدماه ووطئها ،
سحقها بقدمه ،
ألا موتي وليمت معك خوفي ..
يموت صوتها ...
ويعود السكون ،
وتهدأ نفسه المتعبة ...
اغمض عينيه . واخذ نفس جد عميق ،
ثم زفير طويل .. شهيق ، زفير .. وعاد له سكونه
... لينتبه لذاك الشيء الذي رما الساعة به ...
إنها صورة أولاده و أمهم ..
كم يشتاق لهم ... الوقت متأخر ، لكنه يضرب النقال على هاتف المنزل ...
وقت طويل قبل أن يأتي الرد : نعم ؟؟
انه ولده .. حياه .. وبشوق كبير ، وبدمعة مكبوتة من نار المحبة الأبوية ، يسأله عن أحوال أهل الدار طالبا عدم إيقاظهم ..
وقبل أن ينهي المكالمة يهمس الصغير على خجل ...

" أبي ، اعلم انك تعمل لأجلنا .. أمنا طلبت ألا نخبرك ، ولكن أخي الكبير متعب جدا ... جاءته النوبة ، الأطباء يقولون إنها اخطر من كل مرة ...
بابا .. لقد ادخرنا أنا واخوتي أموالا كثيرة ..
أرجوك عد .. لاجل أخي الكبير .. انه الآن بالعناية المركزة ،
صباح الغد يتحدد وضعه .. يتمنى أن يراك ،
أبتِ ، قد لا تراه بعد الآن .. عد أرجوك "

أنهى المكالمة ، وقلبه يتمزق ،
" قد لا تراه مرة أخرى " ، يا له من مهرج حزين ..
يا له من مرتدي للألوان في حداد !

شقت الشمس ظلمة الليل ..
فاق كل من في السيرك إلا هو ما غمض له جفن ،
وقبل أي شئ ، جرى نحو غرفة المدير يريد إجازة ،
ابنه مريض جدا قد يموت

"تمزح ، العرض اليوم ، سيبدأ بعد ساعة ، أنت تعلم ،، الكل حضر لاجلك وأنت تريد إجازة ؟؟"

أصر على الإجازة فابنه مريض

" حسنا قدم عرض اليوم وسافر على طائرة المساء حتى الغد .. وعد مساء الغد لعرض ما بعد الغد ، أنت تعلم ديونك كثيرة للسيرك ، ابذل جهدك ليحيا أولادك بعزّ .. ابنك مريض منذ الأزل ، اهتم بمستقبل الاثنين الآخرين "

يا لها من كلمات باردة .. حياة هذا المدير بين الحيوانات أكسبته استرخاصا لارواح البشر ..
بل إن الحيوانات لتقدر وتشعر اكثر منه ...
كانت هذه الكلمات ما يدور بخلد مهرجنا .. عاد لجناحه ،
هاتَف منزله ، جاء صوت ولده الصغير يبكي " لا تعد ، لا حاجة لان تعود .. مات أخي الكبير و أمي معه بالمستشفى ، مات أخي ولم يرك ، لا داعي لان يراك ، هو بكفن الموت وأنت بألوان الحياة ، هو بألم الموت ، وأنت ببسمتك المزيفة ... لا تعود .. لا داع لان تعود "

أنهى مكالمته .. اغمض طرفة ثوان ..
ثم .. توجه للمرآة ، صبغ وجهه بزيادة ..
جعل الألوان تصرخ طربا وحيوية ..
بدل ثوبه بآخر فيه عشرات عشرات الألوان ،
نظر لبسمته بالمرآة .. جميلة ، تبعث الأمل والصفاء والضحك ، ما رأى أي ألم على ملامحه ،،
استعد .. حتى جاء صوت المدير من على المسرح يطلب تشجيع المهرج الضاحك ..
يعلو الصراخ والتشجيع والتصفيق ..
ويخرج هو على عجلة صغيرة ، بضحكة ملأت حدود السيرك ،
ويتضاحك الأطفال ، تدخل الفيلة العملاقة ، يتراقص مع خرطومها ، ترفعه وتنزله على ظهر الأسد .. راقص الحيوانات من ألطفها لاخطرها .. قدم عرضا رائعا ، كانت فيه روح فوق روحه .. ولم يكتف ، صعد السلم العالي ، ومشى على الحبل دون مظلة ، لم يسقط ، تأرجح في الفضاء ،
بعد أن انتهى العرض .. وحيا الجمهور الذي وقف يسبقه تصفيقه ..
وهو ، ينظر من علٍ .. رأى السعادة بعيونهم .. وعند قمة سعادة البشر ، ومن صفوة ضحكات السعداء ، ومن فوق رؤوس الحضور ، مد يده للأعلى بقوة المنتصر .. وصرخ بصوت ضاع مع صوت الحضور .. صاح بملء فيه وقال بدمع يغسل ألوانه المزيفة ..
(( .... آآآآآآآآآآه .... ))

إيناس الطاهر 14/04/2007 10:35 AM

3
 

أوان الورد



لم تكن امرأة في حسنها ، جميلة الوجه ، بديعة التكوين، كحلاء العين ، سوداء الشعر .... أبدع الخالق فيها ، فوضع فيها من كل مقياس جمال قالباً... إن تحدثت أطربت ، وان صمتت سحرت.. إن نظرت أسرت ، وإن طرفها غضّت – القلوب ألهبت - .... إن مشت تهادت في مشيتها فـ تشتهي الأرض تقبيل كاعب القدم .. وإن وقفت رفعت الرأس فوق عنق كـ الخيزران ، وجسد كـ الريحان ، لؤلؤ اصطف خلف ورد ، كـ طابور ثابت قوي يتنور بـ نور وجهها إن ضحكت ، ويختبئ حياء من رقة الشفتين إن تاقت لضمهما... إن جلست وقفت لها الأجساد بـ احترام ، وإن وقفت ركعت لها الهامات بـ استسلام ...أنيقة الملبس .. عطرها يخبر عنها ، وملبسها ينبئ بـ مكانتها ... رأسها المرفوع يحذر من غرورها .

حلم شباب الأرض كانت ، لا يراها عازب إلا وتمناها حليلة تشاركه سود الليالي ... وان لمحها الثيب كره من جاورته فراشه ، مستقّلاً أيام سعده ... وان اشتم رائحة عطرها الميئوس من شفاه للعن زمانه ورجا القدر لو كان له في العمر بقية ... وان كان لا بد من موته فليكن بين ذراعيها لـ تلحظ الأطراف حورية الله على الأرض تمشي !!! وأما الصبي إن رآها لـ تمنى بسمة يحسده أقرانه عليها ... ويا ويلها إن سلكت طريق النساء ، فـ لن تجد إلا حاسدة أو حاقدة أو لاطمة خدها أساً أو عاضة شفتيها ألماً !!!؟

حقاً حلم الحالم كانت ، ونشوة النائم ، وإفطار الصائم ، واستقامة القائم ... أما هي !!!! فلم يفتها ما بها من جمال ، ولم يزدها ذاك إلا غروراً على غرور ،،، و كبرياء فوق كبرياء ... و عجرفة تهدم عجرفة ... من الخارج كانت البلور ورائحة المسك ، ومن الداخل كانت الفتور و طعم المسك !! ،
أجل لم تكن بحاجة لمرآة كي تصلح شكلها حتى لا يغير خيالها من حسنها ؟؟؟ لكنها ... وفي كهف قلبها ، تبيت شنيعة المنظر ، قبيحة المظهر ، مزرية المحضر ... وكـ حال أي فتاة مرغوبة ، جميلة ومطلوبة ، فقد تهافت الخاطبون ، وكثر الراغبون ، خاطب غني و خاطب فقير ، واحد كبير و آخر صغير ، طالب مثقف وفرد لا يحمل في العلم تقدير !!! ...

و هي ! لا ترى فيمن خطب المستحق، أو الفارس المنتظر ، ليس لأنها تحلم بـ رجل !!! بل لأنها ترى من نفسها عظماً لا يطاله الرجال ، و عزاً أكبر من الملوك الفرسان !. حتى كأنها تنتظر أن يكون آسرها نبيا منتظر – و أنّى له أن يكون – ، أو مالكا للمشرقين والمغربين – وهل يعاد مخلوق كذي القرنين ؟؟ - ، أو ربما رجل بـ حسن يوسف وغنى قارون !! ... وفي نفسها تعلم أنها لو وجدت رجلاً يجمع كل ما في البشر من محاسن لـ قالت : أنّى لهذا أن يكون مالكي؟!!!

و عاماً تلو عام و هي تخذل من جاءها طالباً ، و ترد من رجاها خائباً ، وتلحق الرفض بالتجريح ، و أخيراً أدارت ظهرها للخطاب ، و أنزلت دونهم الحجاب ، و أغلقت على نفسها الأبواب . فقبعت في حجرة من عاج ، و فراش من سندس و حرير و ديباج ، ولم تضع في مملكتها الصغيرة غير زجاجات من العطر ، و كثير من الثياب ، ولا يُدخل الطعام إلا على أطباق من الذهب وماء بـ أكوابٍ من فضة !! ولا يراها سيد أو خادم أو عبد .. و مضى على حالها سنينَ وسنين ، حتى طواها النسيان ، ونسي اسمها كل إنسان ، وبعد حين من الأحيان راقها أن تخرج للعباد ، فقد تاقت لنظرات الهيام والاستعباد ...! فـ ترتدي أجمل الثياب ، وتضع سيد العطور ، و تخرج من باب عزلتها و تبدأ بالسير والسير والسير و المسير ....
و تضايقها الأرض ، تسال نفسها: لِمَ عساها تعبت و الأرض مرصوفة بـ انتظام ؟؟ فتجيبها النفس الآمرة بالسوء – ربما طول الرقود كان السبب - ، وتمضي ، و كم يذهلها لا مبالاة البشر من حولها ،، النساء ينظرن للثوب و حسب ، والمتشاغلون يرفعون الرؤوس بعد اشتمام العطر ،،، ثم لا تلبث النفوس بـ إهمالها !!!! وما زاد جنونها أنها مرت بـ حسناوات يتبادلن أطراف الحديث فما رأت عين مراهق تحيد عنهن إليها !!! فـ تواسيها نفسها اللوّامة – يريدون أن يكيدوا لكي كيداً ، فـ تجاهليهم فـ مثلك أعلى من اللوم - ... وتصل مولاة الجمال لـ شارع ضاق من ازدحام المارة ، فـ تتوقف حيث كانت تكره مساواتها بـ هؤلاء اللا شئ !!؟ - كما كانت تسميهم - ، وهناك من بعيد رأت وسيماً يحدق بها ، و يقترب اكثر ، فـ اكثر . في داخلها قررت إن حادثها أن ترميه بـ كلمة تفقده ما به من وجاهة و سيادة ، فـ لما صار جارها أزاحت ناظريها ، فـ همس لنفسه – علها لا تراني - ، انحنى نحوها وقال برقة : أأساعدك في عبور الشارع يا جدة ؟

يا جدة ، يا جدة ! يا جدة ؟ يا جدة!!!؟؟؟؟؟
مراراً وتكراراً ترددت الكلمة الأخيرة في ذهنها ، فـ حدجته بـ نظرة شرسة ، ثم أزاحته بكل قوتها حتى كاد يسقط . لعنها بـ صوت عال فـ انقبض قلبها لـ عزة في نفسها ما جرؤ أحد منها على سبها ! شهقت و لطمته على خده ، فتجمع الناس حولهما وكلهم يحاول تهدئة الوضع ويرجون الشاب بالتزام الصبر . تقدمت منها عجوز قائلة : إهدأي يا اخيّه ، فـ قالت بـ غضب : ذلك الأخرق قد تطاول علي ، ثمّ.... جحظت عيناها و لم تنتبه لصوت أحد حولها ، فقد راعها تغيُر صوتها ، وتلك الحشرجة الخشنة في صوتها ! و كأنها فهمت بـ قهر قصد الفتى بكلمة جدة ، وما عنته العجوز بكلمة اخيّة ،،،، فـ مضت مسرعةً حتى اختفت عن الأنظار ...

أوقفها التعب أمام منزل لـ قوم يتسامرون ، التفتوا لـ لهاثها المستمر بـ اهتمام . تقدمت طفلة وبـ حنان همست : كوب ماء ؟؟؟
ردّت مولاة الجمال نافية : مرآة ... أعطني مرآة ،،
وبين ذهول الموجودين أحضرت الصغيرة مرآة وناولتها لها ، و بيد مرتجفة ، و عين دامعة ولسان يسأل الرب أمرا ،، نظرت وجهها ،، شهقت ،، ثم أعادت النظر فـ لطمت ،،،
أمعنت النظر ،، فـ صرخت ...
إنها تغار منها ، دوماً كانت المرآة تغار منها ، وإلا فما معنى ما هنا تراه !!؟؟ ، عينان ناعستان غائرتان ، شفتان ترتعشان مضمومتان !! ثم ،، خطوط كثيرة تنتشر على الخدين وتحت الذقن و على الجبهة ، أهي التجاعيد ؟؟؟ وعنقها الطويل ، عنق الخيزران ، بات مترهلا غريبا .. بكت و بكت ... بـ حرقة و ألم بكت ... حدّق الجمع بها في عدم استيعاب لكل ما يجري إلا عجوزا تقدم نحوها فلاقت عيناه عيناها ... حاولت جاهدة تذكره لكنها لم تقدر رغم ثقتها أنها رأته ذات يوم .. قال بـ همس تعمد ألا يسمعه سواهما : ألا تذكريني يا سيدتي ؟؟ أنا خاطب جاءك ذات يوم فخور بـ نفسه ، معتز بـ علمه ، عصامي بنى نفسه ، جاءك واثقا بـ شبابه ، فرددته خائبا وأهنته و أضحكت القوم عليه ... ماذا أردت ؟ أردت البقاء حلما عند الرجال ؟؟؟
أما فكرتِ أن للعمر ضريبة ؟؟ أما علّمت نفسك أنها اليوم مرغوبة ، وفي الغد ليست إلا مسلوبة ؟؟؟ ها أنت الآن بلا أهل و لا سند ، بلا زوج و لا ولد ؟ أما أنا فقد تزوجت فتاة لم تكن بـ جمالك لكن انظري الآن لذلك التلألؤ على وجهها وتلك السعادة وهي محاطة بأولاد و أحفاد عظيمة عندهم سعادتها ... أغركِ أن جمالك قاتل؟؟؟ فـ انظري ماذا عساه الساعة يفعل؟؟ لن أقوم برد كرامتي الآن خوفا على تلك الشيبات التي اعتلت رأسك ، لكن عذرا ليس لكِ مكانا بيننا ، لا اقصد هنا ، بل بين البشر!!! عودي لمخدعكِ العاجي و اجعليه قبرك، أنت الآن نسيا منسياً فـ استمري على ذلك ، و تأكدي أني لن افضح هويتك حتى تبقي في ذهن المتخيل تلك الجميلة المغرورة ... اذهبي سيدتي ...

مسحت دمعها و أدارت ظهرها ولسان حالها يقول : ((( يا من ظننتِ أن جمالكِ دائم ،،، تكدري ، فان غدا قادم .... يُميت جمالك ويقتل حسنكِ ،،، و يُبعد عنكِ العاشق المتيم... ))) ، وبقيت تردد : غدرنا الناس و استكبرنا عليهم ، و ما درينا أن الزمان غادر ......

ثـــــــــــــــم غابت في الزحام....

إيناس الطاهر 14/04/2007 10:36 AM

4
 
الأحدب


دوما تشده قصة ( احدب نوتردام) يتوه في كلماتها ، في زواياها ، هو و أحدب القصة مختلفان متشابهان في الوقت ذاته ، يختلفان في أن أحدب نوتردام رأس الصفحة ، و هو ذيلها ، ربما ، لان هناك بشر جاءوا لهذه الدنيا ، ورحلوا منها نسيانا باختيارهم ، و يتشابهان في أن كلاهما يحمل حدبة ثقيلة فوق ظهره ، حدبة أجبرته على الركوع وهو عزيز النفس طاهر الروح!!!

نعم أحدب هو ، لا تكفيه هموم الأرض بل تزيد عليها كتلة ثقيلة دمجت نفسها بقوة وتسلقت كاللبلاب ظهره ثم مدت جذورها عميقة إلى العظام فنخرتها وبنت مستعمرتها فيها فشلّت إحدى القدمين وباتّ لا يفارق كرسي بعجلات ، أحدب مشلول !!! ولم تكتفي تلك الكتلة اللعينة بذلك ، بل لقد مصّت عروقه وشربت دم الحياة من وريده وقضت على لسانه بأن يحمل فوق ظهره ثقلا يمنعه من إبانة المعنى وتوضيح الكلمات ، احدب ، مشلول الحركة ، اخرس اللسان !!!

منذ وعى على الدنيا وتفتحت مداركه للحياة منع عن نفسه نور الأرض ، لم تر غرفته ضوء النهار ، لم تعشق شرفته رائحة القهوة بين زواياها ، كيف يفعل و هو يرى عيون الناس شامتة ، مستخفة ، حاقدة ، مشفقة ، وربما خائفة ، ليس والله مجرما ، ليس مخيفا ، داخله طاهر ، يحتاج المحبة ، يحتاج الأمان ، لكن حدبته اللعينة تقف حاجزا بينه وبين البشر ، ضغوط نفسية أجبرته على أن يغلق عليه بابه ، ويبتعد عن كل شئ ، وحش هو ، من يرضى بوحش !!! يعيش بين الكتب والروايات ، هكذا رضي لحياته بأن تكون ، ولفكرة أنه احدب وحشي مثقف استسلم !!!

ويحن للنفس الخروج ، فيعاتبها : يا نفس استكيني وليني ، وإياك أن تُهاني أو تهيني ، ما لك بين البشر مستقرا فاهدئي ، وبالله استعيني ..

لكنها نفس عدوة ، تأبى إلا الخروج ، وبعد زمن طويل ، زمن جدا ، جدا طويل ، يفتح بابه وينزل الشارع ، يجوب الشوارع ، يرى العيون تهاب أو تلوم أو تبتعد مشمئزة ، و كأنه كتلة من القذارة ... يستمع للكلمات الجارحة ولكنه صمم عدم التراجع ، أراد أن يكسر هالة الخوف داخله ،مضى في طريقه ليرى مطعما أمامه ، توجه نحوه وحين هم بالدخول صده صاحبه ، عذرا لا مجال ، أخرج محفظته إيحاء بحمله النقود ، فاعتذر الرجل مرة أخرى ، منظرك لن يشجع الزبائن على البقاء ، ابتلع الإهانة مجبرا ومضى ، ساهما ضائعا لا يفيق إلا على شتيمة ، أو كلمة بذيئة ، ثم ، دون سابق إنذار التف حوله مجموعة من المراهقين ، غطوه ، وفي لحظات كانوا يجرون بعيدا ، سرق الفتية محفظته ، ربما رأوه وهو يخرجها لصاحب المطعم فتبعوه ليسرقوها ، وها قد فعلوا ! ، فماذا يفعل ؟؟ كيف يتبعهم ؟؟ كيف يصرخ مستغيثا ؟؟ ومن يغيث احدبا ، مشلولا ، اخرسا ؟؟؟ ... ورغما عنه انطلقت من فمه ضحكة كبيرة طويلة جدا ، احدب مشلول اخرس ... تزداد حدة الضحكة وعمقها ، احدب مشلول اخرس ، شهقة طويلة مع الضحكة وبكاء محروق ، لماذا يبكي ؟؟؟ كان يضحك ، يضحك !! ، احدب مشلول اخرس يضحك !!!! أدار الكرسي عائدا لبيته ، وقرر ، ستكون هذه المرة اليتيمة التي يرى فيها نور العالم الخارجي !! ( و كأنه كائن من عالم آخر )

في اليوم التالي ، وفي الصفحة الأولى في صحيفة عريقة ، موضوع يحمل صورته فاتحا فمه بوسعه ضاحكا و هو يجوب الشوارع ، يقول :

" بلد حر ، وعقول متفتحة متفهمة ، والكل فيه مترابطون .. هكذا نحن في بداية القرن الواحد والعشرين !!! "

إيناس الطاهر 14/04/2007 10:37 AM

5
 
القمر




1

- ما اجمل الصباح حين يحمل معه توقيع السلام
- يآآآآه ، منذ زمن لم تنطق بكلمات أدبية يا حامد !! تعال واشرب قهوتك على الشرفة..
- الأدب ؟؟ تعلمين يا زوجتي الحبيبة أني لست أنساه ، محفور في حجرات القلب ولكن رغيف الخبز أبعده عني بعض الوقت ..
- والحرب ؟؟ أنسيتها ؟ تلك الصراعات من اجل الكنز ، الأرض ، والابرياء هم الضحايا دائما ...
- هههههههه ، ما زالت فيكِ تلك اللمسة السياسية ، ألا تخشين الجدران يا نبيلة ؟؟


شاركته الضحك ولم تعلق ، فكلاهما يعلم وفي قرارة نفسه أن روح طالب الجامعة والتي سكنت جسديهما بما فيها من أحلام بالحرية والرفض والطموح قد رحلت بعيدا ، بل ماتت منذ صارا أبوين لثلاث أبناء .. ولاحت فكرة هادئة تقتل أي مجال للاعتراض ، فكرة تهمس بحنان( أن كم هو جميل ذلك الصباح من شرفة منزلهما الدافئ) .

- أبي ، أبي أريد هدية العيد
- ألا تحيي والدك يا كريم !؟ - بلوم-
- آسف يا أمي ، سلام الله عليك يا أبتِ
- أهلا بولدي الجميل ، هل نمت جيدا ؟؟
- نعم ، لكن البعوض ضايقني قليلا ، لقد شرب دمي كله .
- ههههه ، وهل أحضرت دما جديدا .. لا عليك يا حبيبي ، ستقضي البلدية عليه قريبا
- البلدية ستدفن المستنقعات ، وترمم البيوت ،وتحسن شبكة الصرف الصحي ، وتقضي على البطالة ، ربما أنها ستحرر الأرض أيضا !!
- حسبك يا نبيلة .. ما يزال كريم صغيرا على اعتراضاتك .. ها كريم ، ماذا تريد هدية العيد يا بابا ؟؟؟ أتريده كبش العيد ؟؟ أم ثوبا جديدا ؟؟
- لا هذا ولا ذاك .. أريد القمر الذي في السماء ..
لم يستطع الأبوان إخفاء دهشتهما فولدهما ابن الرابعة يطلب القمر ، قالت نبيلة التي لم تستطع تمالك نفسها من الضحك : القمر الذي في السماء !! ماذا ستفعل به يا ولدي؟؟

- أريد أن أضعه في حجرتي ، فالكهرباء دائمة الانقطاع ، وأنا أخاف الظلمة والشمعة يموت نورها بسرعة...
- الطريق إلى القمر يا ولدي طويل ، فيه هموم وعقبات ، ولكن لا تقلق سأحضره لك إن شاء الله بشرط ان تكون مطيعا لامك... طبع قبلة دافئة على خد ولده وحمل حقيبته متوجها للباب قائلا : إن تأخرت فلا تقلقي علي ، قد أمر بالسوق ، سأشتري لكريم فانوسا بصورة قمر ، ثم أمر بالبلدية لأرى ما آخر تطورات وعودهم...
- احذر الكلاب ، إنها تملأ لشوارع..
- لا تقلقي الله الحامي ، ستقضي البلدية على الكلاب...
- أتظن ؟؟ حين أحضروا الكلاب أول مرة قالوا إنها لحراسة الناس ، لكنها سعرت وتمردت وطغت ، حتى البلدية نفسها لم تستطع ان توقفها ولن تستطيع ...
تنهد ومسح رأسها بحنان ، يعلم أنها تعلم انه غير راض ، لكن الصمت في اغلب الأحيان يكون ارخص سلعة لمن لا يملك الثمن....

تجاوز الوقت منتصف الليل ، وكالعادة الكهرباء مقطوعة ، جرس الهاتف ينبئ أن هنالك خبرا عن حامد الذي لم يعد بعد ، امسكت الهاتف بقلق وبدون تركيز ...
- السلام عليكم ..
- أجل ، أنا زوجته !
- بربك ماذا تقول ؟؟ لا فالكهرباء مقطوعة عندنا وصوت مولدة الكهرباء يمنعني من التركيز ، في أي مستشفى ؟؟ سأحضر فورا ..

2

نهضت بفزع من سريرها ، كان كابوسا إذا .. مررت يدها على الفراش الناعم ، كان باردا .. تنهدت بألم ، ورجعت ذاكرتها لاربعة أشهر مضت حين تلقت مكالمة هاتفيه تطالبها التوجه لمستشفى العاصمة لاستلام جثة زوجها ... هي تذكر أنها بقيت لآخر لحظة تأمل ألا تكون الجثة له .. لكنها تأكدت أنها جثته حين لمحت بألم وجهه البارد وقد غادرته الروح ، أبلغوها أن كلبا ضالا قد عض زوجها من عنقه . ما زالت تذكر كيف تقدم رئيس البلدية منها واعدا أنه سيمسك ذلك الكلب المسعور ويقتله وحين صرخت أنتم من أدخل الكلاب إلينا ، قلتم أنها ستساعد في نشر الأمان لكنها في كل يوم تقتل بريئا لا ذنب له .. أنتم من قتل زوجي .. يومها نظر رئيس البلدية لها بجفاء وقال : لا تعترضي على حكم الله ، الموت حق يا سيدتي ، ثم إن الكلب الذي عض زوجك لم يكن من الكلاب التي أحضرتها البلدية ، أنه كلب محلي ..

بعد أربعة أشهر رغما عنها تضحك... كلب محلي !! ، تنهدت بألم : نعم ، كلب مستورد ، وآخر محلي ... حتى الكلاب أصبحت بدرجات ، لكنها وفي قرارة نفسها تعلم انهم من سلط الكلاب على زوجها الذي كان له صولات وجولات في معارضتهم ومحاولته طرد الكلاب ، لقد وشى به ذو ثقة ، .. حتى الخيانة أصبحت بمستويات !! مسحت دمعها ونهضت لتتفقد الأولاد ...
- كريم ؟؟ ماذا تفعل على النافذة يا ولدي ؟؟ - اقتربت منه ، كان يبكي – ما بالك كريم ؟؟ أرأيت حلما ضايقك ؟؟
- لا ، ولكن أبي تأخر يا أمي .. قال انه ذاهب ليحضر القمر لكنه لم يعد ..

قشعريرة باردة سرت في أوصالها . ابتسمت لصغيرها وطمأنته : سيعود يا حبيبي ... قريبا سيعود
نظر الصغير لها متشككا وقال : حين يغيب القمر من السماء سيعود بابا ولكنه لن يغيب .. أمي ، إن كلمك ابي بالهاتف أخبريه أن يعود فاني بأشد الشوق اليه، قولي له أني ما عدت أريد القمر .. لاني ما عدت أخشى ظلمة غرفتي ونوره يملأ السماء التي تعلو سقفها يا أمي .. دعيه يعود ، لم اعد اخش شيئا بعده الا الظلمة ...

حضنته بقوة ، نظرت للقمر في السماء ، ودق قلبها ، سيسرق نور القمر يوما ما ، فماذا تجيب ولدها حين لا يعود والده ولا يظهر القمر ؟؟؟ حينها ستكون الظلمة والوحدة والكلاب ... ورغما عنها أجهشت بالبكاء ..

إيناس الطاهر 14/04/2007 10:38 AM

6
 
قريتي والخوف


لم أكن انتظر طيفه حين مر غريبا ... لأول مرة يأتي قريتنا زائر ... جلس بجانبي وقال ... أنت سكان هنا ؟؟؟

- نعم سيدي هل من خدمة ؟؟
- أرجوك ، هل لي بشربة ماء
- تفضل ... - وبعد أن شرب سألته : هل جئت ضيفا أم ساكنا أم باحثا عن أحد؟؟؟
- بل جئت قاتلا !!! - قالها وضحك -
- قاتل ؟؟؟ من أنت سيدي ؟؟؟
- أنا رسول ما عليه إلا البلاغ ... جئت من بعيد لترحل معي روح مائة من أهل قريتك ... أنفث المرض فيهم فيموتوا من لحظتهم

قالها ومعالم الجدية واضحة عليه ... شهقت وقلت له : رسول مَن أيها الغريب ؟؟؟؟ أصدقا ما تقول ؟؟؟

نهض ونفض الغبار عن ثوبه المخملي الأسود ... همس بجدية : رسول المرض الذي سيموت منه مائة من قريتك .. ابق خارج القرية حتى الغروب ... أراك على خير ...

هممت بالحديث لكنه كان قد اختفى ، لجم لساني و قلب حالي وتبعثرت أفكاري ... رسول المرض !! ... لا لا ... لابد أني كنت أتخيل ... يا رب ... مالي وعقلي ... أينكي يا غنماتي ؟؟ ...


أفلت الشمس و عدت قريتي وخوف يعتريني ... ما أن دخلت حتى بدأت الأصوات والنواح تقرع طبلة أذني ... أحد الشيوخ مر من أمامي مستعجلا

- يا عم ... يا عم - ناديته - ... ماذا هناك؟؟؟
- إنها اللعنة ... اهرب يا ولدي وانفذ بجلدك ...
- ماذا حدث ... خبرني !!
- ألف من سكان القرية ماتوا ...
- ألف ؟؟؟ وكل قريتنا لا تزيد عن ألفين شخص ؟؟؟ نصف القرية ؟؟؟ لكنه قال مائة ....
- ماذا تهذي يا ولدي ؟؟
- كيف ماتوا يا عم ؟؟؟
- لا ادري ... الكل يهرب ، اهرب يا ابني ، اهرب

عشر سنوات مرت ... ولم يبق غيري في قريتنا وغنماني ... عشر سنوات ولم تخطو قريتنا قدم ... أسموها القرية المشؤومة .. الكل يخشى دخولها ... فالموت حدث ولا سبب له ...

بينما مزماري يعزف اللحن الحزين ... سمعته يهمس لي : أما زلت قابعا في ذات المكان ؟؟؟
وحين التفت له ... كان هو بذاته ، رسول المرض !! ، بحاله وشحمه ، لم يتغير به شئ . نهضت بفزع وقلت له : ماذا فعلت ؟؟؟ أنصف القرية تقتل ... ما بالك يا رجل ؟؟؟ كيف فعلتها وجعلتها دمارا ...؟؟؟؟
تنهد وقال ... من المرض ... والله ما مات إلا مائة كما وقد أخبرتك..
- بل ألف يا سيدي
- مائة أيها الطيب ... مائة وحسب ...
والتسعمائة الباقون كيف ماتوا؟؟؟
- رحلت أرواحهم – ببرود -
- إذا ... ليسوا مائة !
- من المرض مائة يا ولدي
- و الباقون ؟؟؟
- مائة من المرض يا ولدي ... ولكن الباقون ... للأسف ماتوا ... ولكن ... كحال البشر ... ماتوا
- من ماذا ...
نظر للسماء ... ثم حدق في عيني وقال بعمق ... من الخوف ... الخوف ...
ثم اختفى ... اختفى ولم يبق غير الصدى
مائة ماتوا من المرض ... والتسعمائة الباقون ماتوا من الخوف

والتسعمائة الباقون ماتوا من الخوف
ماتوا من الخوف
من الخوف
الخوف
الخوف


الخوف

إيناس الطاهر 14/04/2007 10:38 AM

7
 
وحيدة الوحيدة



لم اكن ادقق النظر كثيرا لخيالي في المرآة ، نظرة اعتيادية قد لا ألمح بها تفاصيل صورتي !، استقل سيارتي ، اصل المكتب ، اجلس خلف مقعدي وأكبس زر تشغيل حاسوبي منتظرة فنجان القهوة ... تدخل وحيدة ، تلقي السلام بصوت أكاد أتبينه وكأنها ترميه لنفسها ، تبدأ حملة التنظيف ، تمسح المكتب وتفرغ سلة المهملات ، تفتح النوافذ في ديناميكية روتينية ذات وقع اعتيادي ... ثم تخرج ، هكذا عرفتها منذ عامين ، امرأة لا تعرف الابتسامة طريقا لشفتيها!!

خبرتني إحدى الزميلات أن وحيدة لقيطة ؟؟ ربتها الدولة و أسمتها وحيدة ، علمت أنها قد تجاوزت الثانية والأربعين ، لم تتزوج بعد ، طبعا ، هل يتزوج أحد لقيطة !!!!

حين تنظر لعيني وحيدة الغائرتين تشعر كم هي وحيدة !، وترى كم بكت تلك المقل !! ، أما إن حاكى الزمان تجاعيد وجهها لنطق بأسى كم تركت تجارب الحت و التعرية في وجه وحيدة من أخاديد وتلال !! دهر هي ، وما يزيد هذه المرأة غموضا صمتها القاتل ، كم أشعر بالأسى على وحيدة !! وكم أتمنى أن امسح دمعها بيدي ، لو تقبلني أختا لها ، فقط ، لاسعد قلبها ،!.

عدت من السوق ذات مساء متوجهة لبيتي حين لمحتها تخرج من أحد الزقاق حاملة أكياسا كثيرة كبيرة ، تابعتها بنظري حتى دخلت شارعا ضيقا ، لا ادر لم أوقفت السيارة وتتبعت خطاها ، كانت تسير بخطا متثاقلة من حملها ، توقفت للحظات تجمع أنفاسها المبعثرة من تعب الطريق ، وأنا ارقبها من بعيد دون أن ادري ما دافعي لملاحقتها ، كم اشعر بالألم على وحيدة ، دوما اشعر بالألم عليها ، واشعر أنها تشعر بتعاطفي معها لكنها تتجاهله دوما ، بل تحاول الابتعاد كلما حاولت الاقتراب !!! مسكينة وحيدة ، ربما تظن أنها اقل من البشر ، ربما كونها لقيطة افقدها ثقتها بنفسها !! . خرجت من حلقة أفكاري حين رأيتها تدخل ساحة كبيرة معلق على بوابتها يافطة كبيرة لم أتبينها ، قطعت الشارع على عجل وسرت أمام سور حديدي مرتفع يحيط بتلك الساحة ، توقفت ونظرت من خلاله و عجبا رأيت ، أطفالا يتركون امرأة معهم ، و يجرون نحو وحيدة المقبلة عليهم ، يلتفون حولها بشوق ، تقبلهم وتخرج ألعابا كثيرة من الأكياس ... لاول مرة اسمع صوت ضحكات متتابعة تخرج من قلب وحيدة ، لاول مرة تذوب كتلة الجليد المتراكمة على جبهتها ، تنادي بعلو حسها : هيا نلعب الغميضة !!! لاول مرة اسمع صوتها عاليا ، صوتا ناعما ، طفوليا ، كانت امرأة أخرى غير وحيدة التي استملكت مشاعر العطف داخلي .. امرأة تمنح العطف لا تحتاجه ، كريمة ، ثرية النفس والروح

و لاول مرة اكتشف أن وحيدة اسم بلا مسمى ، وأنني أنا طيلة الفترة السابقة من كانت الوحيدة !!!

إيناس الطاهر 14/04/2007 10:39 AM

8
 
يوميات مهزوم


لم يكن جديدا علي استقبال الفشل على عتبة حياتي ، انه الصديق الذي لا يفارقني بإخلاصه والتزامه معي ... يدعونني المتشائم ولا ادر أفي دنيانا حقا ما يدعو للتفاؤل ؟؟!!...


جلست في غرفتي أكتب كلمات يسميها الفاشلون ( عبارات دمار ) ، فتأخذني أمور وتعيدني أخرى ، لم يكن بالمنزل حينها سوانا ، أنا و فرخ يخص أخي الصغير ... بدأت أراقب حركاته الكثيرة والمتزايدة ، كان يحاول جاهدا الخروج من القفص .. للحظة باتت عيناي تراقبانه في جيئته ورواحه ، في قفزاته و صوته .. أذناي تستمعان لصوته المرتفع ، ليبدأ شئ ما يتحرك بداخلي ، شعور غريب ملئ بالغضب !! بالألم ! ، بالذكريات المرة وحطام شخصيتي المبعثرة ، حركة الفرخ جعلت روحي تختنق من الداخل ، هناك شئ يلجم صدري ، صوته بدا يضايقني ولم اكن اهتم لصوته قبل اليوم !! بدأت أرى في صغر حجمه وبساطة تفكيره عظم همي وتعقيد حياتي !! ، في منقاره الصغير الجائع رأيت لاول مرة نهم الحياة وشره ساكنيها ... تحركت نحوه ، امسكته بيميني ورفعته من قفصه .. للأعلى ، للأعلى ، ثم ألقيت به بقوة إلى الأرض ... لم يمت .. زاد صراخه ، كأنه يهاجمني ، يعاندني ، ثارت نفسي وتوترت أعصابي .. الصغير يزف الي خبر فشلي ليؤرق روحي المرهقة ، اصطكت أسناني ببعضها غضبا وقهرا و ألما ، ولم اعد أرى في الفرخ إلا بقايا حطامي و مرار حياتي ، فامتدت يدي الثائرة إلى عنقه الدقيق و أغمضت عيناي ، لا هربا وانما غيظا ، وشددت على عنقه بأصابعي ، شددت ، وشددت ، فتحت عيناي .. رايته يفتح منقاره ، يخرج لسانه وصوته معقود بصدره ، حينها .. راحة غريبة سرت في جسدي وأنا أراه غير قادر على مقاومتي !، ومجاراة قوتي ... و تبدأ أصابعي من جديد تضيق الخناق عليه ، تقيده ، تقيده بشدة ... وكلما ضاق محيط استدارة أصابعي توسع فرج خفيف في صدري إلى أن أفقت من نشوتي لاراه مستسلما لي ،، رعشة باردة أحاطت جسدي ... أي شئ فعلت ؟؟ أي ذنب ارتكبت ؟؟ أي جريمة قد اقترفت ؟؟ لم اقصد ذلك .. لم اقصد موته .. أردت أن اقتل شئ يقتلني لا أن اقتله هو ... نظرت له ، وهو بين راحتيّ .. كان يتنفس بسرعة وبلا حراك ..

بدأ شاهدي يدلك صدره برقه وكأنني أقوم بعملية إحياء القلب كما يفعل الأطباء ... بدأ لسان حالي يطلق سيلا من الاعتذارات ... ودموعي تغسل بشاعة ما فعلت .. ربما انه لا قانون بدنيانا سيحاسب جريمتي لكن شيئا داخلي يرفض قتل طائر .. شئ داخلي يقول أني الآن بت مجرما ...

بدا يفيق من غيبوبة شعرتها صعبه .. حدقت بعينيه المتعبتين .. وشعرت كأنه فهم ندمي بل ظننته يكرهني ... أسينتقم مني ؟؟ انتقام ؟؟ رميته بسرعة ، و تنقلت في أركان المنزل ، عدت لاطمئن عليه بعد أن غسلت يدي التي خنقت عنقه ، وكأني اهرب من ذنبي بغسل خطيئتي .. كان يجري أمامي وكأن شيئا ما كان !! بل وكأنه كان كابوسا .. رغم سعادتي بعدم موته إلا أن الألم اكتنفني لاني رأيت ضعفي .. وشعرت أن الدنيا تتحداني لتهزمني .. بت مهزوما حتى من فرخ لا يزن إلا بضع غرامات ...

إيناس الطاهر 14/04/2007 10:40 AM

9
 
لحن العودة



خلف تلك التلة قبعت قريته التي هجرها منذ سنين ... مترددا بين المضي للأمام أو الرجوع ... حمل حقيبة ذكرياته المهترئة فتحها ليطمئن على رغيفي الخبز الساخنين ، فقد وهبه إياها صاحب القرية التي كان يعمل بها .... اغلق بقايا الحقيبة ، شدّ على مزماره وقرر المضي للأمام ...

حين عبر التلة لاحظ كم ظلمة سماء أرضه ، وصداَ غير مفهوم يزرع بالنفس قشعريرة باردة ... أيستمر ؟؟؟ لا يدري ، أغمض عينيه وسلم نفسه لدولاب القدر ، الذي دار به وقذفه أمام أرجوحة خشبية حاول هو تجاهلها لكنها أغلقت كل الطرق ولم يعد غير ركوبها وسيلة للدخول ، وهذا ما فعله ركبها ... هزها برقة ... استدارت به نصف دورة وعلت للأمام أعلى و أعلى ليرى أمامه صحراء قاحلة وخيالات كأنها أعمدة !!! وحين هوت ، هوى قلبه معها .. تراجعت للخلف عالية فرأى سماء ملبدة بالغيوم العقيم التي لا تطرح مطر ... ورجعت الأرجوحة تهوي فاغمض عينيه جفلا ليشعر انه طائر في السماء ... شد على مزماره وضم حقيبته بقوة .... وسقط ...

فتح عينيه ليجد نفسه أمام تلك الخيالات التي ظنها أول الأمر أعمدة ، وها هي أمامه أجساد مزروعة بالأرض ، أكل الزمان عليها وشرب ... حاول نشلها من التراب فابت الا البقاء ، لقد تحولت أقدامها إلى جذور ... تركها ومضى

دخل شارع الأحرار ... ذلك الشارع الذي يذكر انه ما جلس فيه ذات يوم ... ها هو يدخله الآن ... شارعا ميتا لا حياة فيه ،
- لما عدت ؟؟
انه صوت حارس الشارع ، همس لنفسه ، ما يزال حيا إذا ؟ ، المهم أنى عدت – أجاب ومضى متعثرا بالرمال .. ورأى بين البيوت المهملة مكانا مفتوحا ، اقترب منه تأمله ، ورغما عنه انطلقت ضحكات باردة مستهجنة ..
- فيم الضحك يا ولدي ؟؟
- أنت ... أنت إسكافي ؟؟!
- ما تراه !
- لكنك حافي القدمين !
- وهل لنفسي اعمل ؟
- وهم !! أقدامهم بالأرض مغروسة ؟؟
- وهل هم من اعمل لهم ؟؟
- إذا لمن تعمل ؟؟
- للزوابع !
- الزوابع ؟؟؟
- الزوابع تأتى و تطلب الإتاوة ، إن لم تجد أي شئ ستجرف الأرض إلى البعيد
- لكنها رمال جافة لا تغني ولا تسمن من جوع
- لو ذهبت فأين تغرس الأقدام ؟؟
- ولماذا تغرس ؟؟؟
- ومن أين يشربون إن لم تغرس الأقدام ؟؟ ومن أين يأكلون يا ولدي ؟؟؟
- من ارض جوفها خاو ؟؟ ومن غيوم رحمها كالطبل فارغ ؟؟؟
- بل من أمل بذرته ستنضج ذات نهار ، ومن ليل فجره خارج ،
- لقد هزلت الأجساد وهي تنتظر
- ونضجت معها العقول .
- سيموتون ؟!
- وتبقى يا ولدي الجذور راسخة في الأرض ... تمنع الزوابع وأنا معها

عرف أن النقاش بات عقيما ... حمل حقيبته ومزماره واستدار
- أترحل ؟؟؟ ،سألته نفسه
- لم يعد لي مكان
- لا يمكنك أن تغير الطريق ، قد نويت الرجوع
- ظننتها جنة كما كانت
- رحيلك ورحيل أقرانك جعلها جدباء ، والزوابع أرهقتها بالإتاوات
- وماذا افعل وحدي هنا ؟؟
- ثبت جذورك
- أي حماقة تلك ، الكل يثبت الجذور خشية على التراب من الذهاب ... ما فائدة التراب ولا أجساد ، لا أرواح ، لا عمار ...
- ستحيا الجذور
- لقد جعت .... فتح حقيبته ، خانه حظه ، جفّ الرغيفان ... بل يبسا ، أما آن لك يا مزماري البكاء ؟؟ عزف ، وعزف ، لكنه لم يسمع أي لحن ... الكل حمقى والكل أغبياء .. قال ذلك والرحيل نيته ، هذه المرة خانه قلبه ، توقف ، نظر للأرض ... وامسك الرغيفين ... جعلهما فتاتا ونثره على الأرض ..

- يا حارس القرية ، نادى ، أنا ذاهب لاجمع من رحل ... المهاجرون سيعودون بالفؤوس ... وسنحيي الجذور وننقذ الأجساد ... يا حارس القرية ، قل للإسكافي أن يخلق أحذية للأجساد لا الزوابع ... وبمزماري سأجمعهم ومعي يعودون ...

امسك مزماره وبنيّته الجديدة عزف لحن العودة ... انفرجت أسارير السماء و حبلت الغيوم ... صوت المزمار ضعيف
ناداه الحارس : احضر الراحلين ... عودوا بالمزامير ... فقد تلد الغيوم ... وقد تمتزج الرمال بروح الدماء ...
مضى خارجا ليعود ، ولحن مزماره يجمع الأشلاء المشتتة ليوم التلاقي

إيناس الطاهر 14/04/2007 10:41 AM

10
 
كش ملك




لم تكن رقعة الشطرنج بيني وبينه إلا ساحة حرب ،أو هكذا أريدها أنا أن تكون ، جاءنا ضيفا ، ثم استوطن وبتنا الضيوف ، بات الابن المدلل وما كان يوما ابنا للإله! لم اكن لأعترض ، ولكن نيرانا عظيمة تستفيق في حجرات قلبي الأربع باكرا ، توقد نفسها مع حطب صبري وقهري وكيدي ، وما زاد جنوني ونقمتي عليه انه ملك كل شئ ، كل شئ حتى رقعة الشطرنج خاصتي!.


مساء كل يوم أتحداه في نزال شطرنجيّ ... له المملكة البيضاء ولي السوداء، دائما الأبيض له والحصة السوداء لي !!! فـ يبدأ ، وأبدأ ، يلعب ، فـ ألعب بـ حماس أكبر... سأغلبه ، سأنتصر ، و ، و ، و ، ينظر ببرود لـ دماء التحدي تغلي في بؤبؤ عينيّ فيبتسم ، ثم يحمل فيله بخفة دون استثقال ، يجعله يعبر حدّه الأبيض ليستقر في أملاكي ...
دورك ، هكذا الرقعة تقول ، لا أجد غير القلعة لاحتمي بها . دوره ، هكذا أعلمته الرقعة ... بهدوء يمرر فيله الآخر في المسار الأسود . يا ربي ماذا افعل ؟؟ أحدق في رقعتي ، لن ينقذني إلا وزيري ، هوب ، أكلت أحد رعاياه ، يبتسم ... لا يهمه أن يقتل رعاياي وكأنه يستعلي بذاته ، ثم يبدأ لعبته المعهودة ، الحصان !!! ...

كم يهوى اللعب بالحصان وهو الذي عشق لعبة الظل وراء الجدار ! تبدأ معركتي باستخدام فنون الحرب ، وهو ،، بخفة يمتطي حصانه ويقود الآخر ... خطوة ، اثنتين ، حركة ، فأخرى ، يرتفع ضغطي .... ثم
( كش ملك )


وأخرج خاسرا ، مشكلتي أني دوما اخرج خاسرا بنفس حركاته . يمارسها بخفة حتى حفظتها ، ويفوز هو بها !!! ، وحين تبادلنا الأدوار مرة وكانت اليتيمة قمت بما قام به دون تغيير ، بالحركة الواحدة ، ورغم أنني اقتربت من خط الوسط ، اقتربت من اقتحام أرضه ولم اكن يوما لأتعدى حدوده ، إلا أن اللعبة انتهت على صوته ، باستفزاز
( كش ملك )


علمت انه سيغيب ثلاثة أيام ... فرحت ، هاأنذا ابن الأرض أخيرا ، ليته لا يعود ، ما أجمل الحرية !، عشت يومي الأول ملكا ورأيتني أكيد له حتى أحتجزه ! ، ويومي الثاني كان سعيدا ، خاصة وأن خيالي جعله مقيدا لأمر رحمتي !! ، أما يومي الثالث فقد كان مصلوبا فيه والطير غاديات رائحات ينهشن جسده !! أو هكذا طاب لي الخيال أن أراه ؟؟!! ...
لماذا اقبل وجوده في بيتي ؟؟؟ لماذا أرضى استحواذه على قلوب أهلي ؟؟ ألا يمكنني أن أقول لا ؟؟؟ حسنا قد صلبته في خيالي ، و سألاعبه الشطرنج أيضا، سأتخيله موجودا ، ألعب مكانه ، و ألعب لنفسي ، فان غلبته سأطرده غدا، وإلا فليبقى قلت ذلك في نفسي وخلايا دماغي تعمل بسرعة ، و السعادة بادية على خيالي ، فطبعا لن اجعلني أفوز علي .

- ههههه – ما أروعها من فكرة ، نعم لن اجعلني أفوز علي ، تراقصت أسارير قلبي ، وأنا ادخل غرفته ، التي كانت ذات يوم معبدي وسكوني ، وملجأ وحدتي ، أخذها وباتت غرفته ، بحثت بين أغراضها ، هاهي لوحة الشطرنج ، همست في زواياها ، ألم تشتاقي لصاحبك القديم ؟؟ قد اشتاق إليك ؟؟ هيا ساعديني لنعود لبعض ، رتبت جنوده ، مستشاريه ، وبقي ملكه .. حملته برقة وقبلت رأسه هامسا : " اليوم يا حبيبي ستموت " – قلتها وكأني فعلا انوي القيام بجريمة – رتبت جنودي و أحبتي . وكالعادة جعلت الأبيض له والأسود لي ... وبدأت به وتابعت لي ... وحركت له ، وجاوبت عني . و اندمجت باللعبة ، بتّ أحرك أحجاره كما كان يفعل ، بهدوء ، بحذر ، ببسمة صفراوية ، و أحرك أحجاري بعصبيتي وقهري ورفضي الصامت ، انقل فيله بخفة ، واهرّب مليكي خلف القلعة بقلق ، وجدتني أتناقض مع ذاتي رغما !!

لن ادعه ينتصر ، فملكي ( وحسب قناعاتي ) صاحب الرقعة قبل اللعب وبعده ، ومهما كانت النتائج ، فأنا ، أنا مالك البيت وصاحب الرقعة منذ الأزل !! ...
هيا ، أيها الفيل الأخرق عد مكانك ... أرجعت فيله ، اعلم انه ما كان ليفعلها ولكني فعلتها ، وفوق هذا قابلت وزيرة بأحد جنودي فالتهمه بنهم وجوع ، مسكين ذاك الجندي ! ، لم يحلم بوجبة دسمة على أرضه فكيف وقد التهم الوزير ؟! أعلم أنني لست عادلا ، ولكن علي طرده ، هكذا همس إبليسي في أذني ، و ربما هكذا همست الأنانية في ذاتي ، وحصانه ، اينك يا حصانه ؟؟؟؟ .. خطوتين للأمام وحركة لطيفة لليسار لان وزيري غاضب ويريد دوس حصان الفارس ... وحين اقترب من بيت العنكبوت تمرغ بين شباكه ضحية غافلة ؟!


– بطل أنا ، هههه – بشّر عجيب أقولها ، و الآن وزيري على بعد خطوات من مستنقع عدوي الحقير ، وجواداي يقبعان ليثان هادئان مهددان ، وأول مرة اخترق أجهزة الإنذار وادخل قصره العاجي ، بل مستوطنته الكبرى ، بعد قليل سأقولها ، نعم ... خطوة ، فأخرى ، أحرك له و أحرك لي ، و الآن سأقولها....

ويلجم لساني قبل قولها ، أين الملك ، أين ملك رقعته ، أينك يا سليمانه ؟كل حاشيتي على أرضه تحيط ببقايا رعاياه ، ولكن أين الملك ؟؟! ، واستيقظت على مفاجئة لم اكن قد تنبهت لها ، فعلى رقعتي وفي نصفي الذي املك و دون قصد مني ، ودون انتباه ، كان ملكه قد احتل مكان شاهي الملقى خارجا ، ولأول مرة يفوز دون جهد منه ، لأكون سبب خسارتي ، ودون أن يستفزني صوته
( كش ملك )



إيناس الطاهر 17/04/2007 12:53 PM


نصيحة لـ متزوجة


كنت في محاضرتي ... لم يدخل الأستاذ بعد أرتب أوراقي حين انتبهت لزميلة تشكو زوجها لأخرى ... وتبدأ تلك الفذة بشرح حماقات لما يجب أن يكون ... حاولت عدم الاستماع ، لكن صوتهن أصرّ على دخول حجرات أذني من الأذن الخارجية ولج إلى الوسطى ليقتحم جدران دماغي الذي أنبئني أن هنالك بيتا وعن قريب سيضاف لبيوت دمرها زلزال النصائح الجاهلة ... أخرجت قرطاسيتي التي لا تفارق حقيبتي وكتبت ..


هل أنت متزوجة ؟؟؟؟
إذا خذي هذه النصيحة لدوام حالك واستمرار راحتك ...
لا تعط زوجك اكثر مما يستحق ... نعم
الرجال طماعون ... وان اعتادوا الكرم الفوه ، ثم استقلوه ثم قالوا هل من مزيد ؟؟؟!!!!
صدقيني ...
لا تجعلي في جيبه إلا مصروف يومه
وان حدث
وزاد الله في الخير له
اطلبي
تطلبي
وارغبي ولا تحرمي ذاتك .... فالرجال أنانيون لأنفسهم ، كرماء على نساء غيرهم بخلاء على أهل دارهم ...
أتعاني من أن زوجك يعشق الجمال ؟؟؟ ....

اعمي له عينيه ...
اعصبيهما على عجل ...
و اقطريهما بظلمة الأنين .....
أيعشق جمال الصوت فيشتهيه ؟؟؟ ....
إذا من السمع سيدتي احرميه ...
ولغيرك لا ينظر ، فلا تجعليه يستنظر ...

إن جاءك مادحا جمالك فاعلمي أن خلفه مطلبا ....
استبردي ...
لا تترددي ...
لا تنتظري مديحه فتدمنيه ....

دوما أطفئي عطشه بالعلقم ... وهل يحق للرجال غيره ...؟؟؟!!!

لا تتزيني .... وما حاجتك للزينة أمامه؟؟؟
لست عبدة له ..
بل اجعليه عبد رغباتك ....
املكي منه ما استطعت وكلما استطعت ....



سيدتي تلك نصيحتي ... لا تريه ما احب ... واجعليه يحب ما تريدين له أن يحب

وإذا في يوم ما ،، جاءك عاشقا سواك ....
أو ممسكا بذراعه امرأة أخرى ،،، لا تلطمي .....

لا تلعني .....
لا تقولي أنى السبب !!
و أن نصحي كان عجب
و أنني أضعت من حياتك زوجا ذهب ...

فلم اطلب منك أن تسمعي
و لا أمرت أن تطبقي
و لا انتظرت منك تنفيذ النصيحة

فقط نصحت
و رأيي قلت !!

آه ... صحيح ...
لا تستغربي ذات يوم ، أن يدخل وفي ذراعه امرأة أخرى اسماها زوجه
و باتت تشارككِ سيدتي نفسه
لا تلطمي سيدتي أن تكون حاضنة ذراعه أنا ....
نعم

أنا ...

إيناس الطاهر 17/04/2007 12:55 PM

ثلاث قصص قصيرة للأطفال
 
1-

الفراشة الصغيرة



لم تتخيل الفراشة الصغيرة أنها ستبتعد عن منزلها هذه المسافة ... همست لصاحبتها ، يجب أن نعود ، أمي نبهتني ألا نخرج من المزرعة .. تعالت ضحكات الرفيقة : جبانة ، اعلم انك جبانة .. هيا .. تعالي سأريكِ زهرة عذبة العطر

حاولت ألا تستجيب لنداء رفيقتها لكنها لا تحب أن يقال عنها جبانة ، انطلقت مع رفيقتها حتى وصلتا لزهرة تفوح منها رائحة طيبة .. تمايلت الفراشة إعجابا برائحة الزهرة ، وتلك الألوان الجميلة التي تزين صفحاتها ، نعم يبدو عسلها طيب الطعم .. نظرت الفراشتان لبعضهما وانطلقتا كصاروخ موجه لقلب النبتة ، وانغمستا بين ثناياها تلتهمان قطع العسل المتناثرة بين زوايا حبيبات الطلع بنهم وشره ... نسيت الفراشة الصغيرة نصيحة أمها : إياك الابتعاد عن حدود المنزل ، إياك الاقتراب مما لا تعرفين أصله .. نسيت كل شئ إلا طعم حبيبات العسل ..

بينما استغرقتا بالتهام طعامهما المفضل سادت السماء ظلمة غريبة .. رفعت الفراشة الصغيرة رأسها بعد أن انبئتها قرون الاستشعار بخطر قريب ، ورأت الكارثة .. أوراق الزهرة ترتفع بهدوء ، هدوء شديد في محاولة لضم فراشتان حسناوان اكتشفتا انهما ضحية فخ نصبته الزهرة لهما لتكونا وليمة دسمة لمعدة جائعة !!

حاولتا التملص لكن الأوراق تضيّق الخناق عليهما حتى بات الموت وشيكا .. بدأ الاستسلام يدب فيهما إلى أن مُدّت ورقة صغيرة في قلب الزهرة تمسكتا بها جيدا لتنقلهما لجانب بعيد عن الخطر .. بتعب نظرت الفراشة الصغيرة لمنقذها ، كانت أمها ، ابتسمت بتعب شاكرة ، كان آخر ما سمعته من أمها : خبرتني جاراتي الفراشات أنكما ذهبتما باتجاه آكلة الحشرات ، فلحقتكما .. باتت تستسلم للنوم ولسانها يردد بثقل : أخر مرة يا أمي .. آخر مرة



2-

يوم سئ في ذاكرة عمار


عمار صبي في التاسعة من العمر ، مرتب ومنظم ، يستيقظ كل صباح ، يصلي الفجر ، ويتناول إفطاره وكأس الحليب الدافئ ويرتدي ثياب المدرسة ثم يتناول حقيبة الدراسة التي اعد برنامجها في الليلة السابقة ويذهب للمدرسة .. وهو طالب مجتهد ، يحل واجباته المدرسية ، ويحضر دروسه ، ويحرص على زيارة المكتبة العامة آخر الأسبوع واستعارة كتب تساعده في زيادة مداركه ومعرفته .عمار صبي ذكي يتقن لعبة الشطرنج ويفوز على أقرانه فيها ، وهو حارس مرمى ماهر أيضا ، قادر على صد أقوى الركلات حتى تلك التي تضربها قدم همام قلب هجوم المدرسة المنافسة لهم ...

ذات يوم يحضر أبو عمار حاسوبا للبيت مكافأة لولده الذكي لانه تفوق في دراسته ، وشبك الجهاز على ( الإنترنت ) وسمح لعمار باستخدام الجهاز ساعة يوميا بعد أن ينهي دراسته ، فرح عمار بهدية والده ، وكان يتمتع باللعب على الجهاز أوقات فراغه

سافر والد عمار إلى العاصمة لينهي بعض الأعمال المتراكمة وخبر العائلة انه سيتغيب تلك الليلة عن البيت ، في ذلك اليوم شغل عمار جهاز الحاسوب بعد أن عاد من المدرسة وشبك على ( الإنترنت ) بعد أن خبر والدته انه سيبحث عن موضوع لمادة العلوم ، وبدأ بتحميل برامج العاب قدم له صديقه روابطها .. يحمّل اللعبة ، ينزلها على الجهاز ويبدأ اللعب .. ساعة ، فأخرى .. وينتصف الليل وعمار جالس خلف الحاسوب

إنها السابعة إلا ربع ، استيقظ عمار هلعا ، لقد تأخر ، ارتدى ملابس المدرسة ، وخرج قبل أن يصلي الفجر ، ودون أن يغسل وجهه ، وركب باص المدرسة ، حين وصلها دخل صفه ، كم يشعر بالنعاس ، الأستاذ يشرح ، لكن عمار لا يفقه شيئا ، يتثاءب بكسل .. ما أجمل النوم – يهمس لنفسه - ، يفيق على صوت الأستاذ ، هيا يا أولادي اخرجوا الواجب .
الواجب ؟! أخ نسيت ... يقولها عمار في نفسه .. يتنبه الأستاذ للفتى فيقول له : عمار ، هل هناك شئ ؟؟

لالالالا يا أستاذ فقط ابحث عن دفتري ، فتح حقيبته ، فتش بين الكتب .. يا ويلي إنها حقيبة أختي لميس !!! لقد أخذ حقيبة أخته بالخطأ
الأستاذ يقول : من لم يقم بحل الواجب فليخرج عندي

لم يتقدم نحو الأستاذ إلا عمار .. نظر الأستاذ للفتى المجتهد باستنكار .. وبدل أن يوبخه انطلقت منه ضحكة كبيرة طويلة ، ما لبثت أن شاركتها ضحكات بقية الصف ... كلهم ينظرون لعمار ويضحكون ... نظر بهم متشككا ثم تأمل قميصه ، لا شئ خطأ ، بنطاله ، انه مكوي نظيف ، قدماه ... يا الهي ، ما هذا ؟؟ لقد نسي عمار ارتداء نعليه .. غصة متألمة في حلقه وعيناه تحبسان دمعهما بحرقة ، يشعر بالخزي .. لن يتأخر في السهر مرة أخرى ، سينظم وقته .. كم يتمنى لو كان يحلم


3-

التفاحة الأنانية




كانت شجرة التفاح تتمايل مع مداعبة النسيم لأوراقها طربا .. إنها فخورة بحبات التفاح الأحمر التي تزينها كنجوم خجلى ... تنظر لجارتها الزيتونة وتقول بغرور : انظري لي أنا أكثر شبابا منكِ ، أوراقي تتجدد كل عام ليس كأوراقكِ العتيقة التي لا تقبل السقوط في الخريف ولا ترضى التجدد في الربيع .. انظري لثمري انه احمر اللون ، يزين أغصاني ، تشتهيه عين الناظر ، لا كثمرك الصغير الحجم ، مرّ الطعم .. واستمرت تضايق جارتها بكلماتها الجارحة .. اقتربت شاة صغيرة جائعة من التفاحة وطلبت منها بعض الأوراق علها تطفئ صراخ معدتها الجائع .. ثارت التفاحة وصرخت بالشاة المسكينة التي استدارت تريد الذهاب ، نادتها الزيتونة العجوز ، وقدمت لها بعض الوريقات الطرية قائلة : لا تغضبي من التفاحة ، ما تزال صغيرة .. أكلت الشاة الأوراق وشكرت الزيتونة وانطلقت مبتعدة ..

بعد ساعة تقدم مجموعة من الصبية من شجرة التفاح ، قال أحدهم : تبدو الثمرات لذيذة الطعم ، فلنقطف بعض الثمر نأكله ، سمعت الشجرة كلامهم فأبت إسقاط بعض الثمر .. ضمت أغصانها وخبأت الثمرات بين الأغصان والورق .. وكلما حاولت يد أحد الصبية قطف تفاحة منعته الأغصان المتراصة .. غضب الفتية وقال أحدهم : هذه الشجرة بخيلة العطاء أنانية النفس ، كأنها لا تريد إطعامنا من ثمرها .. نظر الفتية لبعضهم وغابوا عن النظر .. تمايلت شجرة التفاح وقالت بفخر : لا أحد يجرؤ على إرغامي على مالا أريد . نظرت الزيتونة العجوز لها بألم ولم تتفوه بكلمة .. لحظات قليلة ويعود الصبية فتعود لتخفي ثمارها بين الغصون ..

يتوقف الصبية تحت ظلها ويخرج بعضهم مجموعة من الحجارة ، بينما كان يحمل الآخرين عصي طويلة ويبدءون بضرب شجرة التفاح فتتساقط الثمرات على الأرض ومعها غصون غضة تحمل أوراقا جميلة .. لحظات صغيرة ويعود كل شئ لحاله وتتضح الصورة ، شجرة محطمة ، مكسرة الغصون ، لا ثمر عليها ولا أوراق ، بدأت شجرة التفاح بالبكاء .. هزت الزيتونة العجوز أغصانها وقالت بألم ، لو فاضت نفسك بحب الخير ، لما حدث لك ما حدث .. أنت من اختار وعليك تحمل نتيجة أنانيتك في الاختيار ....

إيناس الطاهر 17/04/2007 12:59 PM

بعد الانتظار ...



قال نعم بعد طول رجاء .... تستطيعين الذهاب في هذه الرحلة ، بشرط أن تكون الرحلة الأولى والأخيرة ، قبلته بفرح موافقة ... حملت سعادتها على راحتيها الصغيرتين مع ورقة كتب موافقته عليها ...

كانت هذه أول رحلة مدرسية تقوم بها منذ دراستها ، هي الآن في المرحلة الثانوية وهذه الرحلة بمثابة وداع الصحبة قبل الافتراق ، لقد قاتلت باستماتة ليقبل والدها هذه الرحلة .... و أخيرا قال نعم ، أخيراً وافق بشرط أن تكون هذه الرحلة الأخيرة رغم أنها الأولى أيضا ، تبسمت وما الفرق إنها السنة الدراسية الأخيرة.

فرحت صويحباتها لذهابها معهن ، خططن ماذا سيرتدين ؟ ماذا سيحضرن معهن ؟ كم سيأخذن من مال ؟ أين سيجلسن بالباص ؟ حلمن وشاركتهن الأحلام ...

وكان اليوم الموعود ، لم تنم ليلتها تلك ، بقيت تحادث اختها الصغرى النائمة عن كل ما ستقوم به ، في الصباح كانت اول من افاق ، توضأت وصلت ، ذهبت للمطبخ وحضرت بعض الشطائر ، وحين بدأت بارتداء الثياب التي خططت للبسها منذ ايام ، اخبرتها امها ان والدها اختار لها ثياب الرحلة ، نظرت ، يا ربي انها ثياب المدرسة ؟؟؟ أذهب الرحلة بثياب المدرسة ؟؟؟ علمت ان هذا شرط والدها و الا .... اقنعت نفسها – الرحلة ما اريد ، لا شئ اخر ، تعلم ان تنازلها هذا شيئا تكرهه ولكنها لن تلغي رحلتها ، حتى ولو كانت المسألة مسألة مبدأ...

حين همت بالخروج ناولها والدها مصروفها ، اياكِ اللف والدوران ، هكذا البنات في الرحلات .... بلعت غضبها وشك والدها ولاذت بالصمت ، تريد ان تفرح ولن يعكر خوف ابيها فرحتها ، حتى ولو كانت المسألة مسألة مبدأ ....

وصلت مدرستها ، كان رفيقاتها ينتظرنها ، جلسن ، تحادثن ، وصل الباص ، جلسن في المقعد الخلفي كما اتفقن سابقا ، في الثامنة سيتحرك الباص .
الساعة الان الثامنة والربع ، المعلمة المرافقة لم تحضر بعد ، بدأ القلق يسيطر عليهن ، الساعة الآن التاسعة إلا ربع ، صعدت المعلمة المسؤولة الباص وأعربت عن أسفها عن التأخر، تنفسن الصعداء ، طالبنها بالتحرك لتعويض التأخير ، اعتذرت وأخبرتهن أن التربية قد ألغت الرحلة لأسباب تجهلها ، وطمأنتهن ، الفصل القادم سنحاول الحصول على رحلة أخرى ...
تفرقت البنات بعد أوهام وأحلام دامت لحظات ... حزنت معلمتهن على فرحتهن التي لم تتم ، وحين همت بإغلاق المدرسة والمغادرة وجدتها جالسة على الرصيف وراسها محني مكسور.
توجهت نحوها فعرفتها ، جلست جوارها وسألتها ما يبكيها ؟؟
مسحت دموعها وقالت : الرحلة ألغيت !!!
أخبرتها المعلمة ألا تحزن ، الدنيا لن تنتهي اليوم ، الفصل القادم سنحصل على رحلة - هكذا قالت –

وما الفائدة ؟ حدثت نفسها بعد أن نهضت ، هي وحدها من يعرف أنها لن تتمكن من الذهاب إلى أي رحلة أخرى ، في نظر والدها الرحلة قد تمت بغض النظر عن الواقع ، المسألة مسألة مبدأ ، توجهت نحو منزلها وألف ألف دمعة في عينها ، فكيف لمن أبكاه حظه أن يكون نفسه مسعده ؟؟؟

إيناس الطاهر 17/04/2007 01:00 PM

عائلة فهيم




فهيم أب لعائلة متماسكة ، يعمل ليوفر أسباب العيش الكريم لها ، يطمح بمستقبل مزهر يفوح منه ابن عظيم يخدم مجتمعه ويبني طموحه فيصعد سلم النجاح بقوة ، وابنة تكمّل رسالة ونهجا ، وتمضي للنجاح بخطى ثابتة ... ترك مسؤوليات البيت لزوجته الحنون ، لها تربية الأولاد ، وتعليمهم حقوقهم وواجباتهم ، وعليه هو توفير أساليب النجاح لهؤلاء الأولاد ...


دخل بيته ذات مساء يحمل كدّ الصباح وأوراقا تحتاج لسهر ليل مضني ... كان الصغار في عالم النوم يهنئون ، جالس زوجته واطمئن منها على وضع أطفاله وهل لهم حاجات يريدون من الأب الحاني توفيرها لهم ، جاءه صوتها ، انظر خلفك يا فهيم ، نظر ، فإذا بلوحة كبيرة معلقة على الجدار ... نهض نحوها ، وفاضت بسمة رقيقة ، تلك خاطرة كتبها ولده ، ياله من أديب كبير ، وهذه قصة كتبتها صغيرته ، ما تزال الطفلة مبتدئة ... وهنا نصيحة ، وهناك رسالة شكوى من أحد الأولاد عن أحد اخوته ... وقف أمام اللوحة قرابة الساعة ، وعاد لمكانه قائلا : دعيهم يخرجون ما في جوفهم ، وسأحرص دوما على الاطلاع على تلك اللوحة لأصل لمكنونات أولادي

وهكذا الحال كل يوم ، ولشهور عديدة ، الأبناء يضعون فكرهم ، وهو يتابع بصمت وهدوء وحذر ، ثم يعطي زوجته الرؤوم رأيه واقتراحاته التي تحتاج منها تنفيذا ، إلى أن جاءته ذات مرة ، وبدءا يتحدثان عن حياتهما ، ومستقبل الأولاد

- فهيم ، أينك من أولادك ؟؟؟
- ماذا تقولين ؟؟؟ أنا معهم دوما ، أراقبهم ، ألحظهم ، وأبني أساسات عائلتنا
- أينك من أولادك ؟؟
- بربك ماذا تريدين ؟؟؟
- ألم تفهم يا زوجي العزيز ؟؟
- أفهم ماذا ؟؟
- تلك اللوحة المعلقة على الجدار
- أراها ، وأنت تعلمين حرصي على متابعتها وفهم عقل و فكر أبنائي
- وبعد ؟؟؟
- ماذا أكثر من أن ألبي لهم حاجاتهم ؟؟؟
- قربك منهم يا فهيم !
- قربي أنا ؟؟؟ وهل أنا بعيد عنهم ؟؟؟
- أكثر مما تعتقد .
- هل شرحت ما تريدين زوجتي ؟؟
- أنت وأنا وأولادك ، تكامل لبناء بدأ ليكمل الطريق
- تابعي .
- لكنك بعيد عنهم ، بعيد عن فكرهم ، بعيد عن عقلهم فهيم .
- بربك ، أعلم ما يريدون ، وافهم ما يحتاجون ، والبي دعواتهم ورغباتهم ضمن امكاناتي
- وماذا يعلمون هم عنك ؟؟
- .....
- أقصد ، أنت عرفتهم ، فهمتهم من خلالي ، رأيت عقولهم بواسطتي أنا ، لكنك لم تكن يوما قريبا منهم ، لغتك يا غالي صعبة عليهم ، انهم يجهلونك ، بينك وبينهم حاجز كبير وسور عالٍ لا أنت قادر على النزول منه ولا هم بمستطيعين الصعود اليك ... أولادك يريدون عقلك ، فكرك ، أحلامك ، يريدون استشعار وجودك الروحي بينهم والمعنوي ... أولادك يهابوك ، أرجوك لا تكن مجرد صورة على جدار بيت أنت تبنيه ، بل كن الروح التي تبنى بها أعمدة البيت فهيم
- كيف ألتقيهم خبريني ، مطالب أنا بأمور كثيرة ، لا وقتي يسمح ، ولا امكاناتي تعطيني القدرة على استنطاق عقولهم وقلوبهم ، فكنتِ أنت وسيلتي ، عينك مرآتي ، ولسانك نصائحي ، ماذا أفعل أكثر بربك خبريني ؟؟؟ لماذا تحملين الاب أكثر من قدراته ، لماذا تضعينني المسؤول ، لماذا ألتمس لكم العذر ولا أجد منكم من يلتمسه لي ، همومكم تقتلني ولكن همومي لا تعنيكم ، ماذا أفعل ، قولي لي ماذا أفعل ؟؟

ابتسمت برقة ، وقالت : ألم تفهم للآن ؟؟؟ إنهم يقدرون غيابك ويفهمون صعوبة تواجدك الجسدي بينهم ، انهم يدركون ، ولأجل ذلك وضعوا تلك اللوحة على الحائط ، إن كان صعبا يا زوجي وجودك بينهم ، فضع فكرك في اللوحة ، انبض ودعهم يلمسون نبضك

قالت حروفها وخرجت ، تركته بين أوراقه وعينه ما انفكت تحدق باللوحة .....

إيناس الطاهر 17/04/2007 01:02 PM

رحلة قلبت مشاعري



لم اكن قد تجاوزت العاشرة من عمري بعد ... لا اذكر تلك الأيام تماما ولكن لي معها ضبابيات بسيطة ومخنوقة ... كنا في رحلتنا لبلد أمي وركبنا الباص متوجهين إلى هناك أنا وامي ... كنت اشعر بالسعادة حين تختصني الحنونة عن بقية اخوتي وتأخذني معها ،، فمن الجميل أن تشعر بأنك الطفل المدلل لعائلتك ... وأنا كنت اعشق أمي ، أهواها بطريقة مجنونة ... لا أذكر أنني فكرت في أوامرها يوما فقد كانت السلطان والحاكم ... واعلم أن كلامها كله صدق ، ألم تعلمني أن من يكذب يكرهه الله ؟؟؟ ومن يكرهه الله يدخله النار ؟؟؟ إذا فلا بد أنها لا تكذب ... اجل لا بد أنها اطهر واصدق امرأة على وجه الأرض ...
رائحة البحر أيقظت عيناي الناعستان فأفقت على وجه أمي تدندن شيئا ، أنا احب تلك الدندنة لان أمي من يقوم بها!! ...
- أوصلنا يا غالية؟؟؟
- اجل حبيبتي ، لحظات ونصل ...
- أتحبين بلدك ماما؟؟؟
- طبعا أليست مكان ولادتي !
- ماما ... حدثيني عنها ...
- صغيرتي رأسي يؤلمني ... فيما بعد
- لماذا يؤلمك ماما ؟؟؟
- هلا صمتي قليلا ، أنت تزعجين المسافرين
صمت على مضض ، فأنا احب الحديث إلى أمي ،،، وصلنا عند دورية للشرطة ،،، يبدو أن هناك مشكلة ما تعم المكان ، أوقفوا الحافلة وطالبونا بالنزول ،،، امسكتني أمي من يدي ودخلت بي استراحة قديمة البناء وجلسنا ... طلبت لي عصيرا ولها قهوة ،، دائما أحببت أن اشرب من فنجان أمي لكنها ترفض هذا وتقول أن الآنسات الحسناوات الصغيرات يصبح لهن شنبا إن هن شربن القهوة ، أتخيل منظري بشنب ،، مضحك !! ،، ولكن ابنة الجيران تشرب قهوة وليس لها شنب ، لا بد أنها ليست جميلة ،،
شربت من العصير وبدأت انظر للناس حولي ، كلهم في همهم ماضون ، الكل ينتظر الإفراج والرجوع للحافلة ، تقدم شرطي طويل منا .. مسح على رأسي بلطف وتوجه نحو أمي
- سيدتي ، هل احضرتي حقائبكِ لطفا .
- ولماذا ؟؟
- معنا أمر بتفتيش حقائب المسافرين ..
- حسنا سأحضرها دقائق فقط
ذهبت أمي فركع الرجل أمامي ، أتعلمين انك جميلة ؟؟ - ابتسمت له - ، لي ابنة مثل عمرك لم ارها منذ شهرين ، اليوم حين انهي مهمتي سأرجع واراها ... حظا طيبا يا جميلتي الصغيرة
كانت أمي قد عادت ومعها حقيبتين صغيرتين ... فتحتهما ، فتشهما الشرطي ثم أعاد إغلاقهما .. نظر لامي قائلا :
- حقيبة اليد خاصتك سيدتي ...
- أتمزح ؟؟؟ ماذا تريد بحقيبتي ؟؟؟
- أرجوكِ سيدتي إنها الأوامر ..
رفضت أمي ذلك وبشدة ولا اعلم السبب ، فتناول الشرطي حقيبتها رغما عنها وفتحها وهي تسب وتلعن ... أول مرة أرى أمي تسب وتلعن
فتح الشرطي الحقيبة ، عثر على ثلاثة هواتف خلوية ، وآلة تصوير حديثة وأشياء لا أعرف كنهها تماما...
- لمن هذه سيدتي ؟؟
- إنها لي ، استعملها لي
نظرت لامي وقلت : لا يا ماما لقد أوصاكِ جدي بإحضارها ، نظر الشرطي لي ونظر لامي وقال : ما قولك سيدتي ؟
- ابنتي حمقاء تهذي ... إنها لي ... انحنت نحوي وقالت : اخرسي الآن
تناول الشرطي ما في حقيبة أمي وقال : في الغد مري وخذيها من الدائرة ... لم تدفعي جمركها سيدتي ...
- انتظر ، أنت لا تعرف من أكون ... أنا ابنة رئيس الديوان هنا
- اعذريني سيدتي ... القانون قانون
هيا لنفتش العائلة هناك ... غمزني وذهب .. وقفت أمي مقهورة ثم توجهت نحو هاتف موضوع في الاستراحة . ضربت رقما وقالت : العميد حسان رجاء ... ابنته
- أبي ، نعم إنها أنا ... بخير –بدأت بالبكاء- لقد اخذوا الخلويات ... اعلم أنها غير مهمة ولكني أريد تعليم هذا الحقير درسا لقد أحرجني ولم يأبه بمن أكون ... اجل اجل ... بالاستراحة ... الآن أبي ... وداعا
عادت مكانها وخلال ربع ساعة كان هناك رجل اعرفه ... انه خالي بملابس الشرطة والرتب الملصقة على كتفه ... قبل أمي وقبلني ثم توجه نحو الشرطي الذي أشارت أمي له هناك ... قال على مسامعنا : -
- حضرة الملازم
التفت الشرطي لخالي مؤديا التحية العسكرية : نعم سيدي
- اخرج ما أخذته من السيدة واعده لها –مؤشرا لامي –
نظر لها وقال : لا أستطيع سيدي ، لم تدفع الجمرك ...
- حين أقول أعطها ، تعطها
- لا أستطيع ...
- أيها العريف ، مؤشرا لرجل معه
- سيدي
- خذ عهدة الملازم و لينتظر في مكتبي ... اليوم سيحكم رئيس الديوان في أمره لمخالفته الأوامر العسكرية
- حاضر سيدي
اخذوا ما معه واعطوها لخالي ... وقيدوه وحين هموا بسحبه جريت ودون وعي نحو خالي وقلت باكية : دعه يا خالي هو لم يفعل شيئا ... انه يطبق القانون
- قال لي بنعومة : لا تتدخلي حبيبتي انه لم يقدر الناس
- لكنه القانون خالي ..
التفت لامي التي حدجتني وسحبتني وبكاي يعلو
قال خالي للرجل : الناس يا هذا مقامات ، و ليست أختي من يطبق عليها القانون ... شهرين في السجن العسكري كفيلة بان تربيك ...
اخذوا الرجل وخلال دقائق عاد الوضع لما هو عليه ... امسكتني أمي وتوجهنا لسيارة خالي الفخمة ... وكأن شيئا لم يحدث ... عاد كل شئ لحاله ... إلا أنا ... ففي هذه اللحظة عرفت كم اكره أمي !!!...

إيناس الطاهر 17/04/2007 01:03 PM

مسرح الحياة ...


حياة واسعة مرسومة برأس إبرة ، تكمل اليوم مشهدها الأخير ، كانت هي المسرح والشاطئ والميناء ... وكنا فيها الأبطال و الكومبارس وصائدي المكافئات !!! ، أعطت كل منا دوره في الحياة و طالبتنا بحفظه بإتقان !!! فتعاقب المقصر وتكافئ المجتهد ...


خرجنا على المسرح كل يعيد دوره المرسوم دونما فهم له ، فتخرج الكلمات من ذاكرته حروف نص لترتسم للمشاهدين خيوطا عريضة و أخرى رقيقة وثالثة رفيعة حول الحدث !! ، أشلاء الحكاية شبه مكتملة ، من حدث وعقدة للجريمة ، وحتى الشخوص ، أما الزمان فهو كل وقت منذ بدء الخليقة

والمكان .... مسرح الحياة

شروط الرواية الناجحة

عدا الحل !!!

فهو الباب المفتوح لتضعه أنت

بالطريقة التي تعجبك

على أن تسمع الحل للحياة ، فان أعجبها أعطتك دور البطولة في عملها القادم !!

وإلا كتب عليك أن تحيا مع الكومبارس في دور بسيط ينتهي حتى قبل أن يبدأ ! وتنتهي أنت معه ؟!


أما إن لم تنجح في أي دور أوكل إليك
فان الحياة تحملك لترميك في عرض البحر ، وتجعل الميناء سرابا تراه دون ان تصله !!! وتبقى سابحا ، هذا إن كنت ممن أجادوا السباحة ، وقد تصادفك مكافئات عديدة إن تمسكت بإحداها نجوت ، وإلا ... ستبقى تسبح وتسبح وتسبح حتى ينهكك التعب

فتتوقف يداك عن التجديف مضطرة

وتصبح غير قادر على المقاومة

مقاومة جاذبية عميقة للأسفل

للأسفل

للأسفل

فتحتضنك أمواج البحر وتنقلك في لحظات لمحيط

غاضب

عاصف

يجمع أسماكه حولك

فتنهش لحمك متسلية في تعذيبك

وقد يغرقك الموج دونما رحمة ؟؟؟!!!!


وهكذا هي الحياة ، مسرح نصه مكتوب ، لكل منا دوره

إلى أن ننتهي ونزول

ويبقى المسرح للسفينة ربانا

يدخل فيها من يشاء ، ويرمي منها من يشاء


نفنى وتستمر الحياة ،

بالأمس كنا للماضي ،

واليوم حاضرنا


والغد مستقبل مجهول

ولا يغلق الستار على مسرح الحياة رغم انتهاء المشهد الأخـيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر

إيناس الطاهر 17/04/2007 01:04 PM

عادي العادي ....



أفاق الأفق على بكاء عائلة عادية ... وحين تجمع البشر ليسألوا عن الحكاية ... قيل مات من الإنس انسياً ... قد كان في الأرض منسياً ،،، مات عادي .... ضربت الاكف بعضها ببعض ، يا حرام ، مات عادي ....
تساءل التاريخ وقد كان أفقا لا تغرب شمسه : مَن عادي ؟؟
أجابت الأرض بحزن ، هو شخص عادي ؟؟
علقت البطولة : ما تاريخه ؟؟؟
أجابت الأيام : تاريخ عادي ؟؟؟
سأل الشرف الرفيع : ما مبدؤه في الحياة ؟؟؟
رد الروتين ببطئه الدائم : مبدأ في الحياة عادي ؟؟؟
قالت الأصول طالبة من دفتر العائلة الشرح : أصله ، فصله ، كنهه ، مكانه ، حياته ، قدره ، إبداعه ، حدثني عنه اكثر !!!
تنهد دفتر العائلة ومن الأرشيف المهمل اخرج حزمة ،، بحث وبحث وبحث ، حتى ظن الجمع انه لا وجود لبشر اسمه عادي .... آهاه ... ها هو ... أنصت الحضور باهتمام فنطق الدفتر :

هو عادي ، انسان عادي ، من عائلة محافظة عادية ، والده عامل كادح عادي ، وامه ربة بيت بسيطة التفكير عادية ، اخوانه شعب من المهملين العاديين ، تعليمه سادتي تعليم عادي ، ووضعه المادي كوضع البائسين عادي ، كبر بشكل عادي ، تزوج بالأسلوب العادي ، لم يبدع في عمله ولم يبتكر ، فقد كان تصرفه في عمله عادي ، انجب بشكل عادي ، وكبر اولاده حسب طريقته القديمة ، عادي ، انسان عادي ....!!!!

سألت المعارضة الحرة : تأقلمه مع متطلبات حياته ، مع ارتفاع الاسعار ، وفرض الضريبة على البسطاء ، وسرقة المال من التعساء ، كيف تقبلها
قالت الحياة : كان بليد المشاعر بشكل غير عادي ، فكلما جاءته نكبة هزّ رأسه وقال عادي ، وكلما سرق مديره من حقه : تحوقل وقال عادي ...

كثر النقاش حول عادي حتى نهض العمل وقال : حتى حين مات ، مات بصمت دون عمل يشهد له ، ودون صدق وهدف يحيط محيط اعماله
... عجبي !!!
قال السلام : كان مسالما اذا ؟؟
رد التحدي : بل احمق عادي

حينها نهضت الحكمة بعد طول صمت ، تثاءبت واستدارت خارجة ...

ناداها البقية : ما بكِ ؟؟؟
ردت بعمقها الطويل ، وصوتها صاحب الصدى المستحيل : لا تصنعوا من عادي إنسانا غير عادي ، أراد أن يخلق من الطين واليه يعود ، مسح شخصيته بإبهام السذاجة ، لم يترك توقيعا للدنيا ، ولم يعلق على جدار التاريخ صورة ، ليس للإبداع لديه خطة ، ولا للتحدي عنده سلم ، والطموح منتحر الأصول لديه ، دعوه ، انه عادي ، فلا تشغلوا وقتكم الثمين بأمر جدا جدا جدا عادي

إيناس الطاهر 17/04/2007 01:05 PM



عدالة البشر




كانت دائمة السؤال ، تريد أن تعرف كل شئ وأي شئ .... كانت تعشق اكتشاف المجهول و لا تمل السؤال ، عندما أصدها لم تكن تغضب بل تعيد السؤال مرة وثانية وثالثة .... فاستسلم ولا تستسلم ... لم تكن لصغر سنها تدرك أن الإنسان وعقله ما هما إلا ذرة في هذا الكون الفسيح ... كانت تظن أنني قادر على الإجابة على كل تساؤلاتها فقط لأنني ابوها ، يعني مثلها الأعلى ... عندما كنت أقول لها : لا يا بابا هذه خطأ ، أصاب بأمطار ووابل من أسئلتها التي لا تنتهي حول لماذا ؟ وكيف ؟ ومتى ؟؟؟؟

عندما عادت من مدرستها كنت جالسا في مكتبي انهي بعض أعمالي التي لم يتم إنهائها في المكتب ، قبلتني كعادتها و ذهبت لغرفتها ، لحظات وتعود ابنتي لي : بابا ... ماما تقول الغداء جاهز
- لا بابا ... عندي شغل كثير ...
- إذا ؟؟؟
- اذهبي وكلي مع ماما وناصر
- أف ... كالعادة نأكل وكرسيك فارغ .... لماذا أنت أبونا إذا ؟؟؟
- سارا ! – مصطنعا الغضب-
- حسنا ذاهبة لا تغضب ... سأقبلك لاتاكد انك لست غاضب .
تقدمت مني وبدل أن تضع شفتيها على خدي عضت أذني ، وعلى صراخي انطلقت ضاحكة ...

في المساء اجتمعت آسرتنا كاملة – ونادرا ما كانت تجتمع بسبب غيابي ، عندها وقبل أن ارتشف من فنجان قهوتي الذي أعدته سلوى ابتدأ دماغ صغيرتي بالحركة لتسألني :
- ما العدالة يا بابا ؟؟؟
استغربت سؤال طفلتي ابنة الثانية عشر ربيعا ، لكني قلت لها : العدالة ؟؟؟ العدالة !! آآآآآآآآه .... العدالة يا سارا في أن يحيا الضعيف دون خوف ... والفقير دون جوع ... و دون وجود مشردين على الارض ... والإنسان بلا استعباد ...

صمتت وبدا أن صمتها حمل عدم الرضا عن الجواب أو كان ما قد قلته لها لم يقنعها ... لذا وقبل ان ارشف من فنجاني قالت : ضعيف ؟ فقير؟ مشرد ؟ استعباد ؟ .... هل يعني هذا يا بابا ان العدالة لا تبحث الا عن هؤلاء .؟؟؟ لا شأن لها بالأقوياء والأغنياء والظالمين والأحرار ؟؟؟

ابتسمت ومسحت على شعرها وقلت : بلى بلى يا سارا ... فعلى القوي ان يراعي الضعيف ، وعلى الغني مساعدة الفقير ... واما الظالم فلا يحق له الا ان يكون عادلا وطيبا وعندما نقول الحر فنحن نعني الابيض و الاسود دون استثناء لعرق أو دين أو لون أو جنس أو عمر يا صغيرتي ...

حكت شعرها ببراءة وقالت : وان لم يفعلوا يا بابا ؟؟؟
- تنتقم منهم العدالة – اجبتها دون تفكير –
- وان كانوا فوق القانون ؟؟؟ - سألتني بثقة –
- فوق القانون ؟؟ كيف ؟؟ لا اجد احدا فوق القانون يا سارا –متشككا-
- بابا ؟؟ تذكر... وكانها تريد ان تحيرني
- لا افهم .... فعلا يا سارا لا افهم ...
- اصحاب الشبح والليموزين ... اصحاب الفيلل والقصور ... اصحاب الملايين يا بابا والشركات و المؤسسات ... اولئك الذين يدفعون في سهرة واحدة ما تنفقه انت علينا في عام ؟؟؟

عندها نظرت لصغيرتي ... انها ليست سارا الطفلة البريئة ... كيف لعمرها ان يعرف الليموزين و الفيلل ؟؟؟ كيف لعقلها الصغير ان يفهم الحساب ويعرفه ؟؟؟ نظرت اليها ولا اعرف هل افخر بها ام اخشى عليها ... حدقت بي وكانها عرفت ما افكر

- بابا ... لست طفلة يا بابا ... ادرس في مدرسة خاصة ... اجلس على النت .. اعرف اكثر مما تعتقد ... العصر يتقدم يا ابي ...

عندها فتحت فمي دهشا ... ابنتي محللة وقارئة افكار ؟؟! وهنا انطلقت ضحكة ناصر ... ابن الستة اعوام ... يقول : سارا تغلب بابا ... سارا تغلب بابا ... هيه هيه ... سارا تغلب بابا ...

شعرت سلوى بمدى الحرج الذي انا فيه وقالت : سارا ، بابا متعب الان ... لن يستطيع مناقشتك ، أتعلمان اننا سنذهب في الغد الى البحر ... سنقضي اجازة الاسبوع معا

علت ضحكات ولداي ... وخرجا وهما يفكران بالسعادة التي سينعمان بها في الرحلة ، التفتت سلوى لي وقالت : حاتم ؟؟
- نعم يا سلوى
- شعرت للحظة انك عاجز عن مناقشة سارا !!
- لست ادري يا سلوى ... البنت تفكيرها يفوق عمرها !
- انها ابنتي !... ذكية كأمها – بفخر-
- اخشى ان اعجز عن اشباع نهمها للمعرفة
- وماذا في ذلك؟؟
- ساسقط من عينها
- كلا بربك !!! لا تفكر بهذه الطريقة يا حبيبي ، صنعت من السؤال مشكلة ...
- قولي لي سلوى ... هل ميزان العدل متساو لكل الاطراف ؟؟
- لا افهم!
- هل ميزان الرئيس يشبه ميزان المرؤوس ؟؟
- كله ميزان
- هناك فرق يا عزيزتي ...
- وما هو ؟؟
- في ميزان المرؤوس كفة له وكفة عليه وفي ميزان الرئيس كفتان كلتاهما له
- لم افهم
- الرئيس يا سلوى كفتاه لصالحه لانه صاحب المال و القرار
- حسنا والمرؤوس ؟؟؟
- المرؤوس دائما الكفة عليه ما لم يرضى رئيسه عنه ... والا فاللعنة يا سلوى اللعنة...
- حاتم ... لا افهم ، ما افهمه انك زوجي وسارا وناصر ولداي وهذه الحياة عندي

صمتّ لاني اعلم انها لن تفهمني ابدا ... مهما حاولت الشرح ...
صباح اليوم التالي كنا جميعا بالسيارة منطلقين الى البحر بين غناء ومشاكسة ولداي الشقيان ، وحين وصلنا بدأت السعادة الغامرة بيننا ... الكل سعيد ، سلوى تدرب ناصر على السباحة ... اما سارا فقد تسللت الى جواري .. شدتني من يدي وقالت بالحاح
- انت لم تجب على سؤالي يا بابا
- أي سؤال يا سارا ؟؟؟
- العدالة ؟ ما العدالة يا ابي؟؟
- اجبتك ، الا تذكرين ؟!
- اذكر ، واذكر جيدا انك توقفت عند الناس الذين تعطيهم مراكزهم تسهيلات كثيرة..
- سارا ، يا ابنتي الحبيبة ، اريدك ان تعرفي ان العدالة هي الميزان ، القانون ، الانسان ... انها...
- بابا – مقاطعة - ، ومن كان فوق القانون ؟ ، بيأس..
- للمرة الثانية والثالثة والالف والمليون ... يا حبيبتي لا احد فوق القانون ...
- أتعلم يا ابي ، لاول مرة لا تفهمني ... للاسف ، لا تفهمني .
- لا تقولي ذلك ابنتي ، قولي لي من زرع بذهنك فكرة فوق القانون اولا؟؟
- و تصدقني ؟؟؟
- طبعا.
- المدرسة !
- مَن ؟؟ هل قالت المعلمة لكم ان القانون لا يحمل سلطة على الجميع ؟؟
- لا يا ابي هي لم تقل ، هي فعلت
- وكيف حدث هذا ؟؟؟
- اول امس الاربعاء ، ضاعت نقود لطالبة معنا بالصف ، وعندما بلغت المعلمة ، طلبت المعلمة مني ومن صديقتي اخلاص تفتيش حقائب الطالبات ، وعندما فعلنا وجدنا النقود في حقيبة سوزان .. وسوزان يا بابا ابنة مليونير معروف وهو من يقوم بتمويل مدرستنا كل عام ، ويقدم تبرعات باهظة وكبيرة جدا..
- نعم نعم ... وماذا حدث بعد ذلك ؟؟؟
- اجلوا الموضوع حتى الخميس . وفي الامس طلبوا سوزان ولم يخبروا والدها ، وحين استجوبوها انكرت ذلك وقالت انها لا تحتاج لهذه النقود حتى تسرقها ، اتدري ماذا قالت يا ابي ؟؟
- اجل ...
- قالت ان اخلاص التي وجدت النقود في حقيبتها لا بد وان تكون من وضعها حين خشيت من افتضاح امرها ... أتصدق ؟؟؟ واين المشكلة يا ابي ؟؟؟ ان المديرة وافقت على هذا الاقتراح ، ومساء الامس تم فصل اخلاص لانها برأي المديرة هي السارقة ، والملفقة للتهمة لابنة المليونير ... تخيل يا بابا ... صدقوا سوزان ، مع ان الدليل واضح ضدها

لم ادري ما اقول غير : ربما ان هذا ما حدث فما حاجة سوزان بتلك الاموال ؟ مديرتك ادرى منك واعلم يا سارا . اليست اخلاص تلك الفتاة التي قلتِ لي ذات مرة ان والدها لم يدفع قسط المدرسة لها ؟؟؟ واضح ان ما قلته مديرتك هو الصواب

نظرت طفلتي لي بحنق وغضب ، ذهبت ودخلت السيارة ولم تخرج منها رغم نداء أمها المتكرر ، مما اضطرنا للعودة للبيت / وما ان وصلنا حتى دخلت طفلتي غرفتها واغلقت بابها عليها ، بضع ساعات وتبعها ناصر ونام ، اما سلوى فقد حضرت فنجانين من القهوة وجلست قبالتي مستفسرة عما حدث ، وحين اخبرتها قالت : سامحك الله يا حاتم ، الا تعلم ان اخلاص افضل رفيقات ابنتك ؟؟؟ وانها ادمث صويحباتها خلقا؟؟؟
- افهميني يا سلوى ، انا واثق من براءة الفتاة
- اذا ؟؟؟
- لا اريد لابنتي ان تتعلم قاعدة فوق القانون ... لا بأس من ان اشوه صورة صديقتها امامها طالما ان ذلك سيساعد في المحافظة على صورة الحياة امامها
- تقصد انك لا تريدها ان تعتبر سوزان حالة عامة ؟؟
- تماما يا عزيزتي

عندها سمعت صوت نشيج ياتي من خلفي ، وقبل ان التفت كان صوت سارا يقتحم اذني ، لماذا يا بابا ؟؟ ماذا كانت ستكون حجتك؟؟ لو كنت انا من وجد النقود ؟؟ لماذا يا ابتي ؟؟؟

التفت اليها وصرخت : منذ متى وانت هنا ؟؟؟ كيف تتنصتين علينا ؟؟
- - اسفة ابي . لم اكن اقصد ، اتيت لاقول لك ان اخلاص بريئة ، لا تمد يدها لممتلكات غيرها ، امانتها تمنعها من وضع نار في يدها ... اردتك يا ابي – تنشحت – ان تعلم ان لاخلاص الفقيرة قناعة لا تملكها سوزان الغنية التي تعودت ان تحصل على ما تشاء ... اردت اخبارك بكل هذا ... فوجدتك واسفي تعرفه كله... وجدتك تزيف الحقيقة يا ابي ، ان لم تعرف العدالة مع اخلاص ومعي ، فكيف ستعرفها مع الناس ؟؟؟ ان لم تكن عادلا في حكمك على الحق فكيف تجيب معنى العدالة ؟؟؟ كيف تجيب عن معنا انت لم تعرفه ؟؟؟ ساقول ما قد قلته لامي منذ قليل ) لا بأس من ان اشوه صورة صديقتها امامها طالما ان ذلك سيساعد في المحافظة على صورة الحياة امامها ) ولكني ساغير فيه : لا باس من ان امحي صورة ابي القديمة لتحل مكانها صورته الجديدة ... ساحافظ على المنظور الذي تحب يا ابي ... اعدك...

ذهبت ابنتي لغرفتها واغلقت بابها على نفسها وتركتني معقود اللسان ، بينما قالت سلوى : الان فهمت سبب خوفك من عقل صغيرتك الناضج قبل اوانه ...
لم استطع الاجابة على تعليقها ، فجملة ابنتي الاخيرة بقيت تطوف بعقلي وتنزل بعدها لقلبي فتمزقه اربا ... لقد قتلت ابنتي ثقتي بنفسي ... وحطمت شيئا بداخلي وبنت بنيانا قاسيا عندي .
ومنذ ذلك الحين لم يحدث وان جاءتني صغيرتي لتسأل أي سؤال ، تغير كل شئ ... اصبحت تلجا لاي كان عداي ، وكم حاولت الدخول معها في نقاشات لكنها كانت تغلق الطريق امامي ....

ترى ايهما الصواب ، ان نغلف المرار بالسكر لاولادنا ليتذوقوه و يكتشفوا طعمه تدريجا وحين يكبرون ؟ ام نتركهم يتذوقوه مرا منذ البداية ؟؟؟
ايهما الصواب ؟؟؟ ان اخبر ابنتي كل شئ ام احاول تزييف الحقائق لها ؟؟؟
يا ترى لو كنت قلت لا ادري منذ البداية ، هل ستكون علاقتنا على ما هي عليه الان ؟؟؟ ْأشرح لها ام اتركها للايام تفهمها ؟؟؟ لا ادري ... حقا لست ادري ....!!!!!

إيناس الطاهر 17/04/2007 01:06 PM


سادتي الآباء


سادتي الآباء ... ذاك لكم نداء ... هلّا قرأتموه ، هلّا فهمتموه .. هلّا وجدت منكم من يلبي النداء

آبي الغالي :


اعلم انه وبما أني اسكن تحت سقف بيتك فأنا ملزم بقانون عقلك وأفكارك .
ولكني جزء منك ، اطمئن لن أتمرد في أفكاري ، بيد انك لم تلحظ أبتاه أني لم اعد طفلا يبحث عن دمية يقضي بها وقت فراغه ، لم اعد ذاك الصغير الذي يرجوك فتح صنبور الماء لان يده الناعمة لا تطاله .. !! ، لم تعلم أني احتاجك الآن موجها ورفيقا ومعلما ، لا قائدا عسكريا لا يـُـثنّــــى لك أمرا ، فقد بتُّ يا والدي قادرا على رؤية مستقبلي و أحلامي


أبي العزيز
ألك أن تقرأ مني تلك الكلمات ؟؟
كم تاقت نفسي لنتبادل الأدوار
أكون أنا أنت .. وتكون يا والدي أنا .. لاقول لك ما أريد ...
دعنا نتبادلها الآن ... هذه اللحظة ، فاقول لك

يا ولدي .. لا أريد أن تخافني و أريدك أن تحترمني
لانك إن فعلت الأولى أخطأت بغيابي ، وإن كنت فعلت الأخرى حفظتني بسرك ، وعلمت أن عليك رقيب حسيب

يا ولدي ..
لن يأخذني عملي منك ، ولو كان كل وقتي ، حاول أن تتقرب مني ، تجعلني أفهمك !!
إن أتيتني مستنصحا ، أعدك ، لن اكسر لك جناحا أبدا .. سأدعك تحلق يا ولدي عاليا ، فالدنيا ليست أمام عقلك وحش كاسر لأنك فارس همام ... أثق بك هكذا . لذا جرب أن ترى الدنيا ، بقسوتها ،، وحلوها ، ومرها .. عليك أن تجرب ، فالتجربة ماء المتعلم .. و أستاذ الطالب .
لا تقلق ، لن أرسم طريقك بيدي ، ولو فعلت فلن أجبرك على السير فيه .. لأنني اعلم أن ما أراه مناسبا لك قد لا تراه أنت كذلك ...

اعلم يا ولدي كم تكره أن أشبّهك بفلان ، و أجبرك على أن تكون كفلان ، لذا لن انحت لك صورة وأقول لك تلك وجهك ..
بصمتك يا بني تختلف عن بصمة غيرك ، وهكذا تكون شخصيتك .. لذا تقرّب مني ، اعلم انك تحب أن تتقرب ، دعني اعلم ما تحب ، و أخبرك بما احب .. فنصل معا لطريق مستوية .. واعدك أنني سأوجهك ، أقوّمك . فلا حاجة لان تبحث في نفسك عن رفيق وأنا موجود .. فرفيقك لن تهمه أنت إلا للحظات .. بينما يا بني أنت كل لحظاتي ..

أبي الحبيب :
تلك رسالتي إليك .. اعكسها إن شئت لتعلم مدى حاجتي لما في الأعلى قد ذكرت ..


أستودعك من لا تضيع عنده الودائع ...

واسلم
ابنك المحب

إيناس الطاهر 17/04/2007 01:07 PM


من يوميات طالبة


لست ممن يحسنّ الجلوس ساعتين متتاليتين في محاضرة دراسية، دخلت محاضرتي واتخذتُ المقعد الأمامي .. فتحت الكتاب ودخل أستاذ المادة ، انه دكتور جديد ، درس في الخارج ، حاصل على أعلى الشهادات .. عرفنا بنفسه ، بأسلوبه ، وقال : ملك القاعة أنا وانتم مواطنوها ، الصمت ما أريده .. كنا كما أراد ، ليس لأنه أراد ، بل لأن الجو و الملل من أراد !!

وبدأ المحاضرة ، موارد بشرية ، اقتصاد على إدارة ، كيف تحافظ على موارد بلدك وتستخدمها الاستخدام الأمثل ...هو يشرح وأنا أحيا مللاً بملل ، معدة تفكر بإفطار لذيذ وطيب خفيف ظريف !!! وعينان تحلمان بسرير ووسادة ، وقلب يدق مع دقات الساعة ويسبقها بدقتين ، دقة تعجل مرور الوقت ، ودقة تتوازن مع عجلة الزمن !! هكذا كنت ، و أظن كل من في القاعة هكذا كان .. والأستاذ مستمر بالشرح ، متعمق التفسير ، عاقد الحاجبين ، رافع الرأس بشموخ ، إلى أن ....

تنهد وقال ، لستم معي أدرك هذا ، قال أحد الزملاء : الدنيا رمضان يا أستاذ ، علينا وعليك خير!،

- ليست المشكلة برمضان .. أتعلمون أين المشكلة ؟؟؟ المشكلة أننا عرب ! ، نعشق البساطة ، لا نفكر ابعد من حدود النظر ، لماذا تقدم الغرب ؟ ولماذا بتنا من واد إلى واد اكثر عمقا ؟؟ لأننا شعب لا يعلم ما يريد ، وإذا علم صعب عليه المشوار ، وإذا مشاه ثقلت الخطى من وزن الغباء الذي يحمله ، وان وصل آخر الطريق رجع لضعف الذاكرة لديه ... نحن أمة فاشلة ، تحيا حياة السيطرة المغلفة بنداءات الحرية ، أمة ابتعدت عن دينها واشترت دنياها ، عبدت القرش والدينار ، وخافت الموت و أقدمت على الانتحار .. أمة همها بطنها ، وهل علت نفس اشترت الشبع !! يا طلابي استعدوا سنبدأ معا طريقا جديد ، طريق بدايته شائك لكنه النجاح ، ثقوا بي

خرجنا من المحاضرة ، وأنا أحلم بعقلية متفتحة عبقرية تعلمني وتزيدني من الشعر بيتا .. وانتظرت محاضرة إدارة الموارد البشرية على نار ، ويدخل الأستاذ ، يغلق الباب خلفه ، ويبدأ بأخذ الحضور والغياب ، يدخل أحد الطلبة بعد أن يطرق الباب يعتذر عن التأخر قائلا : كنت بالمصلى أعتذر ، نظر له وقال : كلكم تجعلون الصلاة حجتكم ، أخرج من المحاضرة ، لم يناقش الفتى ، حمل كتبه وخرج ، ولأنني أتعامل مع أستاذ متحضر قلت : أستاذ ، كان يصلي رأيناه يدخل المصلى حين حضرنا ، وأنت لم تبدأ بعد ، ما المانع ؟ ويبدو أنني كمن يضع الماء فوق زيت يغلي ، كالتنين الغاضب أخرج لهيبا من الألفاظ الإنجليزية تبينت بعضها وجهلت معظمها ...
وأضاف : أتدرون ما عيب العرب ؟؟ ، عيبهم أنهم يقللون من أهمية اللحظة ، ولا يعلمون أن العبقرية وليدة لحظة .. وبدأ المحاضرة ، ساعتان كاملتان ، وهو متعمق بالشرح ، لا يسمح لمشارك أن يقول ، ولا لسائل أن يستفسر ، وفوق كل ذلك ما سمعته ضرب إلا مثلا غربيا ، ولا تحدث عن الوظائف إلا من وجهة نظر غربية ، عربي بشهادة الميلاد ، معتز بسلوكيات الغرب ، بعيد عنا قريب منهم ..

وتتوالى المحاضرات ، يتحدث عن ( الديموقراطية ) ، وحرية الرأي ، لكنه متزمت برأيه !! ، متعصب لأفكاره ، يتحدث عن الاحترام ، ولا أسهل من إهانة كرامة الطالب لديه ، ويحين موعد الامتحان الأول .. نقدم الامتحان وأفجع به يساعد أحد الزملاء بأحد الأسئلة ، المصيبة رآه كل من في القاعة ، والكارثة سكوت كل من في القاعة .. أنهيت الامتحان وصعدت للتسجيل ، لقد قررت إسقاط المادة !! ملأت الاستبيان ، الرقم الجامعي ، التخصص ، السنة الدراسية والفصل الدراسي ، اسم المادة ، ثم وصلت لسبب الإسقاط .. نظرت للكلمة مليّاً وكتبت ، بشري صنعوه ببغاء ، غسل الغرب دماغه فعلموه أن يردد النظريات دون أن يفهمها ، كفة القول لديه تغلب كفة الفعل ، يبيع ولا يعرف الشراء ، يقص ولا يعرف الوصل ، مفرق الجماعة ، و مستقل في العرب البراعة ، باع ثوب الصوف واشترى ثيابا أوروبية مستعملة لفارق السعر .
ناولت مسؤولة التسجيل البيان وخرجت ..

في اليوم التالي ، كان على حائط الإعلانات ورقتين ، مشاركة من طالبة تحاكي فيها النفوس أن افخري يا نفس بقولك عربية ، ما هنت يا نفس لكنها العنصرية ، فينا العقول عقول لا طبول ، فلا تدعي يا نفس صدى العدا يقول ...

وعلى الجانب الآخر إعلان من مساعد العميد للشؤون الطلابية بتوجيه إنذار للطالبة المدعوة بسبب الاستخفاف بقوانين الجامعة !!؟؟ ، واستخدام الدعابة في قوانين محراب العلم !!

عجبي !! .

إيناس الطاهر 18/04/2007 02:25 PM

حلمت أنني احلم ...


حلمت أنى احلم بمملكة قابعة في ميزان بكفتين ، كفة لخطايا النفوس ،، وكفة لخطايا الروح ،، وحلمت أن الموت محمول على أكتافه الطير بلا نزاع أو خناق ،، والقلوب حمراء مبعثرة الأوراق ،، والنساء لآلئ مرصوصة حول عنق اللطف تتهادى مع موج البحـر بلا تجريح أو تقتيل أو اسوداد ...


حلمت المحيط قد تجمد .. فخرجت من جوفه أرواح ملايين الموتى ينشدون لحن الخلود ،، في انتظار الحساب ،، ميزان لا يخطئ .. و نار لا تطفأ ،، و أقوام تمضي و أقوام تروح ...


حلمت أنني احلم اني بسفينة تمضي بمحيط أوله صفحة بيضاء وآخره بلا نهاية اسود ،، ولا ميناء له ولا مرسى ،،، وجوه تأتى ووجوه تروح ، وجوه اعرفها ووجوه اجهل أصحابها ،، وكلهم ملفوفين بكفن ازرق كزرقة السماء قبل أن تنقلب للأحمر ،،

كانوا كالأصنام وجوه باردة وعيون جامدة وأفكار متحجرة ،، التف بينهم كما تلتف الرياح بين أغصان طرية فأجدني عارٍ خالٍ فارغ ،،،

ادخل قلوبهم فلا أراها!!!

و أجدني أصفر كريح دخلت شجرا أجوف ،،،

وبدون مقدمات لاذ البحر بالفرار ،، فاعتلت الموجة ، وصرخت الأرض تحته صرخة قابيل حين قرر الغدر ،، علت السفينة وهبطت ، علت وهبطت ، علت وهبطت ،، ونست أنها بشرا حملت ، ونست أنها غلف القلوب حوت ،،

ورمت الغيوم سهاما كالحجارة ،،، وحملت الغيوم في رحمها بذرة بالحرام ... من خان أرباب السوابق وحمّل الغيوم ؟؟؟

ونادى من أعلى جبل الأقدار صوت ... قال يا من حقوق الله تأكلون ،، يا أبناء إبليس الي فلتخرجون ،، وللأرض تعودون ،، ليس من النار خلقتم يا أولاد الطين ،،، أفعالكم من وجع الخطيئة ، وطموحكم وأمانيكم من الرغبة الدنيوية مصنوعة ،،،

مخنوق مقهور مظلوم ، أريد الهروب ومنافذ حلمي مغلقة والأبواب بلا مفاتيح فأين المهرب والمفر؟؟؟

وبدون مقدمات جاءتني السكينة بثوبها السندسي الأخضر ... مسحت الغبار ورفعت هامتي فوق متون حلمي فاستيقظت منه وأمرت عيني آن تفتح على الواقع ففتحت فإذا الصبح قد شق جوف الليل وخرج ،،،


السماء زرقاء ، والخضرة موجودة ، ولا شئ من حلمي الذي كان في حلمي كان ،،،
ابتسمت : على الأرض السلام قلت ، وما حاكمت حلمي على كذبه ، فهل يسأل ميتا عما رأى ؟؟؟ ...


علمت أن الوقع جميل ، والأجمل منه الحقيقة دون تزييف ،، والابتسامة جوهرة ، والأمل ميعاد ،،، والإنسان قلبا وعقلا وروحا ،،، علمت أن الحقيقة في أن نعيش الحقيقة وألا نهرب من الواقع للأحلام ،، لأنها بكل بساطة ستسحبنا لدوامة ملفوفة متعبة ونفيق منها على كابوس ... وعلمت أننا من روح الله خلقنا ... وبأمر ربي قد صيّرنا ... وما رغباتنا وضياعنا إلا طيف رماه أعوان إبليس ...

دنيانا امرأة مزينة بجواهر ورغبات الحياة ... تشيب إن أعرضنا عنها وتزهو وتحلو كلما إليها اقبلنا ... روحها من دماء عاشقيها ، كدراكولا في كتاب الأساطير على دماء البشرية يفيق ... ومن نور الشمس ووهج الحق يحترق ...

آه لو علم كل هاو لمصالحه انه غير نصيبه ما أخذ ... ولغير قدره ما سعى لانقلبت الموازين ، وما بات في برد الشتاء مشرد ، ولا جاع مسكين ، ولا بكت أم على مستقبل يتيم ... ولا حسد فقير غني أو طرد من بابه الغني فقير


ما أجملك دنيانا ، حين تزهين بالرضا ، وتحكمين بالعدل ، وتتنفسين بالرجا فسحات الأمل

إيناس الطاهر 18/04/2007 02:27 PM

حمقاء .... تحلـــــــــــم
رأته اول مرة ... طرقات مبعثرة في قلبها لا تتوقف ... امسكت كراستها التي لا تفارقها وكتبت تقول :

(((( أهمس لنفسي أنك القدر ، وأنك الفارس المنتظر . أنَ حياتي ليل أنت فيه القمر ، وأن قلبي صحراء ومن بسماتك جاءها المطر... أهمس لذاتي العطشى أنَ ارتوائي سيكون فقط من كلمة تنطقها شفتيك ، ومن وعـد يصدر من عينيك ، ومن لحظة اهتمام أكون فيها مجرد فكرة للحظة عبرة في ساعة مولاي نكرة... أأقول أني أحببتك لا لست كذلك ولكن روحي الباحثة قالت لي أنه أنت ولا أدري لماذا؟؟. أهمس وأهمس وأهمس ، وكل همسي جاء في لحظة ســكــون... )))


بعد مدة من وجودهما بالمكتب ... جاء ذات صباح ولاول مرة يلقي عليها التحية ... قلبت سماها على ارضها ، فاخرجت كراستها وكتبت تقول بفرح غامر



((( قال لي سلاماً ، عذب سلامه... ومن سلامٍ أُفهمت كلامه. عذب وطيب المنبت هو ، بيد أنه ما عنى الشوق ، من سلامه..
قال لي سلاماً ، وقلتُ مثله ، أو ربما قلتُ ما قد قاله . قلتُ أعني الشوق والمنى ، وما عرف ما قد عنيتُه!.
قال لي سلاماً بهمسٍ وذهب ، ومن فيهٍ له خرجت كالذهب، آهٍ لقلبي دقَّ وا عجب ، وقلب له لا لم يُستلَب .
قال لي سلاماً وأشرف بالذهاب ، وقلتُ سلاماً أُهمّ بالإياب ، سلامهُ لقلبي لذّ وطاب ، سلامي إليه أصله سراب ... وأبقى أُسلّم دون جواب ، ويبقى انتظاري تحت التراب...
)))


رأت عيون النساء تلاحقه وهو مبتسم لهذه ، ويواعد تلك وتتراقص عيناه رغبة مع أخرى ،، الا هي ،،، ومن حزن والم كان بقلبها أمسكت كراستها وكتبت بدموع محروقة :


((( مــاذا بـك؟ لمَ لا تنظر نحوي؟ لمَ لا تحدق في عينين ذابتا شوقاً لنظرة من مقلتيك!. لمَ تشيحُ ناظريك عني؟تلقي السلام دون انتباه، وما تدري أن سلامك أشغلني فكراً وأرّقني ليلاً ، وأطالني سهراً. ليس تيهاً ما أنا فيه بل حيرة لا أدري لها معناً أو سبباً. أتــرانـي يا من غفلت عني ؟ لستُ حقاً أدري. لربما كنت في طريق غير- يا مولاي- طريقي ، أنت سائر في طريقك دون التفات ، وأنا في غياهب ظلمتي أجلو الخطوة ، وانتظر التالي؟؟؟؟..... )))


وفي النهاية ملت من الانتظار ... فاعترفت له في رسالة خطية منها ... اعترفت بذل العاشقين ... ناداها نحوه وواعدها خارج المكتب ... قال لها حضوري سيكون الرد صغيرتي الحسناء ... انتظريني فان حضرت مضينا ، ذهبت للموعد وقلبها يسبقها وانتظرته ولم يحضر ... عادت لبيتها واخرجت كراستها وكتبت تقول

((( قال أنه قادم في المحطة الاولى ، وكنت أول المنتظرين، قواطر تمر ، وقواطر تقف ، وقواطر تهم بالرحيل. أُناس تأتي ، وقوم ترحل ، وآخرون بدأت بالشروع ، أفل النهار، وحيا العالمين طيف الغروب ، وأستدق بعد لحظات عنق الليل ، وخلت الساحة الا مني أنا لأني أعلم أنه لا يكذب وأن قاطرة المحطة الاولى لم تصل بعد ؟؟؟!!!!..... )))


وفي الغد ذهبت لعملها كي تراه فوجدته امام مكتبه ... حين رآها نادها وقال معرفا بالمرأة التي امامه : زوجتي ام آدم .. زميلتي الصغيرة حواء ... حينها علمت كم هي حمقاء ،،، وكم يضيع من يبحث عن الامان دون عنوان ... عادت لمكتبها وأخرجت كراستها وبدون وعي بالسلة وضعتها و ... و ... أشعلت فيها

إيناس الطاهر 18/04/2007 02:34 PM

الجسد....أم،،الروح ؟؟

منذ مئات العصور وهو يحيا في نفق اسود ، في نفس المكان يجلس ، لا يحاول الخروج من منفاه و لا حتى تبديل مطرحه ، كبّل نفسه بقيود اليأس و الإنحطاطية الذاتية ، هرب من بيئته و مجتمعه والناس ، وجاء لهذا النفق ، قطنه وجعل منه وطنا ... أكله كان الندم ، وشرابه هناك الألم ، وهواؤه أصلا عدم !!! شمسه هي الضمير وأنيس وحدته الصرير ، ولا يعنيه من الدنيا قليل أو حتى كثير ، قابع في قوقعة العزلة لأنه فقد ذاته ، أضاع مع الدنيا معاناته ، و لوثت هواء البشر آهاته ... أحب فخانه محبوه ، أبدع وما ابتكر سلبوه.... كان بشرا فمن إنسانيته أخرجوه... حينها فتح عينيه على الحقيقة المرّة ، لم يعد إنسانا ،، فماذا يفعل و قد اصبح ذئبا في مجتمع ذئاب و اسود ؟؟؟ في شريعة الغاب الأقسى من يسود!! العامة كانوا العبيد ؟؟؟؟ ماذا يفعل ؟؟؟


سيهرب و يلجأ لنفق محاسبة الذات... دخله وابعد عن روحه الملذات ، حضر بعزم كتاب الملامات ، و مرت الأيام فالشهور فالسنين ... واصبح العمر يمضي ، من عصر أول ، لعصر تالي ... وتتابعت العصور ،،، جاء إلى الأرض بشر وغار منها بشر ، وهو في نفس المكان لا يعد السنين حتى نسي التاريخ والعد ! استيقظ ذات وقت وقلما كان ينام ، وحينها وجد نفسه انسيا ... معالم الوحشية التي ظهرت عليه في السابق والتي قد هرب منها قد اختفت ... عاد له جلده الأملس ، ونظرات عينيه أحس بدفئهما وحرارة براءتهما ؟؟؟ حينها وجد نفسه في ملل من المكان .... فلأول مرة يشعر بحاجته للهواء ، لاول مرة يسمع صوت معدته تطلب الطعام ومعها الأمعاء !! ولاول مرة منذ عصور يتوق يتوق لشرب الماء !!؟؟ نهض وقد أعياه الجلوس ،،، تنمّل مؤلم في ساقيه ... حاول الخطو فسقط ، عاد كالطفل الذي يحبو و يحاول النهوض .. فيسقط ،يحاول النهوض .. فيسقط ، يحاول ،، اجل النهوض .... فيسقط!!! ثمّ ! ماذا ؟؟ ها هي القدمان تسيران ، خطوة وخطوة وأيضا خطوة ، ها ... هاهو يمشي ، يجري ، ويهرول ،، ويضحك ، لأول مرة منذ عصور يضحك ويسمع صوتا لضحكته!! حرك يديه اللتين تجمدتا ... اجل لقد عاد طاهرا نقيا عذبا .


ولأول مرة تبحث عينيه عن المخرج، هو الآن أمام باب النفق الذي دخل منه إليه ، ومن الجهة الأخرى مخرج النفق ... خلف الباب كان هناك عالم هرب هو منه في الماضي ، وخلف المخرج بوابة الانتشار والتفتت في نور الحرية ... إن خرج من الباب ستموت روحه ويحيا الجسد ، وان خرج من المخرج سيموت الجسد و تحيا روحه ، قلبه يقول الباب ، وضميره القابع في ركن خفي يقول المخرج ... جسده يطلب الباب وروحه تطلب المخرج ... وهو حائر بين هذا وذاك ، إلى أين يمضي ؟؟؟ والى أي الاتجاهين يتوجه ؟؟؟ احتار وارتبك ... وفجأة قرر ... حمل متاعه ولسان حاله يقول هناك مغاسل للذنوب ... ومقاصل للأعناق الظالمة ، اخذ نفسا عميقا ، آخر ما سيتنفس من العدم و جرى دون رجعه ، أسرع و أسرع وقفز للعالم الآخر ....


اختار روحه ،،، اختار النور ،، اختار الحرية و الانتشار ... اختار المخرج ... تبعثر ... وانتشر ... وتوزعت حناياه غبار ... وأخيرا وجد نفسه..

إيناس الطاهر 22/04/2007 12:59 PM

أماه !!!
 

بكتْ ، كان القهر يعتلي وجنتيها
" من زود حرقتها ، بكت "
وأضرمتْ في القلب ناراً
مالكِ يا هادية ؟؟؟ أيُّ شيطانِ إنسٍ أبكاكِ ؟؟
شهق الأسى من قهرها ، وناحتْ أفواه الحياة حزناً
سكبت السماء دمعها ، واهتزّت الأرضُ وجعاً ،،،
مالكِ يا هادية ؟؟ أيّ ابن شرٍّ أبكاكِ ؟؟
عصفَ النسيم خائفاً
ولملمت الأوراق خضرتها
ونام الربيع نومةً لا تقوم ،،،
مالكِ يا هادية ؟؟ أيّ خنجرٍ ظالم أبكاكِ ؟؟؟
صرخُ الوليد عليها جوعاً
ونسيَ الصعلوك مهنته من أساها
وامتهن الراهبُ فنّ الرقص الصامت ،،،
مالكِ يا هادية ؟؟ أيُّ رعدٍ حرق أفراحك ؟؟؟
كان الحزنُ أكبرُ من وجـ ع ـي
أنتِ ، يا سائلة ، من أبكاني !!!

وآآآآآآآآآآآآآآآآآآهٍ منها انا ، تبَّ مبكيكِ هاديتي وتبّْ

إيناس الطاهر 22/04/2007 01:00 PM

حين بكى ،، شكى

وارتمى على قلب ست النسا

وحكى عن ألم ، شرب ربعه

ولها باقي الألم

واعترف

انه اغترف من الأسى ، وما نسى

وأنّ الرسائل في المنظور إنْ حكى...

هاجسه الصمت ،، ويصرُّ على الكتمان

ويعلم أنّ فن الاتقان >>> الإعلان ......

بكى ، وصمت
أو صمت فـ بكى

وصمته كـ بئر لا قرار له ليستكين / يلين

إلا انطق أيها الحجرُ المتين

إنّ اليقين لا يخفيه إلا دحض اليقين ....


عيناه للـ سماء في شغف

والغيوم نظّارة للـ تلف

انطق

فقد مولاي ، يفوت الأوان

وتأتي بعد مرور القطار ... لتعترف بـ الهوى ... ولا تجد الا سراباً مستحيلاً ...
قلها ... انطقها ... الفظها ...
لا تدع المساحة تمنعها ...
فقد اقترب يوم الفراق ،
نادني للـ ع ـناق ، فـ بعد غد سـ نلتقي أغراباً ...
اسبق غدك ، لـ نعتلي سوياً مولاي السحاب

إيناس الطاهر 22/04/2007 01:29 PM


فقط هي سكرة الموت من استطاعت اخراج المكنون
لجوف المغارة المهجور

قيل مسكون بالجان
وظلموا الجان حيث كان !!!!

هكذا حرفنة الأوهام
تُدرِك ... ولا تُدرَك !!!!!

لتحتمي خلف ظلها
خشية العار
مصائب وهواجيس

وترحل دون وداع ،
لتترك في أثرها صفحات بلون الماء
خشي الشاربون منه تلويثا
وخشيت من ظنون الشاربين
وقد قطّرت صفحات ماءها بنار الأمل ،
وجمّعته ، بقارورة الرجاء

هكذا هي الساعات الأخيرة قبل القلوع
خوف من الصعود
وبعد الصعود ، خوف من مطبات الهواء !!!

وتستفرغ من جوفها ما تبقى من رجاء
ليحمله كيس في قمامة انقطاع الخير
وترميه أيدي النظافة المتبلورة بصورة
وحش كاسر يلتهم ما تبقى من جسد مهمل

وتدور الساقية بثورين بجسد انسان ورأس أفعى
لتتملص من الحبال أوهام ، وتحيط بالعنق مقاصل


هي الذنوب ، إن استعبدتها ، لم تهملك الا لحظات البكاء ،
ثم تسحبك للدرك الأسفل من جحيم نفسك ،
لتتركك رضيعا على قارعة الطرق ، يتيما دون عون ،
مسكينا بلا معين

وتنطلق من النفس آهة محروقة بأعقاب سجائر مبتورة الرأس
عودها من ريحان عجوز
ووردها من جوري قد جفّ ساقه
وتنساب في حنايا القلب حرائق تنبئ بتلاطم الموج
بعد أعاصير الكبت الداخلي
وتتهافت على الأقلام أنامل لا تتقن فن الحديث ، لكنها تتقن فنون الطعن بالخناجر واستلال سيوف الحرف على فرس الهجوم اللا معنى لهجومه

فالقاتل والمقتول في النار
والصالب والمصلوب في الجحيم
والمقبل والمدبر في أروقة الشوارع
يكنسون ما تبقى من جماجم الحمقى وقلوب العذارى

وتتجلى في لحمة كونية مصائب الشعوب ،
لتتشكل في كتاب الثقافة مسميات للفن والأدب والربحية اللا مالية


هكذا اقتنص النسر تلك الرميمة من الجسد المنهك
وهكذا انتشرت الضباع بين أشجار الزيزفون ،
لتحلق طيور الحب بعيدا وتهجر عشها
فقد عاد مالك الحزين ليستولي على الأرض ،
وينشر بقيثارته كل معاني الوحدة والأنين

هل نجا فرعون من فعلته ؟؟؟
أم على هامان يا فرعون ؟؟؟؟؟؟
وينقسم النيل عن أرض بلا خضرة ،
ويناجي دجلة أهل الخير ليحفروا منه منجم الذهب ،
بينما يقبع الفرات خاويا من أسماك راحلة رحلة الشتاء والصيف !!!!

أهملت الثلوج أرض نجد ،
وعانقت حرارة الشمس مكسيك لتذيب
ما تبقى من ملامح البشرية ، ويتوحد الانسان
في تابوت حجمه بمساحته لا يزيد عن طوله وعرضه ،
كأنما تقف على رؤوسها الطير وهي تحفر قبر اتهاماتها ،
هذه الدنيا بعجب رهيب

تحب مالا تجد ، ولا تجد ما تحب
وحين تتمنى ، تصاب بسهم الغرور ،
ورأسه المكسور يصر على البقاء داخل تجويف قفصها الصدري


تحدثت امرأة عن عشقها ،
وسكبت في قالب العشق ترهات من مخاوف لا معنى لها ،
ودعت ، ورحلت ، ولم تترك لمسكنها عنوانا ، وبرحيلها رحل الوجود ،
وقرر الالحاد أن يعم تشريعه في غاب كل من فيها اسود ،
ولا ظبية تسرح ولا مكان للعبيد ،
فكل الأرض أحرار وكلهم مغلغلين بالقيود !!!!

متغطرسة نظرات الشك
وعنجهية اللؤم تحرق بُنّها في طبق الخيانة ،
لتتوحد من المخاوف إهانة ،،،
قد كان يكرهها ،
وعن طريق كلمتين ،
بات بها مغرما ،
وكلاهما يضحك على كليهما !!!!


هناك ،
تكتب الأساطير حرفنة هرقل ،
ورؤوس ميدوزا المتضاعفة حال قطعها
وبين سطور الاغريق انتشى للخضار أمل ،
وبين الرومان اعتلى العرش أقرع أجوف !!!

الأحدب يعالج حدبته رجوة نظرة
وعشتار يخالج السماء أن امطري لتخضر عروقي
وكيوبيد سارح يبحث عن قلبه
وهيروميس يناغي السندباد في سفينة تحلق فوقها العنقاء


تلك أمة من تشعبات عروق
وربما عروق من تنهدات خليج
والمضيق يقف دون وعي فقد انفجر آخر ماله من حدود !!!

تتسامى رفعة القلم عن عنفوان الذاتية
لتطلق صفارة الحكم نهاية المباراة قبل بداية الشوط الأول
حيث اكتشفوا في ساحة الملعب عنكبوت يبني عشه ليصيد غمامة حبلى !!!!


.



مجرد كارثة لحظية
فقد انقلبت النيازك

إيناس الطاهر 22/04/2007 01:30 PM





أتربصك بين الخفايا
وأستشهد الوجد في الحنايا
أتلصصُ كــ طفلٍ طائش ثقوب الزوايا
علّني أظفر من حروفك رحلتي
نحو الشروق ،
نحو السماء ،
نحو الأماني المبهمات في الثنايا

أجمعكَ ، و أقول للــ عذّال لستَ مطلبي
ومذهبكَ من الرجال ، ما وافقَ مذهبي
أقول أني أكرهك ،
وأخفي الوجد بين حرّى أضلعي


أرتّبك ، وأكتبك
بين أسطر القوارير ملاكاً ، أبعثركَ
وأرمق منهنّ نظرة العشق والحلم والشوق والإيمان
فــ أزيد تيهاً
وأزيد هوى
وأذوب عشقاً
وأتوه خُطاً
أحبك ، وأخفي حبّك
أهيم بكَ وأتظاهر بالبرود من هيامي
حتى لا ترى حسنك إلا عيوني
ولا تسهر لقلبك إلا جفوني
ألؤماً ما بيّ وما في فعلتي ؟؟؟

مولاي ،
في الحبّ تتكسر الأشرعة
في الحب حلالٌ ، حلالٌ ، حلالٌ
لؤم السجايا

إيناس الطاهر 22/04/2007 01:35 PM

سـ أتراقص مطلقاً تحت أضواء الشوارع
وحدي وصوت المطر
تك ، تك ، تك
قطرات السماء تجمعني
فـ أدور في عالمي أتلّوى


http://www.w30w.com/up-pic/uploads/76861b6306.jpg

سـ أتراقص مطلقاً تحت أضواء الشوارع
وأمدّ ذراعاي طرباً / ألماً
كما يغرغر بائع روحه ساعة الموت
أغرغر طرباً !!!!


http://www.w30w.com/up-pic/uploads/76861b6306.jpg

سـ أتراقص مطلقاً تحت أضواء الشوارع
تحت ثيابي سـ أحمل ألف جمرة تحرق روحي
فـ أدور حول ذاتي ، يرونني طرباً أتراقص
وأراني وجعاً أدور



http://www.w30w.com/up-pic/uploads/76861b6306.jpg

سـ أتراقص مطلقاً تحت أضواء الشوارع
تحت القبو أجمع أشلائي المتبعثرة
وأنحت من الأرض قبري
وأتكفّن بـ أحزاني
فـ يرهقني التفكير بـ غدٍ
ويرهقني وقع الألم العازف ، والتفاف جسدي المتراقص
فـ أهوي فوق بعضي
بعد طول تراقُص

إيناس الطاهر 22/04/2007 01:36 PM

الوقت مرّ ، واليأس حلّ
للـ آن لم اعثر على وجهي الضائع


http://steeler.jeeran.com/f4e9fb3430.jpg



أيكفيني وجهٌ واحد ؟؟
ما عدتُ أدري كيف أتعامل معي

إيناس الطاهر 22/04/2007 01:40 PM

أولُ الذلِّ نشوة
وآخر النشوة شهيقٌ مح ـبوس
سحقاً لكلِّ المشاعر الملقاة على شاطيء الوهم
عارية
.
..
...





ما يزالُ هناك متسـ عٌ للـ بكاء
ابكِ ، كـ طفلٍ صغ ـيرٍ ابكِ ،،،
لا تقلق ، لن أرتّب أوجاعك عرساً
.
.
.
.

يـ ـهـ ـمني أن أراكَ إنساناً



قالَ يُداعبُ غضبَ أنثى

ما حالك و اليأس ؟

ولمَ أنتِ أسيرة لـ هذا التعبير

وكأنك تحتاجين دسّه في كل تفاصيلِ روح ـكِ المرهقة !!!

أخرجي من سجن بعض الأفكار حتى و إنْ كانت جميلة

فـ في الخارج ساحات الكلمات المورقة ،
لا تنتظر أكثر من الأصابع لـ تنسج منها بحر لا ينتهي من الكلمات

وبعض الساحات تنادي اصابعك لـ مداعبتها فـ لا تحرميها


أنتِ امرأة جائعة لـ حدّ الارهاق

تشبَع حين تُطعِم

تارة تجودينَ بسرعةٍ شديدة وعنف ما بعده من عنف ...

وتارة تنسكب الأنوثة عبر أصابعك
حتى يكاد الحبرُ الخارجُ من أطراف القلم لا يصل إلى الورقة فـ لا يعلق

فـ تضطرين إلى إعادة تكرار بعض الكلمات

نظرتُ لـ كومةِ أحج ـار الطلاسمِ في إناءه

سيدي ، أريدُ الإنسان !!!!



أولُ الذلِّ نشوة
وآخر النشوة شهيقٌ مح ـبوس
سحقاً لكلِّ المشاعر الملقاة على شاطيء الوهم
عارية
.
..
...
http://www4.0zz0.com/2007/03/07/10/10606826.jpg

أحتاجُ البح ـثَ عن جدولِ رجاي المنهك
أحتاجُ فضَّ ع ـذريةَ حزني الكامنُ داخلي
أكبلُ مبسمي المزيف
نعمْ ، مزيفةٌ تلك الابتسامة
وخلفها جحيمٌ وقيده صبري و الأسى



منزوعةً مني
حين يضيق أفقُ ظهري المنحني على خوفه
فـ أتنفسُ في مضيقٍ هواؤه عدمٌ ، مفطورٌ على سقم
عقيمةٌ نبضاتُ قلبٍ يأنْ
وآآآآآآآآآآآآآآهٍ من ح ـرقة غدي



مزيفةٌ أحلامي
مرسومة بـ ماء الخ ـوفِ من ذاك القادمُ نحوي
ينتهكُ حرمات تشريعي
ويفرضُ نفسه مستعمراً خلوتي
هل نخافُ الوحدة ؟؟ أم نهابُ أنفسنا ساعة كفرٍ بنا ؟؟
كافرةٌ بي ، فـ أينني من إيماني



أقتاتُ على حزنِ الجوعى
أتسولُ صبر الأمواتِ
عاريةٌ مني ، ومني عارية
رحمااااااااااااااااااااااااااااااااااكَ ربي


الساعة الآن 01:36 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات إملاءات المطر الأدبية - الآراء المطروحة في المنتدى تمثل وجهة نظر أصحابها