اليوم هو نفسه أمس , لم يتغير إلا المُسَـمّى حيثُ أصبح " اثنين " بدلاً من واحد ..
و زادَ المعدل لـ 13 ... و نقصت الثواني المتبقية لنا من هذا الشّهر .
أقلّب الصّفحات في " التقويم " لا يوجد شيء يثير الانتباه بالنسبة لي ,
سوى الثالث عشر من أكتوبر وفي رواية تشرين !..
هذا اليوم ... الدّنيا انحنت بالقربِ من ساقيْ أمّي , و فتحت يديها وضَمتها لِبعض
كي تتلقفني بِ حنان .. بِ اطمئنان .. بِ وِد .
ولكن .. حين حاوَلَتْ رفعي عالياً انزلقتْ من بينِ يديها لأسقط في العتمة !
ولا زلتُ أكبر ... كَ بُرعم يبحث عن نور , لِ يَكبُر , لِ يطول , لِ يرى شيئاً لم يرَهُ من قبل .
أخطو نحوَ كل منفذ , و أصعد كل درجة أمُر بها , و أٌقاتل من أجل كل مُتعة أحصل عليها لقاء ألم أو فرح .
أتَفتّح كَـ زهرة بيْضَـاء , تُرغِمها النحْلة على الخُضوع .. و الإتيان بالرَّحيقِ لها كل صَباح .
المُشكِلة .. أنّ النّحلة التي تمتَصُّ رحيقي , غابتْ كثيراً .
فَأثقَلَ الرَّحيقُ كاهلي .. فثقُلتُ و احدودبَ ظَهري . لم أُطِق الغياب / الرحيق ..
أريدُ أنْ أصحوَ فأرى نحلتي بانتظاري أزيل غطائي , أتَطَهَّر من دموعٍ وَ بَوحٍ اقترفتُه بالأمسِ عمداً .
الآنْ .. في صباح الثالث عشر من رمضان وليس من تشرين , أعترفُ بأني فتاة سيئة . .
لا تنظّم وقتها , تصحو متأخّرة كَالعادة ,
و تخلد إلى النّوم حين يستيقِظُ العالم .. و تَستقبلهُم الشمس بِ فرحٍ وَ تِرحاب .
تغادر السرير .. و تتركه لتأتي الصباحَ الآخر فتجدهُ على حاله الذي تركتهُ عليه .
الوسائد متراكمة فوقَ بعضها البعض , الغطاء الذي إلتَفّ على نفسِه ,
و الكتاب الذي نامت وهو يُهدهدها كي تنام مُلقى على وجهِهِ عند حافة السرير .
قوارير الماء , المُعبّأة و الفارغة .. على كلّ شيء يملكُ سطحاً .
المكتبة .. هي الشيء الوحيد الذي أجدهُ أنيقاً في غرفتي .
الرفّ الأعلى أكثرُ نُضجاً من الذي تحته.
لم أعرف بأنني أصبتُ في أمرٍ , في هذهِ السّنة .
الجدير بالذكر ,
أنّ أمي لم تعترف بعمري الفعلي / القانوني . لم تفتأ تُذكّرني بأنني لا زلتُ صغيرة ..
فتاة عفوية , جريئة , لا تخشى أي شيء حتى " سارق المنازل وفي رواية أخرى [ الحرامي ] "
لا لها ولا عليها ... طَبّاخَة صغيرة , لا زالت تتعلم .
وما أجزِم عليه أنا و أناملي التي تكتب هذه اللحظة و شاشتي التي تشُعّ نوراً ,
أنني لا أملكُ من وقتي إلا القليل . و لأنّ القليل هذا لا أستغله جيداً أصبحتُ مجهولة بالنسبة لي ,
خاملة , متكاسلة , حزينة , و قلقلة .
نعم ... قلقة على الساعات التي تمضي دون أن أدفع عقلي
لِ يتعلم أشياء جميلة , و ليتقن الصدق و الصمت والنسيان .
ويجب أن أعترف أيضاً .. أنني أواجه مشكلة أخرى .
عقلي يكبُر , بيدَ أنّ ما حولي يريدُ أن يحول الازدياد إلى ضمور .
عقلي بدأ يتورم .. و جمجمتي / عالمي / عائلتي ... ضيّقة حدّ الاختناق .
أخشى عليه أن ينفجر , لا أستطيع إيقافه , و هم كذلك .
يحاولون قتلَ خلاياه , و لكن هناك من الوسائل ما تجعله قادراً على صدّ كل شيء , حتى الصدمات .
التسَمم الذي يحدثونه لم يقتلني , بل أصبح مفعوله عكسي .. وانقلب السّحرُ على السَّـاحر .
و انتهى الثالث عشر , وأتى الرابع .. لم يتغير شيء ؛ السماء هي السماء والشمسُ هي نفسها ,
و البحرُ لم يُغَيّر رائحته , و الموجُ لم يعتلي الصَّخرةَ الكبيرة إلى هذهِ السّـاعة .
و لازال أخي يحب عدنان ولينا , و أمي توبخني آناء الليلِ و أطراف النهار , و ردّي لها لم يتغير :
أمّي , لكلّ منا يومه .. وهو حرّ فيه ما دمت أصلي و أستغفر ربي ... لمَ لا تتوقفين عن توبيخي !
وكل شيء كما عهدته .. إلا أنتَ أيها الغائب المُسافر نحوَ بلدِ الأعاجم , المطلوب لدى محكمة العدل والنسيان .
لم تعُد تسكنني ... غادرتُ منزلك , و هدمتُ قلاعاً شيّدتها في قلبي لك / من أجلك ..
حطّمتُ العطور , أحرقت الصور , وألقيتُ بالقلادة التي تقلدّتها منذ ميلادي العشرين .
و ألقيتك بكل أشيائك ... في بحرِ النسيان , ذلك البحر الذي لا يملكُ ميناء أو سفينة وقبطان .
نزعتُك من صدري , كَ قلادتك ... وألقيتُك بعيداَ ..
دونَ أن أضع في حقيبتك تذاكر للعودة .
- أحترمُ كثيراً هذا النصّ ؛ لأنه كان انعكاسٌ لبوح صادقٍ يَبنع من القلبِ ،
إحداهنّ تقول : " رغم خوفِي من شعبَان لأنه يأخذ الصغار دائماً ،
إلا أنّ خوفي يتضاعف أمامَ رمضَان .. لأنّه لا يُفرّق بَين كبيرٍ أو صَغير "
فَـ صبرٌ جَمييل ،
كنتُ ولازلتُ أردّدها : أكتوبَر شهرُ المفاجآت . .
القلْب يتمنى لكِ فرحاً لا يَزول أبداً يا أُغنية . . ،!
يبدو الجو مخضبًا بالبهاء..
قرأت النص الأول قراءة "مسحيّة"
ثمة ما هو جدير بقراءة عميقة بتركيز أكثر..
سأعود بحول الله إن مدّ في عمري، و قبلها أقول
تحية ورد يا أغنية الورد..
يبدو الجو مخضبًا بالبهاء..
قرأت النص الأول قراءة "مسحيّة"
ثمة ما هو جدير بقراءة عميقة بتركيز أكثر..
سأعود بحول الله إن مدّ في عمري، و قبلها أقول
تحية ورد يا أغنية الورد..
عدتُ للنص الثاني يا أغنية..
يااااه!
كم أنتِ شفافة، و صادقة لدرجة تجعل ما تكتبين قريبا
من النفس خاليا من التعقيد و التكلف..
(بارك الله في عمرك و كل 13 أكتوبر و أنتِ زهرة ندية)
حروفك أخاذة و لكن لا تفرقي شمل حروف الجر و مجروراتها و لا تفصلي كاف التشبيه عن المشبه به..
صليهم ليكتمل عقد الجمال..
صورتكِ المبعثرة حاضرة أمامي "تماماً" كما وصفت لنا الصورة في نصكِ
أُركِز جيداً على رفكِ الأنيق الذي يستفرد باهتمامك في التنظيم و الترتيب
وابتعد بعيني عن قوارير الماء المبعثرة على الأرض وعلى السرير لأني لا أحب منظر الفوضى ..
إلا أن قناعة تولدت عندي الآن , بفعل نصك الجميل : بأن الفوضويين صادقين , لا يكذبون
ولا يتظاهرون بالمثالية كغيرهم , ..
فهمتُ أحاسيك الشجية , وأنغامك الحزينة , كأطراف أكتوبر حين يمضي ولا يبحث عن رضانا عنه
هذا النص يجمعكُ في فوضاه , وينبض بكِ كـ "حياة مختلفة" ..