إملاءات المطر   إملاءات المطر


معطف [ الكاتب : مصطفى معروفي - آخر الردود : مصطفى معروفي - ]       »     مراحب [ الكاتب : فتحية الشبلي - آخر الردود : فتحية الشبلي - ]       »     آخر الأنقياء العابرين.! [ الكاتب : رداد السلامي - آخر الردود : رداد السلامي - ]       »     قصة حزن نوف [ الكاتب : خالد العمري - آخر الردود : خالد العمري - ]       »     مطر.. مطر [ الكاتب : أحمد بدر - آخر الردود : أحمد بدر - ]       »     حنانيــ .. آت ! [ الكاتب : عبد العزيز الجرّاح - آخر الردود : عبد العزيز الجرّاح - ]       »     ما أجمل أن..! [ الكاتب : عبد العزيز الجرّاح - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     ركن خافت و [ أَشياء لن تهم أَحَداً ، ... [ الكاتب : ريم عبد الرحمن - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     .. وَ .. [ الكاتب : أسامة بن محمد السَّطائفي - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     افتقــــد !! [ الكاتب : ضحية حرمان - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »    


العودة   إملاءات المطر > الإملاءات الأدبيـة > حرائـر غيمتي
التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

حرائـر غيمتي هنا .. تستأثر أنت بصوت حرفك وأصدائه.


] خ ـبايا الزوايا [

هنا .. تستأثر أنت بصوت حرفك وأصدائه.


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 14/04/2007, 10:32 AM   #23
إيناس الطاهر
روح المـطر
 
الصورة الرمزية إيناس الطاهر
افتراضي مجموعتي لـ مسابقة نعمان ناجي / 10 قصص

الزنزانة


غموضٌ يكتنفُ تلكَ الزنزانةِ ، حين لا يكونُ المُدرَك عنها سوى أنها سجنٌ إنفرادي يدخله المرء بإرادته ، وقد يَتكوّن فيها دون إرادته، ولا يمضي على سجنه أياماً حتى تُزلزَل الأرض بصرخةٍ تملأ الأبدان رجفةً ، ثم يتصاعدُ من خلفِ القضبان الغليظةِ دُخانٌ ينبئ عن جثة قد احترقت ، لا أحد يدري أذهبَ السجينُ للموتِ بإرادته أم أنّ هنالك سرّ دفينٌ فيها ؟
كان الأمرُ بالنسبةِ إليه أشبهَ بالتحدي ، وربما بطوق النجاةِ الممدود من علٍ ، عليه أنْ يجازف ، فذقنه الطويلة ممتلئةٌ بالأتربة ، إنه غير قادرٍ على نفضها أو قصها لقصر ذات اليد ، وثوبه الفضفاض قصيرٌ متهم بالقذارة ، ضاقت عليه الأرض بما رحبت فمن حوله يندّدون به ويتهمونه بإرهاب التصرف ، ويحيكون ضده التهم ، ليُجاد وضع الحبل حول عنقه بدعوى معتقدِه الذي يجهله ، ينظر حوله ، الجوع يسيطر على الأفواه المفتوحة .
دون أن يترك خبراً عن وجهته ، انطلق حيث القضبان الغليظة مؤمناً بأنّ عليه أنْ يسبح ضدّ التيار ، أو يعانق جدار الموت ليحيا إلى الأبد . وحتى يقوى على ذلك الخوف الذي يسيطر على نفسه كان عليه يجد النقطة التي يبدأ منها ، تلك التي تحسم الاتجاه الذي يسلكه نحو النور ، عليه أنْ يتعلم ما جهل من أمورٍ نُسبت ضده زوراً وبهتاناً ، يجد حلولاً لكل ما يعانيه شعبه المهمل ، وطبقته التي سكنت تحت الأرض ، يعيد الدفء إلى البيوت التي جعلته شمّاعة فقرها وموطن حزنها ، وسبب معاناتها .
وصل زنزانته ، استشعر لون الرماد على الجدران ، استنشق رائحة الجلود المحترقة ، قبل أن تخطو قدماه داخل القفص اهتزّ كأنه يدخل قبره حيّاً ، أيخطو إلى الداخل ويصبح رهين قراره ؟ ، أم يعودُ أدراجه ، حيث منيع غاية ! ، خياران أحلاهما مُرّ ، إنه يخاف من المجازفة ، ففيها رهانٌ على ما يجهل ، نادته جاذبية السجن : ما الحياة إلا تجربة ! فمن لا يملك مفاتيح قيده يملك على الأقل حقّ الدفاع عن حريته .
ويخطو أخيراً للأمام ، لظلمة الزنزانة .
لمْ يختلف هذا اليوم عن سابقه ، ما تزال تعبق في أنفه رائحة الجلود المحترقة ،
- لكنني لا أرى شيئاً ، كم مرّ عليّ هنا ؟؟ هل أنا نائم ؟ أمستيقظٌ أنا ؟؟هل هذه ظلمة حلمي أم يقظة واقعي المظلم ؟؟
هكذا كان يفكر وهو يحدّق في المدى ، شعرَ بجوعٍ يتغلغل في أوصاله ، انحنى حتى لامس فمُهُ أصابع أطرافه السفلى ، وبدأت أنيابه بنهم تقضم البنان تلوَ الآخر، في لذةٍ عجيبةٍ ، وألم فيه الاستيقاظ !
- هل أعاقب نفسي ؟ لا أملك إلا اشتهاء لحمي وقضمه ! ، ماذا يحدث لو قضمتُ إصبعي كاملاً ؟
الجوع يشتد ، فينتقل فمه إلى يده ، غارساً أنيابه في لحمه ، فإذا ما تألم استيقظ ، فيستشعر روحه ، ليرى صوراً تقفز إليه من الماضي حاملةً غصن زيتون وفخراً تواسي وحدته وظلمة وحدته ، فإذا أخذ الألم منه مطلبه سقطَ دون شعور ، وعندما يفيق تثيره رائحة دمه المراق ، تزيده نهماً لمزيد من احتواء نفسه ، وكأنه كلما قضم من خارجه جزءاً أعاده إليه ورتبه كيفما يريد ليقف قوياً إزاء العاصفةِ من حوله وفي كيانه ، إن جزءه المبتور ما عاد له ، وما دخل جوفه ينمو ليحيا
- هل حين نتألم نكتمل ؟ قال حكيم :انظر إلى نصف الكوب الممتلئ ، أما علم الحكيم أنّ ما بقي من الكوب بقايا فقط ؟! إنها بقايا وإنْ بلغت ثلاثة أرباعه و ليس نصفاً ،
إن من انتُزع منه شيء لا يظل كما كان بل يصير جزءاً مشوهاً ،
يؤرقني شعوري بالتشوّه ، أريد أن ]أرتبني وأحتويني [* من جديد ، فلن يخاف عليَّ أحدٌ أكثر مني ، سأعيد بناء ما ضعف حتى عدِم " لأن الخطأ الأكبر أن أنظّم الحياة من حولي ، ثم أترك قلبي في فوضى" ،
لن أرضخ للضغوطات ، ولن أقبل بعد اليوم بما يضرّني من مسلّمات ، مهما كان الخارج سيئاً فأنا قادرٌ على تغييره ، سأبني داخلي مملكتي ، أنا داخل أنا ، لينقص منظر الخارج ، ويزيد نضجاً ورفعةً داخلي ، سأواجه الفتن.
ناداه من أعماقه خوف : ماذا عساك وحدكَ تفعل ؟ هيهات حلمك .
- مالي أجبن ، تتنحى عني ثقتي فتضعف عزيمتي ،
ما بالك يا رجل ؟ أفق ، إذا لم تثق بنفسك فلن يثق بك أحد .
مرة أخرى عاد له إصراره ؛ نورٌ خفيفٌ ينبثق من أعماقه ، يمنحه العزيمة ، رويداً رويداً كانت قضماته لخارجه تتزايد بتناسق في اختيار الموضع ، يمضغ بعضه نصف مضغة تاركاً لذاك النور تكوينها من جديد ويضعها حيث يجب أن تكون .
وصل إلى مرحلة صار الخارج فيها هشاً فبدا شاحباً مرهقاً ، صارت تضايقه رائحة دمه ؛ وكأن ما يشتمّه قد فسد ، مهما كانت الرائحة منفّرة فإنها أقل فساداً من نتانة الفتن ما ظهر منها وما بطن .
نور انبثق من الجدار . شعر بتواصلٍ مع ذلك النور ، كأنه يخرج من نبضه ، وكأنّ وقت المخاض جاء وحان للجنين معانقة الحياة ، الضوء يكبر تارة ويخفت أخرى ـ كان يشعر بألم وإرهاق يزداد كلما توّسعت الدائرة وابتعدت عن مركزها ، حتى فقد وعيه للحظات ، وحين أفاق ، كان النور قد أخذ نصف الجدار فأنار المكان.
بدا الأمر أشبه بصفعة أخذت من وجهه مستقرها ، لم يكن الرماد يملأ الحائط كما كان يظن ، بل كان هناك عشرات الوجوه المعلقة عليها ملامح الفزع والرهبة ، صدمةٌ هالته همّ أن يخرج صرخةً من أعماقه ، لكنه أدرك أنه إن فعل سيسحبه النور فيحترق ما تبقى له من جسد ويكون وجهاً خائفاً التصق بالجدار ، وهكذا سيكون ضاع في أزمة الضغوطات بعد أن وجد نفسه ،
كظم جزعه ، ونظر كلّه ، كان كاملاً لم ينقص منه شيء وكأنه ما كان يقتات على بعضه ولا يلتهم أجزاءه ليحيا ، ساعده النور على رؤية حدوده الجديدة ، نهض ، بدا وكأنه يتعلم الخطو من جديد ، و سرعان ما تملكته قوّة هائلة خرجت من داخله و انطلقت لتفجّر قضبان الزنزانة ليخرج وقد ولدَ الرضا والكمال فيه !! أو ربما كان هذا شعوره !


******************************************


]أرتبني وأحتويني [ : أدركُ انها غير جائزة في قواعد العربية ، لكنني أردتُ التلميح لثورةٍ خارجية ثم داخلية وصلت إلى تحطيم قواعد العربية } ربما احتاج الكاتب أن يجعل منها شيئاً جديداً {
توقيع :  إيناس الطاهر

 

إيناس الطاهر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:48 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات إملاءات المطر الأدبية - الآراء المطروحة في المنتدى تمثل وجهة نظر أصحابها