|
|
جدائـل الغيـم للغتنا العربية الفصحى رائحةُ المطر .. وهذا المكان. |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
يستُوطِنُـون المَـنْـفَـى
.
. ليلةٌ صيفيّةٌ حارّة لا نسيماً عليلاً, ولا أحاديثاً تُغري بالسمر ..مكبلةٌ أيادي الكلام ! و ألفُ بائسٍ يلتحفون الأرصفة ويستوطنون طرقاً غير ممهدةٍ ,إلا بالأرق.. يتحدثون ولا يتحدثون, هكذا في العيون ألف حكاية, والصمتُ روضةُ المحزونين , المحترقين بـضوْءِ القمــر يتشجع أحدهم ليسخرَ من الآخر : الظّلمةُ لا تُخفي ملامح ضعفك, ظلك يفضح ماسُكِب في الصدر المؤجج بالأسى, وأُغلِق عليه في منفى العذاب واختلاجات النَّفس.. لم ينتظرْ إجابة ؛ لأن العيون مازالت هي التي تتحدث , والصمتُ لغة تعلمها على رصيف المشردين. كيف يهربون ركضاً ؟ وقد فضحهم الظل الساكن خلفهم , يصرخ هرب , هرب! يالضعفك حتى عمود الإنارة الذي تنزوي خلفه كشبح يفضح ظلك وأنت ساذج بذكائك ! ممنْ اشتريتَ كذبة أنك حزم وأنك غيم وأنك قوّة ! لستُ لأبيع الكذب , ولكنكَ مجرد فرقعة أصابع , في لحظةِ تملل.. لأني أعرف أن الذي يستوطنني يستوطنك , وأن وطني وطنك .. أتعلم دعنا نثرثر أكثر , الورق وطن لي ولك , لكل من يلتحفون الرصيف ويستوطنون المنفى دعهم يرسمون بنا شخصياتٍ ساخرة ٍ, باكيةٍ , مشرّدةٍ.. الأهم أن للأوراق سُكّاناً كــ نحن! ألم تستجب لدعوتي بعد؟ ألا تريد الثرثرة ؟ , كعيناي تتحركان بالحديث وشفتاي مطبقتان حتى عن التنفس , وأنت عينيك تتجهان لذات الشيء بدون تململ , أوفّ ...صمتُكَ قاتل! لا عليّ سأنفضُ عن قلبي بؤسَ الحكايا المملة , لعلها تتربصُ بقلبكَ وتعالج صمتكَ .. تعال وافتحْ ذراعيكَ للوطن الذي رُزِقنا بِهِ .. ستدهشكَ أعمدةُ الإنارةِ , ألم تنم بعد تحت عمودٍ يسيلُ حبراً؟ تعالَ واتركْ الأثر ... تعالَ وارسمْ معي سكةَ قطارٍ , و عمودَ إنارةٍ , و مدناً متراميةٍ .. نحنُ من يفوزُ أخيراً , ويضحك كثيراً .. نحنُ من يبيعُ التذاكر ونحن من يشتريها ونحن من يقود القطار ونحن المسافرون ونحن العابرون الذين يستظلون محطات القطار , وينظرون لنا بغبطة أن قطعنا نصف المشوار! آه , لم أخبركَ نحنُ أيضاً المشوار ! ونحنُ المدينةُ البائسةُ يلتحفُ أهلها الأرصفة ويستوطنونَ الأشواك .. - ونحنُ الأشواك...! -صه! . خذ بيدك ولا تأخذ بيدي , أيها العابر معي والمستوطن والمستظل بالشرفات الحزينة انهضْ من على الغبارِ الذي تراكمتَ فوقه , و زكمتَ أنفه ! خذ من قلبكَ الأسى واقذفه لأول عابرٍ تتقاطع على شفتيه متاهاتُ ضحك ! *ماكُتِب أعلاه : سيناريو أبطاله مشردٌ صامت ومشردٌ يتحدث بالصمت ؛ سقطا من عربةِ قطارٍ شقت الجدار ولفظَتهُما على ورقةٍ كُنتُ عنونتها بـ:وطنٌ اسمه منــفى! فوجدتُ الشريدين يبحثان عن هذا الوطن ليقتسما الرغيف صباحاً ومساءً , وفي صبحٍ آخر يملأ مائدتهما ذات الرغيف ! * و أنتم ... مساؤكم وطن ! |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|