(6)
_ _ _ ___________
إنَّ إنتِظَار شيء ما لـِ مُدَّة سنَة , لَن يكُونَ مُرهِقَاً كثِيراً .. لأنّ السنَة .. لا تبدُو للقارِئ كثِيرَة مُقَارنَةً بانتِظَارَات الكَثِيرين الّتِي تطُولُ .. وتطُول . !
ولكِن حِينَ تكُون مِنَ النَوعِ الّذِي يكتُبُ عشرات الإختِلاجات في اليَومِ الوَاحِد .. وتقرأهُا عشَرَات المرَّات في اليومِ الواحِدِ أيْضَاً .. !
وحِينَ تكُون مِن أؤلَئِكَ اللّذِينَ ينظُرُونَ للسَاعَةِ كثِيراً , ويعدُّونَ الثوانِي , والدقَائِق , فتُرهِقُهُم السَاعَات , ويعدّونَ الأيَّام والأسَابِيع فتُضنِيهُم الشهُور .. فحقًّا سيكُون الأمر مُختلِف ..!
انتِظَارِي :
إنتِظَار مُرهِقٌ وجمِيلٌ فِي الوَقْتِ ذَاتِه , عذْبٌ ومُعذِّبٌ في الوقتِ ذَاتِه , دافِئٌ وقاسِي في الوقتِ ذاتِه , لا يَعْرِفُ الكَلَل ولا المَلَل , لا يعرِفُ الخُمُول ولا النُعَاس ولا الإرهَاق ..لا يَعْرِف التيهَ ولا الثَوْرَة .. لا يعرِفُ السكُونَ .. هُوَ انتِظَارٌ ضَاجٌ ثَائِرٌ , أبيَضٌ طاهِرٌ .. كُلّ ما يعرفُهُ هُوَ السهَادَ والسهَرَ , واللّيالِي الطوِيلَة .. هُوَ انتِظَارٌ سلَكَ دَربَهُ إليَّ .. فَأضنَانِي , !
علَّمَنِي:
علَّمَنِي مَعنَىَ الصَبْر..علَّمَنِي معنَىَ مُراقبَة الرَبِيع , والنَظَر إلى أولَىَ أزهَارِهِ وتأمُّلِ نمُوِّهَا واحمِرَارِهَا ,
ومُرَاقَبة الشِتَاء وتأمُّل انهِمَارِ المطَر بعذُوبَة , ومُراقبَة الخَرِيف والنَظَر إلىَ سقٌوط وُريقَاتِه الصَفرَاء ..!
علَّمَنِي أيْضَاً أن أتأمَّلَ الأشيَاءَ كثِيراً , وأرَاهَا كَيْفَ تكبُر , وكَيْفَ تكُونُ كما يُريدُ الله ..
علَّمَنِي أيضَاً , أن لا أستَنزِفَ رُوحِي في الإنتِظَار .. بَل .. أنبِضَ وأخفِقَ .. وأكتُبُ كُلّ الخفقَات .. !
أوتَعلَمُون ..؟!
- بِأنّ هذا الإنتِظَار الأوحَد الّذِي أحِسُّ بِلذّته الّتي تغلُبُ على كثِيرٍ مِن إرهاقِه, مَن يُحِسُّ بِلذّةِ الإنتِظَار ؟!
- بِانِّي سأبقَىَ , وأبقَىَ , وأبقَىَ .. أنتَظِر ..وسيكُونُ ما ورَاءَ الإنتِظَار كمَا أرَدْتُ ..إن شَاءَ ربُّ السمَاوات .
يقرأُ حَرْفَاً يُنبِئُهُ بِأنَّ البِدَايَةَ ستَكُونُ .. !!
وما قَبلَ البِدَايَة :
إنَّهُ الشُعُور الّذِي يجتَاحُ المَرء , ويُسَيطِرُ حتَّى على قسَمَات وجهِه , فيبقَىَ فاتِحَاً عينيه وفمَه , مشدُوهاً , غير مُصدِّقٍ ,
ومِن ثُمَّ تشُقُّ ابتِسَامَةَ طرِيقَهَا نحوَ وجهِهِ الّذِي ذابَت عليهِ علامات الدهشَة .. أتعلَمُون كَيْفَ تكُون تلكَ البَسْمَة ؟
لَيسَت عادِيَّة أبداً .. مُختلِفَة عَنِ كُلّ الابتِسَامَات .. تتفرَّدُ بالموقِفِ .. هِيَ خطوَتهَا الأولَىَ لعِنِاقِ وجهِه ..... !
وبعدَ الإبتسِامَةِ البيضَاء .. يتسَائَلُ .. أحقَّا ستنتَهِي محطَّةُ الإنتِظَار .. أحقَّا سيكُونُ الـ ..؟!
أخَافُ أن أبتَهِجُ .. فلا يكُون .
سأكتَفِي بابتسَامَة إلاَ ذلِكَ الحِين .