كل صباح..
يعتصر الألم قلبي و أمضي و أنا مثقلة بالأفكار
كل صباح..
أترك مضغتي في المنزل و أرحل.. في الوقت الذي تحتاج دفء صدري..
بالأمس عندما خرجت من منزلي و في طريقي إلى الدوام اليومي
لفت انتباهي منظر طفلة (ابنة الجيران) في الثالثة من عمرها..
رأيتها متشبثة بإطار النافذة تراقب الطيور و كأنها تغبطها على الحرية و على الاستكنان
في أعشاشها تنعم بدفء جناح أمّاتها..
كان المشهد ملفتاً بالنسبة لي فقد استلت نياط قلبي دمعة منحدرة على الخد النقي الطاهر
و أجزم أن هناك أخوات لتلك الدمعة قد جففن على تلك الوجنة المسكية مع طول مدة البكاء
كانت الحركة هادئة تقريباً في الحي فالكل قد انصرف لاهثا يبحث عن لقمة عيشه و قلة من الناس فقط
آثرت النوم في بيوتها من النساء غير العاملات أو أصحاب دوامات المناوبة..
اقتربت من النافذة و لوحت للطفلة بيدي.. استهجنتْ في البداية!!
و عندما كررتُ، بادلتني بتلويحة.. فلوحت لها من جديد فزاد تلويحها حماسا
فرميت لها قبلة في الهواء.. و هنا بانت أسنانها (غير المكتملة) و ابتسمت ببراءة و رمت لي قبلة
و تلتها أخرى و أخرى و بدأنا نتبادل القبل (الطايرة)
فاطمأنت لي الطفلة و بدأت تبتسم!! و فجأة عاد الحزن لملامحها و قالت لي بلسانها الذي لا تكاد تسعفه الحروف
بمعجميتها البسيطة..
( ماما ياحت)
(ماما ما تحبني تيوح..
سورياتي تحبني تجلس معاي كللللللل يوم كللللللللل يوم و ماما تيروح..
بس أنا أحب ماما عشان تيروح تضلب القطو الكبييييير عشان ما ياكلني..)
لم أنبس بكلمة,, و لكنني ابتسمت لها ابتسامت ألم لم ترها من تحت حجابي..
لوحت لها بيدي و تركتها تغني مع الطيور و تركتني أغالب دمعة سقطت من عيني..
آه يا مضغتي أتراك لو كنت تنطق ستقول بأنك تحب (الخادمة) أكثر مني..؟؟!!
سؤال مزعج لا أريد له إجابة!!
متطلبات الحياة تجبرنا على التنازل عن راحتنا و ما نشتهي..
أبناؤنا الأعزاء..نحن نلهث في دروب الحياة من أجلكم أنتم..لنوفر لكم عيشا رغيداً
فراقكم كل صباح يؤلمنا كما يؤلمكم بل و الله أشد..
نحبكم نحبكم نحبكم حد الغرق في الطهر و البراءة
لكم