|
|
جدائـل الغيـم للغتنا العربية الفصحى رائحةُ المطر .. وهذا المكان. |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
أرانــــي
أَرانــــــــــِي
أَشْعُرُ بِالْجُنونِ يَقْتَرِبُ مِنِّيَ ، أَراهُ يَحومُ حَوْلِيَ ، حَوْلَ رَأْسِيَ ، يَطِنُّ في أُذُنِيَ ، دَوِيُّهُ يَسْري في عِظامِيَ ، لا يَعْرِفُ الرَّحْمَةَ ؛ وَكَيْفَ لَهُ أَنْ يَعْرِفََها وَقَدْ أَلِفَ هذا الْمَلْعَبَ مُنْذُ أَزْمانٍ ، بِهِ انْتَصَرَ انْتِصاراتِهِ الْخالِدَةَ الَّتي سَجَّلَها لَهُ تاريخِيَ ، الَّذي كُنْتُ أَعْتَقِدُ أَنَّهُ تاريخُ الْبَشَرِيَّةِ ، ولكِنَّهُ يَأْتيني وَحْدي ، يَأْتيني بِصِفَتي وَشَخْصِيَ . هُوَ الآنَ يَمْحَقُ خَلايا عِظامِيَ ، يَفُتَُ في مَفاصِلي ، أَشْعُرُ بِرَعْشَةٍ غَريبَةٍ فيها ، تَكادُ أَرْبِِطَتُها تَتَعارَكُ ، تَتَنازَعُ مِنْطَقَةً لا أَلَمَ فيها ـ وَهَيْهاتَ أَنْ تَجِدَ ـ ، تَدْفَعُ خَلَجاتِيَ نَحْوَ الصُّراخِ . الصُّراخُ مُتَحَفِّزٌ الآنَ ، يُريدُ مُمارَسَةَ مَهاراتِهِ في جِهازِيَ الصَّوْتِي ، أَوْتارُ حَنْجَرَتيَ مَشْدودَةُ ، تَتَأَهَّبُ لإِطْلاقِ لَحْنِها الْمُنْخَنِقِ ، وَعَضَلاتُ فَكِيَ كَأَنَّها أَعْمِدَةُ الرَّفْعِ لِشاحِنَةٍ عِمْلاقَةٍ تَسْتَعِدُّ لِلَفْظِ الزَّلَطِ الثَّقيلِ الْمُحَمَّلِ فيها ، إِنَّها تَدْفَعُ بِقُوَّةٍ لإسْقاطِ فَكِيَ السُّفْلِي لِتُفْرِغَ زَلَطَ الصُّراخِ بِصَوْتِهِ المُتَناقِضِ عِنْدَ الارْتِطامِ مُحْدِثًًا الْجَلَبَةَ وَالْغُبارِ . أَتَصَوَّرُ أَنْ يَخْرُجَ مَعَ صُراخِيَ نَقْعٌ أَثارَتْهُ سَنابِكُ الْخَيْلِ الْمُنْطَلِقَةِ في صَدْريَ عَلى غَيْرِ هُدىً ، تَصْهِلُ هَوْجاءَ . الرّافِعَةُ ، الصَّهيلُ ، النَّقْعُ ، وَالْكَمِّيّاتُ مِنَ الزَّلَطِ مُسْتَمِرَّةٌ في الدَّفْعِ كُلٌّ ووِجْهَتُهُ وَطاقاتُهُ ، وَسَنابِكُ الْخَيْلِ وَصَهيلُها وَالْجُنونُ ؛ كُلُّ هذا يَحُثُّني ؛ اصْرُخْ . أَطْلِقْ الْجُنونَ الْمُنْطَلِقَ مِنْ دِماغِكَ ، في دِمائِكَ ، إِلى عِظامِكَ ، يَأْخُذُ بِتَلابيبِ عَقْلِكَ . عَقْلِيَ يَتَوَجَّعُ مِنْ هذا الضَّغْطِ ، لَيْسَ بِمُدَّعٍ ، بَلْ يَحْتَوي الْعالَمَ ، لكِّنَّ الْجُنونَ يَتَأَجَّجُ ، يَنْصَهِرُ الصُراخُ سائِلاً دافِقًا في فَمي ، تَتَكاثَرُ الْحِمَمُ ، تَصِلُ إِلى عَيْنَيَّ ، أَشْعُرُ بِكُلِّ هذا ، أَراهُمْ تَرَكوا الْواقِعَ ، يَحْتَلونَ كُلَّ الْمِساحاتِ في نَفْسِيَ ، في صَمْتِيَ ، في تَأَمُّلاتِيَ ، لَقَدْ احْتَلّوا نَفْسِيَ ، ضَرَبوا في رُبوعِها خَيْماتٍ مِنَ الْوَجَعِ ، يَرْصُدونَ نُجومِيَ ، وَيَقْرَؤونَ الطّالِعَ في فَلَكِيَ ، مَوائِدُهُمُ مِنْ لَحْمِيَ ، وَعَصائِرُهُم مِنْ ثِمارِيَ الَّتي لَمْ تَنْضُجْ بَعْدُ ، يَتَسابَقونَ في أُذُنَيَّ ، أَشْعُرُ بِخَفْقِ أَحْذِيَةِ الدَوْرِيّاتِ عَلى شَفَتَيَّ ( حَظْرُ تِجْوالٍ عَلى حُروفِيَ ) يُراقِبونَ فِكْرِيَ لا يَرْجونَ عَنْهُ حِوَلاً ،إِنَّهُمْ يَسْتَحِلّونَ نَفْسِيَ عابِثينَ بِها . هَلْ هذا الْحُبَُ زَعْمٌ ، تَوَهَّمْت نَبْتَتَهُ تَرْفَعُ رَأْسَها لِلنّورِ ؟! وَيْحي مِنْ أَمْرِيَ ! أُناسِيُّ كَثيرٌ يَعْبَثونَ بِنَفْسِيَ ، يَنْقُضون أَمَلاً أَمَلاً ، الْجِنُّ يَبْنونَ مَمالِكَهُمُ النّارِيَّةَ ، الْمَلائِكَةُ الَّذينَ أَقاموا دُهورًا يَتَأَهَّبونَ لِلرَّحيلِ . الْمَلائِكَةُ ، الْجِنُّ وَالإنْسُ ، وَسورَةُ الرَّحْمنِ ، الصُّراخُ والْجُنونُ ، أَنا وَهِيَ ، أَنا وَهِيَ وَهُوَ ، وَهِيَ ، وَهُما ، وَهُم ، وَأَنْتُم ، وَالطّينِ ، وَالْوَجَعُ بِالْفَخَارِ الْهَشِّ ، الآهَةُ الْمَحْشورَةُ في الْحَنْجَرَةِ تَسْتَحي إِماطَةَ نِقابِها ، تَسْتَحي أَنْ تَرَوْا وَجْهَها الْبَريءَ ، فَآهاتُكُمْ زائِفَةٌ لَوْ تَعْلَمون ، رُبَّما آهَتي هِيَ الأُخْرى تَخْدَعُني ! ، وَالسَّماءُ تَخْدَعُني ! ، وَالأَرْضُ مادَتْ مُنْذُ أَزْمِنَةٍ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرونْ ! سَقْفُ الْمَكان ِيشَّقَّقُ ، الْوَهْمُ احْتَلَّ بَيْتَ عَنْكَبٍ حَقيرٍ ، يَتَدَلى بِخَيْطِهِ ، يُزْمِعُ الانْقِضاضَ . لَيْسَ في حاجَةٍ للتَّرَبُّصِ في هذه اللَّحْظةِ ، فالْجُنونُ يَطِنُّ في أُذُنَيَّ ، وَالنَّحْلَةُ الَّتي كَانَتْ تَطْبُخُ لِيَ الْعَسَلَ باتَتْ تَطْبُخُ لِيَ عَلْقَمًا مِنْ حَنْظَلٍ في قِدْرِ مُرِّْ . أَراني الآنَ ، أَقِفُ مُواجِهًا ، أَراني أَتَمَدَّدُ ، أَتَمَدَّدُ ، تَنْتَفِخُ أَوْداجِيَ ، تَجْتَمِعُ الدِّماءُ ما بَيْنَ رَأْسِيَ وَنَحْرِيَ ، أَنْفَجِرُ ؛ لِتَنْطَلِقَ أَرْواحٌ كَثيرَةٌ مِنِّيَ إِلى الْفَضاءِ السَّحيقِ ... أَتَنَفَّسُ . مأمون المغازي 18 / 5 / 2007 جريدة الراي الكويتية 7 / 6 / 2007 |
12/06/2007, 01:32 AM | #2 | ||
المديـر العـام
|
|
||
12/06/2007, 02:12 PM | #3 | ||
روح المـطر
|
|
||
13/06/2007, 08:58 AM | #4 | ||
الحـرة
|
|
||
15/06/2007, 01:20 AM | #5 | ||
|
|||
15/06/2007, 09:13 AM | #6 | ||
كاتبة
|
|
||
18/06/2007, 04:45 AM | #7 | ||
|
|||
25/06/2007, 03:04 PM | #8 | ||
|
|||
26/06/2007, 01:40 AM | #9 | ||
عروس الكون
|
|
||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|