8- تمهيد لفهم عروض التفاعيل
يقول الأستاذ عصام البشير :
وإنما الذي يهمني أن أنصح المبتدئين بتعلم هذا العلم بالطريقة المعروفة في كتب
العروضيين، وإلا فإنهم يقطعون صلتهم بكتب الأدب والتراث اللغوي العربي، وبكتب
العروض من باب أولى
.
من لم يقرأ مصطلحات العروضيين لم يمكنه مثلا أن يفهم هذا
النص من خزانة الأدب للبغدادي
:
البيت الذي أورده صاحب المغني، وهو
:
أن قد قتلنا
بقتلانا سراتكم ... أهل اللواء ففيما يكثر القيل
لم يعرفه أحدٌ ممن كتب على
المغني، وما قبل حرف الروي فيه مثناة تحتية والقاف مكسورة. وقد صحفه البدر
الدماميني فضبطه بمثناة فوقية، ثم استشكله، قال: فيه كلامٌ من جهة العروض، وذلك أن
هذا من بحر البسيط من عروضه الأولى وضربها الثاني، وهو المقطوع، كان أصله فاعلٌ
حذفت نونه وسكنت لامه فصار فعلن بإسكان العين، فقد ذهب منه زنة متحرك، وإذا ذهب منه
ذلك وجب أن يكون مردفاً، يؤتى قبل حرف الروي بحرف لين، كما في شاهد
العروضيين
:
قد أشهد الغارة الشعواء تحملني ... جرداء معروقة اللحيين
سرحوب
ولا يخفى أن ضرب البيت الذي نحن فيه، وهو اللام الروي، غير مردف؛ ففيه
مخالفة لما قرره العروضيون في أمثاله). (انتهى من نسخة الكترونية
(
وفي موضع
آخر
:
قال الدماميني في الحاشية الهندية: ادعى المصنف أن إثبات الألف في البيتين
ضرورة، ولقائل أن يمنع ذلك، بناءً على تفسيرها بما لا مندوحة للشاعر عنهن إذ الوزن
مع حذف الألف في كلٍّ منهما مستقيم. غاية الأمر يكون في بيت حسان العقل، وفي الآخر
الخبن، وكل منهما زحافٌ مغتفر
.
ما أظن الطالب الذي لم يأنس بمصطلحات
العروضيين إلا سيقف امام مثل هذه النصوص فاغرا فاه، ينتظر الفرج من الله
تعالى
!
والأمثلة على هذا في كتب الأدب والشعر والعلوم الشرعية على العموم، أكثر
من أن تحصى
.
فإذا انتقلنا إلى الكتب المتخصصة في العروض كانت الطامة أعظم،
والداهية أشأم
.
نحتاج إلى طلبة متصلين بماضيهم وتراثهم، عالمين بدرره وجواهره،
متمرسين بخباياه وفوائده، لا إلى أنصاف متعلمين يقفون أمام التراث كما يقف العربي
أمام الكتاب السرياني، ينتظر من يترجم له ليفهم
.
والكلام هنا مع الطلبة أصحاب
الهمم العالية، من الذين يعلمون أن العلم أمانة ثقيلة، لا تحصل إلا بالنصب والتعب
والمصابرة، أما البطالون والكسالى فلا عليهم أن يضربوا بالعروض كله عرض الحائط،
وليتلمسوا أقرب الطرق وأيسرها لفهم نتف يسيرة منه، يقنعون بوشالها عن المعين الثر
النمير الذي تركه أسلافنا
.
وكثرة المصطلحات في العروض ليست ضررا محضا، بل فيها
كثير من الخير. وأيضا قول بعض الإخوة إن طريقة التفاعيل صارفة عن معرفة البحر، وهم
كبير
.
وقد ظل الناس لقرون عديدة يستعملون هذه التفاعيل ويعرفون البحور ويحفظون
المصطلحات. فما الذي جد في الناس والعلم، غير ضعف الهمم، واستعجال الثمرات؟
__
من الطبيعي أن يثير العروض الرقمي الحوار والتأييد والمعارضة، وهذه علامات صحة.
ولكن فيما ذكره الأستاذ عصام البشير أعلاه حق وهو خطر انقطاع دارس الرقمي عن مصادر التراث. وما كان للعروض الرقمي أن يتبلور لولا الإفادة مما جاء في كتب العروض بأسلوبها التفعيلي المعروف. والتراث العروضي كله مكتوب بها، ولا بد لمن يتبع العروض الرقمي إن أراد أن يعمل على الارتقاء به وتلافي ما قد يعتوره من نقص من العودة إلى كتب العروض. ولذلك كان لا بد من التمهيد لدارس الرقمي ليكون بإمكانه دراسة العروض في أمهات مصادره.
لمن يعرف الرقمي ولا يعرف التفاعيل أكتب هذا
الموضوع، ناصحا من لم يتمكن من الرقمي أن يؤجل دراسته حتى يتقن الرقمي خشية إضاعة مفهوم الشمولية الذي يركز عليه الرقمي بفعل حدود التفاعيل التي تقوم في الذهن حاجزا دوم استكمال النظرة الشاملة للعروض.
هذا الموضوع
مجرد تمهيد يعطي فكرة مبدئية عن التفاعيل يسهل على الراغب فيها البداية ومن ثم الاستزادة بقدر حاجته واستعداده.
الزحاف
السبب
و
الوتد
هما المقطعان الذين يوصف بهما الوزن دون حدود تفصل بين المقاطع
وزن العجز في إحدى صور الطويل =
وتد
سبب
وتد
سبب سبب
وتد
سبب
وتد
سبب سبب
وهكذا استعملهما العرب قبل الخليل في التنعيم الذي به يكون شطر الطويل [ الأرقام مني ] :
=
نعمْ
لا
نعم
لا لا
نعم
لا
نعم
لا لا
= 3
2
3
2 2
3
2
3
2 2
وهكذا لا يزالون يستعملونها في قراهم وبواديهم.
ذكر الأستاذ أبو عبد الرحمن بن عقيل في كتابه (الشعر النبطي-ص21)
:"أما الشعر
العامي فما كان يقتضي برهنة لأننا في قريتنا لا نعرف أوزانا ولا بحورا، وإنما هي
ألحان نتمثلها ونهينم بها هكذا مثلا:
هها
هم =
3
2 ،
أو
ههم
هاها =
3
2 2
وبعضهم يتخذ الملالاة بدل
الهينمة
هكذا
يلا
لي
للا
لي =
3
2
3
2
."وواضح أن
هذه المقاطع التي هدتهم إليها الفطرة العربية هي نفس ما بدأ به الخليل نعم
لا
.
هها=يلا=للا=نعم=3
،
ها=هم=لي=لا=2
فالهينمة والملالاة رديفتان
للتنعيم
.
وزن الطويل هذا باعتباره =
وتد
سبب
وتد
سبب سبب
وتد
سبب
وتد
سبب سبب
لا خلاف مضمونا على وصفه بهذه الطريقة بين التفعيلي والرقمي، ولكن شكلا يتم التعبير في الحالتين كما يلي :
تفعيليا
=
وتد
سبب
-
وتد
سبب سبب -
وتد
سبب
-
وتد
سبب سبب
لاحظ هذا الخط الصغير مجموعات الأسباب والأوتاد. إنه يقسمها إلى وحدات تسمى كل منها تفعيلة. حيث كل :
وتد
سبب =
3
2
=
فعو
لن
وتد
سبب سبب
=
3
2 2
=
مفا
عيلن
ولا نعود نتعامل مع هذا البحر إلا بدلالة هاتين التفعيلتين فنصف وزن الطويل
بأنه
فعو
لن
مفا
عيلن
فعو
لن
مفا
عيلن
وإذا زوحف أحد الأسباب بحذف ساكنه بحيث تتحول 2 إلى 1
فعو
لن
=
3
2
تصبح
فعو
لـُ
ن
=
3
1
ه
أو
فعو
لُ
=
3
1
سمي هذا الزحاف قبضا
مفا
عيلن
=
3
2 2
تصبح
مفا
ع
ي
لن
=
3
1
ه
2
أو
مفا
ع
ِ
لن
=
3
1 2
=
3
3
سمي قبضا
مفا
عيلن
=
3
2 2
تصبح
مفا
عيل
ن
=
3
2 1
ه
أو
مفا
ع
ِ
يلُ
=
3
2 1
=
3
2 1
سمي كفًّا
لماذا سمي حذف ساكن الرقم 2 مرة قبضا وأخرى كفا ؟ لأن اسم الزحاف يختلف باختلاف حدود التفاعيل وموقعه من بداية التفعيلة.
هنا تبدو لنا بدايات اختلاف بين الرقمي والتفعيلي، فوحدة الرقمي هي المقطع وبالتالي فلا تفاعيل ولا حدود ولذا لا تختلف تسمية الزحاف لعدم وجود مصدر الاختلاف. هذا من جهة وممن جهة أخرى فإن التعبير بالتفاعيل يحمل تمثيلا نغميا سمعيا لوزن البحر الأمر الذي لا يحمله التمثيل الرقمي، ولا بد لمن يريد أن يتمثل الوزن النغمي السمعي من أن يتمثل مع الوزن الرقمي ببيتا من وزن البحر أو هينمة له أو صورة تفعيلية له.
الآن سنتعرف على بقية التفاعيل وزحافاتها :
التفاعيل هي تسميات معينة لتجميع
الأسباب
والأوتاد
، الأحرف المظللة بالأحمر تمثل الوتد الذي لا يحذف منه شيء ( لا يزاحف)، والأحرف المظلة بالأزرق وغير المظللة تمثل الأسباب، غير المظللة تمثل الأحرف الساكنة أو الممدودة من الأسباب
التي
يسمى حذفها زحافا
|
الزحاف هو حذف الحرف الساكن أو الممدود المظلل
|
تصبح
|
اسم الزحاف
|
التفعيلة
|
1
|
2
|
3
|
4
|
5
|
6
|
7
|
|
|
خبن
|
|
طي
|
قبض
|
|
كفْ
|
|
|
فاعلن
|
فَ
|
ا
|
عِ
|
لُ
|
نْ
|
|
|
فَعِلُنْ
|
الخبْن
|
مستفعِلُنْ
|
مُ
|
سْ
|
تَ
|
فْ
|
عِ
|
لُ
|
نْ
|
مُتَفْعِلُنْ
|
الخبن
|
مستفعِلُنْ
|
مُ
|
سْ
|
تَ
|
فْ
|
عِ
|
لُ
|
نْ
|
مُستعلنْ
|
الطّيّ
|
مس تف
عِلُنْ
|
مُ
|
سْ
|
تَ
|
فْ
|
عِ
|
لُ
|
نْ
|
مُتَعِلنْ
|
الخبْل
|
مسْ
تَفْعِ
لُنْ
[1]
|
مُ
|
سْ
|
تَ
|
فْ
|
عِ
|
لُ
|
نْ
|
مستفعِ لُ
|
الكف
|
متَفاعلُنْ
|
مُ
|
تْ
|
فَ
|
ا
|
عِ
|
لُ
|
نْ
|
مَفاعلن
|
الوقص
|
متَفاعلنْ
|
مُ
|
تْ
|
فَ
|
ا
|
عِ
|
لُ
|
نْ
|
مُتْفَعِلُنْ
|
الخزل
|
فعولن
|
فَ
|
عُ
|
و
|
لُ
|
نْ
|
|
|
فعولُ
|
القبض
|
مفاعيلنْ
|
مَ
|
فَ
|
ا
|
عِ
|
ي
|
لُ
|
نْ
|
مفاعِلن
|
القبض
|
مُفاعَلَتُنْ
|
مُ
|
فَ
|
ا
|
عَ
|
لْ
|
تُ
|
نْ
|
مفاعِلُنْ
[2]
|
العقل
|
مفاعيلنْ
|
مَ
|
فَ
|
ا
|
عِ
|
ي
|
لُ
|
نْ
|
مفاعِيلُ
|
الكف
|
مُفاعَلَتُنْ
|
مُ
|
فَ
|
ا
|
عَ
|
لْ
|
تُ
|
نْ
|
مفاعِيلُ
[3]
|
النقص
|
فاعلاتُنْ
|
فَ
|
ا
|
عِ
|
لَ
|
ا
|
تُ
|
نْ
|
فَعِلاتُنْ
|
الخبن
|
فاعلاتُنْ
|
فَ
|
ا
|
عِ
|
لَ
|
ا
|
تُ
|
نْ
|
فاعلاتُ
|
الكف
|
فاعلاتُنْ
|
فَ
|
ا
|
عِ
|
لَ
|
ا
|
تُ
|
نْ
|
فَعِلاتُ
|
الشّكْل
|
مُتَفاعِلُن
|
مُ
|
تْ
[4]
|
فَ
|
ا
|
عِ
|
لُ
|
نْ
|
مستفعلن
|
الإضمار
|
مفاعَلَتُنْ
|
م
|
فَ
|
1
|
عَ
|
لْ
|
تُ
|
نْ
|
مفاعيلُنْ
|
العصب
|
|